36/08/07
تحمیل
الموضـوع:- مسألة (
15 ) - المكاسب المحرمة -كتاب
التجارة.
ثم إن الشيخ الأعظم بعد أن نقل هذين الرأيين عن الأصحاب أخذ في مناقشتهما:-
أمّا القيد الأول - أي القصد - فقد ناقشه:- بأنّ ذلك خلاف ما عليه الأصحاب، فهم لم يعتبروا هذا القيد في تحقّق مفهوم الإعانة، بل نفس المحقّق الثاني(قده) الذي أثار اعتبار هذا القيد هو لا يعتبر ذلك، هذا مضافا إلى أنّ الروايات تردّ اعتبار هذا القيد.
أمّا أنّ الأصحاب لم يعتبروا هذا القيد:- فالعلامة(قد) قال إنَّ بيع السلاح لأعداء الدين حرامٌ لأنه إعانة على الحرام والحال أنّ الذي يبيعه هو المسلم وهو لا يقصد ببيعه أن يتغلّب عدوّه عليه فهو لا يقصد بذلك الوصول إلى الحرام.
إذن رغم عدم وجود القصد قال العلامة بأنّ هذا إعانة، بل كما قلنا أنّ نفس المحقّق الثاني يرى ذلك فانظر إلى مسألة بيع العصير المتنجّس ممّن يستحلّه فإنهّ قال إنَّ هذا البيع لا يجوز لأجل أنّه إعانة على الحرام والحال إنّه حينما يبيعه لا يقصد أن يحقّق هذا الحرام - أي هذا الشرب - .
وأمّا من حيث الروايات فالرواية الشريفة تقول:- ( من أكل الطّين فمات فقد أعان على نفسه )[1]، وواضحٌ أنّ من يأكل الطين لا يقصد بذلك تحقّق الحرام - أعني هنا الموت - ولكن رغم أنّه لا يقصده قد استعملت الرواية كلمة الاعانة، فإذن الاعانة لا يعتبر في تحققها القصد.
وأما القيد الثاني - أعني تحقق الحرام الذي ذهب إليه النراقي - فناقشه(قده):- بأنّه من فعل بعض مقدّمات الحرام الذي يصدر من الغير بأن ساعده على تهيئة العنب وعصرة وغليه وذاك يريد أن يصنعه حراماً يصدق أنّه أعانه، ولو فرض أنّه تحقّق الحرام لا تتعدّد بذلك العقوبة، بينما على رأي النراقي يلزم تعدّد العقوبة والحال أنّ العقوبة لا تتعدّد بذلك.
إذن تحقّق وعدم تحقّق الحرام لا مدخلّية له، فمادمت قد فعلت بعض مقدّمات الحرام الذي سوف يصدر من الغير يصدق أنك أعنت على الحرام وتستحق حينئذٍ - بهذا المقدار - العقوبة سواء تحقق الحرام أو لا، وتحقّق الحرام لا يلزم منه تعدّد العقوبة، بينما على رأيك أيها النراقي يلزم تعدّد العقوبة الإعانة صدقت بمجرّد فعل بعض المقدّمات فيلزم عند تحقّق المحرّمات تعدّد العقوبة.
إذن انتهينا إلى أنّ الشيخ الأعظم(قده) لا يعتبر القيد الأوّل ولا الثاني.
والمناسب أن يقال:-
أمّا بالنسبة إلى ما أفاده الشيخ الأعظم في مناقشة القيد الأوّل:- فلابد من توجيهه أوّلاً، فإنّه ذكر أنّه خلاف ما عليه الأصحاب، ومن الواضح أنّ هذا لا يصلح للمناقشة العلميّة، فلابد وأن يكون مقصوده هو أنّ الوجدان العرفي قاضٍ بعدم اعتبار القصد ولذا ترى العلماء كذلك - فنأخذ استعمال العلماء كمؤشرٍ للوجدان -.
وأمّا بالنسبة إلى ما أفاده بالنسبة إلى الحديث الشريف فنصلحه ونقول:- ولعلّ الرواية استعملت كلمة الاعانة والحال أنّه لم يقصد، فنجعل الرواية كمنبّه.
وفي تحقيق الحال نقول:-
أمّا بالنسبة إلى القيد الأوّل:- فهل ترى بوجدانك أنّه يعتبر في صدق ( أَعانَهُ ) القصد أو لا ؟
والجواب:- إنّ القصد تارةً يراد منه الداعي والباعث فنقول يعتبر في صدق مفهوم الاعانة أن يكون الباعث نحو بيع العنب مثلاً هو أن يصنع المشتري الحرام كما هو الظاهر منه، وأخرى يراد منه العِلم - هذا ولو مجازاً - فحينما نقول يعتبر القصد يعني يعتبر أن تكون عالماً بأنّ هذا سوف يحقّق الحرام وإن لم يكن الدّاعي لك تحقيق الحرام.
فإن كان المقصود منه الداعي والباعث فالظاهر أنّ الوجدان يقضي بعدم اعتبار ذلك كما أفاد الشيخ الأعظم(قده)، وأما إذا كان المقصود منه العِلم فالظاهر أنّه معتبرٌ فإنّ من باعه ولا يعلم بأنه يريد أن يصنعه خمراً هل يصدق أنّه أعانه على الحرام ؟! كلّا لا يصدق ذلك، فالقصد بمعنى الداعي والباعث ليس بمعتبر، وأمّا بمعنى العلم فهو معتبرٌ، فمن لم يعلم بأنّ الذي اشترى سوف يحقّق الحرام ويريد أن يحقّقه لا يصدق عليه أنه أعان على الحرام.
إذن النتيجة التي انتهينا إليها هي أنّ القصد بمعنى الدّاعي ليس بمعتبرٍ، والعلم معتبر، ومستندنا في كلّ ذلك هو الوجدان العرفي.
هذا ولكن السيد الخوئي(قده) ذكر أنّ القصد ليس بمعتبرٍ ولا العلم واستشهد على ذلك ببعض الاستعمالات في الروايات:-
من قبيل الآية الكريمة ﴿ واستعينوا بالصبر والصلاة ﴾[2]والحال أنّ الصلاة التي يصدر منها العون هنا ليس لها شعورٌ وهكذا الصبر حتى يتحقّق منه القصد أو العلم . وهكذا في الحديث الشريف ( نعم العون الدنيا على الآخرة )[3]والحال أنّ الدنيا ليس لها شعور حتى يحصل لها قصد أو علم . وهكذا ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي ( وأعانني عليه شقوتي ) والشقوة ليست من ذوات الشعور حتى يحصل عنها القصد أو العلم . وهكذا ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله ( من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه ) [4]... إلى أخر ما ذكر الشيخ الأعظم(قده) من الشواهد.
إذن لأجل هذه الشواهد لا يعتبر القصد بمعنى الداعي والباعث ولا بمعنى العلم.
ثم استدرك وقال:- نعم إذا أسندت الاعانة إلى ذوي الشعور فالمنصرف عرفاً هو حالة العلم، فحينما يقال ( زيدٌ أعان عمرواً على صنع الخمر ) فالمنصرف هنا عرفاً هو حالة العلم، يعني يُفرَض أنّ هذا المعينُ عالماً، ولكن هذا ليس قيداً معتبراً في المعنى اللغوي وإنما هو معتبرٌ في المعنى المنصرف إليه عرفاً.
والنتيجة النهاية:- هي أنّ السيد الخوئي(قده) يوافق الشيخ الأعظم(قده) تقريباً، فإنّ الشيخ الأعظم(قده) لم يعتبر القصد أيضاً من دون أن يفرّق بين العلم وبين الداعي.
ولكن الاشكال عليه واضح:- فإنّا قرأنا أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة . وهكذا الشيخ الأعظم(قده) حينما تمسّك بحديث ( من أكل الطين فمات فقد اعان على نفسه ) فإنّ هذا استعمالٌ وهو أعمّ من الحقيقة.
بل نترقى أكثر ونقول:- إنّه حتى إذا لم نقل بأن الاستعمال أعم ّمن الحقيقة لكن الاستشهاد بهذه الشواهد ليس بصحيح لأنّه هذه الشواهد مبنيّة على المجازيّة، فحينما يقول ( وأعانني عليه شهوتي ) من الواضح أنّ هذه بلاغة وفصاحة وليس المقصود منها المعاني الحقيقية، فعلى هذا الأساس يكون الاستشهاد بهذه المفردات ليس بصحيحٍ . إذن ما أفاده السيد الخوئي(قده) قابلٌ للمناقشة.
ومن الملفت للنظر أنّ السيد الخوئي(قده) يصرّ هنا على عدم اعتبار القصد بمعنى الدّاعي بل هو أيضاً يصرّ على بطلان قاعدة الاعانة على الحرام ويفسّر آية ( ولا تعانوا ) بالتفسير الذي ذكره الحاج ميرزا علي الايرواني ويخصّصه بحالة التعاون لا بحالة الاعانة.
ولكن في كتاب النكاح من العروة الوثقى[5] ذكر أنّه هل يجوز للرجل أن يكشف عن بدنه أكثر من المتعارف أمام المرأة الأجنبية أو لا ؟ فهو(قده) ذهب إلى أنّه يجوز ولكن يحرم على المرأة النظر، وهذه قضيّة ليس لنا فيها شاهد، وإنما الشاهد هو أنه أيجوز له أن يكشف عن عورته والمرأة تنظر إليه ؟
قال السيد اليزدي(قده):- لا يجوز لأنّه إعانة على الإثم.
وهنا علّق السيد الخوئي(قده) وقال:- إذا كان قاصداً بإبراز عورته أن تنظر إليه الأجنبية فهنا يحرم ذلك مادام قاصداً وذلك لوجهين الأوّل قاعدة التسبيب فهو يسبّب إلى فعل الحرام والثاني لأنّه يصدق عليه الاعانة والتعاون على الإثم، نعم إذا لم يكن قاصداً لذلك فلا تسبيب ولا إعانة[6].
وعلى هذا المنوال ذكر السيد الحكيم(قده)[7]نفس هذا التفصيل.
إذن من هنا نستنتج أنّ السيد الخوئي(قده) في مسألة الاعانة له رأيان في مسألتين ترتبطان بالإعانة الاولى أن أصل الاعانة على الحرام حرام أو لا ؟ وهناك يقول هي ليست بحرام ويستشهد على ذلك بالسيرة التي أشرت إليها[8]، بينما في كتاب النكاح يظهر منه أنّه حرام، والقضية الثانية هي أنّه هناك لا يعتبر القصد بناءً على أنّ الاعانة حرام أمّا في كتاب النكاح يعتبر القصد.
والنتيجة النهائية:- اتضح أنّنا نعتبر العلم دون القصد بمعنى الداعي والباعث، بينما الشيخ الأعظم والسيد الخوئي يظهر منهما أنهما لا يعتبران القصد بمعنى الداعي ولا القصد بمعنى العلم.
ثم إن الشيخ الأعظم بعد أن نقل هذين الرأيين عن الأصحاب أخذ في مناقشتهما:-
أمّا القيد الأول - أي القصد - فقد ناقشه:- بأنّ ذلك خلاف ما عليه الأصحاب، فهم لم يعتبروا هذا القيد في تحقّق مفهوم الإعانة، بل نفس المحقّق الثاني(قده) الذي أثار اعتبار هذا القيد هو لا يعتبر ذلك، هذا مضافا إلى أنّ الروايات تردّ اعتبار هذا القيد.
أمّا أنّ الأصحاب لم يعتبروا هذا القيد:- فالعلامة(قد) قال إنَّ بيع السلاح لأعداء الدين حرامٌ لأنه إعانة على الحرام والحال أنّ الذي يبيعه هو المسلم وهو لا يقصد ببيعه أن يتغلّب عدوّه عليه فهو لا يقصد بذلك الوصول إلى الحرام.
إذن رغم عدم وجود القصد قال العلامة بأنّ هذا إعانة، بل كما قلنا أنّ نفس المحقّق الثاني يرى ذلك فانظر إلى مسألة بيع العصير المتنجّس ممّن يستحلّه فإنهّ قال إنَّ هذا البيع لا يجوز لأجل أنّه إعانة على الحرام والحال إنّه حينما يبيعه لا يقصد أن يحقّق هذا الحرام - أي هذا الشرب - .
وأمّا من حيث الروايات فالرواية الشريفة تقول:- ( من أكل الطّين فمات فقد أعان على نفسه )[1]، وواضحٌ أنّ من يأكل الطين لا يقصد بذلك تحقّق الحرام - أعني هنا الموت - ولكن رغم أنّه لا يقصده قد استعملت الرواية كلمة الاعانة، فإذن الاعانة لا يعتبر في تحققها القصد.
وأما القيد الثاني - أعني تحقق الحرام الذي ذهب إليه النراقي - فناقشه(قده):- بأنّه من فعل بعض مقدّمات الحرام الذي يصدر من الغير بأن ساعده على تهيئة العنب وعصرة وغليه وذاك يريد أن يصنعه حراماً يصدق أنّه أعانه، ولو فرض أنّه تحقّق الحرام لا تتعدّد بذلك العقوبة، بينما على رأي النراقي يلزم تعدّد العقوبة والحال أنّ العقوبة لا تتعدّد بذلك.
إذن تحقّق وعدم تحقّق الحرام لا مدخلّية له، فمادمت قد فعلت بعض مقدّمات الحرام الذي سوف يصدر من الغير يصدق أنك أعنت على الحرام وتستحق حينئذٍ - بهذا المقدار - العقوبة سواء تحقق الحرام أو لا، وتحقّق الحرام لا يلزم منه تعدّد العقوبة، بينما على رأيك أيها النراقي يلزم تعدّد العقوبة الإعانة صدقت بمجرّد فعل بعض المقدّمات فيلزم عند تحقّق المحرّمات تعدّد العقوبة.
إذن انتهينا إلى أنّ الشيخ الأعظم(قده) لا يعتبر القيد الأوّل ولا الثاني.
والمناسب أن يقال:-
أمّا بالنسبة إلى ما أفاده الشيخ الأعظم في مناقشة القيد الأوّل:- فلابد من توجيهه أوّلاً، فإنّه ذكر أنّه خلاف ما عليه الأصحاب، ومن الواضح أنّ هذا لا يصلح للمناقشة العلميّة، فلابد وأن يكون مقصوده هو أنّ الوجدان العرفي قاضٍ بعدم اعتبار القصد ولذا ترى العلماء كذلك - فنأخذ استعمال العلماء كمؤشرٍ للوجدان -.
وأمّا بالنسبة إلى ما أفاده بالنسبة إلى الحديث الشريف فنصلحه ونقول:- ولعلّ الرواية استعملت كلمة الاعانة والحال أنّه لم يقصد، فنجعل الرواية كمنبّه.
وفي تحقيق الحال نقول:-
أمّا بالنسبة إلى القيد الأوّل:- فهل ترى بوجدانك أنّه يعتبر في صدق ( أَعانَهُ ) القصد أو لا ؟
والجواب:- إنّ القصد تارةً يراد منه الداعي والباعث فنقول يعتبر في صدق مفهوم الاعانة أن يكون الباعث نحو بيع العنب مثلاً هو أن يصنع المشتري الحرام كما هو الظاهر منه، وأخرى يراد منه العِلم - هذا ولو مجازاً - فحينما نقول يعتبر القصد يعني يعتبر أن تكون عالماً بأنّ هذا سوف يحقّق الحرام وإن لم يكن الدّاعي لك تحقيق الحرام.
فإن كان المقصود منه الداعي والباعث فالظاهر أنّ الوجدان يقضي بعدم اعتبار ذلك كما أفاد الشيخ الأعظم(قده)، وأما إذا كان المقصود منه العِلم فالظاهر أنّه معتبرٌ فإنّ من باعه ولا يعلم بأنه يريد أن يصنعه خمراً هل يصدق أنّه أعانه على الحرام ؟! كلّا لا يصدق ذلك، فالقصد بمعنى الداعي والباعث ليس بمعتبر، وأمّا بمعنى العلم فهو معتبرٌ، فمن لم يعلم بأنّ الذي اشترى سوف يحقّق الحرام ويريد أن يحقّقه لا يصدق عليه أنه أعان على الحرام.
إذن النتيجة التي انتهينا إليها هي أنّ القصد بمعنى الدّاعي ليس بمعتبرٍ، والعلم معتبر، ومستندنا في كلّ ذلك هو الوجدان العرفي.
هذا ولكن السيد الخوئي(قده) ذكر أنّ القصد ليس بمعتبرٍ ولا العلم واستشهد على ذلك ببعض الاستعمالات في الروايات:-
من قبيل الآية الكريمة ﴿ واستعينوا بالصبر والصلاة ﴾[2]والحال أنّ الصلاة التي يصدر منها العون هنا ليس لها شعورٌ وهكذا الصبر حتى يتحقّق منه القصد أو العلم . وهكذا في الحديث الشريف ( نعم العون الدنيا على الآخرة )[3]والحال أنّ الدنيا ليس لها شعور حتى يحصل لها قصد أو علم . وهكذا ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي ( وأعانني عليه شقوتي ) والشقوة ليست من ذوات الشعور حتى يحصل عنها القصد أو العلم . وهكذا ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله ( من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه ) [4]... إلى أخر ما ذكر الشيخ الأعظم(قده) من الشواهد.
إذن لأجل هذه الشواهد لا يعتبر القصد بمعنى الداعي والباعث ولا بمعنى العلم.
ثم استدرك وقال:- نعم إذا أسندت الاعانة إلى ذوي الشعور فالمنصرف عرفاً هو حالة العلم، فحينما يقال ( زيدٌ أعان عمرواً على صنع الخمر ) فالمنصرف هنا عرفاً هو حالة العلم، يعني يُفرَض أنّ هذا المعينُ عالماً، ولكن هذا ليس قيداً معتبراً في المعنى اللغوي وإنما هو معتبرٌ في المعنى المنصرف إليه عرفاً.
والنتيجة النهاية:- هي أنّ السيد الخوئي(قده) يوافق الشيخ الأعظم(قده) تقريباً، فإنّ الشيخ الأعظم(قده) لم يعتبر القصد أيضاً من دون أن يفرّق بين العلم وبين الداعي.
ولكن الاشكال عليه واضح:- فإنّا قرأنا أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة . وهكذا الشيخ الأعظم(قده) حينما تمسّك بحديث ( من أكل الطين فمات فقد اعان على نفسه ) فإنّ هذا استعمالٌ وهو أعمّ من الحقيقة.
بل نترقى أكثر ونقول:- إنّه حتى إذا لم نقل بأن الاستعمال أعم ّمن الحقيقة لكن الاستشهاد بهذه الشواهد ليس بصحيح لأنّه هذه الشواهد مبنيّة على المجازيّة، فحينما يقول ( وأعانني عليه شهوتي ) من الواضح أنّ هذه بلاغة وفصاحة وليس المقصود منها المعاني الحقيقية، فعلى هذا الأساس يكون الاستشهاد بهذه المفردات ليس بصحيحٍ . إذن ما أفاده السيد الخوئي(قده) قابلٌ للمناقشة.
ومن الملفت للنظر أنّ السيد الخوئي(قده) يصرّ هنا على عدم اعتبار القصد بمعنى الدّاعي بل هو أيضاً يصرّ على بطلان قاعدة الاعانة على الحرام ويفسّر آية ( ولا تعانوا ) بالتفسير الذي ذكره الحاج ميرزا علي الايرواني ويخصّصه بحالة التعاون لا بحالة الاعانة.
ولكن في كتاب النكاح من العروة الوثقى[5] ذكر أنّه هل يجوز للرجل أن يكشف عن بدنه أكثر من المتعارف أمام المرأة الأجنبية أو لا ؟ فهو(قده) ذهب إلى أنّه يجوز ولكن يحرم على المرأة النظر، وهذه قضيّة ليس لنا فيها شاهد، وإنما الشاهد هو أنه أيجوز له أن يكشف عن عورته والمرأة تنظر إليه ؟
قال السيد اليزدي(قده):- لا يجوز لأنّه إعانة على الإثم.
وهنا علّق السيد الخوئي(قده) وقال:- إذا كان قاصداً بإبراز عورته أن تنظر إليه الأجنبية فهنا يحرم ذلك مادام قاصداً وذلك لوجهين الأوّل قاعدة التسبيب فهو يسبّب إلى فعل الحرام والثاني لأنّه يصدق عليه الاعانة والتعاون على الإثم، نعم إذا لم يكن قاصداً لذلك فلا تسبيب ولا إعانة[6].
وعلى هذا المنوال ذكر السيد الحكيم(قده)[7]نفس هذا التفصيل.
إذن من هنا نستنتج أنّ السيد الخوئي(قده) في مسألة الاعانة له رأيان في مسألتين ترتبطان بالإعانة الاولى أن أصل الاعانة على الحرام حرام أو لا ؟ وهناك يقول هي ليست بحرام ويستشهد على ذلك بالسيرة التي أشرت إليها[8]، بينما في كتاب النكاح يظهر منه أنّه حرام، والقضية الثانية هي أنّه هناك لا يعتبر القصد بناءً على أنّ الاعانة حرام أمّا في كتاب النكاح يعتبر القصد.
والنتيجة النهائية:- اتضح أنّنا نعتبر العلم دون القصد بمعنى الداعي والباعث، بينما الشيخ الأعظم والسيد الخوئي يظهر منهما أنهما لا يعتبران القصد بمعنى الداعي ولا القصد بمعنى العلم.