الموضوع: قاعدة اللطف

 كان الكلام في الإجماع ومر ّ ان الاجماع صورته الكثرة المتفقة ولكن المدار عند الامامية في الاجماع هو على وجود المعصوم (عليه السلام) نفسه

 والملاحظ ان العامة نفسهم عندما يبحثون عن إجماع الامة فالكلام في اجماع الامة جميعها بما فيهم الشيعة ومحبي أهل البيت (عليهم السلام) فيحاولوا ان يخرجوا بتخاريج كقولهم عدا المبتدعة ومعه فما الذي يحدد البدعة من غيرها فلايمكن ان يكون نفس الاجماع هو الذي يحدد ذلك فلابد من ميزان لتحديد ذلك وهذا شاهد على انه لايكون لهم اجماع بدون الامامية ولايكون للامامية إجماع بدون أهل البيت (عليهم السلام)

 فنرجع الى الوجوه التي ذكرها علماء الامامية في كيفية استكشاف كلام المعصوم (عليه السلام) وهذه الوجوه على مراتب فتارة يستكشف منها قول المعصوم (عليه السلام) وتارة يستكشف منها فعل المعصوم (عليه السلام) وتارة يستكشف منها تقرير المعصوم (عليه السلام)

 أما الوجوه

 فهو استلزام اتفاق العلماء فضلاً عن اتفاق الشيعة المستلزم لكشف كلام المعصوم (عليه السلام) وهذا الوجه هو من أشهر الوجوه وقد طبّقه متأخري العصر على السيرة المتشرعية عند المؤمنين

 وهذا الوجه قد يذكر بصياغات اخرى كإتفاق الأقدمين والقدماء من القدماء فالأقدمين مثل علي بن بابويه والكاتب والفخري والصابوني وابن الجنيد فهؤلاء هم قبل الصدوق وهم الأقدمين وأما القدماء فهم من الصدوق الى ابن ادريس فإتفاق القدماء أو الأقدمين على فتوى معينة وان لم توجد لها رواية فاتفاقهم بلاخلاف هو من الإجماع الكاشف عن قول المعصوم (عليه السلام)

 ونموذج آخر ذكره الشهيد الأول في القواعد واستأنس اليه الشيخ الأنصاري في الرسائل وهو انه نقل ان ديدن الأصحاب اذا أعوزتهم النصوص اعتمدوا على فتاوى علي بن بابويه لأنها متون روايات مسلّمة فانهم يتعاطون مع كتب ابن بابويه كمتون روايات فهذا يشكل استكشاف قطعي وواضح ان هذه مسيرة كل البشر ان خواص وبطانة كل شخص يستكشف منه رأي ذلك الشخص ومشربه ومساره

 فالاتفاق له نماذح واليات مختلفة ومصادر مختلفة كما يقول السيد بحر العلوم وليس له مصدر واحد فلذا يحتاج الى تتبع باعتبار انه من الخطأ في طريقة التتبع ان يرجع الانسان الى الأبواب الروائية فقط لأنه هناك امور مسلمة وضرورية في المذهب غير موجودة في الروايات وموجودة في مصادر اخرى وهذا الوجه الأول لحجية الاجماع

 الوجه الثاني: قاعدة اللطف

 وهذا الوجه يفسّر بعدة تفسيرات وتطبيقها بعدة تطبيقات فكبرويا تارة تؤسس قاعدة اللطف على حكم العقل وقد أصر عليه الشيخ الطوسي في العدة وتبعه عليه مَن بعده

 وقد أستشكل السيد المرتضى كبرويا في الذريعة على تطبيق قاعدة اللطف في خصوص مانحن فيه حيث قال ان منع اللطف منا فكيف نستكشف بقاعدة اللطف انه لابد ان يهديهم أو ينشئ الخلاف بينهم فيما لو لم يكن وفاق علماء الامامية على الصحيح نظير غيبة الامام (عجل الله فرجه) فسببه منّا ومن نفس البشرية فحرماننا من تولي وتصدي أهل البيت (عليهم السلام) سببه هو نفس المؤمنين أنفسهم فضلا عن تقاعس المسلمين فهو أشد وهذا فضلا عن البشرية فان المراد من أدلة التقية ليس يعني ان الكل غير مقصر وليس معناه ان هذه هي الوظيفة الأولية بل العكس فان الوظيفة الأولية هي بناء القوة واعدوا لهم ماستطعتم من قوة فبناء القوة ليس لها سقف لأن نفس بناء القوة وتحصيل العلم هو بنفسه رادع ولايحتاج الى إعمال القوة مما يدل على ان من يفسر التقية بالتقاعس عن بناء القوة هو معنى منحرف يناقض اصول الدين

 فيقول السيد المرتضى ان سبب غيبته منا ولو كنّا بمستوى المسؤلية لظهر (عجل الله فرجه) هنا الشيخ الطوسي في العدة يقول ان السيد المرتضى رجع عن هذا الاشكال في اخر حياته فيقول انه (عجل الله فرجه) يرعانا بالهداية ويلطف بنا وهذا أمر مسلم وعليه فقد قبل السيد المرتضى في الجملة قاعدة اللطف وهذا من جهة كبروية

 وان السيد محمد مهدي بحر العلوم (رحمه الله) في كتابه الفوائد الاصولية أشار الى وجه آخر روائي وقد استدل به القدماء والمتأخرون وهو تواتر الروايات الموجودة على ان الله عزوجل له في كل قرن وفي كل جيل وفي كل دور من أهل البيت (عليهم السلام) من يذب عن الدين تحريف الغالين أو تقصير المقصرين أو زيغ الزائغين أوبدع المبدعين لكي يبقى هذا الدين والمقصود بها ليس بالجملة بل المقصود في الجملة للموارد الضرورية الحساسة

 وفي كمال الدين للصدوق ص 302 توجد رواية فيها بيان ان هذا الدور يقوم به أهل البيت (عليهم السلام) حتى في غيبتهم بأن يهديهم عبر وسائل خفية