37/05/19
تحمیل
الموضوع: الخمس ـ القسم السابع ـ المال الحلال المخلوط بالحرام ـ شروط وجوب الخمس في المختلط ويتضمن صورة ما إذا علم المقدار وجهل صاحب المال الحرام. وبيان بعض الاقوال فيها وجوابه.
واما في صورة العلم بمقدار الحرام والجهل بالمالك.
فهي محل للخلاف ونحن في هذا الدرس نريد ان نغير منهجية البحث فنتحدث في اقوال هذه الصورة وهي عدة اقوال:
الأول: أنه يتصدق به بعد عزله واليأس من مالكه، سواء أكان المعلوم بقدر الخمس، أم أقل، أو أكثر.
واختاره في المدارك والعروة. ونسب الشيخ الأنصاري (ره) إلى بعضم انه المشهور، بل استظهر عدم الخلاف فيه.
بل نزل كلام من أطلق وجوب الخمس على غير هذه الصورة. وكأنه لدعوى انصراف نصوص المقام لصورة الجهل بالمقدار، فيرجع في صورة العلم به لأخبار مجهول المالك المتضمنة للتصدق.
وخالف في الحدائق فقال: "ولقائل أن يقول أن مورد تلك الأخبار الدالة على التصدق إنما هو المال المتميز في حد ذاته لمالك مفقود الخبر وإلحاق المال المشترك به مع كونه من ما لا دليل عليه قياس مع الفارق، لأنه لا يخفى أن الاشتراك في هذا المال سار في كل درهم درهم وجزء جزء منه، فعزل هذا القدر المعلوم للمالك المجهول مع كون الشركة شائعة في أجزائه كما أنها شائعة في أجزاء الباقي لا يوجب استحقاق المالك المجهول له حتى أنه يتصدق به عنه، فهذا العزل لا ثمرة له بل الاشتراك باق مثله قبل العزل...وبما ذكرنا يظهر أن الأظهر دخول هذه الصورة تحت إطلاق الأخبار المتقدمة وأنه لا دليل على إخراجها"[1] .
وقد نبّه بذلك إلى ما ذكرنا قريبا من ورود نصوص مجهول المالك ـ على اختلافها ـ في المال المتميز، دون المختلط.
نعم ادعى غير واحد عموم بعض تلك الأخبار للمختلط، فقيل في خبر علي بن أبي حمزة المتقدم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل من كتاب بني أمية قال له: "إني كنت في ديوان هؤلاء القوم، فأصبت مالاً كثيراً أغمضت في مطالبه... فهل لي مخرج منه؟ ... قال له: فأخرج من جميع ما كسبت [اكتسبت] في ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدقت به".
بدعوى: ان إطلاق رد المال لصاحبه والتصدق به مع الجهل بصاحبه شامل للمتميز وغيره. خصوصا مع ملاحظة أن من البعيد جداً تمييز مال من يعرفه منهم عن مال من لا يعرفه، وتميز الجميع عن ماله.
وفيه أولا: ما تقدم منا من ان اجواء الرواية توحي بان ما طُلب من الرجل ليس المقصود منه تصفية ماله، وانما المقصود تصفية الرجل نفسه من ادران ما علق به من عمله لدى السلطان الجائر بقرينة ضمان الجنة له، وامره بالخروج من جميع ما اصاب من بني امية علما ان مال السلطان ليس كله حرام كما ورد ذلك عن اهل البيت. فكأن الحكم بلحاظ قضية خاصة فلا يدل على حكم المسألة عموما. فلاحظ
وثانيا: أن رد المال والتصدق به إن لم يختص بالمتميز فلا أقل من كونه المنصرف منه. والا كيف يرد عليه ماله إذا كان مختلطا.
وثالثا: ظاهر ذيل الخبر أن المال كله كان حراماً، لأنه تضمن خروج الرجل من ماله كله، حتى خرج من ثيابه، وجمع له الشيعة ما قضى به حاجته. وهذا يقتضي ان يكون اجنبيا عن اخلاط الحلال بالحرام الذي نحن بصدده
نعم قد يقال بانه مطلق بلحاظ اختلاط المال الحرام بعضه ببعض لبعد تميز مال من يعرف عن مال من لا يعرف.
لكن عموم النصوص له لا تعني عموم النصوص لاختلاط الحلال بالحرام الذي نحن فيه.
على انه يمكن ان يدعى انه يستفاد من الخبر ولاية من تحت يده المال على أن يدفع لمن يعرف من المال المختلط بقدر ماله، ولو بأن يصالحه على ذلك، فيكون الباقي بتمامه ملكاً للمالك المجهول، وتكون الصدقة به بتمامه عنه.
ومن هنا كان ما في الحدائق من قصور نصوص التصدق بمجهول المالك عن المال المختلط قريباً جداً.