37/06/26
تحمیل
الموضوع: نصاب الكنز ـ مناقشة بعض الآراء.
أقول: قوله ان "ما هو المركوز والمشهور في الذهن العرفي نصاب الذهب وهو عشرون دينارا المعادل في تلك الازمنة غالبا لمائتي درهم من الفضة" هل يقصد نصاب الزكاة او نصاب الخمس.
فان قصد نصاب الزكاة فان للزكاة نصابين هما عشرون دينارا للذهب ومائتا درهم للفضة وكلاهما مشهوران فالناس كما تملك الذهب تملك الفضة وتتعلق بهما الزكاة متى ما بلغ كل منهما نصابه. كيف وقد ذكر الشيخ الانصاري (ره) "أنّ الأصل في نصاب النقدين هو المائتان واعتبار العشرين؛ لأنّها عدل المائتين، كما يظهر من الأخبار"[1] . كخبر إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: "قلت له: تسعون ومائة درهم وتسعة عشر دينارا أعليها في الزكاة شيء؟ فقال إذا اجتمع الذهب والفضة فبلغ ذلك مائتي درهم ففيها الزكاة، لأن عين المال الدراهم وكل ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود ذلك إلى الدراهم في الزكاة والديات"[2] . وقد يستظهر من غيره[3] [4] .
وان قصد نصاب الخمس فالنصاب فيه يختلف من صنف لآخر فغنائم دار الحرب لا نصاب فيها. وكذا فاضل المؤنة، والحلال المختلط بالحرام، وارض المسلم إذا اشتراها الذمي. واما المعدن فنصابه العشرين، واما الغوص فنصابه دينار واحد. واما الكنز فهو محل كلامنا، فكيف يدعى ارتكاز العشرين في اذهان العرف.
واما قوله: "فيكون المنصرف من الصحيحة بعد ان كان النظر الى مطلق الكنز إرادة عشرين دينارا أيضا، كما ورد ذلك في صحيح البزنطي الوارد في المعدن في تفسير المماثلة"
فدعوى الانصراف فيه ان كانت بسبب الارتكاز المدعى فقد عرفت انه لا أصل له. وان كانت بسبب صحيح البزنطي الوارد في المعدن فلم يتضح وجهه بعد اختلاف الروايتين سؤالا وجوابا وجنسا. وان اتحد الراوي والمروي عنه. هذا إذا أراد ان العشرين في رواية المعدن تكون قرينة على ان المراد بصحيحة الكنز ذلك أيضا.
وان أراد الجمع بين الروايتين جمعا عرفيا بذلك فلا وجه له أيضا، اذ لا موضوع للجمع العرفي لعدم التعارض بين الروايتين لا بنحو التعارض المستقر ولا غير المستقر.
واما قوله: "بل قد عرفت انّ ظاهر صحيح زرارة انّ الخمس في المعدن انما هو من باب كونه ركازا، فاذا ثبت ان الميزان فيه بلوغ ما قيمته عشرون دينارا بالخصوص، ثبت انّ هذا نصاب الخمس في مطلق الركاز معدنا كان أو كنزا، لوحدة الجعل موضوعا وحكما في البابين".
أقول من الظاهر ان الآية الشريفة وجملة من النصوص دلت بإطلاقها على وجوب الخمس في جميع الفوائد ومع ذلك فقد اختلفت احكام اقسام الفائدة واصنافها من صنف لأخر في كثير من الاحكام من اعتبار مؤنة السنة وعدم اعتبارها ومن اعتبار النصاب وعدم اعتباره الى غير ذلك من الاحكام. والسر في ذلك هو ان موضوع وجوب الخمس هي عناوين تلك الأصناف وان جمعها عنوان الفائدة.
إذا عرفت هذا فلا بأس ان نذكر صحيح زرارة لنرى ما يمكن ان نستفيد منه. فقد روى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: "سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كل ما كان ركازا ففيه الخمس وقال: ما عالجته بمالك ففيه ـ ما أخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفى ـ الخمس"[5] .
والظاهر ان الفقرة التي استفاد منها "كون الخمس في المعدن انما هو من باب كونه ركازا" هي قوله ع: " كل ما كان ركازا ففيه الخمس" ومن الظاهر ان هذه الفقرة شبيهة بالآية الكريمة التي دلت على وجوب الخمس في الفائدة. فكما ان الفائدة لم تكن موضوعا لوجوب الخمس فكذا الركاز فانه بعنوانه ليس موضوعا لوجوب الخمس، وانما الوجوب متعلق بعنواني المعدن والكنز، كما دلت عليه النصوص.
كيف ولو كان متعلقا بعنوان الركاز دون عنواني المعدن والكنز للزم ان يكون عدد ما يجب فيه الخمس ستة لا سبعة كما تسالم عليه الاصحاب.
ومن ثم تعرف الاشكال في قوله: "لوحدة الجعل موضوعا وحكما في البابين".
كما يلزم على قوله ان تكون الصحيحتان تحكيان عن معنى واحد وهو الركاز وان عبرت احداهما بالمعدن وعبرت الأخرى بالكنز.
والا فلو حملت الروايتان على السؤال عن كل من عنوانيهما بخصوصه لما كان مانع من الالتزام بثبوت الحكم في مورده حتى لو كان موضوع وجوب الخمس هو عنوان الركاز. كوجوب الصلاة التي تختلف احكامها باختلاف الحالات كالقصر والتمام او الجهر والاخفات الى غير ذلك، فتأمل.
والمتحصل ان الأقوى ان نصاب الكنز مطلقا هو أقل نصابي النقدين في الزكاة مالية.