أنت هنا: الرئيسية أمير المؤمنين سيرة سمو شخصيته (ع)
 
 


سمو شخصيته (ع)

البريد الإلكتروني طباعة

سمو شخصية الامام علي (عليه السلام)

لا عتب على اليراع لو وقف عند تحديد شخصية كريمة معنوية خصّها الله تعالى بمواهب وفضائل، وكفى في ذلك ما رواه طارق بن شهاب قال: كنت عند عبد الله بن عباس فجاء أناس من أبناء المهاجرين فقالوا له: يا ابن عباس، أي رجل كان علي بن أبي طالب؟ قال: مُلىء جوفه حِكماً وعلماً وبأساً ونجدة وقرابة من رسول الله(ص). روى عكرمة عن ابن عباس قال: ما نزل في القرآن: (يا أيها الذين آمنوا) إلاّ وعليّ (ع) رأسها وأميرها، ولقد عاتب الله أصحاب محمّد(ص) في غير مكان، وما ذكر عليّاً إلا بخير. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما نزل في أحد من كتاب الله مانزل في عليّ. وقال ابن عباس: نزلت في عليّ أكثر من ثلثمئة آية في مدحه. ونكتفي في ترجمة عليّ (ع) بكلمتين عن تلميذيه اللذين كانان معه سراً وجهراً:

1 ـ قال ابن عباس عندما سئل عن عليّ(ع): رحمة الله على أبي الحسن، كان والله علم الهدى، و كهف التقى، وطود النُهى، ومحلّ الحِجى، وغيث الندى، ومنتهى العلم للورى، ونوراً أسفر في الدُجى، وداعياً إلى المحجّة العظمى، ومستمسكاً بالعروة الوثقى، أتْقى مَن تقمّص وارتدى، وأكرمَ من شهد النجوى بعد محمد المصطفى، وصاحب القبلتين، وأبو السبطين، وزوجته خير النساء، فما يفوقه أحد، لم تر عيناي مثله، ولم أسمع بمثله، فعلى من أبغضه لعنة الله ولعنة العباد إلى يوم التناد.

2 ـ إن معاوية سأل ضرار بن حمزة بعد موت عليّ عنه، فقال:صف لي عليّاً، فقال: أو تعفيني؟ قال: صفه، قال:أو تعفيني؟ قال: لا أعفيك، قال: أمّا إذا لابدّ فآقول ما أعلمه منه:

والله كان بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلاً ويحكم عدلاً، يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة، يقلّب كفيه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب. كان والله كأحدنا ، يجيبنا إذا سألناه ويبتدئنا إذا أتيناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منّا لا نكلّمه هيبة، ولا نبتدئه عظمة، إن تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظّم أهل الدين، ويحبّ المساكين، لا يطمع القويّ في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله. فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه قابضاً على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، وكأنّي أسمعه وهو يقول:«يادنيا أبي تعرّضتِ؟ أم إليّ تشوّقتِ؟ هيهات، هيهات، غرّي غيري، قد باينتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير وعيشك حقير، وخطرك كثير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق.» قال : فذرفت دموع معاوية على لحيته فما يملكها وهو ينشّفها بكمّه، وقد اختنق القوم بالبكاء، فقال معاوية: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: (حزن من ذُبح ولدها في حجرها، فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها). هذه شذرات من فضائله، وقبسات من مناقبه الكثيرة التي حفظها التاريخ عن تلاعب الأيدي. غير أنه لا يعرف عليّاً غيرخالقه عزّ وجلّ، ثمّ صاحب الرسالة الكبرى ابن عمّه المصطفى (ص).