فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) على لسان ابن عباس
قال ابن عباس ( رضوان الله عليه ) : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول :
( أعطَاني اللهُ تعالى خَمساً وأعطى عَليّاً خمساً ، أعطاني جَوامِعَ الكَلِم وأعطى عَليّاً جوامع العِلم ، وجعلني نبيّاً وجعلَه وصيّاً ، وأعطاني الكَوثَر وأعطاه السَلْسَبيل ، وأعطاني الوَحي وأعطاه الإلهام ، وأسرَى بي إليه وفَتَح له أبوابَ السماوات والحُجُب حتى نَظرَ إليَّ ونظرتُ إليه ) .
ثم بكى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقلت له : ما يبكيك يا رسول الله ، فداك أبي وأمي ؟
قال ( صلى الله عليه وآله ) :
( يا بنَ عبَّاس ، إنَّ أول ما كلَّمَني به ربي قال : يَا مُحمَّد ، انظر تحتَك .
فنظرتُ إلى الحُجُب قد انحَرقت ، وإلى أبواب السماء قد انفتحت ، ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي ، فَكلَّمَني وكلَّمتُه وكلَّمني ربِّي عزَّ وجلَّ ) .
فقلت : يا رسول الله ، بما كَلَّمَكَ ربّك .
قال ( صلى الله عليه وآله ) :
( قال لي : يا مُحمَّد ، إني جعلتُ عليّاً وَصيَّك ، ووزيرك ، وخليفَتَك من بعدك ، فأعلِمْهُ فَهَا هو يسمعُ كَلامَك .
فأعلمتُهُ وأنا بين يَدَي رَبِّي عزَّ وجلَّ .
فقال لي : قَد قَبلتُ وأطعتُ .
فأمر اللهُ تعالى الملائكةَ يتباشَرون به ، وما مَرَرتُ بملأٍ من ملائكة السماوات إلا هَنَّئوني وقالوا : يا مُحمَّد ، والذي بَعثك بالحقِّ نبيّاً ، لقد دخل السّرورُ على جميعِ الملائكة باستخلاف الله عزَّ وجلَّ ابنَ عمِّك .
ورأيتُ حَمَلة العرش قد نَكَّسوا رؤوسَهم إلى الأرض ، فقلت : يا جبرائيل ، لم نَكَّس حَمَلةُ العرشِ رؤوسَهم .
قال : يا مُحمَّد ، مَا من مَلَكٍ من الملائكة إلاَّ وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشاراً به ، ما خَلا حَمَلة العرش ، فإنهم استأذنوا الله عزَّ وجلَّ في هذه الساعة ، فأذِنَ لهم ، فنظروا إلى على بن أبي طالب .
فلما هبطْتُ جعلتُ أخبره بذلك وهو يُخبرُني به ، فَعلمتُ أني لم أطَأ موطِئاً إلا وقد كُشِف لعلي عنه حتى نَظَر إليه ) .
فقلت : يا رسول الله ، أوصني .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) :
( عليكَ بِمَودَّة علي بن أبي طالب ، والذي بَعثَني بالحقِّ نبيّاً ، لا يَقبلُ اللهُ تعالى من عبدٍ حسنةً حَتَّى يسأله عن حُبِّ علي بن أبي طالب ) .
ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) :
( اِعلمْ ، فمن ماتَ على ولايته قُبِلَ عَملُه مَا كان مِنه ، وإِنْ لم يأتِ بولايتِهِ لا يُقبَلُ من عملِه شيء ، ثم يُؤمَر به إلى النار .
يا بن عباس ، والذي بَعثني بالحقِّ نَبيّاً ، إن النار لأشدّ غَضباً على مُبغِضِ علي مِنها على مَن زَعِم أنَّ للهِ وَلَداً .
يا بن عباس ، لو أن الملائكة المُقرَّبين ، والأنبياء والمرسلين ، اجتمعوا على بغض علي بن أبي طالب مع ما يقع من عبادتهم في السماوات لَعذَّبَهُم اللهُ تعالى في النار ) .
قلت : يا رسول الله ، وهل يبغضه أحد ؟
قال ( صلى الله عليه وآله ) :
( يا بن عباس ، نعم ، يبغضه قوم يُذكَر أنَّهم من أمَّتي ، لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيباً .
يا ابن عباس ، إنَّ من علامة بُغضِهم له تَفضِيلهُم لِمَن هو دُونَه عَليه ، والذي بعثني بالحقِّ نبيّاً ما بعثَ اللهُ نبيّاً أكرمُ عليه مِنِّي ، ولا وصيّاً أكرمُ عليه من وَصيي عَلَيَّ ) .
ثم قال ابن عباس : فلم أزَلْ له – لعلي ( عليه السلام ) – كما أمرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأوصاني بمودته ، وإنه لأكبر عَملي عندي .