جابر بن عبد الله الانصاري ( رضوان الله عليه )
ولد جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري سنة 16 قبل الهجرة النبوية ، صحابي ذائع الصِيت ، عمّر طويلاً . كان مع أبيه في تلك الليلة التاريخيّة المصيريّة التي عاهد فيها أهل يثرب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على الدفاع عنه ودعمه ونصره ، وبيعتهم هي البيعة المشهورة في التاريخ الإسلامي بـ( بيعة العقبة الثانية ) . لمّا دخل النبي ( صلى الله عليه وآله ) المدينة ، صحبه وشهد معه حروبه ، ولم يتنازل عن حراسة الحقّ وحمايته بعده ( صلى الله عليه وآله ) ، كما لم يدّخر وسعاً في تبيان منزلة علي ( عليه السلام ) والتنويه بها . أثنى الأئمّة ( عليهم السلام ) على رفيع مكانته في معرفة مقامهم ( عليهم السلام ) ، وعلى وعيه العميق للتيّارات المختلفة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومعارف التشيّع الخاصّة ، وفهمه النافذ لعمق القرآن . وأشادوا به واحداً من القلّة الذين لم تتفرّق بهم السبل بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ولم يستبِقوا الصراط بعده ، بل ظلّوا معتصمين متمسّكين به . قلنا إنّه عمّر طويلاً ، لذا ورد اسمه الكريم في صحابة الإمام أمير المؤمنين ، والإمام الحسن ، والإمام الحسين ، والإمام السجّاد ، والإمام الباقر ( عليهم السلام ) ، وهو الذي بلّغ الإمام الباقر ( عليه السلام ) سلامَ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) له . وكان قد شهد صفين مع الإمام علي ( عليه السلام ) . وهو أوّل من زار قبر الإمام الحسين ( عليه السلام ) وشهداء كربلاء في اليوم الأربعين من استشهادهم ، وبكى على أبي عبد الله كثيراً . والروايات المنقولة عنه بشأن الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وما اُثر عنه من أخبار تفسيريّة ، ومناظراته ، تدلّ كلّها على ثبات خُطاه ، وسلامة فكره ، وإيمانه العميق ، وعقيدته الراسخة ، وصحيفة جابر مشهورة أيضاً . كان جابر متوكّئاً على عصاه وهو يدور في سكك الأنصار ومجالسهم ، وهو يقول: (عليّ خير البشر، فمن أبي فقد كفر ، يا معشر الأنصار! أدّبوا أولادكم على حبّ عليّ، فمن أبى فانظروا في شأن اُمّه ). وعن الإمام الصادق (عليه السلام) : إنّ جابر بن عبد الله الأنصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، وكان رجلاً منقطعاً إلينا أهلَ البيت. ولأنّه لم ينصر عثمان في فتنته، فقد ختم الحجّاج بن يوسف على يده يريد إذلاله بذلك. في علل الشرائع عن أبي الزبير المكّي: رأيت فارق جابر الحياة سنة 78هـ.