خزيمة بن ثابت الأنصاري ( رضوان الله عليه )
اسمه ونسبه :
خزيمة بن ثابت بن الفاكِه .. بن مالك بن الأوس الأنصاري ، كنيته ( ذو الشهادتَين ) ، لحادثة وقَعَت زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) . فكنَّاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) بها ، فأصبحت وساماً له ، وصار يُقال له : خزيمة بن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين .
ولادته :
لم نعثر على تاريخ محدد لولادته ، لكن القرائن المستفادة من الوقائع والسِّير تشير إلى أنه قد وُلد في حدود سنة ( 20 ) قبل الهجرة النبوية المباركة فما قبلها .
سيرته ومواقفه :
حين ظهر نور الإسلام ، كان خزيمة الأنصاري من أوائل المبادرين إليه ، ثم شهد أولَ ما شهد أُحُداً ، وما بعدها من المشاهد . كان هو وعُمَير بن عَدي يكسِّران أصنام بني خَطْمة ، ثم حمل راية بني خطمة يوم فتح مكة ، ودخل مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . شهد معركة مُؤتة وشارك فيها مشاركة مشهودة . وكان أيضاً من الصحابة الأبرار الأتقياء الذين مضَوا على منهاج نبيهم ( صلى الله عليه وآله ) ، فلم يغيِّروا ولم يبدِّلوا . وكان من السابقين الذين عادوا إلى الإمام علي ( عليه السلام ) ، وقد وقف إلى جانبه ودعا إلى بيعته وأنكر على مخالفيه ، وقال لأحدهم : ألستَ تعلم أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قبِل شهادتي وحدي ؟ فقال : بلى . قال خزيمة : فإني أشهد بما سمعته منه ، وهو قوله ( صلى الله عليه وآله ) : إمامُكم بعدي علي ( عليه السلام ) ، لأنه الأنصح لأُمتي ، والعالم فيهم . وشهد خزيمة – مع جماعة – لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) حين استُشهد ، بحديث الغدير . وقبل ذلك كان من أوائل المبايعين والمؤيِّدين له في مسيره لقتال الناكثين ، وكذلك كان عند المسير لحرب القاسطين .
شعره :
لمواقفه المبدئية الولائية كان خزيمة مُعتَّماً على حياته ، في أخباره وأدواره ، فلم يُنقَل من شعره إلا النَّزر اليسير ، مع أنه كان يجيد الشعر ويقوله منذ زمن مبكر على عهد النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) . كما في أبياته التي مدح فيها الإمام علياً ( عليه السلام ) فتهلَّلَ وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . وأبياته التي ذكر فيها قصة التصدُّق بالخاتم في حال الركوع ، حيث قال :
أبا حسنٍ ، تفديك نفسي واُسرتي |
وكلُّ بطيءٍ في الهُدى ومُسارعِ |
فأنتَ الذي أعطيتَ إذ كنتَ راكعاً |
زكاةً.. فَدتْكَ النفسُ يا خيرَ راكعِ |
فأنزلَ فيك اللهُ خيرَ ولايةٍ |
وبَيّنها في مُحكَماتِ الشرائعِ |
امتاز شعر خزيمة بالسلاسة والجمالية والوضوح ، مخلِّفاً تراثاً خالداً ، وسجلاًّ حافلاً بالوقائع التاريخية ، تنقل لنا صوراً حقيقية من حياة الإسلام والمسلمين ، ومشاهدَ رائعة من المناقب والفضائل . فيكون بذلك وثيقةً أدبية لتلك الفترة ، وشاهداً تاريخياً يعضد الشواهد الصادقة الأخرى .
شهادته:
روى الخطيب البغدادي أن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كنت بصفين ، فرأيت رجلاً راكباً متلثَّماً يقاتل الناس قتالاً شديداً ، يميناً وشمالاً ، فقلت : يا شيخ ، أتقاتل الناسَ يميناً وشمالاً ؟! فحسَرَ ( رضوان الله عليه ) عن عمامته ثم قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : قاتِلْ مع عليٍّ جميع مَن يقاتله ، وأنا خزيمة بن ثابت الأنصاري . فخاض خزيمة بن ثابت الأنصاري ( رضوان الله عليه ) غمارَ المعركة ، ونال ما تمنَّاه من الشهادة المشرِّفة في معركة صفين سنة ( 37 هـ ) . وحسب خزيمة بن ثابت ( رضوان الله عليه ) من الإكرام والتجليل ما أبَّنَهُ به الإمام علي ( عليه السلام ) وتلهَّف عليه ، وتشوَّق إليه ، وأثنى عليه ، حيث قال : أين إخواني الذين ركبوا الطريق ، ومضَوا على الحقِّ ؟! أين عمَّار ، وأين ابن التيِّهان ، وأين ذو الشهادتَين [ أي خُزَيمة بن ثابت ] ، وأين نُظَراؤهم مِن إخوانهمُ الذين تعاقَدوا على المنيَّة ؟!