أنت هنا: الرئيسية أهل البيت سيرة الأمام جعفر بن محمد الصادق الإمام (ع) مع هشام بن الحكم
 
 


الإمام (ع) مع هشام بن الحكم

البريد الإلكتروني طباعة

الإمام الصادق ( عليه السلام ) مع هشام بن الحكم

 كان عند الإمام الصادق ( عليه السلام ) جماعة من أصحابه ، فيهم هشام بن الحكم وهو شاب ، فقال الإمام ( عليه السلام ) : يا هشام !

قال : لبيك يا ابن رسول الله . قال ( عليه السلام ) : ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته ؟ قال هشام : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إني أُجِلُّكَ واستحييك ، ولا يعمل لساني بين يديك . فقال ( عليه السلام ) : إذا أمرتكم بشيء فافعلوه . قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، فعظم ذلك عليَّ فخرجت إليه ، ودخلت البصرة يوم الجمعة . وأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة ، وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزر بها من صوف وشملة مرتدٍ بها ، والناس يسألونه . فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت : أيها العالم ! أنا رجل غريب ، أتأذن لي فأسألك عن مسألة ؟ قال عمرو بن عبيد : سَلْ . قلت له : أَلَكَ عين ؟ قال عمرو : يا بني أي سؤال هذا ؟!! فقلت : هذه مسألتي . فقال عمرو : يا بني ، سَلْ ، وإن كانت مسألتك حمقاء . قلت : أجبني فيها . قال : نعم . قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص . قلت : أَلَكَ أنف ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع به ؟ قال : أَشَمُّ به الرائحة . قلت : أَلَكَ لسان ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع به ؟ قال : أتكلم به . قلت : أَلَكَ أذن ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الأصوات . قلت : أَلَكَ يدان ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أبطش بهما ، وأعرف بهما اللَّيِّن من الخشن . قلت : أَلَكَ رجلان ؟ قال : نعم . قلت فما تصنع بهما ؟ قال : انتقل بهما من مكان إلى آخر . قلت : أَلَكَ فَم ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع به ؟ قال : أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها . قلت : أَلَكَ قلب ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع به ؟ قال : أُميِّز به كلما ورد على هذه الجوارح . قلت : أفليسَ في هذه الجوارح غنىً عن القلب ؟ قال : لا . قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة ؟ قال : يا بني ، إن الجوارح إذا شكَّت في شيء شمَّتهُ أو رأتهُ أو ذاقَتْهُ ، ردَّته إلى القلب فَتَيَقَّنَ لها اليقينُ وأُبطِلَ الشك . فقلت : فإنما أقام الله عزَّ وجلَّ القلب لشك الجوارح ؟ قال : نعم . قلت : لا بد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح ؟ قال : نعم . قلت : يا أبا مروان ، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماماً يصحح لها الصحيح وينفي ما شكَّت فيه ، ويترك هذا الخلق كله في حيرتهم وشكِّهم واختلافهم ، لا يقيم لهم إماماً يردُّون إليه شكَّهم وحيرتهم ويقيم لك إماماً لجوارحك تَرِدُّ إليه حيرتك وشكك ؟!! فسكت عمرو ولم يقل لي شيئاً ، ثم التفت إليَّ فقال لي : أنت هشام بن الحكم ؟ فقلت : لا . فقال لي : أَجَالَسْتَهُ ؟ فقلت : لا . قال عمرو : فمن أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة . قال عمرو : فأنت إذاً هو ، ثمَّ ضمني إليه وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتَّى قمتُ ، فضحك الإمام الصادق ( عليه السلام ) ثم قال : يا هشام ، من علَّمَك هذا ؟! قلت : يا ابن رسول الله ، جرى على لساني . قال ( عليه السلام ) : يا هشام ؟! هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى .