أنت هنا: الرئيسية أهل البيت سيرة الأمام جعفر بن محمد الصادق مواجهته (ع) للافكار المنحرفة
 
 


مواجهته (ع) للافكار المنحرفة

البريد الإلكتروني طباعة

مواجهة الامام الصادق (عليه السلام) للافكار المنحرفة

اتّسم العصر الذي عاشه الإمام بظهور الحركات الفكرية، ووفور الآراء الاعتقادية الغريبة إلى المجتمع الإسلامي، وأهمهاعنده هي حركة الغلاة الهدّامة، الذين تطلّعت رؤوسهم في تلك العاصفة الهوجاء إلى بثْ روح التفرقة بين المسلمين، وترعرعت بنات أفكارهم في ذلك العصر ليقوموا بمهمّة الانتصار لمبادئهم التي قضى عليها الإسلام، فقد اغتنموا الفرصة في بثّ تلك الآراء الفاسدة في المجتمع الإسلامي، فكانوا يبثّون الأحاديث الكاذبة ويسندونها إلى حملة العلم من آل محمّد، ليغرّروا به العامّة، فكان المغيرة بن سعيد يدّعي الاتّصال بأبي جعفر الباقر، ويروي عنه الأحاديث الـمـكـذوبة, فأعلن الامام ‌الصادق (ع ) كذبه والبراءة منه، وأعطى لأصحابه قاعدة في الأحاديث التي تروى عنه فقال : «لا تقبلوا عليناً حديثا إلا ما وافق القرآن والسنّة , أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدّمة». ثم إن الإمام قام بهداية الأمّة إلى النهج الصواب في عصر تضاربت فيه الاراء والأفكار, و اشتعلت فيه نار الحرب بين الأمويّين ومعارضيهم من العباسيّين , ففي ‌تلك الظروف الصعبة و القاسية استغلّ الإمام الفرصة فـنـشر من أحاديث جدّه، وعلوم آبائه ما سارت به الركبان, وتربّى على يديه آلاف من المحدّثين والـفـقـهـاء ولـقـد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقاة ـ على اختلاف آرائهم ومقالاتهم ـ فكانوا أربعة آلاف رجل وهذه سمة امتاز بها الامام الصادق ‌عن غيره من الأئمّة ـ عليه و عليهم السلام . إن الإمام (ع) شرع بالرواية عن جدّه و آبائه عندما اندفع المسلمون إلى تدوين أحاديث ‌النبي (ص ) بعدالغفلةالـتـي استمرّت إلى عام 143هـ حيث اختلط آنذاك ‌الحديث الصحيح بالضعيف وتسرّبت إلـى الـسـنـة , العديد من الروايات الإسرائيلية ‌الموضوعة من قبل اعداء الإسلام من الصليبيّين والمجوس، بالإضافة إلى ‌المختلقات والمجعولات على يد علماء السلطة ومرتزقة البلاط الأموي . ومن هنا فقد وجـد الإمام (ع ) أن أمر السنّة النبوية قد بدأ يأخذ اتّجاهات خطيرة ‌وانحرافات واضحة، فـعـمد (ع ) للتصدّي لهذه الظاهرة الخطيرة , وتفنيد الآراء الدخيلة على الإسلام والتي تسرّب الكثير منها نتيجة الاحتكاك الفكري والعقائدي بين المسلمين وغيرهم . إن تلك الفترة شكّلت تحدّيا خطيراً لوجود السنة النبوية، وخلطاً فاضحاً في كثير من ‌المعتقدات , لذا فإن الإمام(ع) كان بحقّ سفينة النجاة من هذا المعترك العسر. إن علوم أهل البيت(ع) متوارثة عن جدّهم المصطفى(ص)، الذي أخذها عن الله تعالى بواسطة الأمين جبرئيل(ع)، فلا غرو أن تجد الأمة ضالّتها فيهم(ع)، وتجد مرفأ الأمان في هذه اللجج العظيمة، ففي ذلك الوقت، حيث أخذ كلّ يحدّث عن مجاهيل ونكرات ورموز ضعيفة ومطعونة، أو أسانيد مشوّشة، تجد أن الإمام الصادق(ص) يقول: «حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث علي بن أبي طالب، وحديث عليّ حديث رسول الله(ص)، وحديث رسول الله(ص) قول الله عزّ وجلّ» بيد أن ما يثير العجب أن تجد من يعرض عن دوحة النبوّة إلى رجال قد كانوا وبالاً على الإسلام وأهله، وتلك وصمة عار وتقصير لا عذر فيه، خصوصاً في صحيح البخاري.