أم الإمام الرضا ( عليه السلام )
تحلَّت أم الإمام الرضا ( عليه السلام ) بجميع مزايا الشرف والفضيلة التي تسمو بها المرأة المسلمة من العِفَّة ، والطهارة ، وسُمُوِّ الذات .
وقد كانت ( رضوان الله عليها ) أَمَةٌ ، وهذا – طبعاً – لا يُنقِصُ مكانتها ، لأن الإسلام جعل المقياس في تفاوت الناس بالتقوى والعمل الصالح ، ولا أثر لغير ذلك .
زواجها ( رضوان الله عليها ) :
ونقل الرواة عدة أقوال في كيفية زواج الإمام الكاظم ( عليه السلام ) بهذه السيدة الجليلة ، وهذه بعضها :
أولها :
أنها كانت من أشراف العَجَم ، وكانت مُلكاً للسيدة حميدة أم الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، وهي من أفضل النساء في عقلها ، ودينها وإعظامها لِمَولاتها السيدة حميدة ، حتى أنها ما جلست بين يديها إعظاما لها .
وقد قالت حميدة ( رضوان الله عليها ) لابنها الإمام الكاظم ( عليه السلام ) :
يا بني ، إن تكتم جارية ، ما رأيتُ جارية قط أفضل منها ، ولست أشك أن الله تعالى سيظهر نسلها ، وقد وهبتها لك فاستَوصِ بها خَيراً .
ثانيها :
قال هشام بن أحمد : قال لي الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : هل علمتَ أحداً من أهل المغرب قدم ؟
قلت : لا .
فقال ( عليه السلام ) : بلى ، قَدْ قَدِم رجلٌ .
فانطلق ( عليه السلام ) بنا إليه – إلى الرجل – ، فركب ( عليه السلام ) وركبنا معه ، حتى انتهينا إلى الرجل ، فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق .
فقال ( عليه السلام ) له : اعرض علينا .
فَعرض علينا تسع جَوارٍ .
كل ذلك ويقول أبو الحسن ( عليه السلام ) : لا حاجة لي فيها .
ثم قال ( عليه السلام ) له : اعرض علينا .
فقال : ما عندي شيء .
فقال ( عليه السلام ) له : بلى ، اعرض علينا .
قال : لا والله ما عندي إلا جارية مريضة .
فقال ( عليه السلام ) له : ما عليك أن تعرضها ، فأبى - الرجل - .
ثم انصرف ( عليه السلام ) .
ثم إنه ( عليه السلام ) أرسلني من الغد إليه ، فقال ( عليه السلام ) لي : قُل له : كم غايتك فيها ؟
فإذا قال : كذا وكذا – يعني من المال – فقل : قد أخذتُها .
فأتيتُه ، فقال – الرجل – : ما أريد أن أنقِصُها من كذا - وعَيَّن مبلغاً خاصاً - .
فقلتُ : قد أخذتها ، وهو – أي : المال – لك .
فقال : هي – أي : الجارية – لك ، ولكن من الرجل الذي كان معك بالأمس ؟
فقلت : رجل من بني هاشم .
فقال : من أيِّ بني هاشم ؟
فقلت : من نُقَبَائِهِم .
فقال : أريد أكثر من هذا .
فقلت : ما عندي أكثر من هذا .
فقال : أخبرك عن هذه – الجارية – :
( إني اشتريتها من أقصى المغرب ، فَلَقِيَتْنِي امرأة من أهل الكتاب ، فقالت : من هذه الوصيفة معك ؟
فقلت : اشتريتُها لنفسي .
فقالت : ما ينبغي أن تكون عند مثلك ، إن هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض ، فلا تلبث عنده – عند خير أهل الأرض – إلا قليلاً حتى تَلِدَ منه غلاماً يَدينُ له شرقُ الأرض وغَربُها ) .
فأتيته ( عليه السلام ) بها ، فلم تلبث عنده إلا قليلاً حتى ولدت له عَليّاً ( عليه السلام ) .
ثالثها :
روي أن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) قال لأصحابه : والله ما اشتريت هذه الجارية إلا بأمر من الله وَوَحيِهِ .
وَسُئِل ( عليه السلام ) عن ذلك فقال : بينما أنا نائم إذ أتاني جدي وأبي ( عليهما السلام ) ، ومعهما قطعة حرير ، فنشراها ، فإذا قميص فيه صورة هذه الجارية .
فقالا ( عليهما السلام ) : يا موسى ، لَيَكُونَنَّ لك من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك .
ثم أمرني أبي ( عليه السلام ) إذا وُلِد لي وَلَد أن أُسَمِّيه عليّاً ، وقالا ( عليهما السلام ) : إن الله عَزَّ وجلَّ سيظهر به العدل والرحمة ، طوبى لمن صدَّقهُ ، وويلٌ لِمَن عَادَاهُ وجحده .
فهذه بعض الروايات التي قيلت في كيفية زواج الإمام الكاظم ( عليه السلام ) بهذه السيدة الكريمة ، وقد حباها بخالص الحُبِّ وأًصفَاه ، وكانت تنعم بالإكبار والتقدير في بيته ( عليه السلام ) .
اسمها ( رضوان الله عليها ) :
أما اسم هذه السيدة الزكيَّة فقد اختلفت فيه أقوال الرواة ، وهذه بعضها :
أولها : تَكتُم :
قد ذهب كثير من المؤرخين إلى أن اسمَها ( رضوان الله عليها ) هو ( تَكتُم ) ، وفي ذلك يقول الشاعر في مدحه للإمام ( عليه السلام ) :
أَلا إِنَّ خيرَ النَّاسِ نَفساً وَوَالِداً وَرَهطاً وَأجدَاداً عَلِيُّ المُعَظَّمُ
أَتَتنَا بِهِ للعِلمِ وَالحلِم ثَامِناً إِمَاماً يُؤَدِّي حُجَّةَ اللهِ تَكتُمُ
وهو اسم عَربيٌّ ، وتُسَمَّى به السيدات من نساء العرب .
ثانيها : أَرْوَى .
ثالثها : نَجْمَة .
رابعها : أُمُّ البَنِين.
والظاهر أنه – أم البنين – كنيةٌ لها ( رضوان الله عليها ) .
فهذه بعض الأقوال التي قِيلَت في اسمها ، وليس في تحقيق ما هو الصحيح منها .