أنت هنا: الرئيسية أهل البيت شعراء الخزاعي / دِعبل (رحمه الله) ينظم في رثاء الامام الحسين (ع)
 
 


ينظم في رثاء الامام الحسين (ع)

البريد الإلكتروني طباعة

الشاعر دعبل الخزاعي
ينظم في رثاء الامام الحسين (ع)

بكيتُ لرسمِ الدار من عَرَفاتِ وأذريتُ دمعَ العينِ بالعَبَراتِ
وفَكَّ عُرى صبري، وهاجت صَبابتي رسومُ ديارٍ قد عَفَت وعِراتِ
مدارسُ آياتٍ خَلَت من تلاوةٍ ومنزلُ وحيٍ مُقفِر العَرَصاتِ
لآلِ رسولِ الله بالخيفِ من مِنىً وبالركن والتعريف والجمَراتِ
ديار عليٍّ والحسينِ وجعفرٍ وحمزةَ والسجّادِ ذي الثَّفِناتِ
منازل وحيِ الله.. يَنزِلُ بينَها على أحمدَ المذكورِ في السُّورات
منازل قومٍ يُهتدى بهداهمُ فتُؤمَنُ منهم زَلّةُ العَثَراتِ
منازل كانت للصلاةِ وللتُّقى وللصومِ والتطهيرِ والحسَناتِ
منازلُ.. جِبريلُ الأمينُ يَحِلُّها من الله بالتسليم والرَّحَماتِ
منازل وحيِ الله، مَعدِن علمِه سبيلُ رشادٍ واضح الطُّرُقاتِ
ديارٌ عفاها جورُ كلِّ مُنابذٍ ولم تَعفُ للأيام والسنواتِ
قِفا.. نسألِ الدارَ التي خَفَّ أهلها: متى عهدُها بالصومِ والصلواتِ ؟
وأين الأُلى شَطّت بهم غربةُ النوى أفانينَ في الآفاقِ مُفتَرِقاتِ ؟
همُ أهلُ ميراثِ النبيِّ إذا اعتزَوا وهم خيرُ ساداتٍ وخيرُ حُماةِ
وما الناسُ إلاّ غاصبٌ ومكذِّبٌ ومُضطغنٌ ذو إحنَةٍ وتِراتِ
فكيف يُحبّون النبيَّ ورهطَهُ وهم تركوا أحشاءهم وَغِراتِ ؟!
أفاطمُ.. قُومي يا ابنةَ الخير واندُبي نجومَ سماواتٍ بأرضِ فَلاةِ
قبورٌ بكوفانٍ، وأخرى بطيبةٍ، وأخرى بفَخٍّ.. نالَها صَلَواتي
وقبرٌ بأرضِ الجَوزَجانِ مَحِلُّهُ وقبر بباخَمْرى.. لدى الغُرباتِ
وقبر ببغدادٍ لنفسٍ زكيةٍ تَضمّنها الرحمنُ في الغُرُفاتِ
وقبرٌ بطوسٍ.. يا لَها من مُصيبةٍ ألَحَّت على الأحشاءِ بالزَّفَراتِ
إلى الحشرِ.. حتّى يبعثَ اللهُ قائماً يُفرِّجُ عنّا الهمَّ والكُرُباتِ
فأمّا المُمِضّاتُ التي لستُ بالغاً مبالغَها منّي بكُنهِ صفاتِ:
قبورٌ بجنبِ النهرِ من أرضِ كربلا مُعَرَّسُهم فيها بشطِّ فُراتِ
تُوفُّوا عُطاشى بالفراتِ.. فليتَني تُوفِّيتُ فيهم قبلَ حينِ وفاتي
إلى اللهِ أشكو لَوعةً عند ذِكرِهم سَقَتني بكأسِ الثُّكلِ والفَظَعاتِ
أخافُ بأن أزدارَهُم فتَشوقَني مصارعُهم بالجزعِ فالنَّخَلاتِ
تَقسّمَهُم رَيبُ المَنونِ، فما تَرى لهم عُقوة مَغشيّة الحجراتِ
سوى أنّ منهم بالمدينة عُصبةً مدى الدهرِ أنضاءً مِن اللَّزَباتِ
قليلة زُوّارٍ.. سوى بعضِ زُوَّرٍ من الضُّبع والعِقبان والرّخَماتِ
لهم كلَّ يومٍ نَومةٌ بمَضاجِعٍ لهم، في نواحي الأرض مختلِفاتِ
سأبكيهمُ ما حَجَّ للهِ راكبٌ وما ناحَ قُمريٌّ على الشجراتِ
وإنّي لمَولاهم، وقالٍ عدوَّهم وإني لمحزونٌ بطولِ حياتي
أُحبُّ قَصيَّ الرحم من أجل حبّكم وأهجُر فيكم أُسرتي وبناتي
وأكتمُ حُبِّيكُم؛ مخافةَ كاشحٍ عنيدٍ، لأهلِ الحقِّ غيرِ مُواتِ
فياعينُ.. بَكِّيهم وجودي بعَبرةٍ فقد آنَ للتَّسكابِ والهمَلاتِ
لقد خِفتُ في الدنيا وأيامِ سعيها وإنّي لأرجو الأمنَ بعد وفاتي
ألَم تَرَ أنّي مذ ثلاثينَ حجّةً أروحُ وأغدو دائمَ الحسَراتِ ؟!
أرى فَيأهُم في غيرهم مُتَقسَّماً وأيديهمُ من فَيئهم صَفِراتِ
سأبكيهمُ ما ذَرَّ في الأرضِ شارقٌ ونادى مُنادي الخير بالصلواتِ
وما طَلَعت شمسٌ وحانَ غُروبُها وبالليل أبكيهم.. وبالغُدُواتِ
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غدٍ تَقَطَّع نفسي إثرَهُم حَسَراتِ:
خروجُ إمامٍ، لا مَحالةَ خارجٌ يقوم على اسم الله والبركاتِ