أنت هنا: الرئيسية أهل البيت متعلقون آمنة بنت وهب ( سلام الله عليها )
 
 


آمنة بنت وهب ( سلام الله عليها )

البريد الإلكتروني طباعة

آمنة بنت وهب ( سلام الله عليها )
      أم النبي ( صلى الله عليه وآله )

نسبُها :

تندرج ( آمنة بنت وهب ) من أسرة ( آل زهرة ) ذات الشأن العظيم ، فقد كان أبوها ( وهب بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ) سيد بني زهرة شرفا وحسبا . ولم يكن نسب آمنة من جهة أمها ، دون ذلك عراقة وأصالة فهي ابنة ( برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب ) ، فتجمّع في نسب آمنة عِزُّ بني عبد مناف حسب وأصالة .

نشأتُها :

كان منبت السيدة آمنة وصباها في أعز بيئة ، وما لها من مكانة مرموقة من حيث الأصالة والنسب والحسب ، والمجد السامي . فكانت تعرف ( بزهرة قريش ) فهي بنت بني زهرة نسبا وشرفا ، فكانت محشومة ومخبأة من عيون البشر ، حتى إنَّ الرواة كانوا لا يعرفون ملامحها .

فضلُها :

هذه الشخصية العظيمة والأم الجليلة لطالما نقصت المصادر والراويات عنها ، ويمكن تلمس ملامحها من خلال صورة ابنها العظيم الذي آوته أحشاؤها ، وغذاه دمها ، واتصلت حياته بحياتها ، ألا وهو خاتم النبيين محمد ( صلى الله عليه وآله ) . فمن الملوك العرب ، من انتسبوا إلى أمهاتهم : كعمرو بن هند ، وأبوه هو المنذر بن ماء السماء ، وهناك كثير من الشعراء يمدحون كبار الرجال بأمهاتهم .

زواجُها :

جاء ( وهب ) ليخبر ابنته عن طلب عبد المطلب بتزويج آمنة بابنه عبد الله فغمر هذا الخبر المفرح نفسَ آمنة ، وبدأت سيدات آل زهرة تتوافد الواحدة تلو الأخرى لتبارك لآمنة . أطالت آمنة التفكير في فتاها الذي هرع إليها طالباً يدها ، زاهدا في كل أنثى سواها ، فوافقت على طلبه وتزوجا ، واستغرقت الأفراح ثلاثة أيام ، ولكن عيناها ملأتها الدموع لأنها سوف تفارق البيت الذي ترعرعت فيه ، وأدرك عبد الله بما تشعر به ، وقادها إلى رحبة الدار الواسعة . وقيل إن المدة لم تتجاوز عشرة أيام ، لأنه يجب عليه أن يلحق بالقافلة التجارية المسافرة إلى غزة والشام .

وفاةُ عبد الله:

ومرت الأيام وآمنة تشعر بلوعة الفراق ، ولهفة والحنين إلى رؤيته ، حتى إنها فضلت العزلة والاستسلام لذكرياتها مع عبد الله بدلا من أن تكون مع أهلها . ومرت الأيام وشعرت آمنة ببوادر الحمل ، وكان شعورا خفيفا لطيفا ولم تشعر فيه بأية مشقة . وفي هذه الأيام كانت تراودها شكوك في سبب تأخير عبد الله فكانت تواسي نفسها باختلاقها الحجج والأسباب لتأخيره . وجاء الخبر المفزع من ( الحارث بن عبد المطلب ) ليخبر الجميع بأن عبد الله قد مات ، أفزع هذا الخبر آمنة ، فانهلّت عيناها بالدموع وبكت بكاءً مُرّاً على زوجها الغائب ، وحزن أهلها حزنا شديدا على فتى قريش عبد الله ، وانهلت بالنواح عليه وبكت مكة على ذلك الشاب الشجاع القوي .

آمنة أم اليتيم :

نُصحت آمنةُ بالصبر على مصابها الجلل ، الذي لم يكن ليصدق عندها حتى إنها كانت ترفض العزاء في زوجها ، ولبثت مكة وأهلها حوالي شهراً أو أكثر وهي تترقب ماذا سوف يحدث بهذه العروس الأرملة التي استسلمت لأحزانها . وطال بها التفكير بزوجها الغالي عليها ، حتى إنها توصلت للسر العظيم الذي يختفي وراء هذا الجنين اليتيم ، فكانت تعلل السبب فتقول : أن عبد الله لم يفتد من الذبح عبثا ! لقد أمهله الله حتى يودعني هذا الجنين الذي يتقلب في أحشائها . وجاءها المخاض فكانت وحيدة ليس معها أحد ولكنها شعرت بنور يغمرها من كل جانب ، وخيل لها أن ( مريم ابنة عمران ) ، و ( آسية امرأة فرعون ) ، و ( هاجر أم إسماعيل ) كلهنّ بجنبها ، فأحست بالنور الذي انبثق منها ، ومن ثم وضعت وليدها كما تضع كل أنثى من البشر . وهنا اكتملت فرحة آمنة فوليدها بجوارها ، ولم تعد تشعر بالوحدة التي كانت تشعر بها من قبل ، وفرح الناس وفرح الجد عبد المطلب بحفيده وشكر الله على هذه النعمة .

وفاتُها :

حان الوقت التي كانت آمنة تترقبه حيث بلغ نبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) السادسة من عمره بعد العناية الفائقة له من والدته . وظهرت عليه بوادر النضج ، فصحبته إلى أخوال أبيه المقيمين في يثرب لمشاهدة قبر فقيدها الغالي ، وعندما وصلت إلى قبر زوجها عكفت هناك ما يقارب شهرا كاملا ، وهي تنوح وتتذكر الأيام الخوالي التي جمعتها مع زوجها . تعبت آمنة في طريقها بين البلدتين إثر عاصفة حارة وقوية هبت عليهم ، فشعرت آمنة بأن أجلها قد حان فكانت تحس بأنها سوف تموت ، ثم أخذها الموت من بين ذراعي ولدها الصغير وفارقت هذه الدنيا ، وانهلت أعين الطفل بالبكاء بين ذراعي أمه، فهو بعد لا يدرك معنى الموت ، وكان ذلك في سنة ( 576 م ) قبل بعثة النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأربع وثلاثين سنة .