37/08/10
تحمیل
الموضوع: أدلة حجية خبر الواحد ــ آية النبأ.
ملخص ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني(قده) أن المجعول في باب الأمارات حيث انه الطريقية والكاشفية والجامع هو العلم التعبدي فالشارع جعل خبر الثقة علما تعبديا فإذا كان خبر الثقة علما تعبديا فلا مانع من شمول دليل الحجية للأخبار مع الواسطة فإذا اخبر الكليني عن الصفار والصفار عن الإمام فخبر الكليني علم تعبدي بخبر الصفار باعتبار أن خبر الصفار مدلول خبر الكيلني وخبر الصفار علم بقول الإمام.
فالنتيجة ان خبر الكليني علم بقول الإمام فإن العلم بالعلم بشيء علم بذلك الشيء وبما أن خبر الكليني علم بعلم بشيء وهو خبر الصفار فيكون خبر الكليني علم بقول الإمام بمقتضى قاعدة أن العلم بالعلم بشيء علم بذلك الشيء والواسطة وهو العلم ملغي.
وما نحن فيه كذلك فإذا كان خبر الكليني علما تعبديا بمقتضى دليل الحجية فهو يدل على أن خبر الصفار علم تعبدي ومدلول خبر الصفار هو قول الإمام فيكون خبر الكليني هو علم بقول المعصوم (ع) لأن العلم بالعلم بشيء علم بذلك الشيء والواسطة ملغية إذا كانت الواسطة علما كما هو الحال في العلم الوجداني الحقيقي فإن العلم باللازم علم بالملزوم والعلم بالعلة علم بالمعلول وبالعكس والعلم بأحد المتلازمين علم بالملازم الآخر والعلم بالعلم بشيء علم بذلك الشيء ففي العلم الوجداني الحقيقي الأمر واضح وكذلك في العلم التعبدي كالعلم الوجداني من هذه الناحية هذا ملخص ما ذكره مدرسة المحقق النائيني.
ولكن للمناقشة فيه مجال واسع فإن العلم الوجداني علم تكويني خارجي فلا محالة يكون العلم بالعلم بشيء علم بذلك الشيء فإذا فرضنا أن خبر الكليني علم وجداني وخبر الصفار علم وجداني فخبر الكليني علم بالعلم بقول الإمام فالنتيجة أن خبر الكليني علم بقول الإمام فإن العلم الذي يكون واسطة وجوده كالعدم ملحوظ بالمعنى الحرفي وملغي وليس واسطة وكذلك الحال في الظن التكويني فالظن بالظن بشيء ظن بذلك الشيء وكذلك الحال في الشك التكويني فالشك بالشك في شيء شك في ذلك الشيء وهذا أمر وجداني.
وأما العلم التعبدي الاعتباري فليس موجودا في الخارج ولا واقع موضوعي له في الخارج فإنه موجود في عالم الاعتبار والذهن فقط حتى يقال أن العلم التعبدي بالعلم التعبدي بشيء علم تعبدي بذلك الشيء فإن العلم التعبدي علم اعتباري مجرد اعتبار الأمارة علما من الشارع والاعتبار لا واقع له في الخارج إلا في عالم الاعتبار والذهن فقط ومن هنا الاعتبار فعل المعتبر مباشرة ولا يعقل في الأمور الاعتبارية التسبيب والتأثير والتأثر والعلية والمعلولية والسببية والمسببية والتلازم، والملازمات غير متصورة في الأمور الاعتبارية لأن الأمور الاعتبارية قائمة باعتبار المعتبر مباشرة ولا يعقل ان يكون الاعتبار معلول لاعتبار آخر او مسبب عن اعتبار آخر او لازم لاعتبار آخر أو ملزوم لاعتبار آخر كل ذلك لا يتصور في الأمور الاعتبارية لأن الأمور الاعتبارية قائمة باعتبار المعتبر مباشرة فإذا اعتبر المعتبر شيئا فلا يمكن ان يتولد منه اعتبا آخر فهذا غير معقول في الأمر الاعتباري فإن الامر الاعتباري وجوده وعدمه بيد المعتبر فإن اعتبر فقد وجد وإلا لم يوجد في عالم الاعتبار والذهن.
فإذاً الاعتبار فعل مباشر للمولى وصادر منه باختياره ولا تأثير ولا تأثر فيه ولا يعقل فيه التسبيب فكل ذلك غير متصور.
وعلى هذا فإذا فرضنا ان الشارع اعتبر خبر الكليني علما تعبديا فهو علم تعبدي اعتباري وأما في الخارج فلا أثر له. ومن هنا قلنا أن هذا الاعتبار لا يؤثر في طريقية خبر الثقة لا كما ولا كيفيا فإن طريقية أخبار الثقة ذاتية تكوينية والأمر الاعتباري يستحيل أن يؤثر في الأمور التكوينية فيستحيل تأثير التشريع في التكوين لأن التشريع أمر اعتباري.
وعلى هذا فإذا شمل دليل حجية أخبار الثقة ــ بمعنى الطريقية والعلم التعبدي ــ لخبر الكليني فهل يكون مدلوله ثبوت قول المعصوم(ع) ؟
والجواب: ان مدلوله ليس قول المعصوم بل مدلوله خبر الصفار وحينئذ فإن كان مدلوله ذات خبر الصفار فالعلم التعبدي بذات خبر الصفار لا يكون منجزا ولا معذرا لأن خبر الصفار في نفسه ليس حكما شرعيا ولا موضوعا لحكم شرعي حتى يكون قابلا للتنجز.
فإذاً العلم التعبدي بذات خبر الصفار لا يؤثر في تنجيزه وتعذيره لأنه غير قابل للتعذير والتنجيز باعتبار أن ذات خبر الصفار ليس بأثر شرعي ولا موضوع لأثر شرعي ولهذا يكون غير قابل للتنجز . بل لو تعلق بذات خبر الصفار العلم الوجداني بدون العلم بحجيته فلا يكون ذا أثر فضلا عن العلم التعبدي.
فإذاً مدلول خبر الكليني هو ذات خبر الصفار وذات خبر الصفار بما أنه ليس بحكم شرعي ولا موضوع لحكم شرعي فلا يكون العلم التعبدي به منجزا ولا أثر له بل العلم الوجداني به لا يكون مؤثرا فضلا عن العلم التعبدي.
وإن كان المراد من مدلول خبر الكليني خبر الصفار بما أنه حجة فإن مدلول خبر الكليني بما أنه حجة وبما أن له أثرا شرعيا المتمثل في حجيته فعندئذ يلزم المحذور المتقدم وهو اتحاد الحكم مع الموضوع او تقدم الحكم على الموضوع.
فالنتيجة ان ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني لا يمكن المساعدة عليه. لأن العلم التعبدي الاعتباري لا وجود له في الخارج فإذا اخبر الشيخ عليه الرحمة عن المفيد والمفيد أخبر عن الصفار والصفار أخبر عن الإمام(ع) فمدلول خبر الشيخ هو خبر المفيد فإن كان مدلوله ذات خبر المفيد فلا يكون خبر الشيخ مؤثرا فيه وإن كان علما تعبديا اعتباريا من قبل الشارع ولكن لا يؤثر فيه لأن ذات خبر المفيد ليس حكما شرعيا في نفسه ولا موضوعا لحكم شرعي ولهذا غير قابل للتنجز فعندئذ لا أثر للعلم التعبدي بذات خبر المفيد بل لا أثر للعلم الوجداني الحقيقي بذات خبر المفيد لأنه غير قابل للتنجز طالما لم يكن ذا أثر شرعيا في نفسه ولا موضوعا للأثر الشرعي، وكذلك خبر الصفار فإن المفيد أخبر عن الصفار فخبر الصفار مدلول لخبر المفيد وفرضنا ان خبر المفيد علم تعبدي اعتباري تعلق بخبر الصفار ولكن خبر الصفار بما انه ليس بحكم شرعي ولا موضوع لحكم شرعي فلا يكون تعلق العلم التعبدي به مؤثرا في تنجيزه او تعذيره لأنه غير قابل للتنجيز او التعذير.
وأما إذا كان مدلول خبر المفيد خبر الصفار بما هو حجة لزم المحذور السابق وهو اتحاد الحكم مع الموضوع او تقدم الحكم على الموضوع.
فمن أجل ذلك ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني(قده) لا يمكن المساعدة عليه فلا فرق بين هذا المسلك في باب حجية الأخبار وبين سائر المسالك من هذه الناحية فكما أن سائر المسالك لا يمكن ان تدفع الإشكال كذلك هذا المسلك لا يمكن ان يدفع الإشكال الوارد على الأخبار مع الواسطة.
ثم أن المحقق النائيني(قده) قد أورد[1] إشكالا آخر على الأخبار مع الواسطة. وحاصله:
أن دليل الاعتبار لو شمل الأخبار مع الواسطة لزم اتحاد الحاكم مع المحكوم وهو مستحيل فإن دليل الاعتبار إذا شمل خبر الكليني فحجية خبر الكليني منقحة لموضوع حجية خبر الصفار وعندئذ يلزم اتحاد الحاكم مع المحكوم فإن حجية خبر الكليني حاكمة وحجية خبر الصفار محكومة فيلزم اتحاد الحاكم مع المحكوم فإن حجية خبر الصفار نفس حجية خبر الكليني وهو مستحيل. فإنه لا يمكن اتحاد دليل المحكوم مع دليل الحاكم إذ دليل الحاكم غير دليل المحكوم ودليل الحاكم رافع لموضوع الدليل المحكوم في مقام الإثبات وهو من احد موارد الجمع الدلالي العرفي.
والجواب عن هذا الإشكال: هو ان هذا ليس إشكالا جديدا بل نفس الإشكال المتقدم ولكن قد يعبر عنه باتحاد الحكم مع الموضوع وقد يعبر عنه باتحاد الحاكم مع المحكوم وهما شيء واحد والاختلاف إنما هو في التعبير.
فالنتيجة ان ما ذكره المحقق النائيني لا يمكن المساعدة عليه.