38/06/27
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
38/06/27
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الأصول العمليّة / الأصول العملية/ الاستصحاب
الرواية الثالثة التي يُستدل بها على الاستصحاب هي أيضاً صحيحة أخرى لزرارة، وهي موجودة في الكافي[1] وفي التهذيب[2] وفي الاستبصار[3] ، وقد نقلها الشيخ صاحب الوسائل(قدّس سرّه) عن الكافي [4] . يقول: ورواه الشيخ بأسناده، عن محمد بن يعقوب أيضاً، فالشيخ الطوسي(قدّس سرّه) يرويها عن الكافي في التهذيبين .
(عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن محمد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة). السند تام، حتى إذا شككنا في محمد بن اسماعيل وقلنا: لم يثبت كونه ثقة، يكفينا الرواية عن علي بن إبراهيم؛ لأنّ الشيخ الكليني يرويها، عن كلٍ من علي بن إبراهيم، ومحمد بن إسماعيل . فالرواية تامّة سنداً بلا إشكال. صاحب الوسائل(قدّس سرّه) لا يذكر الحديث بتمامه، لكن في الباب الحادي عشر من أبواب الخلل الواقع في الصلاة يذكر صدر الحديث، قال:
(قلت له: من لم يدرِ في أربعٍ هو أم في ثنتين، وقد أحرز الثنتين ؟ قال: يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب، ويتشهد ولا شيء عليه). هذا مورد سؤال زرارة، وكان هو عن الشك بين الأثنين والأربعة، وأجابه الإمام(عليه السلام) بما ذكرناه. بعد ذلك الإمام(عليه السلام) هو يتبرّع بذكر فرعٍ آخر لم يسأل عنه زرارة، (قال: وإذا لم يدرِ في ثلاثٍ هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث، قام فأضاف إليها أخرى ولا شيء عليه ولا ينقض اليقين بالشك ولا يُدخل الشك في اليقين ولا يخلط أحدهما بالآخر، ولكنه ينقض الشك باليقين ويتم على اليقين ولا يعتدّ بالشك في حالٍ من الحالات).
بالنسبة إلى مورد سؤال زرارة هو الشك بين الأثنين والأربعة، الإمام(عليه السلام) أجابه بـأنه يضيف ركعتين أخريين، وليس هناك تصريح في الرواية بأن هاتين الركعتين اللّتين أمر بهما الإمام(عليه السلام) لعلاج الشك بأنهما مفصولتين كما هو مقتضى الفتوى وكما هو مقتضى البناء على الأكثر في هذا الباب المتفق عليه عندنا أنه يجب البناء على الأكثر، ويأتي بركعتين مفصولتين، وفائدة هاتين الركعتين المفصولتين هو ما أشارت إليه الروايات الكثيرة من أنّه يأتي بالركعة المفصولة، على تقدير النقصان تكون هذه الركعة متممّة، ولا يضر الفصل بالتشهد والتسليم، وإن كان قد جاء بالصلاة تامّة؛ فحينئذٍ تحسب هذه نافلة، وبذلك يحرز الواقع على كل حال . البناء عند فقهائنا على ذلك. الإمام(عليه السلام) لم يصرّح في الكلام بأنّ الركعتين مفصولتان كما هو مقتضى البناء على الأكثر الذي هو مذهب الإمامية، لكن ذُكرت بعض القرائن، ومنها ما ذكره الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه) على أنّ المراد بالركعتين في هذا الفرع هما الركعتان المنفصلتان، وهذه القرينة هي قوله بفاتحة الكتاب، (قام فأضاف إليها ركعتين وأربع سجدات بفاتحة الكتاب). الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه) يقول لا وجه لذلك لو كانت الركعتان متصلتين كما يقول العامّة من أنه يجب عند الشك بين الأثنين والأربع، يجب أن يصلي ركعتين متصلتين؛ لوضوح أته في الركعتين الأخيرتين المتصلتين لا يجب على المكلف عندنا القراءة بفاتحة الكتاب؛ بل هو مخيّر بين فاتحة الكتاب وبين التسبيحات الأربع، فإيجاب أن يأتي بفاتحة الكتاب في هاتين الركعتين المأمور بهما يكون قرينة على أنّ المراد بهما الركعتان المفصولتان لا الركعتان الموصولتان بما بيده من الصلاة . [5]
هذا في الحقيقة ليس هو محل الاستشهاد بهذه الرواية، وإنّما محل الاستدلال بالرواية هو ما ذكره الإمام(عليه السلام) في جواب الفرع الآخر الذي تبرّع به الإمام(عليه السلام)، حيث ذكر فرع الشك بين الثلاث والأربع، وقد أجاب الإمام(عليه السلام) بهذا الجواب، قال: (قام، فأضاف إليها ركعة أخرى، ولا شيء عليه ولا ينقض اليقين بالشك ولا يدخل الشك في اليقين....). الى آخر العبارات المتعاطفة المتكررة التي لا تخلو من إلفات نظر إلى أنه شيء عجيب أن يُبيّن هذا الشيء بهذه العبارات المتعاطفة المتكرّرة. والاستدلال بالرواية يكون بقوله: (ولا ينقض اليقين بالشك).
الاستدلال بهذه الفقرة من الصحيحة على الاستصحاب مبني في الحقيقة على أحد محتملات هذه الفقرة، وإلاّ على المحتملات الأخرى كما سنبين لا يصح الاستدلال بهذه الفقرة وهذه الرواية على الاستصحاب، وإنّما تكون الرواية ناظرة إلى شيءٍ آخر لا علاقة له بالاستصحاب. الاحتمالات في فقرة(لا ينقض اليقين بالشك) وباقي العبارات المعطوفة عليها.
الاحتمالات المهمة في المقام ثلاثة:
الاحتمال الأول: الذي يقتضي تنزيل هذه الفقرة على الاستصحاب، وبالتالي صحّة الاستدلال بهذه الصحيحة على الاستصحاب. هذا الاحتمال يقول: أنّ المراد باليقين الذي نهى الإمام(عليه السلام) المكلف عن نقضه بالشك هو اليقين بعدم الإتيان بالركعة الرابعة، لا إشكال أنّ المكلف قبل أن يشك في أنه هل هي الركعة الرابعة، أو الثالثة ؟ كان لديه يقين بعدم الإتيان بالركعة الرابعة، والمراد بالشك في قوله: (لا تنقض اليقين بالشك) هو الشك في الإتيان بالركعة الرابعة. وبناءً على هذا، حيث أنّ المكلف متيقن بعدم الإتيان بالركعة الرابعة ويشك في ذلك، في هذه الحال أمره الإمام(عليه السلام) أن لا ينقض اليقين بعدم الإتيان بالركعة الرابعة بالشك في الإتيان بها، وإنّما عليه أن يبني على اليقين السابق، ومقتضى البناء على اليقين السابق أن يقوم ويضيف إليها ركعة أخرى. هذا الاحتمال مبني كما قلنا على أن يكون المقصود باليقين هو اليقين بعدم الإتيان بالركعة الرابعة الموجود قطعاً والشك هو الشك المفروض أيضاً في المسألة وهو الشك في أنه جاء بالركعة الرابعة ، أو أنه لم يأتِ بها. يقول له: يجب عليك البناء على اليقين السابق وعدم نقضه بهذا الشك، وهو مفاد الاستصحاب.
الاحتمال الثاني: أن يكون المقصود باليقين السابق ليس هو اليقين بعدم الإتيان بالركعة الرابعة، وإنّما يكون المقصود باليقين هو اليقين بالفراغ، ويكون المقصود بالشك هو أيضاً الشك في الفراغ، كأنّ الإمام(عليه السلام) بناءً على هذا الاحتمال يريد أن يشير إلى قاعدة اليقين في مقام تحصيل الفراغ، المعبّر عنه بـــ(أصالة الاشتغال) أنّ الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، فلابدّ من تحصيل اليقين بالفراغ وعدم الاكتفاء باحتمال الفراغ والشك فيه، فهي إشارة إلى ما يحكم به العقل من الاشتغال وأنّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، معنى ذلك أنه لابدّ من تحصيل اليقين بالفراغ ولا يُكتفى باحتمال الفراغ؛ بل لابدّ من تحصيل اليقين بالفراغ، وهو الذي علّمه الإمام(عليه السلام) يقول: قام، فأضاف إليها ركعة أخرى ولا يرفع يدّه عن هذا اليقين بأن يكتفي بالشك وباحتمال الفراغ، وبهذا تكون الرواية أجنبية عن الاستصحاب وليست ناظرة إليه.
هذا الاحتمال فيه مخالفة لظاهر الرواية من جهات:
الجهة الأولى: أنّ الصحيحة فيها ظهور في وجود يقينٍ وشكٍ بالفعل والرواية تقول: لا يجوز نقض هذا اليقين بالشك، فظاهر الرواية الفراغ عن وجود يقينٍ فعلي وشكٍ فعلي، وإنما هي تريد أن تنهى عن نقض هذا اليقين بالشك، فإذن: لابدّ من افتراض وجود يقينٍ بالفعل وشكٍ بالفعل عند المكلّف والرواية تنهى عن نقض هذا اليقين بهذا الشك. هذا الظهور لا ينسجم مع هذا الاحتمال، باعتبار أنّه إذا كان المراد باليقين هو اليقين بالفراغ، فهذا اليقين ليس موجوداً بالفعل، لم يُفرض في الرواية وجود اليقين بالفراغ، وإنّما يُطلب من المكلّف تحصيل هذا اليقين بالفراغ لا أنه يُفرض وجوده ويُفرغ عن وجوده ويُنهى عن نقضه بالشك المفروض وجوده أيضاً، وإنما يُطلب من المكلف تحصيل هذا اليقين بالفراغ لا أنه يُفرض وجوده ويُفرغ عنه ويُنهى عن نقضه بالشك المفروض وجوده أيضاً، وإنما يُطلب من المكلف أن يسعى لتحصيل اليقين بالفراغ، يُطلب منه أن يقوم ويضيف إليها ركعة أخرى حتى يحصل على اليقين بفراغ الذمّة. هذا خلاف ظاهر الرواية، الرواية ظاهرة في وجود يقين ووجود شك والنهي عن أن يكون الشك ناقضاً لهذا اليقين، بينما هذا الاحتمال ظاهره أنّ اليقين ليس مفروض الوجود، لم يُفرغ عن وجوده، وإنما يُطلب من المكلف تحصيله، فمن هنا يكون هذا الاحتمال فيه مخالفة لهذا الظاهر.
من جهة أخرى: النقض نفسه لا يصدق، أو يصعب افتراض صدقه بناءً على الاحتمال الثاني، بخلاف الاحتمال الأول، وذلك باعتبار أنه لو فرضنا أنّ المكلف لم يكن بنائه أن يحصّل اليقين بالفراغ، وكان بنائه على الاكتفاء باحتمال الفراغ، في هذه الحالة لا يُعدّ ما يصنعه نقضاً لليقين بتحصيل الفراغ، وإنما هو نقض للقاعدة التي تأمره بتحصيل اليقين بالفراغ، هو نقض تلك القاعدة وذاك الأمر الذي أمره بتحصيل اليقين بالفراغ ولم يعتنِ به وصار بناؤه أن يكتفي باحتمال الفراغ، ليس هذا نقضاً لليقين بالفراغ، ليس لليقين بالفراغ وجود حتى يكون له متطلبات ويكون البناء على الاكتفاء باحتمال الفراغ نقضاً له، وهذا بخلاف الاحتمال الأول، النقض صادق بوضوح على الشك، والشك حينئذٍ يعتبر ناقضاً لليقين، فيُنهى عن نقض اليقين بالشك، اليقين بعدم الإتيان بالركعة الرابعة ينقضه الشك والاعتناء بالشك وترتيب آثار الشك، فإذا فرضنا أنه رتّب آثار الشك وصار بناؤه أن يعتني بالشك ولا يعتني باليقين ويكتفي بما صلاّه ولا يقوم ويضيف إليها أخرى، هذا يعتبر نقضاً ليقينه بعدم الإتيان بالركعة الرابعة، فصدق النقض بناءً على الاحتمال الثاني يكون غير واضح، بخلاف صدقه على الاحتمال الأول.
الاحتمال الثالث: أن يكون المراد من اليقين هو المتيقن، يعني متعلّق اليقين، وبعبارة أخرى: المراد به الركعات الثلاث المتيقنة ــــــــ بحسب الفرض ــــــــ لأنه على يقين من الإتيان بثلاث ركعات، وإنّما يشك في أنه جاء بالرابعة، أو لم يأتِ بها، فيكون المقصود باليقين هو المتيقن، ومقتضى ذلك أن يكون المقصود بالشك هو أيضاً المشكوك؛ وحينئذٍ يكون المراد بالعبارة هو أنّ هذا الشخص يُنهى عن يبطل المتيقن من صلاته بسبب الشك، فهو نهي عن إبطال ما تيقنه الذي هو صلاة ثلاث ركعات بالشك الذي عرض له بالنسبة إلى الركعة الرابعة، في قبال من يرى أنّ هذا الشك يكون موجباً لبطلان ما تقدّم، هناك رأي يقول إذا شك بين الثالثة والرابعة فأنه يوجب بطلان ما صلاّه، أي بطلان الركعات الثلاث التي هو على يقين من إتيانها. هذه الرواية تقول لا داعي لأن يبطل ما تيقنه من الركعات بمجرّد الشك في أنه جاء بالرابعة، أو لم يأتِ بالرابعة، فـــ(لا تنقض)، بمعنى لا تبطل الركعات الثلاثة المتيقنة بمجرّد الشك في الإتيان بالرابعة.
هذا الاحتمال أيضاً فيه مخالفة للظهور، وذلك من جهات:
الجهة الأولى: أنّ أصل إرادة المتيقن من اليقين هو خلاف الظاهر، وكذلك أن يكون المقصود بالشك هو متعلّق الشك، يعني المشكوك، هذا بنفسه خلاف الظاهر لا يُصار إليه إلاّ بقرينة واضحة.
الجهة الثانية: في قوله(عليه السلام): (ولا ينقض اليقين بالشك، ولا يُدخل الشك في اليقين.....) فيه ظهور في أنّ الإمام(عليه السلام) ساق هذه العبارات في مقام الاستدلال على الحكم الذي ذكره قبل ذلك؛ لأنّه ذكر فرعاً على وجه التبرّع وهو الشك بين الثلاث والأربع وبيّن حكمه وهو(قام فأضاف إليها ركعة أخرى ولا شيء عليه). العبارات التي جاءت بعد ذلك(لا تنقض اليقين بالشك، ولا تدخل الشك في اليقين......الخ). ظاهراً أنها مسوقة لغرض الاستدلال على الحكم الذي ذُكر في ما قبلها(قام، فأضاف إليها ركعة أخرى ولا شيء عليه) إذا كان المقصود بهذه العبارات ما ذُكر في الاحتمال الثالث الذي هو أنّ المقصود بــ(لا تنقض اليقين بالشك) هو لا تُبطل الركعات الثلاث المتيقنة بالشك كما ذهب إليه ـــــــ مثلاً ـــــــ بعض العامّة، أنه بمجرد الشك، قالوا بطلت الركعات الثلاث المتيقنة. هذا ليس استدلالاً على الحكم المذكور قبلها، فبناءً على الاحتمال الثالث كأنه قال: قام، فأضاف إليها ركعة أخرى ولا شيء عليه، ولا يُبطل الركعات الثلاثة بمجرّد الشك. هذا ليس استدلالاً، هذا حكم تعبّدي صرف ليس مسوقاً مساق الاستدلال على حكمٍ آخر، وإنما هو حكم في حدّ نفسه، أنّه لا يجوز إبطال الركعات المتيقنة بمجرّد الشك؛ بل يجب البناء على الركعات المتيقنة، هذا حكم شرعي تعبّدي لا يناسب ظهور الرواية في أنّ هذه الفقرات سيقت لغرض الاستدلال على الحكم الموجود قبلها؛ بل قد يقال: بناءً على الاحتمال الثالث وهو عدم إبطال الركعات الثلاث المتيقنة، هذا يُفهم من نفس الحكم الذي ذُكر قبل ذلك. يعني أنّ الإمام(عليه السلام) عندما قال قبل ذلك: (قام) يعني يجب عليه أن يقوم ويضيف إليها ركعة أخرى. هذا معناه أنه أعتد بالركعات الثلاثة المتيقنة وعدم جواز إبطالها، لكن حيث تشك في أنّك جئت بالرابعة، أو لا؛ حينئذٍ عليك أن تقوم فتضيف إليها أخرى، فإذا قلنا أنّ المراد بالعبارات(لا تنقض اليقين بالشك) هو عدم جواز إبطال الركعات الثلاثة المتيقنة بالشك، هذا كأنه يلزم منه شيء من التكرار، هذا يُفهم من نفس جواب الإمام(عليه السلام) السابق والمخالف لظهور الرواية في أنه مسوق مساق الاستدلال على الحكم الموجود قبل ذلك.
ومن هنا يمكن أن يقال: أنّ أقرب الوجوه التي ذكرناها وأصحها وما يمكن أن تُنزّل عليه الرواية هو الوجه الأول الذي معناه الاستصحاب، أنه يجري استصحاب عدم الإتيان بالركعة الرابعة؛ لتوفر أركان الاستصحاب فيه من اليقين السابق والشك اللاحق، وهذا كلّه مفروض في نفس الرواية.
بالرغم من ذلك اعتُرض على الاحتمال الأول باعتراضات:
الاعتراض الأول: لنفترض أننا استطعنا أن ننزّل الرواية على الاستصحاب، لكن هذا لا ينفعنا في الاستدلال بها على الاستصحاب كقاعدة كلّية تنطبق على هذا المورد في الرواية وعلى غيره، وذلك باعتبار أنّ الرواية ليس فيها ما يشير إلى كبروية هذه القاعدة، كلّها قضايا مرتبطة بمورد السؤال(قام)، (فأضاف إليها أخرى)، فاعل قام هو الشخص الشاك بين الثلاث والأربع. ومن هنا قد يقال: أنّ الرواية ليس فقط لا يمكن تعميمها إلى غير الشك في الركعات؛ بل لا يمكن تعميمها حتى إلى غير الشك بين الثلاث والأربع، هي مختصة بموردها الذي هو الشك بين الثلاث والأربع، وتعميمها إلى غير ذلك من أفراد الشك في الركعات صعب، فضلاً عن تعميمها إلى غير موارد الشك في الركعات؛ لأنّه ليس هناك عموم تعليل في الرواية كما في الروايات السابقة حتى نستكشف من عموم التعليل كبروية القاعدة، ليس واضحاً أنّ الألف واللام في هذه العبارة للجنس حتى نقول هذا يشير إلى جنس اليقين ويقول جنس اليقين لا ينقض بجنس الشك حتى يُستفاد منها كبروية القاعدة، هذه كلّها أمور غير موجودة هنا، الضمائر كلّها ترجع إلى الشاك بين الثلاث والأربع، يقول: هذا الشاك بين الثلاث والأربع يقوم فيضيف إليها أخرى ولا ينقض يقينه بالشك ولا يُدخِل الشك في اليقين ........الخ. ومن هنا لا يمكن الاستدلال بهذه الرواية إلاّ على استصحابٍ مختصٍ بمورد الرواية ولا يجوز التعدّي من هذا المورد إلى غيره من الموارد.
تعرّض السيد الخوئي(قدّس سرّه) إلى هذا الاعتراض وأجاب عنه بهذا الجواب: هو في البداية سلّم الاعتراض وقال: أنّ الاعتراض واردٌ، وليس في الرواية ما يُستفاد منه التعميم، لكن في ذيل الرواية هناك ما يمكن أن يُستفاد منه التعميم، بعد هذه الحمل المتعاطفة في آخرها ذكر هذه العبارة (ولا يعتدّ بالشك في حالٍ من الحالات). يقول: أنّ هذه قرينة على عدم الاختصاص وأنّ الشك لا يجوز نقض اليقين به في حالٍ من الحالات بلا اختصاص بشيءٍ دون شيءٍ، الشك لا يُنقض به اليقين في أيّ حالٍ من الحالات؛ فلا يختص حينئذٍ بشيء دون شيءٍ، لا يختص بالشك بين الركعة الثالثة والرابعة في مقابل الشك بين الاثنين والأربعة، أو في مقابل الشك في طهارة الثوب أو نجاسته، في شيءٍ من الأشياء، في حالةٍ من الحالات لا يجوز جعل الشك ناقضاً لليقين، فكأنه يُفهم منها أنّ هذه من صفات ذات الشك وذات اليقين، أنّ ذات الشك لا يمكن أن يكون ناقضاً لليقين، فيُستفاد منها كبروية القاعدة من هذه العبارة التي ذكرها. [6]