34/12/24


تحمیل
الموضوع : الصوم : ضروريات الدين
ذكرنا الاعتراض الثاني للمحقق الهمداني الذي طوره ورتبه السيد الحكيم وذكرنا الملاحظة الاولى عليه ويمكن ذكرها بصياغة اخرى غير التي ذكرناها في الدرس السابق .
وهي ان عنوان الكبيرة الوارد في هذه الطائفة من الروايات اذا اريد به ما هو المعروف وما توعد الله عليه بالنار في كتابه او في السنة القطعية فأن الكبائر التي هي من هذا القبيل تكون من الضروريات كالربا ,والظاهر ان اصل حرمة الربا من دون تفاصيل من ضروريات الدين , فلا يبعد ان الكبائر بهذا التفسير تكون من ضروريات الدين , واذا ناقشنا في ذلك وقلنا اننا لا نتقيد بتفسير الكبيرة بما ذكر , وانما هي ذكرت بأمور كثيرة جدا ليست من هذا القبيل وليست في هذا الوضوح والبداهة من قبيل حرمة الربا وحرمة الزنا وقتل النفس المحترمة , فأن الرسائل العملية ذكرت من الكبائر ما ليس بهذا الوضوح من قبيل هذه الامور , وحينئذ نقول لا يضر المستدل بهذه الروايات بل غايته انه سوف يثبت الكفر والخروج عن الاسلام في دائرة اوسع من انكار الضروريات بمعنى ان الكبائر قد تكون من الضروريات وقد لا تكون, والروايات تدل على ان انكار الكبائر يوجب الخروج عن الاسلام فهي تشمل محل الكلام بأن انكار الكبيرة الضرورية يوجب الخروج عن الاسلام .
الملاحظة الثانية: التي ذكرها السيد الخوئي (قد) في مقام الجواب عما ذكره السيد الحكيم وحاصل ما ذكره هو ان الامر لا يدور بين التقييد بالضروريات او التقييد بصورة العلم كما ذكر السيد الحكيم حيث انه ذكر ان الاطلاق لا يمكن التمسك به اصلا , وحيث لا يمكن التمسك بالإطلاق فلا بد من الالتزام بالتقييد وهو يدور بين امرين اما ان نقيد الكفر بأنكار الضروريات فيثبت مطلوب المستدل, او نقيدها بصورة العلم فلا يثبت مطلوب المستدل , لأنه عند التقييد بصورة العلم يكون الانكار موجبا للكفر لا لخصوصية الضروري وانما بأعتبار ان ذلك يستلزم تكذيب الرسول وهذا على خلاف مطلوب القائل بالقول الاول هذا ما ذكره السيد الحكيم .
السيد الخوئي يجيبه ان الامر لا يدور بين هذين التقييدين وانما مقتضى هذا الكلام هو ان نأخذ بالإطلاق بعد ان اعترفنا ان الروايات مطلقة الى ان يجبرنا شيء على رفع اليد عن الاطلاق فالصورة التي لا يمكن الالتزام بها بالكفر نرفع اليد فيها عن الاطلاق, اما فيما عدا هذه الصورة فأن الاطلاق يبقى على حاله , فالصورة التي لا يمكن الالتزام بها بالكفر _ كما ذكر السيد الحكيم _ نرفع اليد عن الاطلاق , والصورة التي لا يمكن الالتزام فيها بالكفر والاخذ بالإطلاق هي صورة الانكار مع الجهل القصوري, فأن الحكم بالكفر لمثل هذه الصورة يستلزم الحكم بكفر المجتهد الذي ادى اجتهاده الى انكار حكم , وكان هذا الحكم ثابت عند الاخرين او في الواقع , واما في باقي الصور فلابد من الاخذ بالإطلاق أي ان انكار الكبيرة سواء كان ضروريا او غير ضروري , عن جهل او عن علم , يوجب الالتزام بالإطلاق .
الاعتراض الثالث: على الاستدلال بهذه الروايات هو ما قيل ان هذه الروايات ظاهرة في دخل الارتكاب الفعلي للكبيرة في الحكم بالكفر , أي ان الحكم بالكفر ليس مرتبا على الاستحلال فقط, وانما على الاستحلال مع ارتكاب الكبيرة لأن الامام عليه السلام يقول في الرواية من ارتكب كبيرة فزعم انها حلال , فلا يصح الاستدلال بها على ان الانكار بدون الارتكاب موجب للكفر .
واجيب عنه ان الظاهر من الرواية ان مناط الحكم _ الخروج عن الاسلام _هو الاستحلال وان الارتكاب من غير الاستحلال يوجب الخروج عن الايمان واما الخروج عن الاسلام فهو يترتب على ما زاد على ذلك.
ولا يبعد ان مناسبات الحكم والموضوع ايضا تساعد على ذلك بأعتبار ان الكفر عادة لا يترتب على الفعل الخارجي وانما يترتب على الانكار والاستحلال ومثل هذه الامور.
الاعتراض الرابع : وهو ما ذكره السيد الشهيد (قد) حيث قال (ومن الواضح اختصاص الرواية بمن تنجزت عليه الحرمة، بقرينة العقاب ولفظة الارتكاب . وعليه فلا يستفاد من الرواية كفر من أنكر الضروري لشبهة أوجبت غفلته عنه مع إيمانه الإجمالي بالرسالة )[1]
اقول يمكن تأييد هذا الاعتراض بالمقابلة الملحوظة في الروايات بين قوله عليه السلام في صحيحة عبدالله بن سنان فأن كان معترفا بأنه اذنب ( وهذا مختص بصورة العلم ) وفي مقابله قوله عليه السلام من ارتكب كبيرة وزعم انه حلال فأن هذه المقابلة قد تُجعل قرينة على ان العلم اُخذ في كلا القسمين وانما اختلفا بأنه في القسم الاول لم يزعم المرتكب انها حلال, بينما في الثاني زعم انها حلال وهذه المقابلة يمكن جعلها قرينة على ان الحكم بالكفر مختص بصورة العلم.