35/04/09


تحمیل
الموضوع : الصوم : مسألة 12
ذكر السيد الخوئي (قد) دليلا اخر[1] [2]على كفاية تجديد النية قبل الزوال ,وهو التمسك بالروايات الواردة في الصوم المندوب والصوم الواجب في قضاء شهر رمضان, فهي قد تشمل محل الكلام , ثم يشكل عليه ويقول ان الموضوع متعدد فكلامنا في الناسي والجاهل في شهر رمضان , وتلك الادلة وان دلت على جواز التأخير الا ان ذلك في مواردها (الصوم المندوب والصوم القضاء ), فلا يمكن التمسك بها في محل الكلام .
والتعليق على هذا الكلام هو ان الاستدلال بهذه الروايات اذا كان بهذا الشكل, فالاشكال واضح , لعدم امكان التعدي من مورد الروايات (الصوم المندوب والقضاء ) الى محل الكلام ( صوم شهر رمضان ).
لكن قد يصاغ هذا الدليل بصياغة اخرى لا يرد عليه ما ذكر وهو ان يقال بأننا نستفيد _ كما يستفاد من كلمات المحقق الهمداني وامثاله_ من تعدد الموارد التي حكم فيها الشارع بالصحة واكتفى فيها بتجديد النية قبل الزوال ,ان تبييت النية,والنية من حين طلوع الفجر ليس مأخوذا في طبيعي الصوم وانما يكفي فيه النية في الجملة , ولو كانت قبل الزوال.
فكأنه يفرق بين الحكمين الوضعي والتكليفي , فمن جهة الحكم التكليفي يجب على المكلف الامساك من حين طلوع الفجر , ومن جهة الحكم الوضعي يكتفى بالامساك من حين الزوال ويصحح له صومه بشرط عدم تناول المفطر , وهذه الخصوصية ثابتة لطبيعي الصوم فتعمم لجميع افراده , وبهذا البيان لا يرد على هذا الدليل ما اورده السيد الخوئي (قد) .
ولكن يرد على هذا الكلام محذور الالتزام به_اي بجواز تأخير النية في شهر رمضان الى ما قبل الزوال _ حتى في صورة العلم والعمد , وهذا لا يلتزم به احد الا ما نقل عن بعضهم , هذا من جهة , ومن جهة اخرى ان هذه الموارد من الصعب الغاء خصوصياتها وتعميم الحكم المذكور فيها لجميع انواع الصوم , فهذه الموارد يوجد لها جامع وهو العذر الشرعي فالسفر عذر شرعي وليس عقليا والمرض عذر شرعي وليس عقليا بل حتى في باب الندب وفي باب الواجب غير المعين فالبعض يفهم ان هذه توسعة من قبل الشارع ونوع من الارفاق بالمكلف وعلى هذا الفهم لا يمكن التعدي الى النسيان والجهل اللذان هما من الاعذار العقلية لا الشرعية . هذا اخر الكلام في نية الصوم في شهر رمضان
والحصيلة اننا نلتزم بعدم الصحة ووجوب القضاء في حالة الترك العمدي على نحو الفتوى , اما في حالة الترك نسيانا او جهلا فنلتزم بذلك احتياطا .
هذا كله في شهر رمضان واما الواجب المعين في غير شهر رمضان (كما يلتزم البعض في من ينام عن صلاة العشاء بوجوب الكفارة عليه وهي صوم اليوم التالي وكذلك في القضاء المضيق والنذر المضيق ) .
فالتفصيل الذي جرى في شهر رمضان نسب الى المشهور فيه* فيلتزمون بالبطلان في صورة العلم والعمد وبالصحة والاجزاء في صورة الجهل والنسيان.
والذي تبين مما تقدم ان القاعدة تقتضي النية من حين طلوع الفجر الى حين الغروب , ولا يجوز تأخيرها عن اول اوقات الواجب ولا نرفع اليد عن هذه القاعدة الا اذا دل الدليل على خلاف ذلك , ومن هنا قد يقال بأن الدليل دل على الصحة في الصوم القضائي بأعتباره من افراد الواجب المعين عندما يتضيق , والدليل هو عبارة عن روايتين صحيحتين لعبدالرحمن بن الحجاج .

الرواية الاولى «عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان، ولم يكن نوى ذلك من الليل، قال : نعم ليصمه وليعتد به إذا لم يكن أحدث شيئا[3]
فمورد الرواية هو قضاء شهر رمضان
وسندها : عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير عن عبدالرحمن بن الحجاج وهو معتبر بكلا طريقيه
والرواية الثانية «عبدالرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن الرجل يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم من شهر رمضان أله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار ؟ فقال : نعم له أن يصومه ويعتد به من شهر رمضان[4]
والرواية صريحة في جواز الاعتداد في الصوم الذي لا توجد فيه نية عند طلوع الفجر .
وسندها: الشيخ الطوسي بأسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن علي بن السندي عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج وهذا الطريق معتبر بناء على اعتبار علي بن السندي كما هو الاظهر, ولها طريق اخر معتبر وهو الشيخ الطوسي عن علي بن محمد بن محبوب عن معاوية بن حكيم عن صفوان عن عبدالرحمن بن الحجاج.
والاستدلال بهاتين الروايتين بأطلاقهما لعدم اختصاصهما بالواجب الموسع بل هما بأطلاقهما تشملان الموسع والمضيق
نعم ذكر[5] في كلمات البعض ومنهم السيد الخوئي (قد) ان الرواية الاولى بالخصوص فيها عبارة (يبدو له ) وهذه العبارة فيها ظهور في القضاء الموسع لأن هذا التعبير يفهم منه ان المكلف له ان يختار الصوم او يختار عدمه , وهذا الاختيار انما يتحقق في القضاء الموسع لا المضيق .
لكن هذا يمكن التأمل فيه فأن الصحيحة الثانية ليس فيها عبارة (يبدو له ) فلتكن الصحيحة الاولى مختصة بالقضاء الموسع فهي ليست فيها مفهوم لينفي ذلك في القضاء المضيق فيمكن التمسك بالصحيحة الثانية لشمولها الواجب المضيق .
مضافا الى ان هذا التعبير (يبدو له ) لا يفهم منه اكثر من ان الرجل لم يكن ناويا للصوم قبل ذلك , ومن هنا يظهر ان الانصاف عدم اختصاص الرواية في الواجب الموسع .
لكن هذا الاطلاق قد يوقفنا من جهة اخرى , لأن هذا الاطلاق يلزم منه ثبوت هذا الحكم لصورة العلم والعمد لعدم وجود ما يشير فيهما الى الاختصاص بصورة النسيان او الجهل , بل لعل كون الرواية في صورة العلم والعمد اظهر منها في صورة الجهل والنسيان .
واستدل[6] السيد الخوئي (قد) تبعا للمحقق الهمداني (قد) على التفصيل _بين صورة العلم والعمد وصورة الجهل والنسيان _المنسوب الى المشهور في محل الكلام (الواجب المعين ) , بما دل على الصحة وكفاية النية قبل الزوال في الواجب غير المعين _كما سيأتي _ قالوا ان الدليل الذي يدل على الصحة في الواجب غير المعين يدل بالاولولية على الصحة في محل الكلام .
وذكر السيد الخوئي بأن هذا يجري في الصوم عندما يكون له صنفان , كما هو الحال في القضاء والنذر ينقسم كل منهما الى معين وغير معين , فعندما يرد دليل على الاجزاء في الواجب الموسع فأنه يدل بالاولولية القطعية على الاجزاء في الواجب المضيق , لأنه لما كان مجزيا في الواجب الذي يمكن الامتثال فيه في فرد اخر واكتفى الشارع منه بالفرد الناقص , فبطريق اولى يثبت في الفرد الذي لا يمكن امتثاله في فرد اخر .