38/05/07


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- زكاة الفطرة.

الى هنا قد تبين ان موثقة اسحاق ابن عمار مطلقة وبإطلاقها تشمل جميع حالات التردد أي تردد فطرة واحدة بين العوائل سواء أكان العوائل مركبة من الصغار ام كان كلها من الكبار فان قوله (عليه السلام) في ذيل هذه الموثقة ((يترددونها بيهم)) فانه مطلق يشمل التردد بينهم سواء أكان التردد بعنوان ولاية الاب ام كان بعنوان ان الواجب عليه زكاة العوائل اما ان زكاة العوائل واجبة عليه من الصغار والكبار ام انها مستحبة ام كان ترددها بينهم بشكل اخر فيشمل جميع حالات التردد ، اذن لا فرق من هذه الناحية ولا مانع من التمسك بإطلاقها وعلى هذا فلا اشكال في المقام.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 5): يكره تملك ما دفعه زكاة وجوبا أو ندبا، سواء تملكه صدقة أو غيرها على ما مر في زكاة المال)[1] .

وقد جاء في صحيحة منصور ابن حازم قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : إذا تصدق الرجل بصدقة لم يحل له أن يشتريها ولا يستوهبها ولا يستردها إلا في ميراث)[2] .

فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على عدم جواز الشراء تكليفا ووضعا ، فان قوله (لا يحل) ظاهر في ان شراء ما تصدق به بعنوان زكاة المال او زكاة الفطرة غير صحيح وغير جائز.

ولكن الالتزام بذلك مشكل فانه لا يلتزم الفقهاء بذلك أي بعدم صحة الشراء وضعا وعدم جواز الشراء تكليفا.

وقد ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) ان عدم الوجوب وعدم الجواز من جهة انه لو لم يكن جائزا شرعا ولم يكن الشراء صحيحا لاشتهر بين الناس فان المسالة محل الابتلاء في جميع العصور في عصر الائمة (عليهم السلام) وفي هذه العصور ، فلو كان شراء زكاته غير جائز وغير صحيح لاشتهر بين الناس مع انه لم يقل به احد مع ظهور هذه الرواية في عدم جواز الشراء ، ولكن لم يقل به احد لا من المتقدمين ولا من المتاخرين رغم ان المسالة محل الابتلاء مع ان جميع الفقهاء يفتون بجواز الشراء غاية الامر انه مكروه لا انه غير جائز.

وقد ورد في رواية سليمان ابن خالد ان من تصدق بصدقة فهو اولى بشرائها ، فاذا باع الفقير الزكاة التي اخذها من زيد فزيد اولى بشرائها ، ولكن الرواية ضعيفة من ناحية السند ولا باس بالتأييد بها.

النتيجة ان حرمة الشراء وعدم جواز الشراء اثباته مشكل جدا ، والصحيح ما ذكره السد الاستاذ (قدس الله نفسه) من انه لا يمكن الالتزام بعدم جواز الشراء بل هو مكروه كما هو المشهور والمعروف بن الاصحاب.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 6): المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد جامعا للشرائط، فلو جن أو أغمي عليه أو صار فقيرا قبل الغروب ولو بلحظة بل أو مقارنا للغروب لم تجب عليه ، كما أنه لو اجتمعت الشرائط بعد فقدها قبله أو مقارنا له وجبت كما لو بلغ الصبي أو زال جنونه ولو الأدواري، أو أفاق من الإغماء أو ملك ما يصير به غنيا أو تحرر وصار غنيا، أو أسلم الكافر فإنها تجب عليهم، ولو كان البلوغ أو العقل أو الإسلام مثلا بعد الغروب لم تجب نعم يستحب إخراجها إذا كان ذلك بعد الغروب إلى ما قبل الزوال من يوم العيد)[3] .

زكاة الفطرة انما تجب اذا كان واجدا للشرائط ـــ كونه غنيا وبالغا وعاقلا ولم يكن مغمى عليه ــــ مقارنا للغروب او قبل الغروب بلحظة وبآن فانه تجب عليه زكاة الفطرة ، هذا هو المشهور بين الاصحاب ، وكذا الماتن (قدس الله نفسه) قد بنى على ذلك ، وقد استدل على ذلك بوجوه.

الوجه الاول:- الاجماع والتسالم بين الاصحاب فان المسالة إجماعية ولابد ان يكون المكلف واجداً للشروط اما مقارنا للغروب او قبل الغروب بآن ، أما اذا كان فاقدا للشروط قبل الغروب كما لو صار مجنونا او صار فقيرا بان تلفت امواله بآفة سماوية او أرضية فلا تجب عليه زكاة الفطرة ، اذن ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) موافق للمشهور وقد ادعي عليه الاجماع.

ولكن ذكرنا غير مرة انه لا يمكن الاعتماد على الاجماع فان الاجماع في نفسه لا يكون حجة وحجيته منوطة بوصول الاجماع الينا من زمن اصحاب الائمة (عليهم السلام) حتى يكون ممضى من قبل الشارع فحينئذ يكون حجة ، ولكن لا طريق لنا الى ذلك ، اذن لا يمكن الاستدلال بالاجماع.

مضافا الى احتمال ان هذا الاجماع مدركي وليس اجماعا تعبديا فمن اجل ذلك ايضا لا يمكن الاعتماد على هذا الاجماع.

الوجه الثاني:- ان زكاة الفطرة كزكاة المال فكما ان في زكاة المال يجب ان يكون المكلف واجدا للشروط حين تعلق الزكاة بان يكون بالغا عاقلا ولم يكن مغمى عليه اذا قلنا بان عدم الاغماء شرط ، واما اذا لم يكن واجدا للشروط حين تعلق الزكاة ولكنه كان واجدا للشروط بعد التعلق فلا تجب عليه الزكاة ، وكذا فيما يعتبر فيه الحول لابد ان يكون واجدا للشروط في تمام الحول فلو كان فاقدا للشروط في اثناء الحول فلا تجب عليه الزكاة ، وما نحن فيه كذلك فانَّ ما نحن فيه وقت تعلق زكاة الفطرة هو وقت الغروب ليلة العيد فانه وقت تعلق وجوب زكاة الفطرة فاذا كان المكلف واجدا لشروط تعلق زكاة الفطرة وجب عليه زكاة الفطرة ، اما اذا كان فاقدا للشروط في وقت الغروب مقارنا للغروب فلا تجب عليه زكاة الفطرة.

ولكن الظاهر ان قياس زكاة الفطرة بزكاة المال قياس مع الفارق ، فان في زكاة المال وقت الوجوب هو وقت تعلق الزكاة بالاعيان ، مثلا الزكاة تعلقت اذا انعقدت حبة الحنطة وفي هذا الحين لابد ان يكون المكلف واجدا للشروط والا فخطاب الزكاة لا يشمله فان الخطاب بإيتاء الزكاة انما تحقق بتحقق وقت تعلق الزكاة وفي هذا الحال لابد ان يكون المكلف واجدا للشروط حتى يكون هذا الخطاب موجه اليه واذا لم يكن في هذا الوقت واجدا للشروط فلا يكون الخطاب موجها اليه ، وبعد هذا الوقت اذا كان واجدا للشروط فلا يشمله خطاب ايتاء الزكاة فاذا لم يشمله حدوثا لم يشمله بقاء وفي زكاة المال الامر كذاك ، واما في زكاة الفطرة وقت التعلق موسع من غروب ليلة العيد الى قبل صلاة العيد او الى زوال الشمس فان هذا الوقت كله وقت تعلق زكاة الفطرة فاذا كان المكلف واجدا للشروط في اثناء الليل او في الفجر او قبل الصلاة العيد تعلق به الزكاة ، فان وقت تعلق الزكاة موسع باعتبار ان زكاة الفطرة وجوبها وجوب تكلفي وليس وجوبا ماليا , واما زكاة المال فالزكاة تعلقت بالمال لكن التكليف موجه الى المكلف ومن الواضح ان تعلق الزكاة بالمال في ان وفي وقت واحد ولا يتصور ان يكون وقته متسعا.

واما في المقام وجوب زكاة الفطرة موجه الى المكلف لذا وقته موسع من غروب الشمس الى قبل صلاة العيد او الى زوال الشمس ، من هذه الناحية بينهما فرق ولا يمكن قياس المقام بزكاة المال.

الوجه الثالث:- ان هنا روايتين ولكن مورد هاتين الروايتين هو المولود يولد في ليلة الفطرة والكافر اسلم في ليلة الفطرة دون سائر الشرائط فهل يمكن التعدي من موردهما الى سائر الشرائط او لا؟ نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.