35/05/21


تحمیل
الموضوع : الصوم : النية : مسألة 17
ويرد على ما ذكره السيد الخوئي _ من ان صوم يوم الشك بنية رمضان على نحو الجزم فرد نادر وان الروايات تُحمل على الفرد المتعارف وهو الذي سماه (قد) (الامتثال الاحتمالي) _ ان هذه الندرة غير واضحة لنكتتين
الاولى : من الممكن افتراض البناء على ما اشتهر, ووردت فيه روايات والتزم به بعض فقهاءنا فضلا عن غيرنا من ان شهر شعبان ناقص دائما وان شهر رمضان تام دائما , ونتيجة ذلك الصوم في هذا اليوم على نحو الجزم بأنه من رمضان ويمكن افتراض ان الروايات تنظر الى هذا الامر ولا اشكال في ذلك .
الثانية : يمكن افتراض _ كما ذكر بعض المحققين _ ان المكلف يبني على عدم صحة العبادة الا على فرض الاتيان بها على نحو الجزم .
وبناء على هذا الكلام لا يتم الدليل الرابع_ التمسك بالروايات الناهية _ على البطلان لعدم تمامية الاطلاق فيها , ولعدم تمامية اختصاصها في محل الكلام كما ادعاه السيد الخوئي .
ومن هنا قد يقال لم يتم شيء من الادلة الاربعة على اثبات بطلان الصوم عند الترديد في النية .
بل يمكن ان يقال بصحة الاستدلال على صحة الصوم مع الترديد في النية وذلك بأحد امرين :
الاول : ان يدعى ان هذا هو مقتضى القاعدة في المقام لما تقدم من ان المعتبر في صحة الصوم في شهر رمضان هو الامساك عن المفطرات على نحو قربي وهذا حاصل في محل الكلام ( اي مع الترديد في النية) , وعليه فلا موجب للحكم بالبطلان, بعد فرض تحقق ما هو المعتبر في صحة الصوم , اما الترديد في النية فأنه لا ينافي ما هو المعتبر في صحة الصوم , نعم هو ينافي قصد الوجه ( الوجوب , الندب) فيعتبر الجزم بالنية عند من اشترط قصد الوجه , ولكن تقدم ان قصد الوجه غير معتبر في صحة الصوم بأتفاق المتأخرين .
الثاني : ان من الحالات المتعارفة في صوم المكلف يوم الشك , هي ان يصومه على نحو الترديد , بخلاف نية الصوم على نحو الجزم سواء كان على انه من رمضان او على انه من شعبان , فأنها ليست الحالة المتعارفة , فهي بالقياس الى غيرها حالة نادرة , نعم هي بحد نفسها ليست نادرة , فلا مانع من وجود روايات تنهى عن الصوم بنية الجزم على انه من رمضان وتختص به , لكن هذا لا يمنع من ان تكون حالة الترديد في النية حالة متعارفة .
وهذه الحالة لا تدخل في الروايات الناهية عن صوم يوم الشك بنية رمضان لأننا استظهرنا ان الروايات الناهية واردة في الصوم بنية الجزم .
بل ان هذه الحالة ( الترديد) تدخل في ادلة الاجزاء .
بيان ذلك
ادلة الاجزاء على نحوين:-
الاول: ما كان موضوعها صوم يوم الشك من قبيل صحيحة سعيد الاعرج ( اليوم الذي يشك فيه ..... قال هو يوم وفقت له )[1]
صحيحة معاوية بن وهب (قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان فيكون كذلك، فقال : هو شيء وفق له)[2]
وهذا النحو من الروايات يشمل محل الكلام بالإطلاق بلا اشكال لأن موضوع الحكم للإجزاء هو (صوم يوم الشك) وهذا صوم كذلك اي (يوم الشك) .
النحو الثاني: ما كان من قبيل ما ورد في موثقة سماعة (إنما يصام يوم الشك من شعبان )[3] فموضوع الاجزاء هو( صوم يوم الشك من شعبان ) , وهكذا قوله عليه السلام _ في نفس الرواية _(وإنما ينوي من الليلة أنه يصوم من شعبان)
وقد يقال ان هذا الموضوع الوارد في هذه الروايات يشمل محل الكلام اي ان المكلف المتردد في النية يصدق عليه انه صام يوما من شعبان ويمكن الاستدلال بهذه الروايات على صحة الصوم في محل الكلام وذلك اولا لأن الفقهاء ومنهم السيد الخوئي ذكروا ان الحصر في هذه الروايات حصر اضافي وان المقصود هو ان لا يصومه بنية شهر رمضان فيكون موضوع الاجزاء ليس هو ان يصومه بينة شعبان لكي يرد التشكيك بمحل الكلام وانما الموضوع هو (ان لا يصومه بنية رمضان) وهذا كذلك , لأن المفهوم من الصوم بنية رمضان هو الجزم وليس الترديد.
ثانيا : ان هذه الرواية تشمل الحالة المتعارفة وهي الصوم على نحو الترديد .
والعمدة هو النكتة الاولى كما ذكرنا
يبدو ان الذي يظهر من مجموع هذا الكلام وفاقا لمن تقدم ذكرهم كالشيخ الطوسي في بعض كتبه وغيره وكثير من المحققين المتأخرين منهم السيد الحكيم في المستمسك[4] , ان الاقرب هو الحكم بصحة الصوم مع الترديد في النية .
هذا الكلام في الوجه الثالث اما ( الامتثال الاحتمالي ) الذي قلنا ان يصلح ان يكون وجها خامسا فيظهر مما تقدم انه تثبت به الصحة ايضا , بل هو اولى بالصحة ,لأن امتثال الاحتمال في كل العبادات يكون صحيحا بلا اشكال , نعم في هذا المورد ادعى السيد الخوئي وجود الخصوصية المانعة من الصحة , وقلنا عدم صحة هذه الدعوى , فالإتيان بالفعل لإحتمال ان يكون مطلوبا من ارقى انواع العبادة والتقرب , فلا اشكال في صحة الفعل واجزاءه .