36/03/12


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, الثامن , البقاء على الجنابة عمدا , مسألة 50 (الادلة على وثاقة ابراهيم بن ميمون)
الرابع : رواية الاجلاء عنه ويدّعى ان رواية الاجلاء عن شخص يدل على توثيقه والصغرى متحققة في المقام , لأنه روى عنه مجموعة من الاجلاء _ كما ذكروا_ امثال (عبدالله بن مسكان وحماد وسيف بن عميرة ومعاوية بن عمار وغيرهم ) وهذا الدليل يعتمد على كبرى وهي ان رواية الاجلاء عن شخص تدل على وثاقته, لكن هذا محل كلام فأن رواية الاجلاء عن شخص لا تدل على ذلك فقد ثبت رواية كثير من الاجلاء عن اشخاص ثبت ضعفهم وليس هناك مشكلة في ذلك , نعم هناك مشكلة في الرواية عن اشخاص واضحين الضعف , وكذلك تكون مشكلة في اكثار الرواية عن الضعفاء , ومنه قد يقال بأن اكثار الرواية عن شخص من قبل الاجلاء ان فيه دلالة على توثيقه , لكن صغرى هذه الكبرى (الاكثار) غير متحققة في محل الكلام فأن روايات هؤلاء الاجلاء عن ابراهيم بن ميمون غير كثيرة .
الخامس: رواية في الكافي (وبإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان قال : بعثت بمسألة إلى أبي عبدالله ( عليه السلام ) مع إبراهيم بن ميمون، قلت : تسأله عن الرجل يبول فيصيب فخذه قدر نكتة من بوله فيصلي ويذكر بعد ذلك أنه لم يغسلها ؟ قال : يغسلها ويعيد صلاته)[1]
وهذه الرواية تختلف عما نقلناها عن الكشي حيث لم يكن هناك السؤال شفهيا بل يظهر ان الاسئلة كامت مكاتبة كما تقدم؛ اما في المقام فأن الظاهر من هذه الرواية ان السؤال كان شفهيا ثم ان الامام عليه السلام اجابه عن ذلك شفهيا ايضا , وحينئذ لا اشكال في دلالة هذه الرواية على توثيقه لولا ضعف سندها بمحمد بن سنان لأنه لم يثبت توثيقه , لكن الرواية تبقى مؤيدة لأصل المطلب(الاعتماد على الرواية التي وردت عن طريقه).
وعلى فرض العجز عن وثاقة ابراهيم بن ميمون فأن نفس الرواية التي نقلها ( في محل الكلام) ذكرها المشايخ الثلاثة وهذا يكشف عن كونها مشهورة ومعروفة في الاصول الاساسية التي تعتبر مصادر للمشايخ الثلاثة وهو قد يوجب حصول نوع من الاطمئنان والوثوق بصدورها , فإذا اضفنا الى ذلك هذه الامور المذكورة في مقام الاستدلال على وثاقة ابراهيم بن ميمون وكلها تعتبر قرائن على صدور هذه الرواية بالخصوص وان لم تحصل وثاقته .
ومع ذلك فأن لم تتم هذه الرواية يكفي في الاستدلال على القول الاول صحيحةُ الحلبي .
القول الثاني : ودليله مرسلة الشيخ الصدوق وهي غير تامة من جهة الارسال والمهم فيه انه غير مختلف عن القول الاول بناء على ان غسل الجمعة يجزي عن غسل الجنابة , بل ان الرواية المرسلة تُذكر في عداد النصوص الدالة على القول الاول (وجوب القضاء المطلق).
القول الثالث: والادلة عليه متعددة:-
الاول : الاصل أي ان الاصل عند الشك في وجوب القضاء هو عدم القضاء .
الثاني : اُستدل بحديث الرفع لأن من جملة الامور المرفوعة النسيان , فيرفع عنه وجوب القضاء عند نسيان غسل الجنابة .
الثالث: اُستدل بما دل على عدم وجوب القضاء على من نام جنبا حتى اصبح ( كما في النومة الاولى مثلا) .
الرابع : ما دل _ على حصر المفطرية بما عدا مورد الكلام (نسيان غسل الجنابة) كصحيحة زرارة ( لا يضر الصائم ........اذا اجتنب ثلاث ).
الخامس : ان المفطرات انما توجب المفطرية ا ذا صدرت على وجه العمد (كما سيأتي تحقيقه ان شاء الله ) .
السادس : رواية تدل على وجوب القضاء.
اما بالنسبة الى الدليل الاول (الاصل) والخامس ( عموم اعتبار العمد في المفطرية ) فأنهما لا يقاومان صحيحة الحلبي الدالة على وجوب القضاء, لتقدم الصحيحة عليهما بالتخصيص او بغيره , فلا معنى للاستدلال بالأصل مع وجود دليل يدل على وجوب القضاء, فأن النوبة لا تصل الى الاصل مع وجود الدليل الاجتهادي ؛ وهكذا الحال في عموم ما دل على المفطرية اذا صدرت على وجه العمد فأنه وان وجد عموم من هذا القبيل الا انه ليس عموما لا يقبل التخصيص وغير قابل لرفع اليد عنه بمقدار ما يدل عليه الدليل , وعليه فيمكن رفع اليد عنه في محل الكلام لقيام الدليل على بطلان الصوم مع عدم العمد , لأن الدليل (صحيحة الحلبي) هو الذي يقول بوجوب قضاء الصوم مع النسيان .
واما الدليل الثاني (حديث الرفع) فأنه ترد عليه ملاحظات:-
الاولى: انه قابل للتخصيص فأنه وان سلمنا بالرفع في حال النسيان لكن يمكن القول بعدم الرفع في هذا المورد لقيام الدليل على ذلك.
الثانية : ان مفاد حديث الرفعِ رفعُ المؤاخذة والعقاب وهذا يستلزم رفع الحكم التكليفي كما تكرر على الالسنة (ان الحديث مفاده الرفع لا الوضع) فلا يستفاد من حديث الرفع الحكم بصحة الصوم الناقص الذي جاء به المكلف في حالة النسيان على نحو لا تترتب عليه الاعادة والقضاء .
الثالثة : ان تطبيق حديث الرفع على مورد يحتاج الى ان يثبت عندنا بدليل ان هذا الحكم ثابت بالإطلاق لمورد النسيان وشامل بأطلاقه لمورد النسيان , لكي يأتي حديث الرفع فيكون مقدما عليه وحاكما عليه (لأن حديث الرفع حاكم على ادلة الاحكام الواقعية) , وكل ذلك فرع وجود دليل يدل على وجوب القضاء مطلقا ( أي حتى في صورة النسيان ) لكي يأتي حديث الرفع ليرفع هذا الحكم في صورة النسيان ؛ وهذا غير موجود في محل الكلام فنحن لا نملك دليلا يدل على وجوب القضاء بقول مطلق .
واما الدليل الرابع (الاستدلال بحصر المفطرات بغير النوم على الجنابة ناسيا) فأن هذا الاستدلال تقدم ما فيه وقلنا ان الاقرب فيه ان الحصر فيه حصر اضافي أي انه حصر بالإضافة الى الافعال الخارجية الحدوثية من قبيل الاكل والشرب والارتماس , وليس ناظرا الى ما كان مبطلا للصوم لأستمراره كما في البقاء على الجنابة حيث انه مانع من الصوم لكن لا لحدوثه وانما هو حدث سابقا , واستمراره وعدم رفع المكلف له بالاغتسال اوجب بطلان الصوم , وكون الحديث ناظرا الى هذا النوع من المبطلات والموانع بعد فرض تلبسه بالصوم حيث انه يقول ( لا يضر الصائم ...) والبقاء على الجنابة يمنع من الصوم قبل تلبسه به , فالحديث لا يشمل هذا النوع من المبطلات والموانع وغير ناظر الى محل الكلام (كون الرجل اجنب ونسي الغسل حتى مرت عليه ايام ) فأنه ليس من قبيل الاكل والشرب والارتماس.
اما الدليل الثالث وهو الاستدلال (بما دل على عدم وجوب القضاء على من نام جنبا حتى اصبح ( كما في النومة الاولى مثلا)) , حيث قالوا بأن هذه الادلة تدل على عدم وجوب القضاء فتكون معارضة لصحيحة الحلبي الدالة على وجوب القضاء , وقد تقدمت بعض الروايات من هذا القبيل وكان مفادها ان من نام جنبا (كما في النومة الاولى) حتى اصبح لا يجب عليه القضاء .
والتعارض بين هذه النصوص وبين صحيحة الحلبي هو انها تشمل بأطلاقها محل الكلام (النوم ناسيا) حيث انها تقول (من نام) اعم من ان يكون ناسيا للغسل او ملتفتا له .
كما ان صحيحة الحلبي تشمل الناسي _ سواء كان نائما او غير نائم _ بأطلاقها فيكون بينها وبين تلك النصوص عموم وخصوص من وجه .
ومادة الاجتماع ( النائم الناسي) فبأعتبار كونه نائما تحكم الروايات بعدم وجوب القضاء عليه وبأعتبار كونه ناسيا تحكم صحيحة الحلبي بوجوب القضاء عليه .
وتفترق نصوص النوم بالنائم الملتفت وتفترق صحيحة الحلبي بالناسي غير النائم .
ولا ترجيح في مادة الاجتماع فيتساقطان وبالتالي لا يصح الاستدلال بصحيحة الحلبي على وجوب القضاء في (الناسي النائم ).
ويلاحظ على هذا الاستدلال امران :-
الاول: على فرض تسليم التعارض المذكور_ وسيأتي اننا لا نسلم به _ فالترجيح لصحيحة الحلبي ؛ والسر في ذلك ان ترجيح نصوص النوم يستوجب ادخال مادة الاجتماع (النائم الناسي) فيها أي يحكم بعدم وجوب القضاء عليه , وهذا يعني ان صحيحة الحلبي سوف تختص (بالناسي غير النائم ) وهو لا يجوز لأنه حمل للصحيحة على الفرد النادر وهو يجعل الصحيحة بحكم الاخص وان لم تكن هي الاخص .
وهذه القاعدة مطردة في جميع الموارد وهي :
(عندما يتعارض دليلان في مادة الاجتماع ويكون اخراج مادة الاجتماع من احد الدليلين مستلزما لبقاء هذا الدليل بلا مورد او مورد نادر فأنه يوجب ترجيحه وتقديمه على الدليل الاخر).
وهذا الامر غير موجود عند ترجيح صحيحة الحلبي فأن ادخال مادة الاجتماع ( النائم الناسي) فيها يجعل نصوص النوم مختصة (بالنائم الملتفت) وهو ليس فردا نادرا , فلا يلزم منه اختصاص نصوص النوم بالفرد النادر .