36/07/10


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل يكره للصائم امور .....)
قال الماتن
(الثاني عشر : المضمضة عبثا، وكذا إدخال شيء آخر في الفم لا لغرض صحيح [1](.
والظاهر كما نبه بعض الفقهاء أن اثبات ذلك( كراهة المضمضة عبثاً) بالدليل لا يخلو من صعوبة, بأعتبار أن الروايات التي ترتبط بباب المضمضة مختلفة ومن هذه الروايات:
رواية حماد، عمن ذكره (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في الصائم يتمضمض ويستنشق ؟ قال : نعم، ولكن لا يبالغ .)[2]
وسندها مرسل وبقطع النظر عنه يكون السند تاماً.
ومن جهة الدلالة أن غاية ما يستفاد منها هو أن النهي الوارد فها هو نهي عن المبالغة في المضمضة, وهذا غير العنوان الذي ذكره السيد الماتن(المضمضة عبثاً).
فالذي يستفاد من هذه الرواية على فرض تمامية سندها هو كراهة المبالغة في المضمضة وليس العنوان الذي ذكره في المتن.

ورواية يونس (قال : الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء، وإن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه ( فليس عليه شيء ) وقد تم صومه، وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة، والافضل للصائم أن لا يتمضمض .)[3]
وليس معلوماً بأن هذه رواية عن الائمة عليهم السلام, وقد ذكر صاحب الجواهر وغيره انها من فتاوى يونس _فهو لديه فتاوى تنقل عنه _ مع أن فيها سهل بن زياد.
ومحل الشاهد فيها ما قاله في الذيل (والافضل للصائم أن لا يتمضمض) والذي يستفاد من هذه العبارة هو استحباب عدم المضمضة للصائم وليس كراهة المضمضة, وعليه فإذا تمضمض يكون قد ترك الافضل (المستحب) لا أنه ارتكب مكروهاً, مضافاً إلى ذلك فأن عنوان العبث غير مذكور فيها فعلى فرض استفادة الكراهة منها فأنه يكون في مطلق المضمضة لا خصوص المضمضة العبثية.
وموثقة عمار الساباطي (قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم ؟ قال : ليس عليه شيء إذا لم يتعمد ذلك، قلت : فان تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء ؟ قال : ليس عليه شيء، قلت : فان تمضمض الثالثة قال : فقال قد أساء، ليس عليه شيء ولا قضاء )[4]
والشاهد في ذيل الرواية (فقال قد أساء، ليس عليه شيء ولا قضاء) فقد يستفاد من قوله قد اساء الكراهة وحينئذ تكون الرواية دالة عليها, ولكن مقتضى الرواية أن تكون الكراهة ثابتة للمضمضة الثالثة بعد اثنتين دخل الماء في كل منهما صدفة في حلقه.
وحينئذ لا تكون استفادة الكراهة من الرواية تامة.

ورواية زيد الشحام (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في الصائم يتمضمض، قال : لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات)[5]
وليس فيه دلالة على كراهة المضمضة وإنما هي بصدد الارشاد إلى الخوف من دخول شيء في جوفه من هذه المضمضة فيحتاط بأن يبزق ثلاث مرات, هذا مضافاً إلى انها ضعيفة سنداً بأبي جميلة.
ثم قال
(وكذا إدخال شيء آخر في الفم لا لغرض صحيح )
ويمكن تفسير ذلك بالعبث ايضاً أي لا يوجد اثر عقلائي يترتب على ادخال ذلك الشيء في فمه, وهذا ايضاً لا يوجد دليل يثبت الكراهة فيه, نعم ورد في فقه الرضا ( عليه السلام ) : (واحذر السواك من الرطب، وإدخال الماء في فيك للتلذذ، في غير وضوء، فإن دخل [ منه ] شيء في حلقك فقد أفطرت وعليك القضاء)[6]
حيث ورد فيه التحذير وقد يفهم منه كراهة ادخال الماء في الفم لغير الوضوء, ولكن لا يستفاد منه كراهة المضمضة من غير وضوء ولا كراهة ادخال شيء آخر في فمه لا لغرض صحيح, اللهم الا أن يدّعى بأن ذلك يفهم بالأولوية وتنقيح المناط, بأنه اذا ثبت كراهة المضمضة التي هي عبارة عن ادخال الماء في الفم للتلذذ لا لغرض صحيح, يفهم التعدي إلى غيره فيكون مكروهاً ايضاً.
نعم الذي يمكن أن يقال هو استفادة ذلك من الروايات السابقة _معتبرة الحسن بن راشد الاولى والثانية _ بناءً على تعميم العلة(لأنه لذة ويكره للصائم أن يتلذذ) وهذا يشمل ادخال الماء وغيره إلى الفم للتلذذ.
لكن ذلك لا يشمل كراهة المضمضة الا في حال افتراض ا لتلذذ بها.
قال الماتن
(الثالث عشر : إنشاد الشعر ولا يبعد اختصاصه بغير المراثي، أو المشتمل على المطالب الحقة من دون إغراق، أو مدح الأئمة ( عليهم السلام وإن كان يظهر من بعض الأخبار التعميم (.

وقد وردت روايات مختلفة في هذا الباب من جملتها ما دل على كراهة انشاد الشعر للصائم مطلقاً (في شهر رمضان وفي غيره وفي الليل والنهار سواء كان شعر حق أو غير حق) من هذه الروايات:
معتبرة حماد ابن عثمان (قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : تكره رواية الشعر للصائم وللمحرم، وفي الحرم، وفي يوم الجمعة، وأن يروى بالليل، قال : قلت : وإن كان شعر حق ؟ قال : وإن كان شعر حق .)[7]
وفيها اطلاق يشمل جميع هذه الحالات.
ورواية حماد بن عثمان وغيره (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : لا ينشد الشعر بليل، ولا ينشد في شهر رمضان بليل ولا نهار، فقال له إسماعيل : يا أبتاه فانه فينا ؟ قال : وإن كان فينا)[8]
ولا يضر وجود (غيره) في الاسناد لأنه معطوف على حماد بن عثمان.
وفيها اطلاق يشمل ما كان في حق وما كان في غير ذلك وما كان في الليل وما كان في النهار بالنسبة إلى الصائم في رمضان.
وفي المقابل هناك رواية قد يفهم منها اختصاص الكراهة بغير مراثي الائمة عليهم السلام.
الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب ( الآداب الدينية ) عن خلف بن حماد (قال : قلت للرضا عليه السلام : إن أصحابنا يروون عن آبائك عليهم السلام إن الشعر ليلة الجمعة ويوم الجمعة وفي شهر رمضان وفي الليل مكروه وقد هممت أن أرثي أبا الحسن عليه السلام وهذا شهر رمضان، فقال لي ارث أبا الحسن في ليلة الجمعة، وفي شهر رمضان وفي الليل، وفي سائر الأيام، فإن الله يكافئك على ذلك)[9]

ويلاحظ على هذه الرواية اولاً انها مرسلة فالشيخ الطبرسي يرسلها عن خلف بن حماد وثانياً لا يمكن الاستفادة من الرواية كراهة انشاد الشعر وروايته كما هو العنوان المذكور في المتن, لأنها تتكلم إلى انشاء الشعر فهي تقول (وقد هممت أن أرثي أبا الحسن عليه السلام) وهذا يعني نظم الشعر وانشاءه, ويمكن أن يكون انشاء الشعر ليس فيه كراهة وان كانت موجودة في انشاده حتى في المراثي.
والعمدة هو أن الرواية غير تامة سنداً والصناعة تقتضي العمل بالروايتين الصحيحتين المتقدمتين (أي الالتزام بالكراهة مطلقاً).
نعم قد يقال_ كما نُقل عن صاحب الحدائق بأنه يقول بأن الاصحاب لم يذكروا الشعر في مكروهات الصيام وان من ذكره منهم خصه بما اذا كان في الاشعار الدنيوية_ بأن هناك اعراض من الاصحاب عن هاتين الروايتين.
لكن قلنا بأن مقتضى الصناعة هو الالتزام بالصحيحتين المتقدمتين.
قال الماتن
الرابع عشر : الجدال والمراء وأذى الخادم والمسارعة إلى الحلف ونحو ذلك من المحرمات والمكروهات في غير حال الصوم فإنه يشتد حرمتها أو كراهتها حاله.
فكل محرم من المحرمات اذا جاء به في حال الصوم تشتد حرمته وكذلك اذا كان مكروهاً تشتد كراهته.
ومسألة الجدال والمراء وردت في كثير من الروايات منها
رواية جراح المدايني (قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : إذا أصبحت صائما فليصم سمعك وبصرك عن الحرام، وجارحتك وجميع أعضائك عن القبيح، ودع عنك الهذي وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصائم، وألزم ما استطعت من الصمت والسكوت إلا عن ذكر الله، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك، وإياك والمباشرة والقبل والقهقهة بالضحك فان الله يمقت ذلك)[10]
ورواية جراح المدايني (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده إنما للصوم شرط يحتاج أن يحفظ حتى يتم الصوم، وهو الصمت الداخل، أما تسمع قول مريم بنت عمران، ﴿ اني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا [11]يعنى صمتا، فاذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، وغضوا أبصاركم، ولا تنازعوا ولا تحاسدوا ولا تغتابوا ولا تماروا ولا تكذبوا ولا تباشروا ولا تخالفوا ولا تغاضبوا ولا تسابوا ولا تشاتموا ولا تنابزوا ولا تجادلوا ولا تبادوا ولا تظلموا ولا تسافهوا ولا تزاجروا ولا تغفلوا عن ذكر الله وعن الصلاة وألزموا الصمت والسكوت والحلم والصبر والصدق ومجانبة أهل الشر، واجتنبوا قول الزور والكذب والفراء والخصومة وظن السوء والغيبة والنميمة، وكونوا مشرفين على الآخرة منتظرين لأيامكم، منتظرين لما وعدكم الله متزودين للقاء الله، وعليكم السكينة والوقار والخشوع والخضوع وذل العبد الخائف من مولاه، راجين خائفين راغبين راهبين قد طهرتم القلوب من العيوب وتقدست سرائركم من الخب، ونظفت الجسم من القاذورات، وتبرأت إلى الله من عداه وواليت الله في صومك بالصمت من جميع الجهات مما قد نهاك الله عنه في السر والعلانية، وخشيت الله حق خشيته في السر والعلانية، ووهبت نفسك لله في أيام صومك، وفرغت قلبك له، ونصبت قلبك له فيما أمرك ودعاك اليه، فاذا فعلت ذلك كله فأنت صائم لله بحقيقة صومه صانع لما أمرك، وكلما نقصت منها شيئا مما بينت لك فقد نقص من صومك بمقدار ذلك ـ إلى أن قال : ـ إن الصوم ليس من الطعام والشراب، إنما جعل الله ذلك حجابا مما سواها من الفواحش من الفعل والقول يفطر الصائم، ما أقل الصوّام وأكثر الجواع .)[12]
وغير ذلك من الروايات التي يستكشف منها النهي عن هذه الامور التي ذكرها السيد الماتن.
وكذلك ذكرت المسارعة إلى الحلف في معتبرة الفضيل بن يسار (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا صام أحدكم الثلاثة الايام في الشهر فلا يجادلن أحدا، ولا يجهل، ولا يسرع إلى الايمان والحلف بالله، وإن جهل عليه أحد فليحتمل)[13]
فهي واردة في الثلاثة ايام من الشهر لكنه اذا ثبتت الكراهة فيه تثبت في شهر رمضان على الاقل.