1440/10/26


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/10/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 67 ) – اشتراط اللفظ في تحقق الاجازة – شروط المتعاقدين.

ويوجد دليل ثالث ذكره الشيخ الأعظم(قده) في آخر كلامه:- وهو التمسك بالعمومات ، يعني توجد عندنا عمومات مثل ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ و ﴿ أحل الله البيع ﴾ وغير ذلك وهذا عقد فيه رضا واقعي من قبل المالك ونحن نشك في صحته فمقتضى العمومات حيث لم تقيد باللفظ أو بالرضا المبرز هو كفاية الرضا.

والجواب:- إنَّ التمسك بالعمومات فرع انتساب العقد إلى الشخص ، وإلا إذا لم ينتسب العقد إلى الشخص كيف نتمسك بالعمومات في حقه ؟!! ، وبمجرد الرضا الباطني من دون إبراز ولو بإشارة اليد مثلاً أو بالابتسامة الدالة على الرضا فلا انتساب عرفاً ، فإنَّ العرف لا يرى أنَّ هذا العقد منتسباً إلى هذا الشخص جزماً أو نشك في ذلك ، ويكفينا الشك لعدم صحة التمسك بالعمومات ، ونحن إن لم نجزم بالعدم فلا أقل من الشك ، وعليه فلا يصح التمسّك بالعمومات.

إذاً هذه الأدلة الثلاثة التي ذكرها الشيخ الأعظم(قده) لا يصح التمسّك بها.

ثم تراجع عن كفاية الرضا الواقعي في صحة عقد الفضولي ولو من دون ابراز وقال:- لو كان الرضا كافياً في صحة عقد الفضولي تلزم كفايته إذا كان في ابتداء العقد ، يعني أنَّ شخصاً أجرى العقد عن المالك والمالك واقعاً كان راضياً يلزم أن نقول بأنَّ هذا العقد ليس بفضولي وهو صحيح والحال أنَّ المشهور لم يلتزموا بذلك.

هذا مضافاً إلى أنه لو كان الرضا كافياً في تحقق الاجازة لكانت الكراهة كافية في تحقق الفسخ ، ولا يمكن الالتزام بذلك ، لأن لذلك لوازم باطلة:-

من قبيل:- أنه يلزم من ذلك أنه لو منع المالك من اجراء العقد على ماله في البداية ومع ذلك أجرى الفضولي العقد فحيث يتضمن هذا الكراهة والمفروض أنَّ الكراهة هي فسخ فقد تحقق فسخ هذا العقد من قبل المالك مادام قد منع مسبقاً وإذا تحقق الفسخ لا تجدي الاجازة بعد الفسخ كما هو واضح.

ومن قبيل:- أنه يلزم من ذلك بطلان بيع المكرَه ، لأنه توجد عنده كراهة ، والحال أنَّ بيع المكرَه إذا أجازه يكون صحيحاً ، فإذا قلنا إنّ الكراهة تتضمن الفسخ فحيث إنَّ هذا المالك عنده كراهة وهي مستمرة بعد العقد جزماً فهي فسخ للعقد ، فلا تجدي اجازته البعدية.

وأنهى الشيخ الأعظم(قده) هذا المسألة ولم يبيّن شيئاً آخر.

والتعليق على ما ذكره:-

أما ما ذكره أولاً فنحن نقول:- إنَّ هذا وجيه ، أما أنَّ المشهور لا يلتزم به فهذا شيء آخر ، لكن المهم أنه نقضٌ واردٌ ونحن نقبل به ، وهو لا يضرنا ، لأننا من البداية قلنا لا يكفي الرضا البعدي مادام لا يوجد مبرز ، ولكن نقول إنَّ هذا نقضٌ واردٌ على من التزم بكفاية الرضا الواقعي فيكون هذا النقض وارداً على الشيخ الأنصاري(قده).

وأما ما ذكر ثانياً فنقول:- إنَّ هذا أو الكلام ، بل يمكن أن يلتزم شخص بأنَّ الاجازة تتحقق بالرضا ولكن الفسخ لا يتحقق بالكراهة ، ولا يلزم من كفاية الرضا الواقعي في الاجازة أن تكون الكراهة فسخاً فإنَّ اللازم هنا باطل.

ولا تقل:- إنك في الأول قبلت بأنه إذا كان الرضا البعدي نافعاً في تحقق الاجازة فيلزم أن يكون نافعاً في البداية ، فكيف تقبل هناك ولم تقبل به هنا ؟

ولكن نقول:- إنَّ هذا لا ربط له ، فهذا من باب أنَّ الرضا إذا قلنا بأنه كافٍ في الاجازة البعدية فهو كافٍ في الاجازة القبلية أيضاً ولا فرق بينهما ، فإنه إذا كان كافياً في الاجازة فلا فرق في كفايته لتحقق الاجازة القبلية أو لتحقق الاجازة البعدية ، فلا فرق في كونه متقدماً أو متأخراً ، أما النقض الثاني - وإنه إذا كان الرضا كافياً في الاجازة يلزم أن تكون الكراهة فسخاً فليس كذلك ، فإنَّ هذه الملازمة ليست موجودة ، لأنَّ هذان اثنان أما ذاك فواحد ، فنفس الرضا إذا كان اجازة بعداً يلزم أن يكون اجازة قبلاً أما هنا فلا ، فقولك إذا كان الرضا اجازة يلزم أن تكون الكراهة فسخاً لا نقبله ، بل يمكن انكار هذه الملازمة.

والنتيجة من كل ما ذكرناه:- هي أنَّ الشيخ الأعظم(قده) عنده تردد وإشكال.

وننبَّه أكثر ونقول:- إنَّ الشيخ الأعظم(قده) دخل في هذه المسألة بدخول غير محبّذ حيث قال ( يشترط اللفظ الصريح في الاجازة ) ، والمفروض أن يقول ( قد يقال ) أو ( ربما يقال ) لأنه لا يوجد قائل باشتراط اللفظ الصريح ، ثم في النهاية لم يعطِ رأيه بأن الرضا يكفي في تحقق الاجازة أو لا ، فهو في البداية قال نعم يشترط ذلك ، ثم بعد ذلك قال لو قلنا بأنه يشترط ذلك يلزم من ذلك محذوران ، وبالتالي ختم بالمسألة بالتردد وعدم ابداء رأيه.

وأما بالنسبة لنا:- فقد انتهينا إلى كفاية الرضا في تحقق الاجازة بشرط المبرز له ، والوجه في ذلك هو أنه مع ابراز الرضا ينتسب العقد إلى المالك فتشمله العمومات آنذاك ، وما أفاده الشيخ الأعظم(قده) من كفاية الرضا الواقعي فقد عرفت ما فيه ، إذ لا أقل نشك في الانتساب ، ومع الشك في الانتساب لا يمكن التمسّك بالعمومات ، لأنه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

نعم على رأي الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) من أنه يلزم في صحة التمسك بالعمومات حيثية الصدور لا حيثية الانتساب ولا يكفي الانتساب فقط بل لابد من حيثية الصدور وأن يكون العقد صادراً من الشخص فبمجرد الرضا المبرز حيثية الصدور لا تكون متحققة فلا يصح التمسّك بالعمومات.

ولكن قد عرفت أنَّ المناسب ليس هو اعتبار حيثية الصدور بل حيثية الانتساب للنكتة التي أشرنا إليها ، وهي أنَّ الأمر بالوفاء ﴿ أوفوا ﴾ يتناسب مع انتساب والزام الشخص بالعقد فإذا التزم به وانتسب إليه من المناسب أن يقال له ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ أما حيثية الصدر من دون النظر إلى حيثية الالتزام والانتساب فلا تكفي ، فعلى هذا الأساس على رأي الحاج ميرزا علي الايرواني لا يكفي ذلك ولكن قد عرفت المناقشة في رأيه.

 

مسألة ( 68 ):- الظاهر أنَّ الاجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه كشفاً حكمياً ، فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الاجازة ملك مالك المبيع ونماء المبيع ملك للمشتري.

..........................................................................................................