1441/01/29


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/01/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 68 ) – هل الاجازة كاشفة أو ناقلة – شروط المتعاقدين.

ويرد على ذلك: -

أولاً: - قال العلمان عن الكشف أنَّ النقل والانتقال حصل من حين العقد فالفسخ لا يجوز، ونحن وقل هل المقصود حتى ّغ لم يجِز المالك في علم الله عزّ وجل أو أنَّ المقصود إذا أجاز في علم الله؟ فإن مقصودهم الأول فهذا لا يمكن الالتزام به إذ لا عقد ولا تعاقد بعد فرض عدم إجازة المالك فلا يحتمل أن الملكية حصلت من ابتداء العقد وبالتالي لا يجوز الفسخ فإنَّ هذا لا يحتمل، وإن كان المقصود هو الثاني - وهو المناسب - فنقول من قال إنَّ الاجازة سوف تصدر من المالك؟! بل نشك[1] في صدورها، إذ هناك محرز لعدم صدور الاجازة وهو الاستصحاب الاستقبالي، فالآن لم تصدر منه الاجازة وبعد ساعة هل تصدر أو لا فنثبت عدم صدورها بالاستصحاب الاستقبالي، وكذلك نشك هل تصدر غداً فننفيها بالاستصحاب الاستقبالي .... وهكذا، فإذاً نحرز بالاستصحاب الاستقبالي عدم تحقق الاجازة وبالتالي لا عقد ولا تعاقد، فالفسخ يكون جائزاً.

إن قال قائل: - إنَّ هذا يتم بناءً على كون المدرك هو ( أوفوا بالعقود )، ولكن إذا قلنا بأنَّ المدرك هو ( تجارة عن تراضٍ ) فعنوان التعاقد لم يؤخذ حتى تقول إنَّ التعاقد يتوقف على إجازة المالك ؟

وجوابه واضح: - فإنَّ الآية الكريمة قالت ( تجارة عن تراضٍ ) أي تراضٍ من قبل الطرفين ونحن نشك هل يرضى المالك أو لا ، أي هل يجيز أو لا فننفي ذلك بالاستصحاب .

ثانياً: - سلّمنا أنَّ المالك يجيز فيما بعد ولكن نقول إنه مع ذلك يجوز الفسخ، والوجه في ذلك هو أنَّ المالك إذا لم يجِز فالعقد والتعاقد ليس بصادق فلماذا يمنع المشتري الأصيل من الفسخ؟! إنَّ التعاقد غير صادق فإنه فرع تحقق الرضا والاجازة والابراز من كلا الأصيلين، وعلى هذا الأساس حيث لا إبراز الآن فلا تعاقد.

وبكلمة أخرى: - نحن نشك هل يبرز المالك بعد ذلك الرضا أو لا فننفيه بالاستصحاب الاستقبالي، بل حتى لو جزمنا بأنه سوف يبرز الرضا ولكن الآن لم يبرزه فلا تعاقد، فلماذا المنع من الفسخ؟! نعم هما قالا الملكية حاصلة من حين العقد، ونحن نقول: إنَّ الملكية شيء والعقد والتعاقد شيء آخر، والذي يمنع من الفسخ هو تحقق التعاقد والعقد، فإذا تم العقد والمفروض أنه لازمٌ فلا يجوز أن يفسخ المشتري، فالمدار على العقد والتعاقد وليس على تحقق الملكية، ولابد من التفرقة بين المطلبين ولا ينبغي الخلط بينهما، فالعلمان تمسكا بقضية أنَّ الملكية حاصلة ونحن سلّمنا بأنها حاصلة ولكن المهم ليس الملكية وإنما هو حصول العقد والتعاقد، والتعاقد فرع تحقق الاجازة، وحيث لا إجازة الآن ولو أنها سوف تصدر فيما بعد، فنحن تارةً نشك في صدورها وتارةً نعلم بصدورها، فإن كنّا نشك في صدورها فنثبت بالاستصحاب الاستقبالي عدم تحققها، وإن كنّا نعلم بتحققها فنقول صحيح أنها سوف تتحقق ولكن من الآن لا توجد إجازة فلا تعاقد فلا مانع من الفسخ، ودعوى حصول الملكية لو سلّمنا به لا يؤثر شيئاً، لإنَّ الذي يمنع من الفسخ هو العقد دون عنوان الملكية، ولا يبغي الخلط بين المطلبين، ولا يخفى لطفه.

ثالثاً: - ذكر السيد الخوئي(قده) أنه إذا شككنا أن الملكية هل تزول بالفسخ أو لا فنستصحب بقاء الملكية السابقة، وبناءً على هذا سوف تصير النتيجة هي أنَّ الفسخ باطل، ونحن نقول: إنَّ هذا استصحاب في الشبهات الحكمية وهو لا يجري للمعارضة بين استصحاب بقاء المجعول وأصالة عدم الجعل الزائد، فإنَّ السيد الخوئي(قده) يبني على الاستصحاب في الأحكام الكلية لا يجري والوجه في ذلك هو أنك تستصحب بقاء الحكم الفعلي كصلاة الجمعة مثلاً فوجوبها ثابت في زمان الحضور جزماً أما في زمان الغيبة هل لها وجوب أو لا فنشك في ذلك فنستصحب بقاء الوجوب الفعلي، وهذا ما يعبرون عنه باستصحاب المجعول - ويقصد من المجعول الحكم الفعلي - ، وقد قال السيد الخوئي(قده) وفاقاً للنراقي إنَّ هذا الاستصحاب معارض بأصالة عدم الجعل الزائد، يعني نقول إنَّ الله تعالى جعل وجوب صلاة الجمعة زمان الحضور جزماً ونحن نشك أنَّه شرّع وجوب صلاة الجمعة وجعله في زمن الغيبة أو لا ؟، فهو جزماً جعله في زمان الحضور أما هذه الزيادة - وهي الجعل زمان الغيبة - هل يوجد جعل وتشريع للوجوب فيها أو لا - أي في هذه القطعة الزمنية - فالأصل عدم تحقق هذا الجعل الزائد.

وقد يقول قائل: - عن الجعل كان موجود سابقاً فنستصحب بقاء الجعل فنقول إن الجعل بعدُ باقٍ، فعلى هذا الأساس سوف تحصل مشكلة. هكذا قد يُرَدُّ على السيد الخوئي.

ولكن هذا باطل: - فصحيح نحن نشك هل نسخ الوجوب في زمن الحضور أو لم ينسخ لكن هذا شكٌّ في بقاء الجعل، أما أنَّ الجعل هل يشمل فترة الحضور فقط أو أنه يشمل حتى فترة الغيبة أيضاً فهذا شكٌّ في سعة الجعل وضيقه وليس شكاً في امتداد وبقاء الجعل، فينبغي أن نفرّق بين الشك سعة الجعل - متعلّق الجعل - وبين الشك في بقاء الجعل، وفي موردنا يريد أن يقول السيد الخوئي(قده) إنَّ استصحاب بقاء الملكية بعد فسخ المشتري يعارض باستصحاب عدم جعل الملكية بعد تحقق فسخ المشتري، وهذا ليس شكاً في الامتداد وإنما هوشك في أنه هل يوجد جعلٌ بلحاظ ما بعد الفسخ أو لا، فهو شك في أصل الجعل وليس في الامتداد، فلا نخلط بينهما.

والخلاصة: - نحن نقول للسيد الخوئي: أنت قلت إذا فسخ المشتري فسوف نشك في بقاء الملكية فنستصحب بقاء الملكية وبذلك يثبت أنَّ الملكية ثابتة، وبالتالي يكون فسخ المشتري عبثاً، ونحن نقول: - إنَّ هذا الاستصحاب لا يجري، لأنه استصحاب في شبهة حكمية وهو لا يجري على مبناك، فإن استصحاب بقاء الملكية بعد الفسخ معارض باستصحاب عدم جعل الملكية في زمان ما بعد الفسخ، فلا يجري هذا الاستصحاب.

ثانياً: - إنَّه بقطع النظر عن المعارضة يمكن أن يقال: إنَّ هذا الاستصحاب لا يجري، باعتبار أن لابد من أن نثبت ثبوت الملكية من حين العقد ثم نشك في بقائها بعد الفسخ ومن قال عن الملكية موجودة من البداية، فإنَّ ثبوت الملكية فرع إجازة المالك فيما بعد، ومن قال إنَّ المالك سوف يجيز، بل لعله لا يجيز، فنحن لا نحرز ثبوت الملكية من بداية العقد حتى يجري استصحابها.


[1] أي المشتري يشك هل تصدر الاجازة أو لا.