1441/04/24


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 73 ) حكم المال الذي باعه الفضولي عند عدم تحقق الاجازة من مالكه – شروط المتعاقدين.

وأما المنافع غير المستوفاة: - فهل هي مضمونة أو غير مضمونة؟

كما لو اشترى داراً بالفضولية من دون إجازة المالك ولكنه لم يستوفِ منافعها، فإذا اتضح الأمر بأنَّ هذا بيع فضولي فهل يضمن المشتري المنافع غير المستوفاة لصاحب الدار أو لا؟

والكلام في ضمان وعدم ضمان المنافع غير المستوفاة تارة يقع بلحاظ بمقتضى القاعدة، وأخرى بلحاظ الروايات: -

أما بمقتضى القاعدة: - فالكلام تارةً يقع في المقبوض بالعقد الفاسد، وأخرى في المغصوب.

أما بالنسبة إلى المقبوض بالعقد الفاسد: - فتارة يفترض أنه جاهل بأنَّ هذا البيع فاسد، وأخرى يفترض أنه عالم ولكنه امتنع عن دفع الدار إلى مالكها، فإن فرض أنه كان جاهلاً بكون هذا البيع فاسداً ولم يستوف منافع الدار فإنه بمقتضى السيرة والارتكاز العقلائي فيه تردد وإشكال، وهذا معناه أن ثبوت الضمان ليس بواضح، ويكفينا الشك في عدم ثبوت الضمان.

وأما إذا علم بذلك وسلّم الدار إلى صاحبها فلا ضمان، وإما إذا علم ولكنه لم يسلّم الدار فيصير حكمه حكم الغاصب، وهذا ما سنتحدث عنه.

أما بالنسبة إلى المغصوب: - كما لو غصب داراً لشخصٍ، فإن استوفى الغاصب منافعها فهي مضمونة لوجهين للروايات وللارتكاز العقلائي، وهذا قد تقدم، لكن الكلام فيما إذا لم يستوفِ منافع الدار، ففي مثل هذه الحالة هل يجب عليه ضمان المنافع غير المستوفاة أو لا؟ إنَّ هذه المسألة وقعت محلاً للكلام بين الفقهاء، ولكن لا يبعد أن يقال إنه تارةً يفترض أنَّ الدار معدَّة للانتفاع بها، وأخرى لم تكن معدَّة للانتفاع بها، فإن كانت معدَّة للانتفاع بها فالارتكاز العقلائي يقضي بالضمان، وحيث لا ردع فيثبت الامضاء، وهذا بخلافه فيما إذا فرض أنَّ الدار لم تكن معدّة للانتفاع بها وإنما كانت مغلقة ومتروكة فإنَّ قضاء الارتكاز بالضمان ليس بواضح، فلا يحكم بالضمان، ولا أقل من الشك في قضاء الارتكاز بالضمان، ويكفينا هذا المقدار في الحكم بعدم الضمان.

وهناك حالة بين هاتين الحالتين: - كما لو فرض أنَّ الدار لم تكن متروكة ولا أنها معدّة للانتفاع ولكن كان مالكها يسكنها وجاء شخص فأخرج المالك منها وغصبها مدَّة من الزمن كسنةٍ مثلاً ولكنه لم يستوفِ منافعها ثم بعد ذلك أعادها إلى مالكها سالمة فهل يضمن منافعها غير المستوفاة؟ يمكن أن يقال: - إنَّ الارتكاز ليس بواضح على ثبوت الضمان.

فإذاً الضمان ثبوته واضح في حالة ما إذا كان الشيء معداً للاستفادة من منافعه أما إذا لم يكن كذلك فيمكن أن يقال ليس بواضح ثبوت الارتكاز على الضمان.

وقد يقول قائل: - إنه يوجد مدرك آخر للضمان غير السيرة، وإذا يوجد خفاء في السيرة في بعض المجالات ففي هذا المدرك لا يوجد خفاء، وهو التمسك بقاعدة لا ضرر بناءً على تفسير الشيخ الأعظم(قده)، حيث يبني على أنَّ لا ضرر ناظر إلى الأدلة الأوّلية، فهو يريد أن يقول إذا كانت عندك واجبات كالوضوء أو الغسل أو الوقوف في الصلاة وكان هذا يضرك فحديث لا ضرر ناظر إلى تلك الأدلة الأوّلية وحاكم عليها، فهو يرفعها حالة الضرر، فلنتمسك بقاعدة لا ضرر على هذا التفسير ونثبت الضمان حينئذٍ، ولعل الضمان سوف يثبت في دائرة أوسع من الشيء الذي أعدّ للاستفادة من منافعه، بل يشمل حتى الشيء الذي لم يعدّ للاستفادة من منافعه، لأنه قد يقال إنَّه من دون ضمان سوف يحصل ضرر على المالك، فنتمسّك بقاعدة لا ضرر لإثبات الضمان هنا كمدركٍ ثانٍ إضافة إلى السيرة.

والجواب: - إنَّ قاعدة لا ضرر نافية وليس مثبتة، فهي تقول لا حكم يلزم منه الضرر، فهي تنفي، فإذا كان في الضمان ضرر أو في الغسل ضرر أو في الضوء ضرر فهي تنفي ذلك، لا أنها تثبت، فهي لا تقول إنَّ وظيفتك هي التيمم، فإنه يوجد قصور في لسانها، وهنا أنت قد استعنت بها للإثبات دون النفي، فلا يمكن التمسّك بها لإثبات الضمان.

بيد أنَّ السيد الخوئي(قده) ذكر نفس هذا التفصيل تقريباً غايته أنه قال: - إذا كان الشيء معدّاً للاستفادة من منافعه فهنا يثبت الضمان، وذلك لأمرين، أحدهما الارتكاز العقلائي غير المردوع عنه، والاتلاف، فإنَّ الغاصب قد أتلف عليه هذه المنافع فيكون ضامناً لها لقاعدة الاتلاف، وأما إذا فرض أنَّ الدار كانت متروكة ولم تكن معدّة للاستفادة من منافعها ففي مثل هذه الحالة حكم بعدم ضمان منافعها غير المستوفاة لو غصبت، لأنه لم تثبت السيرة على ضمان المنافع غير المستوفاة والمفروض أنَّ الغاصب لم يتلف المنافع على المالك لأنَّ الدار من الأصل هي متروكة، لا أنَّ المالك كان يستفيد منها والغاصب أتلف المنافع عليه تلك المنافع، فعلى هذا الأساس لا يمكن تطبيق قاعدة الاتلاف كما لا يمكن تطبيق السيرة[1] .


[1] محاضرات في الفقه الجعفري، الخوئي، ج2، ص183. التنقيح في شرح العروة الوثقى، الخوئي، تسلسل258.