33/03/29


تحمیل
 الموضوع :- ( 309 ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وهذه الرواية قد رويت بطريقين:-
 الأول:- طريق الشيخ الكليني(قده) ( عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب عن ابن رئاب عن اسحاق بن عمار عن ابي الحسن عليه السلام ) والمشكلة من حيث سهل والّا فالعدَّة لا مشكلة من ناحيتها وقد تكلمنا عنها مراراً ، والحسن بن محبوب من ثقاة أصحابنا ، وعلي بن رئاب من أجلة اصحابنا ، واسحاق بن عمار ثقة أيضاً ، ولكن هناك كلام في أن اسحاق هل هو واحد أو اثنان ؟ ولكن ذلك لا يؤثر اذ أن كليهما ثقة.
 الثاني:- طريق الشيخ الطوسي(قده) ( باسناده عن موسى بن القاسم عن اللؤلؤي عن الحسن بن محبوب عن اسحاق بن عمار ) والمشكلة في الحسن بن الحسين اللؤلؤي حيث وثقه بعضٌ وضعفه آخر ومن هنا صارت وثاقته محل اشكال.
 اذن الرواية المعتبرة من حيث السند هي صحيحة الحلبي.
 وبعد اتضاح روايات المسألة نأتي الى فتوى الاعلام:- قال في الشرائع ( من مرض أثناء الطواف فعليه الاستئناف قبل بلوغ الأربع والاتمام ان كان بعده ) ، وعلّق في المدارك [1] بقوله ( هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب واستدلوا عليه برواية اسحاق المتقدمة ) ولكنه أشكل عليها بضعف سندها ومعارضتها بصحيحة الحلبي ثم قال ( والمسألة محل تردد وللعل الاستئناف مطلقاً اولى ).
 وقد تقول:- لماذا استدل للمشهور برواية اسحاق دون صحيحة الحلبي ؟
 والجواب:- لعل ذلك من جهة أن صحيحة الحلبي لم تفصِّل بل قالت بالاعادة خصوصاً على النسخة الثانية أي نسخة ( اشواطاً ) بخلاف رواية اسحاق فانها فصَّلت بما يتناسب والمشهور .
 وبذلك يتضح الوجه في قوله ( ان رواية اسحاق معارضة بصحيحة الحلبي ) فان وجه المعارضة بناءً على ما ذكرناه سيكون واضحاً فان رواية اسحاق قد فصّلت بينما صحيحة الحلبي لم تفصّل وانما حكمت بالبطلان بشكل مطلق.
 السؤال الذي نطرحه في هذا المجال هو:-
 أوّلاً:- هل يمكن أن نتمسيك بصحيحة الحلبي وحدها من دون ضم ضميمة لاثبات تفصيل المشهور ؟
 وثانياً:- اذا أمكن ذلك فهل تعارضها رواية اسحاق باعتبار أنها قد أمرت بالنيابة بينما صحيحة الحلبي أمرت بالاعادة بنفسه لا بالنيابة.
 والجواب:-
 أما بالنسبة الى السؤال الأوّل:- قد يقال كلا لا يمكن فانه اذا كان الوارد في صحيحة الحلبي تعبير ( ثلاثة اشواط ) أمكن التمسك بها آنذاك غايته يثبت أحد الشقين بالمنطوق ويثبت الثاني بالمفهوم ، فالامام عليه السلام قال ( اذا طاف ثلاثة أشواط ثم اشتكى أعاد الطواف ) والمفروض بعد ضم عدم الفصل يكون الثلاثة كناية عن عدم بلوغ النصف ويستفاد بالمفهوم أنه ان تجاوز النصف فلا اعادة . بل لا نحتاج الى المفهوم وانما يكفينا السكوت اذ نتمسك بالقاعدة آنذاك فانها تقفتضي الصحة كما ذكرنا.
 اذن لو كان الوارد عبارة ( ثلاثة اشواط ) أمكن أن نستند في توجيه فتوى المشهور الى صحيحة الحلبي ، ولكن يحتمل ثبوت النسخة الثانية - أي كلمة ( طاف أشواطاً ) - وبذلك يثبت أن الاعادة لازمة من دون فرقٍ بين طواف ثلاثة أشواط أو طواف ستةٍ مثلاً وحيث أن النسخة مردَّدة فلا يمكن التمسك بالصحيحة لاثبات رأي المشهور ، هكذا قد يقال وربما ذكر ذلك السيد الخوئي(قده) أيضا.
 ولكن يمكن أن نقول:- ان تردد النسخة يكفينا لاثبات رأي المشهور ، اذ على كلتا النسختين انه من عرضت له الشكاية قبل النصف يلزمه الاعادة سواء على هذه النسخة أو تلك وانما الاشكال فيمن عرضت له الشكاية بعد النصف وحيث لا نجزم بالنسخة الثانية فنأخذ بالمتيقن - أعني البطلان لو عرضت الشكاية قبل النصف - وأما بلحاظ غير المتيقن فنتمسك بالقاعدة وهي تقتضي عدم البطلان فياتي بالباقي حينما ترتفع العلة.
 نعم حيث أنا لا نشترط الموالاة فياتي بالباقي كيفما اتفق ، بينما على اشتراطها فياتي بالباقي بشرط عدم فواتها ، وهذا شيء جانبي وليس بمهم.
 اذن يمكن التمسك بصحيحة الحلبي وحدها.
 واما بالنسبة الى السؤال الثاني فقد يقال:- ان رواية اسحاق منافية لصحيحة الحلبي من ناحيتين:-
 الأولى:- ان رواية اسحاق فصّلت بين ما بعد النصف وبين ما قبله وأما صحيحة الحلبي بناءً على نسخة ( اشواطا ) تكون دالة على البطلان مطلقاً فيحصل التنافي بينهما فالصحيحة تقول يبطل مطلقاً بينما رواية اسحاق تفصِّل.
 والثانية:- ان رواية اسحاق أمرت بالنيابة وهذا أجنبي عن محل الكلام فان كلامنا هو في أنه هل يعيد هو بنفسه بعد ارتفاع الشكاية أو يتم ما سبق ، فما نريده شيء وما تدل عليه رواية اسحاق شيء آخر فهي تدل على النيابة بينما صحيحة الحلبي تدل على أنه يعيد بنفسه فتحصل المعارضة من هذه الناحية.
 والجواب:- أما المعارضة من الناحية الأولى فيمكن الجواب:-
 أولاً:- ان هذه النسخة غير ثابتة وبالتالي يحصل لنا تردد وغاية ما يثبت هو البطلان لو كانت الشكاية قبل النصف وأما ما بعده فلم تدل على البطلان فلا تتعارض آنذاك مع رواية اسحاق المفصِّلة.
 اذن المعارضة لو ثبتت فهي تثبت لو كان الوارد كلمة ( اشواط ) بنحو الجزم أما اذا لم نجزم فالمعارضة ليست بثابتة.
 وثانياً:- لو سلمنا أن الوارد هو كلمة ( أشواط ) بنحو الجزم فمع ذلك لأن المورد من الاطلاق والتقييد اذ كلمة ( اشواط ) مطلقة فتُقيَّد برواية اسحاق وبالتالي تكون دالّة على البطلان اذا كانت الشكاية قبل النصف كسائر موارد الاطلاق والتقييد.
 وأما من الناحية الثانية فيمكن دفع المنافاة ببيان:- ان رواية اسحاق ناظرة الى من لا يقدر على الاتمام فهي تقول لمن لا يقدر عليه - كمن عرض له عارض قلبي ودخل المستشفى ( ان عرضت لك الشكاية بعد النصف فعليك أن تُنيب شخصاً يأتي بالباقي - ان كان بعد الأربعة أشواط لا ان تأتي بذلك بنفسك لأن المفروض أنه لا يستطيع الرجوع بسبب علته ، وأما اذا فرض أن الشكاية قد عرضت قبل النصف فلابد من الاتيان بطواف كامل غايته ان سمح لك الطبيب بالرجوع فاتِ بالطواف بنفسك وان لم تقدر فعليك أن تجعل نائباً ياتي بطواف كامل ) هكذا قالت الرواية ، ومن الواضح أن هذا لا يتنافى مع ما دلت عليه صحيحة الحلبي التي قالت ( أعاد ) فان المقصود هو ( أعاد بنفسه ان أمكنه ذلك ) فلا يتنافى ذلك مع رواية اسحاق.
 وعليه تكون النتيجة من خلال هذا هي ما ذهب اليه المشور ، يعني ان عرض العارض قبل النصف فلابد من الاعادة بنفسه ان أمكنه والّا فبالنائب ، واذا عرضت بعد النصف فيتم بنفسه ان أمكنه والّا فبالنائب ، وهذا مطلب تقتضيه القاعدة أيضاً.
 نعم حيث أن صحيحة الحلبي قد ورد فيها كلمة ( ثلاثة اشواط ) فالحكم بالتعميم للاعادة - في حق من لم يتجاوز النصف - كما لو فرض أنه أتى بثلاثة أشواط ونصف - ينبغي أن يبنى على الاحتياط باعتبار أن التعميم يحتاج الى القول بعدم الفصل وحيث أنه ليس بواضحٍ صغرىً كما أنه ليس بواضح من حيث أنه تعبدي بل لعله استند الى مدرك محتمل فان المناسب هو الاحتياط فيما اذا أتى بثلاثة أشواط ولم يكمل النصف.
 ولأجل أن نسهل على العامي ليتمكن من هضم وضبط المسألة فبالامكان أن نقول له هكذا ( متى ما عرضت لك الشكاية واحتجت الى الخروج فلك أن تاتي بطوافٍ كاملٍ بقصد الأعم من التمام والاتمام اما بنفسك اذا ارتفع العارض أو بالنائب ان لم يرتفع ).


[1] المدارك 8 154.