أنت هنا: الرئيسية أهل البيت سيرة الأمام علي بن أبي طالب موقفه (ع) في احداث السقيفة
 
 


موقفه (ع) في احداث السقيفة

البريد الإلكتروني طباعة

موقف الإمام علي ( عليه السلام ) في احداث السقيفة

نقل العلامة الطبرسي ( قدس سره ) في كتاب الاحتجاج واقعة السقيفة فقال : وقبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقت الضحى من يوم الاثنين بعد خروج اسامة إلى معسكره بيومين ، فرجع اهل العسكر والمدينة قد رجفت بأهلها ، فأقبل ابو بكر على ناقة حتى وقف على باب المسجد فقال : ايها الناس مالكم تموجون ان كان محمد قد مات فربّ محمد لم يمت ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا ) . قال : ثم اجتمعت الانصار إلى سعد بن عبادة وجاؤا به إلى سقيفة بني ساعدة فلما سمع بذلك عمر اخبر بذلك ابا بكر فمضيا مسرعين إلى السقيفة ومعهما ابو عبيدة بن الجراح ، وفي السقيفة خلق كثير من الانصار وسعد بن عبادة بينهم مريض فتنازعوا الامر بينهم فآل الامر إلى ان قال ابو بكر في آخر كلامه للانصار : انما ادعوكم إلى ابي عبيدة بن الجراح أو عمر وكلاهما قد رضيت لهذا الامر وكلاهما أراهما له اهلا . فقال عمر وابو عبيدة : ماينبغي لنا أن نتقدمك يا ابا بكر وانت اقدمنا اسلاما وانت صاحب الغار وثاني اثنين فأنت احق بهذا الامر واولى به . فقال الانصار : نحذر أن يغلب على هذا الامر من ليس منا ولا منكم ، فنجعل منا اميرا ومنكم اميرا ونرضى به على انه ان هلك اخترنا آخر من الانصار . فقال ابو بكر بعد ان مدح المهاجرين : وانتم يامعشر الانصار ممن لا ينكر فضلهم ولا نعمتهم العظيمة في الاسلام ، رضيكم الله انصارا لدينه وكهفا لرسوله وجعل اليكم مهاجرته وفيكم محل ازواجه ، فليس احد من الناس بعد المهاجرين الاولين بمنزلتكم ، فهم الامراء وانتم الوزراء . فقال الحباب بن المنذر الانصاري : يامعشر الانصار أمسكوا على ايديكم ، فانما الناس في فيئكم وظلالكم ، ولن يجترئ مجتر على خلافكم ولن يصدر الناس الا عن رأيكم . واثنى على الانصار ثم قال : فان ابى هؤلاء تأميركم عليهم فلسنا نرضى بتأميرهم علينا ولا نقنع بدون ان يكون منا امير ومنهم امير . فقام عمر بن الخطاب فقال : هيهات لايجتمع سيفان في غمد واحد ، انه لا ترضى العرب ان تؤمركم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لاتمتنع ان تولي امرها من كانت النبوة فيهم وألو الامر منهم ، ولنا بذلك على من خالفنا الحجة الظاهرة والسلطان البين ، فيما ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته الا مدل بباطل او متجانف باثم او متورط في الهلكة محب للفتنة . فقام الحباب بن المنذر ثانية فقال : يامعشر الانصار امسكوا على ايديكم ولاتسمعوا مقال هذا الجاهل واصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الامر وان أبوا ان يكون منا امير ومنهم امير فاجلوهم عن بلادكم وتولوا هذا الامر عليهم ، فأنتم والله احق به منهم ، فقد دان بأسيافكم قبل هذا الوقت من لم يكن يدين بغيرها وانا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، والله لئن احد رد قولي لاحطمن انفه بالسيف . قال عمر بن الخطاب : فلما كان الحباب هو الذي يجيبني لم يكن لي معه كلام ، فانه جرت بيني وبينه منازعة في حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فنهاني رسول الله عن مهاترته فحلفت ان لا اكلمه ابدا . قال عمر لابي عبيدة : تكلم . فقام ابو عبيدة بن الجراح وتكلم بكلام كثير وذكر فيه فضائل الانصار ، وكان بشير بن سعد سيدا من سادات الانصار لما رأى اجتماع الانصار على سعد بن عبادة لتأميره حسده وسعى في افساد الامر عليه وتكلم في ذلك ورضى بتأمير قريش وحث الناس كلهم لاسيما الانصار على الرضا ، بما يفعله المهاجرون . فقال ابو بكر : هذا عمر وابو عبيدة شيخان من قريش فبايعوا ايهما شئتم . فقال عمر وابو عبيدة : مانتولى هذا الامر عليك امدد يدك نبايعك . فقال بشير بن سعد : وانا ثالثكما ، وكان سيد الاوس وسعد بن عبادة سيد الخزرج ، فلما رأت الاوس صنيع سيدها بشير وما ادعيت اليه الخزرج من تأمير سعد اكبوا على ابي بكر بالبيعة وتكاثروا على ذلك وتزاحموا ، فجعلوا يطأون سعدا من شدة الزحمة وهو بينهم على فراشه مريض . فقال : قتلتموني . قال عمر : أقتلوا سعدا قتله الله . فوثب قيس بن سعد فأخذ بلحية عمر وقال : والله يابن صهاك الجبان في الحرب والفرار الليث في الملا والامن لو حركت منه شعرة مارجعت وفي وجهك واضحة . فقال ابو بكر : مهلا ياعمر مهلا فان الرفق ابلغ وافضل . فقال سعد : يابن صهاك الحبشية اما والله لو ان لي قوة النهوض لسمعتها مني في سككها زئيرا ازعجك واصحابك منها ولالحقنكما بقوم كنتما فيهم اذنابا اذلاء تابعين غير متبوعين لقد اجترأتما . ثم قال للخزرج : احملوني من مكان الفتنة . فحملوه وادخلوه منزله ، فلما كان بعد ذلك بعث اليه ابو بكر أن قد بايع الناس فبايع . فقال : لا والله حتى ارميكم بكل سهم في كنانتي واخضب منكم سنان رمحي واضربكم بسيفي مااقلت يدي فأقاتلكم بمن تبعني من اهل بيتي وعشيرتي ، ثم وايم الله لو اجتمع الجن والانس عليّ لما بايعتكما ايهما الغاصبان حتى اعرض على ربي واعلم ما حسابي . فلما جاء‌هم كلامه قال عمر : لابد من بيعته . فقال بشير بن سعد : انه قد أبى ولج وليس بمبايع او يقتل ، وليس بمقتول حتى يقتل معه الخزرج والاوس فاتركوه فليس تركه بضائر ، فقبلوا قوله وتركوا سعدا ، فكان سعد لايصلي بصلاتهم ولايقضي بقضائهم ، ولو وجد أعوانا لصال بهم ولقاتلهم ، فلم يزل كذلك مدة ولاية ابي بكر حتى هلك ابو بكر ، ثم ولي عمر وكان كذلك ، فخشى سعد غائلة عمر فخرج إلى الشام فمات بحوران في ولاية عمر ولم يبايع أحدا . وكان سبب موته ان رمي بسهم في الليل فقتله ، وزعم ان الجن رموه ، وقيل ايضا ان محمد بن سلمة الانصاري تولى ذلك بجعل جعل له عليه ، وروي انه تولى ذلك المغيرة بن شعبة وقيل خالد بن الوليد . قال : وبايع جماعة الانصار ومن حضر من غيرهم ، وعلي بن ابي طالب مشغول بجهاز رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فلما فرغ من ذلك وصلى على النبي والناس يصلون عليه من بايع ابا بكر ومن لم يبايع جلس في المسجد ، فاجتمع عليه بنو هاشم ومعهم الزبير بن العوام ، واجتمعت بنو امية إلى عثمان بن عفان وبنو زهرة إلى عبد الرحمن بن عوف ، فكانوا في المسجد كلهم مجتمعين إذ أقبل ابو بكر ومعه عمر وابو عبيدة بن الجراح فقالوا : مالنا نراكم خلقا شتى قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته الانصار والناس ، فقام عثمان وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما فبايعوا ، وانصرف علي وبنو هاشم إلى منزل علي (عليه السلام) ومعهم الزبير . قال: فذهب اليهم عمر في جماعة ممن بايع فيهم اسيد بن حصين وسلمة بن سلامة فألفوهم مجتمعين ، فقالوا لهم : بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس ، فوثب الزبير إلى سيفه فقال عمر : عليكم بالكلب العقور فاكفونا شره ، فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده فأخذه عمر فضرب به الارض فكسره ، واحدقوا بمن كان هناك من بني هاشم ومضوا بجماعتهم إلى ابي بكر ، فلما حضروا قالوا : بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس ، وايم الله لئن ابيتم ذلك لنحاكمنكم بالسيف . فلما رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل رجل فجعل يبايع حتى لم يبق ممن حضر الا علي بن ابي طالب ، فقالوا له بايع ابا بكر . فقال علي ( عليه السلام ) : انا احق بهذا الامر منه وانتم اولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الامر من الانصار واحتججتم عليهم بالقرابة من الرسول وتأخذونه منا اهل البيت غصبا ، ألستم زعمتم للانصار انكم اولى بهذا الامر منهم لمكانكم من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأعطوكم المقادة وسلموا لكم الامارة ، وانا احتج عليكم بمثل ما احتججتم على الانصار ، انا اولى برسول الله حيا وميتا ، وانا وصيه ووزيره ومستودع سره وعلمه ، وانا الصديق الاكبر والفاروق الاعظم اول من آمن به وصدقه ، وحسنكم بلاء‌ا في جهاد المشركين واعرفكم بالكتاب والسنة وأفقهكم في الدين واعلمكم بعواقب الامور ، واذر بكم لسانا واثبتكم جنانا ، فعلام تنازعونا هذا الامر ؟ انصفونا ان كنتم تخافون الله من انفسكم ، واعرفوا لنا الامر مثل ماعرفته لكم الانصار ، والا فبوؤا بالظلم والعدوان وانتم تعلمون . فقال عمر : ياعلي اما لك بأهل بيتك اسوة ؟ فقال علي ( عليه السلام ) : سلوهم عن ذلك ، فابتدر القوم الذين بايعوا من بني هاشم فقالوا : والله مابيعنا لكم بحجة على علي ، ومعاذ الله ان نقول انا نوازيه في الهجرة وحسن الجهاد والمحل من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فقال عمر : انك لست متروكا حتى تبايع طوعا او كرها . فقال علي ( عليه السلام ) : احلب حلبا لك شطره ، اشدد له اليوم ليرد عليك غدا ، اذا والله لا اقبل قولك ولا احفل بمقامك ولا ابايع . فقال ابو بكر : مهلا يا ابا الحسن ما نشك فيك ولا نكرهك . فقال ابو عبيدة إلى علي ( عليه السلام ) : يابن عم لسنا ندفع قرابتك ولا سابقتك ولا علمك ولا نصرتك ، ولكنك حدث السن - وكان لعلي يومئذ ثلاث وثلاثون سنة – وابو بكر شيخ من مشايخ قومك ، وهو احمل لثقل هذا الامر ، وقد مضى الامر بما فيه فسلم له ، فان عمّرك الله يسلموا هذا الامر اليك ، ولا يختلف فيك اثنان بعد هذا الا وانت به خليق وله حقيق ، ولا تبعث الفتنة في أوان الفتنة فقد عرفت ما في قلوب العرب وغيرهم عليك . فقال امير المؤمنين ( عليه السلام ) : يامعاشر المهاجرين والانصار الله الله لاتنسوا عهد نبيكم اليكم في امرىء ، ولا تخرجوا سلطان محمد من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن حقه ومقامه في الناس ، فو الله معاشر الجمع ان الله قضى وحكم ونبيه أعلم وانتم تعلمون بأنا اهل البيت احق بهذا الامر منكم ، أما كان القارئ منكم لكتاب الله الفقيه في دين الله المضطلع بأمر الرعية ، والله انه لفينا لا فيكم فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا وتفسدوا قديمكم بشر من حديثكم . فقال بشير بن سعد الانصاري الذي وطأ الارض لابي بكر وقالت جماعة من الانصار : يا ابا الحسن لو كان هذا الامر سمعته منك الانصار قبل بيعتها لابي بكر مااختلف فيك اثنان. فقال علي ( عليه السلام ) : ياهؤلاء كنت أدع رسول الله مسجى لا أواريه واخرج انازع في سلطانه ، والله ماخفت احدا يسمو له وينازعنا اهل البيت فيه وستحل ما استحللتموه ، ولا علمت ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ترك يوم غدير خم لاحد حجة ولا لقائل مقالا ، فأنشد الله رجلا سمع النبي يوم غدير خم يقول : ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ) أن يشهد الآن بما سمع . قال زيد بن ارقم : فشهد اثنا عشر رجلا بدريا بذلك وكنت ممن سمع القول من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فكتمت الشهادة يومئذ ، فدعا علي عليّ فذهب بصري . قال : وكثر الكلام في هذا المعنى وارتفع الصوت وخشى عمر أن يصغي الناس إلى قول علي ( عليه السلام ) ، ففسح المجلس وقال : ان الله يقلّب القلوب ، ولاتزال يا ابا الحسن ترغب عن قول الجماعة ، فانصرفوا يومهم ذلك .