أنت هنا: الرئيسية أهل البيت سيرة الأمام علي بن أبي طالب موقفه (ع) في معركة الجمل
 
 


موقفه (ع) في معركة الجمل

البريد الإلكتروني طباعة

موقف الامام علي (عليه السلام) في معركة الجمل

ان مقتل عثمان ومبايعة المسلمين للإمام علي (عليه السلام) جعل الأمور تتخذ مجرى آخر، حيث أن عدالة أمير المؤمنين (عليه السلام) وتمسكه بالإسلام لا تروق لأولئك الذين اكتنزوا الكنوز وامتلكوا الضياع وبنوا القصور من أموال المسلمين، فقاموا متحدين لمقاومة عدالة الإسلام التي لن تكتفي بحرمانهم مما ألِفوه من النهب، بل ستأخذ منهم حتى تلك الاموال التي نالوها بطريقة غير مشروعة وجعل اولئك الذين تمنوا الموت لعثمان وحرضوا الناس ضده حتى اودوا بحياته، جعلهم متحدين يطالبون بدمه، حيث اتفق طلحة والزبير ومعهما عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وخرجوا الى البصرة لجمع الأنصارواثارة الفتنة. انها حقاً من الأمور التي تدهش العاقل، وقد بذل الإمام جهداً كبيراً لتحاشي هذه الفتنة فلم يأل جهداً في بذل النصح لهم وتحميلهم مغبة ما سيكون إذا نشبت الحرب، وهذه احدى نصائحه لطلحة والزبير إذ يقول: «أما بعد يا طلحة، ويا زبير، فقد علمتما إني لم أرد الناس حتى أرادوني ولم أبايعهم حتى أكرهوني، وانتما اول من بادر الى بيعتي، ولم تدخلا في هذا الأمر بسلطان غالب، ولا لعرض حاضر، وأنت يا زبير، ففارس قريش، وأنت يا طلحة فشيخ المهاجرين، ودفعْكما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه كان أوسع لكما من خروجكما منه، ألا وهؤلاء بنو عثمان هم أولياؤه المطالبون بدمه، وانتما رجلان من المهاجرين، وقد أخرجتما أمكما [عائشة] من بيتها التي أمرها الله تعالى أن تقر فيه، والله حسبكما!». وفي البصرة ــ المكان الذي دار فيه القتال ــ استمر الإمام علي (عليه السلام) يبذل نصحه من أجل حقن الدماء فأرسل للناكثين يدعوهم للصلح ورأب الصدع، والتقى بالزبير وذكّره بما قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم قال: لا يدع ابن ابي طالب زهوه، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «... مهلاً يا زبير ليس بعلي زهوة، ولتخرجن عليه يوماً وأنت ظالم له؟!» فقال الزبير للإمام: بلا ولكني نسيت ذلك، وبعد أن تذكر إنصرف الى خارج البصرة ولم يحارب فقتله ابن جرموز ودفنه في وادي السباع. وبعد ان فشلت المحاولات لاخماد الفتنة التي أثارها الناكثون في البصرة تفجرّ الموقف وأعلن القتال بين جيش الإمام علي (عليه السلام) وجيش الناكثين لكن الإمام ظل ملتزماً بالصبر والأناة وبما امتاز به من الروح الانسانية موضحاً لجماعته أحكام الشريعة الإسلامية في حق البغاة، ثم دعا ربه متسجيراً من الفتنة. أما عن مصير طلحة فقد جاءه سهم عند الهزيمة لا يُعرف راميه فجرحه ثم مات، واسفرت هذه الفتنة عن قتل (10) آلاف من جيش الناكثين و(5) آلاف من جيش الإمام وقد جرت المعركة في العاشر من جمادي الأول سنة (36 هـ) و سميت بحرب الجمل لأن عائشة كانت تركب فيها جملاً. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها بانتصار ساحق على أهل الجمل أعلن الإمام العفو العام عن جميع المشتركين بها وإنه حقاً موقف جسّد فيه حكم الله تعالى ثم واصل الإمام (عليه السلام) خطواته الإنسانية إزاء الناكثين، اذ قام باعادة عائشة الى المدينة المنورة معززة مُكرّمة على الرغم من موقفها المعاند لولي أمرها.