شهادته (ع)

البريد الإلكتروني طباعة

شهادة الإمام الجواد ( عليه السلام )

استَشَفَّ الإمام الجواد ( عليه السلام ) من وراء الغيب أنَّ الأجل المحتوم سَيُوَافيه ، وأن عمره كَعُمر الزهور ، وقد أعلن ذلك لشيعتِهِ في كثير من المواطن ، فَنصَّ على إمامةِ ولده علي الهادي ( عليه السلام ) ، فنصَّبَهُ علماً ومرجعاً للأمة من بعده ( عليه السلام ) .

وقد روى الصقر حيث قال : سمعتُ أبا جعفر محمد ( عليه السلام ) يقول : ( إِنَّ الإِمامَ بَعدي ابنِي عَليٌّ ، أمرُهُ أمري ، وقولُهُ قولِي ، وطاعتُهُ طاعتَي ) .

ولم يمت الإمام ( عليه السلام ) حَتفَ أنفِهِ ، وإنما اغتاله المعتصم العباسي عن طريق دَسِّ السُم إليه ، وأقدَمَ هذا الطاغية على اقتراف هذه الجريمة النكراء ولم يَرْعَ حُرمة النبي ( صلى الله عليه وآله ) في أبنائه ( عليهم السلام ) .

ودافع اغتيال المعتصم للإمام ( عليه السلام ) هو حسد المعتصم له ( عليه السلام ) على ما ظفر به من الإكبار والتعظيم عند عامَّة المسلمين .

فقد تحدثوا مُجمِعينَ عن مواهِبه ( عليه السلام ) وهو في سنِّهِ المُبَكِّر ، كما تحدَّثوا عن معالي أخلاقه من الحلم ، وكَظمِهِ للغَيظ ، وبِرِّه بالفقراء ، وإحسانِهِ إلى المحرومين .

إلى غير ذلك من صفاته التي عَجَّت بذكرها المجالس والمحافل ، ممَّا دفع المعتصم إلى فرض الإقامة الجَبْرِيَّة عليه في بغداد ، ثم القيام باغتياله ( عليه السلام ) .

وأثَّر السُم في الإمام ( عليه السلام ) تأثيراً شديداً ، فقد تفاعل مع جميع أجزاء بدنه وأخذ يعاني منه آلاماً مرهقة .

فقد تقطَّعت أمعاؤه ( عليه السلام ) من شِدَّة الألم ، وانتقلَ ( عليه السلام ) إلى جِوَار رَبِّهِ شهيداً مسموماً في آخر شهر ذي القعدة من سنة ( 220 هـ ) .

وحُمِل الجثمان المقدَّس إلى مقابر قريش ، وقد احتفَّت به الجماهير الحاشدة ، فكان يوماً لم تشهد بغداد مثله .

فقد تَجمَّعت عشرات الآلاف في مواكب حزينة ، وهي تردِّدُ فضل الإمام ( عليه السلام ) وتندبه ، وتذكر الخسارة العظمى التي مُنِي بها المسلمون في فقدهم للإمام ( عليه السلام ) .

وحُفِر للجثمان المقدَّس قبرٌ ملاصقٌ لقبر جدِّه الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، فَوَارَوهُ فيه ، وانطفأت بشهادته ( عليه السلام ) شعلة مشرقة من الإمامة والقيادة الواعية المفكرة في الإسلام .