أنت هنا: الرئيسية أهل البيت سيرة الأمام محمد بن علي الجواد مناظراته (ع) مع ابن اكثم
 
 


مناظراته (ع) مع ابن اكثم

البريد الإلكتروني طباعة

مناظرات الامام الجواد (عليه السلام) مع ابن اكثم

عندما أراد الخليفة المأمون تزويج ابنته أم الفضل من الإمام الجواد ( عليه السلام ) بلغ ذلك العباسيين، فاعترضوا على الخليفة، وقالوا: يا أميرالمؤمنين أتزوج ابنتك صبياً لم يتفقه في دين الله، واذا كنت مشغوفاُ به فامهلهه ليتأدب، ويقرأ القرآن، ويعرف الحلال والحرام، فقال لهم المأمون: ويحكم إني أعرفُ بهذا الفتى منكم، وأنه لأفقه منكم، واعلم بالله ورسوله وسنته، فإن شئتم فامتحنوه، فرضوا بامتحانه، واجتمع رأيهم مع المأمون على قاضي القضاة يحيى بن اكثم أن يحضر لمسألته، واتفقوا على يوم معلوم، وجاء ابن اكثم وقال للإمام (عليه السلام)، بحضور مجلس المأمون: يا ابا جعفر أصلحك الله، ما تقول في مُحرم قتل صيداً؟ فقال أبو جعفر ( عليه السلام ): قتله في حل أو حرم، عالماً كان المحرم أم جاهلاً قتله عمداُ أو خطأً، حراً كان المحرم أم عبداُ، كان صغيراُ أو كبيراً، مبتدئاً بالقتل أم معيداً، من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها، من صغار الصيد كان أم من كباره، مصراً على ما فعل أو نادماُ، في الليل كان قتله للصيد في أوكارها أم نهاراً وعياناً، محرماُ كان بالعمرة اذ قتله أو بالحج كان محرماُ؟

فتحيّر يحيى بن اكثم، وانقطع انقطاعاُ لم يخفَ على أحد من أهل المجلس، وبان في وجهه العجز، وتلجلج وانكشف أمره لاهل المجلس، وتحيّر الناس عجباً من جواب الإمام الجواد ( عليه السلام )، فقال المأمون لاهل بيته: اعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه؟ ونظر إلى الإمام ( عليه السلام ) وقال: أنا مزوّجك إبنتي أم الفضل، فرضي بذلك وتم التزويج.

ولمّا تمّ الزواج قال المأمون لأبي جعفر: إن رأيت ـ جعلت فداك ـ أن تذكر الجواب فيما فصّلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه ونستفيده. فقال أبوجعفر(ع):

«إن المحرم إذا قتل صيداً في الحلّ وكان الصيد من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاة، فإن كان أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً، واذا قتل فرخاً في الحلِّ فعليه حمل قد فطم من اللبن، وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمةالفرخ، وإن كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة، وإن كان نعامة فعليه بدنة، وإن كان ظبياً فعليه شاة، فإن قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة، وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان إحرامه للحجّ نحره بمنىً، وإن كان إحرامه للعمرة نحره بمكّة، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء، وفي العمد له المأثم، وهو موضوع عنه في الخطأ، والكفّارة على الحُرّ في نفسه، وعلى السيّد في عبده، والصغير لاكفّارة عليه، وهي على الكبيرواجبة، والنادم يسقط بندمه عنه عقاب الآخرة، والمصرّ يجب عليه العقاب في الآخرة».

فقال له المأمون: أحسنت يا أبا جعفر.