الشاعر الصاحب بن عباد ( رحمه الله )
( 326 - 385 هـ )
اسمه وولادته :
اسماعيل بن أبي الحسن عباد ، ولد سنة ( 326 هـ ) في بلاد فارس ، صحب الأمير مؤيد الدولة ابن بويه منذ الصِّبا فسماه الصاحب ، وجعله وزيراً له واستمر عليه هذا اللقب واشتهر به . ثم سُمي به كل من ولي الوزارة ، وبعد وفاة مؤيد الدولة بقي في وزارة خَلَفِهِ فخر الدولة وبهذا يكون هو وأبوه وجده من الوزراء . ونشأ الصاحب في بيت علم وفضل ووجاهة ، فاقبل على العلم منذ صغره .
صفاته وأخلاقه :
ومن صفاته أنه كان عالماً بالتوحيد والأصول وأَلَّفَ فيهما ، وكان في اخلاقه حليماً وكريماً .
شعره ونثره :
كان مجيداً في شعره ، كتب في الأدب والحكمة ، والرثاء والمديح ، والغزل والأخوانيات والنوادر . وذكر أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وله في مدح أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سبع وعشرون قصيدة .
ونقتطف هذين البيتين كنموذج لمدائحه :
حُبُّ عليِّ بن أبي طالبِ | أَحلى من الشَّهدِ إلى الشَّارِبِ |
لا تُقبلُ التوبةُ من تائبٍ | إلا بِحُبِّ ابن أبي طالب |
أما نثره فقد كان الصاحب أحد الأركان الأربعة في النثر وهم : عبد الحميد الكاتب ، وابن العميد ، والصابيء ، والصاحب ، وهو رابعهم ، وكان له ولع بالسجع والجناس ، الذي امتلأت به توقيعاته وأجوبته وكلماته القصيرة .
وإليك نموذجاً مما قاله في وصف علي ( عليه السلام ) حيث قال :
( إسلامه سابق ، ومحلُّه سامق ، ومجده باسق ، وذكره نجم طارق ، وسيفه قدر بارق ، وعلمه بحر دافق ، وإمامته لواء خافق ) .
مؤلفاته :
كان الصاحب من أكبر الوزراء تصنيفاً ، ولا يخفى أن من يشتغل بالوزارة وقيادة الجيش يضيق وقته عن التأليف ، ولكنه بالرغم من ذلك أَلَّف في الكلام واللغة ، والأدب والتأريخ ، والعَروض والأخبار ، والأخلاق والنثر والنظم .
وما وصل إلينا منها أكثر من ثلاثين مؤلفاً ، نذكر خمسة كنموذج من الكتب المطبوعة غير المخطوطة :
1 - الإبانة عن مذهب أهل العدل .
2 - الإقناع في العروض وتخريج القوافي .
3 - التذكرة في الأصول الخمسة .
4 - رسالة في الطِّب .
5 - رسالة في الهداية والضلالة .
ما قيل فيه :
قال الثعالبي :
ليست تحضرني عبارة أرضاها للإفصاح عن عُلُوِّ مَحَلِّه في العلم والأدب وجلالة شأنه في الجود والكرم ، هو صدر المشرق ، وتاريخ المجد ، وغُرَّة الزمان ، وينبوع العدل والإحسان .
وقال السمعاني :
الوزير المعروف بالصاحب إشتُهِرَ ذكره وشعره ومجموعاته في النظم والنثر في الآفاق ، فاستغنينا عن شرح ذلك .
وقال ابن خلكان :
كان نادرة الدهر ، وأعجوبة العصر ، في فضائله ومكارمه .
وقال الطريحي :
جمع الصاحب بين الشعر والكتابة ، وفاق فيها أقرانه . الصاحب بن عباد عالم ، فاضل ماهر ، شاعر أديب ، محقق متكلم ، عظيم الشأن جليل القدر في العلم والأدب والدِّين والدنيا .
وفاته :
توفي الصاحب بن عباد ( رحمه الله ) بالرَّي سنة ( 385 هـ ) ، وكان عمره قد ناهز الستين سنة .