الفصل الثالث في العهـود

البريد الإلكتروني طباعة

كتاب منهاج الصالحين ج 3

مسألة 726 : لو طرأ لناذر المشي العجز عنه في بعض الطريق دون البعض فالاحوط وجوباً ان يمشي مقدار ما يستطيع ويركب في البعض

( 236 )

الاخر ولا شيء عليه على الاقوى، ولو اضطر الى ركوب السفينة فالاحوط الاولى ان يقوم فيها بقدر الامكان.

مسألة 727 : اذا نذر التصدق بعين شخصية تعيّنت ولا يجوز له اتلافها ولا تبديلها بعين اُخرى، ولو تلفت انحّل النذر ولا شيء عليه، نعم اذا كان ذلك باتلافه مع الالتفات الى نذره عُدّ حانثاً فتلزمه الكفارة ولا يضمن العين على الاقوى، هذا اذا كان النذر مطلقاً ومثله ما اذا كان معلقاً وتحقق المعلَّق عليه، واما قبل تحققه فيجوز له التصرف في العين المنذورة التصدق بالاتلاف والنقل الى الغير ما لم يعلم بتحقق المعلَّق عليه لاحقاً ولم يكن نذره مشتملاً على الالتزام بابقاء العين الى أن يتبين له عدم تحققه، واما في هاتين الصورتين فلا يجوز له التصرف فيها ايضاً.

مسألة 728 : اذا نذر التصدق على شخص معين لزم ولا يملك المنذور له الابراء منه، فلا يسقط عن الناذر بابرائه، وهل يلزم المنذور القبـول؟ الظاهر لا، فيبطل النذر بعدم قبوله، ولو امتنع ثم رجع الى القبول وجب التصدق عليه اذا كان النذر مطلقاً أو موقتاً ولم يخرج وقته وكان لمتعلقه اطلاق يشمل صورة قبوله بعد الامتناع، واما لو كان مقيّداً ـ ولو ارتكازاً ـ بغير هذه الصورة فينحل النذر بامتناعه أوّلاً.

مسألة 729 : اذا نذر التصدق بمقدار معين من ماله ومات قبل الوفاء به فالظاهر انه لا يُخرج من اصل تركته، إلاّ ان الاحوط استحباباً لكبار الورثة اخراج ذلك المقدار من حصصهم والتصدق به من قبله.

واذا نذر التصدق على شخص معين فمات المنذور له قبل الوفاء بالنذر ففي قيام وارثه مقامه في وجوب التصدق عليه اشكال بل منع.


( 237 )

مسألة 730 : لا اشكال في صحة نذر التصدق على نحو نذر الفعل، واما صحته على نحو نذر النتيجة بان ينذر ان يكون ماله المعين صدقة على فلان فمحل اشكال بل لا يبعد بطلانه.

مسألة 731 : لو نذر مبلغاً من النقود لمشهد من المشاهد المشرفة صرفه في مصالحه كعمارته وفراشه وتهيئة وسائل تبريده وتدفئته وانارته واجور خدمه والقائمين على حفظه وصيانته وما الى ذلك من شؤونه، واذا لم يتيسر صرفه فيما ذكر واشباهه أو كان المشهد مستغنياً من جميع الوجوه صرفه في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم أو قطع بهم الطريق أو تعرضوا لطارىَ آخر، وهكذا الحال لو نذر متاعاً للمشهد فكان مستغنياً عن عينه أو لم يمكن الاستفادة منه فيه فانه يبيعه ويصرف ثمنه في مصالحه ان امكن وإلاّ ففي معونة زوّاره على النحو الآنف الذكر.

مسألة 732 : لو نذر شيئاً للكعبة المعظمة فان امكن صرف عينه في مصالحها ـ كالطيب ـ فهو وإلاّ باعه وصرف قيمته فيها، وان لم يمكن ذلك ايضاً ـ ولو لاستغنائها من جميع الوجوه ـ صرفه عيناً أو قيمة في معونة زوارها على النهج المتقدم في المسألة السابقة.

مسألة 733 : لو نذر مالاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو لبعض الائمة عليهم السلام أو لبعض اعاظم الماضين من العلماء والصالحين واضرابهم صرفه في جهة راجعة الى المنذور له كتأمين نفقة المحتاجين من زواره أو على مشهده الشريف أو على ما فيه احياء ذكره واعلاء شأنه كاقامة المجالس المعدّة لنشر علومه ومواعظه ومحاسن كلامه وذكر فضائله ونحو ذلك، هذا اذا لم يكن من قصد الناذر جهة خاصة ومصرف معيّن وإلاّ اقتصر عليها.


( 238 )

مسألة 734 : لو نذر شاة للصدقة أو لاَحد الاَئمة عليهم السلام أو لمشهد من المشاهد فنمت نمواً متصلاً كالسمن كان النماء تابعاً لها في اختصاصها بالجهة المنذور لها، واذا نمت نمواً منفصلاً كما اذا ولدت شاة اُخرى أو حصل فيها لبن فالنماء للناذر إلاّ اذا كان قاصداً للتعميم حين انشاء النذر.

مسألة 735 : اذا نذر التصدق بجميع ما يملكه عيناً أو قيمة عندما يقضي الله له حاجة معينة فقضاها الله تبارك وتعالى ولكنه وجد مشقة شديدة في التصدق بجميع ماله فالاحوط وجوباً ان يتصدق بما يمكنه ويقوم الباقي بقيمة عادلة في ذمته قبل ان يتصرف فيه ثم يتصدق عما في ذمته شيئاً فشيئاً ويحسب منه ما يعطي الى الفقراء والمساكين وارحامه المحتاجين ويقيد ذلك في سجل الى ان يوفي التمام فان بقي منه شيء أوصى بان يؤدى من تركته .

مسألة 736 : اذا نذر صوم يوم اذا برىَ مريضه أو قدم مسافره مثلاً فبان برء المريض وقدوم المسافر قبل نذره لم يكن عليه شيء.

مسألة 737 : اذا تعلق نذره بايجاد عمل من صوم أو صلاة أو صدقة أو غيرها، فان عيّن له وقتاً تعيّن ويتحقق الحنث وتجب الكفارة بتركه فيه، فان كان صوماً وجب قضاؤه وكذا ان كان صلاة على الاحوط دون غيرها، وهكذا الحال فيما اذا كانت الازمنة المتأخرة جداً خارجة عن محطّ نظره حين النذر فانه لا يجوز له التأخير في الاتيان بالمنذور الى حينها والا كان حانثاً، واما ان كان النذر مطلقاً كان وقته العمر وجاز له التأخير الى حدّ لا يعدّ معه متوانياً ومتهاوناً في اداء الواجب ويتحقق الحنث بتركه مدة عمره.

هذا اذا كان المنذور فعل شيء، وان كان ترك شيء فان عيّن له وقتاً

( 239 )

كان حنثه بايجاده فيه، وان كان مطلقاً كان حنثه بايجاده في مدة عمره ولو مرة، فلو اتى به اكثر من مرة لم يحنث إلاّ بالمرة الاولى فلا تتكرر عليه الكفارة، كما مرّ نظيره في اليمين.

مسألة 738 : اذا نذر الاب أو الام تزويج بنتهما من هاشمي أو من غيره في أوان زواجها لم يكن لذاك النذر أثر بالنسبة اليها وعدّ كأن لم يكن.

مسألة 739 : انما يتحقق الحنث الموجب للكفارة بمخالفة النذر اختياراً، فلو اتى بشيء تعلق النذر بتركه نسياناً أو خطأً أو غفلة أو اكراهاً أو اضطراراً أو عن جهل يعذر فيه لم يترتب عليه شيء، بل الظاهر عدم انحلال النذر به فيجب الترك بعد ارتفاع العذر لو كان النذر مطلقاً أو موقتاً وقد بقي الوقت.

مسألة 740 : كفارة حنث النذر ككفارة اليمين على الاقوى، وهي عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فان عجز صام ثلاثة ايام متواليات.


( 240 )

الفصل الثالث في العهـود

مسألة 741 : لا ينعقد العهد بمجرد النية بل يحتاج الى الصيغة على الاقوى فلا يجب العمل بالعهد القلبي وان كان ذلك احوط، وصيغة العهد ان يقول: (عاهدتُ الله، أو عليّ عهدُ اللهِ أنْ أفعل كذا، أو أتركَ كذا) اما مطلقاً أو معلقاً على أمر.

مسألة 742 : يعتبر في مُنشىَ العهد ان يكون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلق العهد على حذو ما تقدم اعتباره في النذر واليمين.

مسألة 743 : العهد المعلَّق كالنذر المعلَّق فيما يعتبر في المعلق عليه فتجري فيه التفاصيل المتقدمة في المسألة (709).

مسألة 744 : لا يعتبر في متعلَّق العهد ان يكون راجحاً شرعاً، كما مرّ اعتباره في متعلَّق النذر، بل يكفي ان لا يكون مرجوحاً شرعاً مع كونه راجحاً بحسب الاغراض الدنيوية العقلائية أو مشتملاً على مصلحة دنيوية شخصية، فلو عاهد الله تبارك وتعالى على فعل مباح له فيه مصلحة شخصية لزمه الوفاء بعهده إلاّ اذا صار مرجوحاً شرعاً أو زالت عنه المصلحة الشخصية لبعض الطوارىَ فانه ينحل عهده حينئذٍ ولا يلزمه الوفاء به.

مسألة 745 : اذا خالف عهده بعد انعقاده لزمته الكفارة وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكيناً.


( 240 )


( 241 )

كِتابُ الكفارات


( 242 )


( 243 )

وفيه فصلان:

الفصل الاَوّل

في اقسام الكفارات وموارد ثبوتها

مسألة 746 : الكفارات ـ عدا كفارات الاحرام ـ على خمسة أقسام:

القسم الاَوّل: الكفارة المرتبة، وهي في ثلاثة موارد:

1 ـ كفارة الظهار.

2 ـ كفارة قتل الخطأ.

ويجب فيهما: عتق رقبة، فان عجز فصيام شهرين متتابعين، فان عجز فاطعام ستين مسكيناً.

3 ـ كفارة من افطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال.

ويجب فيها اطعام عشرة مساكين، فان عجز فصيام ثلاثة ايام.

القسم الثاني: الكفارة المخيرة(1)، وهي في ثلاثة موارد أيضاً :

____________

(1) سيأتي في المسألة (780) ان من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة الافطار يلزمه التصدق بما يطيق، وان من عجز عنها في كفارة الاعتكاف او العهد يلزمه صيام ثمانية عشر يوماً، فالكفارة الثابتة في الموارد الثلاثة المذكورة مشتملة على التخيير والترتيب ـ كالقسم الثالث الآتي ـ فعدها قسماً مستقلاً في مقابله جرى على وفق ما هو الشائع في كلمات الفقهاء رضوان الله عليهم من تقسيم الكفارات الى: مرتبة، ومخيرة، وما اجتمع فيه الامران، وكفارة الجمع.


( 244 )

1 ـ كفارة من افطر في شهر رمضان بتعمد الاكل أو الشرب أو الجماع أو الاستمناء أو البقاء على الجنابة.

2 ـ كفارة من افسد اعتكافه الواجب بالجماع ولو ليلاً، ويلحق به على الاحوط وجوباً الجماع المسبوق بالخروج المحرّم وان بطل اعتكافه به بشرط عدم رفع يده عنه.

3 ـ كفارة حنث العهد.

ويجب في الجميع: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو اطعام ستين مسكيناً.

القسم الثالث: ما اجتمع فيه الترتيب والتخيير، وهي في ثلاثة موارد ايضاً:

1 ـ كفارة الايلاء.

2 ـ كفارة اليمين.

3 ـ كفارة النذر، حتى نذر صوم يوم معين على الاقوى.

ويجب في الجميع: عتق رقبة، أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فان عجز فصيام ثلاثة أيام.

القسم الرابع: الكفارة المعينة، وهي فيمن حلف بالبراءة من الله أو من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أو من دينه أو من الائمة عليهم السلام ثم حنث.

فيجب عليه: اطعام عشرة مساكين.

القسم الخامس: كفارة الجمع، وهي في قتل المؤمن عمداً وظلماً

ويجب فيه: عتق رقبة مع صيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكيناً.

مسألة 747 : اذا اشترك جماعة في القتل العمدي وجبت الكفارة على كل واحد منهم، وكذا في قتل الخطأ.


( 245 )

مسألة 748 : اذا ثبت على مسلم حدّ يوجب القتل ـ كالزاني المحصن واللائط ـ فقتله غير الاِمام والمأذون من قبله فثبوت الكفارة على القاتل غير بعيد، نعم لا كفارة في قتل المرتد ـ اذا لم يتب ـ مطلقاً على الاظهر.

مسألة 749 : المشهور أن في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة الافطار في شهر رمضان. وفي نتفه أو خدش وجهها اذا ادمته، أو شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة اليمين. ولكن الاظهر عدم وجوب الكفارة في هذه الموارد وان كان التكفير احوط.

مسألة 750 : ذكر جمع من الفقهاء رضوان الله عليهم ان من افطر في شهر رمضان على الحرام وجبت عليه كفارة الجمع، ولكن الاظهر عدم وجوبها وكفاية الكفارة المخيرة.

مسألة 751 : لو تزوج بامرأة ذات بعل أو في العدة الرجعية لزمه ان يفارقها، والاحوط الاولى ان يكفر بخمسة اصوع من دقيق.

مسألة 752 : لو نام عن صلاة العشاء الاخرة حتى خرج الوقت فالاحوط الاولى ان يصبح صائماً.

مسألة 753 : لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عن الصوم فالاحوط لزوماً ان يتصدق لكل يوم بمد على مسكين، أو يعطيه مدين ليصوم عنه.

مسألة 754 : قد عدّ من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق عليه السلام من ان كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان، وكفارة المجالس ان تقول عند قيامك منها: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)، وكفارة الضحك ان يقول: (اللّهم لا تمقتني)، وكفارة الاغتياب الاستغفار للمغتاب، وكفارة الطيرة التوكل، وكفارة اللطم على الخدود الاستغفار والتوبة.

الفصل الثاني

في أحكام الكفارات

مسألة 755 : يعتبر في الخصال الثلاث ـ العتق والصيام والاطعام ـ النية المشتملة على قصد العمل، وقصد القربة، وكذا قصد كونه كفارة ولو اجمالاً. فلو تردد ما في ذمته بين الكفارة وغيرها ـ كما لو علم ان عليه صيام شهرين متتابعين ولم يعلم انه من جهة النذر أو الكفارة ـ اجتزأ بالاتيان به بقصد ما في الذمة وان تبين بعد ذلك كونه كفارة، والاظهر عدم اعتبار قصد النوع فيها وان وجبت باسباب مختلفة إلاّ اذا اخذ في المتعلق خصوصية قصدية كما في كفارة الظهار بلحاظ كونها محللة للوطء، فلو كان عليه صيام شهرين متتابعين مرة لكفارة القتل خطأً وأُخرى لكفارة الافطار في شهر رمضان متعمداً فصام شهرين بقصد التكفير اجزأه عن احدهما، فان صام كذلك مرة أُخرى فرغت ذمته عنهما جميعاً، واما لو كان عليه صيام شهرين متتابعين مرة لكفارة القتل خطأً، وأُخرى لكفارة الظهار فصام شهرين من دون تعيين وقع عن الاولى فان صام شهرين آخرين وقع عن الثانية، هذا في المتعدد من انواع مختلفة، واما في المتعدد من نوع واحد فلا يعتبر التعيين مطلقاً.

نعم في مثل كفارة الظهار لا يترتب اثر عملي وترخيص فعلي فيما اذا ظاهر من زوجتيه معاً مثلاً وصام شهرين متتابعين من دون قصد احداهما بالخصوص، ولكن اذا اتبعه بصوم شهرين آخرين بقصد كفارة الظهار حلت له كلتا الزوجتين.


( 247 )

مسألة 756 : العجز عن العتق الموجب لوجوب الصيام ثم الاِطعام في الكفارة المرتبة متحقق في زماننا ـ هذا ـ لعدم الرقبة. واما العجز عن الصيام الموجب لتعين الاطعام فيتحقق بالتضرر به لاستتباعه حدوث مرض أو لايجابه شدته أو طول برئه أو شدة ألمه، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذي لم تجر العادة بتحمّل مثله، وكذا يتحقق بكون الصوم شاقاً عليه مشقة لا تتحمل.

واما العجز عن الاطعام والاكساء في كفارة اليمين ونحوها الموجب للانتقال إلى الصيام فيتحقق بعدم تيسر تحصيلهما ولو لعدم توفر ثمنهما عنده أو احتياجه اليه في نفقة نفسه أو نفقة عياله الواجبي النفقة عليه، أو في اداء ديونه ونحوها، كما يتحقق بفقدان المسكين المستحق لهما.

مسألة 757 : ليس طروّ الحيض والنفاس موجباً للعجز عن الصيام والانتقال الى الاطعام في الكفارة المرتبة، وكذا طروّ الاضطرار الى السفر الموجب للافطار؛ لما سيأتي من عدم انقطاع التتابع بطروّ ذلك.

مسألة 758 : المعتبر في العجز والقدرة في الكفارة المرتبة حال الاداء لا حال الوجوب، فلو كان حال حدوث موجب الكفارة قادراً على صيام شهرين متتابعين عاجزاً عن اطعام ستين مسكيناً فلم يصم حتى صار بالعكس، صار فرضه الاطعام، ولم يستقر الصوم فى ذمته.

مسألة 759 : يكفي في تحقق الموجب للانتقال الى البدل في الكفارة المرتبة العجز العرفي في وقت التكفير، فلو وجبت عليه كفارة الظهار فاراد التكفير فوجد نفسه مريضاً لا يقدر على الصيام ولكن كان يأمل شفاءه من مرضه مستقبلاً والتمكن من الصوم لم يلزمه الانتظار بل يجزئه الانتقال الى

( 248 )

الاطعام، ولكن لو لم يطعم حتى برىَ من مرضه وتمكن من الصيام تعين ولم يجزئه الاِطعام حينئذٍ.

وهكذا لو وجبت عليه كفارة حنث اليمين فاراد التكفير وكان فقيراً لا يقدر على اطعام عشرة مساكين ولا على كسوتهم اجزأه صيام ثلاثة أيام متواليات، وان كان يحتمل تمكنه لاحقاً من الاطعام أو الاكساء، ولكن لو لم يصم حتى تمكن من احدهما تعين ولم يجزئه الصوم عندئذٍ.

مسألة 760 : اذا عجز عن الصيام في كفارة الظهار مثلاً، أو عجز عن الاطعام والاكساء في كفارة اليمين مثلاً، ولكنه علم بتمكنه منهما بعد فترة قصيرة كاسبوع مثلاً فهل يلزمه الانتظار ام يجزئه الانتقال الى بدلهما؟ فيه اشكال ولا يبعد وجوب الانتظار.

مسألة 761 : اذا عجز عن الصيام في كفارة الظهار مثلاً فشرع في الاطعام ثم تمكن منه اجتزأ باتمام الاطعام على الاظهر، وكذا اذا عجز عن الاطعام والاكساء في كفارة اليمين فشرع في الصوم ولو ساعة من النهار ثم تمكن من احدهما فان له اتمام الصيام، نعم لو عرض ما يوجب استئنافه ـ بان عرض في اثنائه ما ابطل التتابع ـ تعين عليه الاطعام أو الاكساء مع بقاء القدرة عليه.

مسألة 762 : يجب التتابع في صوم الشهرين من الكفارة المخيرة والمرتبة وكفارة الجمع، كما يجب التتابع بين صيام الايام الثلاثة في كفارة اليمين وما بحكمها، واما غيرهما من الصيام الواجب كفارة فلا يعتبر فيه التتابع على الاظهـر.

ويتفرع على وجوب التتابع فيما ذكرناه انه لا يجوز الشروع في الصوم

( 249 )

في زمان يعلم انه لا يسلم له بتخلل العيد او تخلل يوم يجب فيه صوم آخر في زمان معين بين ايامه، فلو شرع في صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين قبل يوم أو يومين من شهر رمضان، أو من خميس معين نذر صومه شكراً مثلاً لم يجز بل وجب استئنافه.

مسألة 763 : انما يضر الافطار في الاثناء بالتتابع فيما اذا وقع على وجه الاِختيار، فلو وقع لعذر من الاعذار ـ كما اذا كان الافطار بسبب الاكراه أو الاضطرار، أو بسبب عروض المرض أو طروّ الحيض أو النفاس لا بتسبيبه ـ لم يضر به، ومن العذر وقوع السفر في الاثناء اذا كان ضرورياً دون ما كان بالاختيار، ومنه ايضاً ما اذا نسي النية حتى فات وقتها، وكذا الحال فيما اذا تخلل صوم آخر في البين لا بالاختيار كما اذا نسي فنوى صوماً آخر، ومنه ما اذا نذر صوم كل خميس مثلاً ثم وجب عليه صوم شهرين متتابعين فانه لا يضر بالتتابع تخلل المنذور فيه، بخلاف ما اذا وجب عليه صوم ثلاثة ايام من كفارة اليمين او ما بحكمها فانه يضر تخلله بالتتابع؛ لتمكنه من صيام ثلاثة أيام متتابعات في اوائل الاسبوع مثلاً، هذا اذا كان الصوم المنذور معنوناً بعنوان لا ينطبق على صوم الكفارة كما لو نذر صوم كل خميس شكراً، واما لو كان مطلقاً بان نذر ان يكون صائماً فيه على نحو الاطلاق فلا يستوجب ذلك تخللاً فيه بل يحسب من الكفارة ايضاً.

مسألة 764 : يكفي في تتابع الشهرين من الكفارة ـ مرتبة كانت أم مخيرة أم كفارة الجمع ـ صيام شهر ويوم متتابعاً، ويجوز له التفريق بعد ذلك ولو اختياراً لا لعذر، على اشكال فيما اذا لم يكن لعارض يعد عذراً عرفاً فلا تترك مراعاة الاحتياط فيه.


( 250 )

مسألة 765 : من وجب عليه صيام شهرين يجوز له الشروع فيه في اثناء الشهر على الاقوى، ولكن الاحوط حينئذ أن يصوم ستين يوماً مطلقاً، سواء أكان الشهر الذي شرع فيه مع تاليه تامين أم ناقصين أم مختلفين، ولو وقع التفريق بين الايام بتخلل ما لا يضر بالتتابع شرعاً تعيّن ذلك.

واما لو شرع فيه من اول الشهر فيجزيه شهران هلاليان وان كانا ناقصين.

مسألة 766 : يتخير في الاطعام الواجب في الكفارات بين تسليم الطعام الى المساكين واشباعهم، ويجوز التسليم الى البعض واشباع البعض، ولا يتقدر الاشباع بمقدار معين بل المدار فيه عرض الطعام الجاهز عليهم بمقدار يكفي لاشباعهم قلّ أو كثر، واما التسليم فأقل ما يجزي فيه تسليم كل واحد منهم مداً من الطعام، والافضل بل الاحوط مدان، ولا بُدّ في كل من النحوين اكمال العدد من الستين أو العشرة، فلا يجزىَ اشباع ثلاثين أو خمسة مرتين أو تسليم كل منهم مدين، ولا يجب الاجتماع لا في التسليم ولا في الاشباع، فلو اطعم ستين مسكيناً في اوقات متفرقة من بلاد مختلفة ولو كان هذا في سنة وذاك في سنة أُخرى لاجزأ وكفى.

مسألة 767 : الواجب في الاشباع اشباع كل واحد من العدة مرة، وان كان الافضل اشباعه في يومه وليله غداءً وعشاءً.

مسألة 768 : يجزىَ في الاشباع كل ما يتعارف التغذي والتقوت به لغالب الناس من المطبوخ وما يصنع من انواع الاطعمة، ومن الخبز من اي جنس كان مما يتعارف تخبيزه من حنطة أو شعير أو غيرهما وان كان بلا ادام، والافضل ان يكون مع الادام وهو كل ما جرت العادة باكله مع الخبز

( 251 )

جامداً أو مائعاً وان كان خلاً أو ملحاً أو بصلاً وكل ما كان أجود كان أفضل.

واما في التسليم فيجزي بذل ما يسمى طعاماً من مطبوخ وغيره من الحنطة والشعير وخبزهما ودقيقهما والارز والماش والذرة والتمر والزبيب وغيرها، نعم الاحوط لزوماً في كفارة اليمين وما بحكمها الاقتصار على الحنطة ودقيقها.

مسألة 769 : التسليم الى المسكين تمليك له، وتبرأ ذمة المكفّر بمجرد ذلك، ولا تتوقف البراءة على اكله الطعام فيجوز له بيعه عليه وعلى غيره.

مسألة 770 : يتساوى الصغير والكبير ان كان التكفير بنحو التسليم، فيعطي الصغير مداً من طعام كما يعطي الكبير، وان كان اللازم في الصغير التسليم الى وليّه، واما ان كان التكفير بنحو الاشباع فاللازم احتساب الاثنين من الصغار بواحد، ولا فرق في ذلك ـ على الاحوط ـ بين ان يجمع الكبار والصغار في الاِشباع ام يشبع الصغار منفردين، والظاهر أنه لا يعتبر في الاشباع إذن من له الولاية أو الحضانة اذا لم يكن منافياً لحقه.

مسألة 771 : يجوزاعطاء كل مسكين ازيد من مدّ، أو اشباعه أزيد من مرّة عن كفارات متعددة ولو مع الاختيار، فلو افطر تمام شهر رمضان جاز له اشباع ستين شخصاً معينين في ثلاثين يوماً، أو تسليم ثلاثين مداً من طعام لكل واحد منهم وان وجد غيرهم.

مسألة 772 : اذا تعذر اكمال العدد الواجب من الستين أو العشرة في البلد وجب النقل الى غيره، وان تعذر لزم الانتظار، وفي كفاية التكرار على العدد الموجود حتى يستوفي المقدار اشكال، وعلى القول بالكفاية فلا بُدّ

( 252 )

من الاقتصار في التكرار على مقدار التعذر، فلو تمكن من عشرة كررّ عليهم ست مرات ولا يجوز التكرار على خمسة منهم مثلاً اثني عشرة مرة.

مسألة 773 : المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفارة هو الفقير الذي يستحق الزكاة، وهو من لا يملك مؤنة سنته فعلاً ولا قوة، ويشترط فيه الاسلام بل الايمان على الاحوط، ولكن يجوز دفعها الى الضعفاء من غير اهل الولاية ـ عدا النصاب ـ اذا لم يجد المؤمن، ولا يجوز دفعها الى واجب النفقة كالوالدين والاولاد والزوجة الدائمة دون المنقطعة، ويجوز دفعها الى سائر الاقارب بل لعله أفضل.

مسألة 774 : لا يشترط في المسكين الذي هومصرف الكفارة العدالة، نعم الاحوط عدم دفعها لتارك الصلاة ولا لشارب الخمر ولا للمتجاهر بالفسق، وفي جواز اعطاء كفارة غير الهاشمي الى الهاشمي قولان اقواهما الجـواز.

مسألة 775 : يعتبر في الكسوة التي يتخير بينها وبين العتق والاطعام في كفارة اليمين وما بحكمها ان يعد لباساً عرفاً، من غير فرق بين الجديد وغيره ما لم يكن منخرقاً أو منسحقاً وبالياً بحيث ينخرق بعد فترة قصيرة من الاستعمال، فلا يكتفى بالعمامة والقلنسوة والحذاء والخف والجورب. والكسوة لكل فقير ثوب وجوباً وثوبان استحباباً بل هما مع القدرة احوط. ويعتبر فيها العدد كالاطعام، فلو كرر على واحد ـ بان كساه عشر مرات ـ لم تحسب له إلاّ واحدة، ولا فرق في المكسوِّ بين الصغير والكبير والذكر والانثى، نعم في الاكتفاء بكسوة الصغير جداً كابن شهر أو شهرين اشكال فلا يترك الاحتياط.