2 ـ القرابة

البريد الإلكتروني طباعة

كتاب منهاج الصالحين ج 3

مسألة 426 : إذا دفع إليها كسوة قد جرت العادة ببقائها مدة فلبستها فخلقت قبل تلك المدة أو سرقت لا بتقصير منها في الصورتين وجب عليه دفع كسوة اُخرى إليها، ولو انقضت المدة والكسوة باقيه ليس لها مطالبة

( 128 )

كسوة اُخرى، ولو خرجت في اثناء المدة عن الاِستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق فان كان الدفع إليها على وجه الاِمتاع والاِنتفاع جاز له استردادها ان كانت باقية، واما إذا كان على وجه التمليك فليس له ذلك.

مسألة 427 : يجوز للزوجة ان تتصرف فيما تملكه من النفقة كيفما تشاء، فتنقله الى غيرها ببيع او هبة او اجارة او غيرها الاّ اذا اشترط الزوج عليها ترك تصرف معين فيلزمها ذلك، واما ما تتسلمه من دون تمليك للامتاع والانتفاع به فلا يجوز لها نقله الى الغير ولا التصرف فيه بغير الوجه المتعارف الاّ باذن من الزوج.

مسألة 428 : النفقة الواجب بذلها للزوجة هو ما تقوم به حياتها من طعام وشراب وكسوة ومسكن واثاث ونحوها، دون ما تشتغل به ذمتها ممّا تستدينه لغير نفقتها، وما تنفقه على من يجب نفقته عليها، وما يثبت عليها من فدية أو كفارة أو ارش جناية ونحو ذلك.

مسألة 429 : إذا لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته وجب عليه تحصيله بالتكسب اللائق بشأنه وحاله، وإذا لم يكن متمكّناً منه أخذ من حقوق الفقراء من الاَخماس والزكوات والكفارات ونحوها بمقدار حاجته في الاِنفاق عليها، وإذا لم يتيسر له ذلك تبقى نفقتها ديناً عليه، ولا يجب عليه تحصيلها بمثل الاِستيهاب والسؤال، وهل تجب عليه الاِستدانة لها إذا امكنه ذلك من دون حرج ومشقة وعلم بالتمكن من الوفاء فيما بعد؟ الظاهر ذلك، واما إذا احتمل عدم التمكن من الوفاء احتمالاً معتدّاً به ففي وجوبها عليه اشكال. هذا في نفقة الزوجة، واما نفقة النفس فليست بهذه المثابة فلا يجب السعي لتحصيلها إلاّ بمقدار ما يتوقف عليه حفظ النفس

( 129 )

والعرض والتوقي عن الاِصابة بضرر بليغ، وهذا المقدار يجب تحصيله بأيّة وسيلة حتى بالاِستعطاف والسؤال فضلاً عن الاِكتساب والاِستدانة.

مسألة 430 : إذا كان الزوج عاجزاً عن تأمين نفقة زوجته أو امتنع من الاِنفاق عليها مع قدرته جاز لها رفع امرها الى الحاكم الشرعي على ما تقدّم تفصيله في الفصل الثامن.

مسألة 431 : إذا لم تحصل الزوجة على النفقة الواجبة لها كلاً أو بعضاً كماً أو كيفاً؛ لفقر الزوج أو امتناعه بقي ما لم تحصله منها ديناً في ذمته كما تقدّمت الاِشارة اليه، فلو مات اخرج من اصل تركته كسائر ديونه، ولو ماتت انتقل الى ورثتها كسائر تركتها، سواء طالبته بالنفقة في حينه أو سكتت عنها وسواء قدرها الحاكم وحكم بها أم لا، وسواء عاشت بالعسر أو انفقت هي على نفسها ـ باقتراض أو بدونه ـ أو انفق الغير عليها تبرعاً من نفسه، ولو انفق الغير عليها ديناً على ذمّة زوجها مع الاِستيذان في ذلك من الحاكم الشرعي اشتغلت له ذمّة الزوج بما انفق، ولو انفق عليها تبرعاً عن زوجها لم تشتغل ذمّة الزوج له ولا للزوجة.

مسألة 432 : نفقة الزوجة تقبل الاِسقاط بالنسبة الى الزمان الحاضر وكذا بالنسبة الى الاَزمنة المستقبلة على الاَظهر.

مسألة 433 : لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها بل تستحقها على زوجها وان كانت غنية غير محتاجة.

مسألة 434 : نفقة النفس مقدّمة على نفقة الزوجة، فاذا لم يكن للزوج مال يفي بنفقة نفسه ونفقة زوجته انفق على نفسه فان زاد شيء صرفه إليها.


( 130 )

مسألة 435 : المقصود بنفقة النفس المقدّمة على نفقة الزوجة مقدار قوت يومه وليلته وكسوته وفراشه وغطائه وغير ذلك مما يحتاج اليه في معيشته بحسب حاله وشأنه.

مسألة 436 : إذا اختلف الزوجان في الاِنفاق وعدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة فالقول قول الزوجة مع يمينها إذا لم تكن للزوج بيّنة.

مسألة 437 : إذا كانت الزوجة حاملاً ووضعت وقد طلّقت رجعياً فادّعت الزوجة ان الطلاق كان بعد الوضع فتستحق عليه النفقة، وادّعى الزوج انّه كان قبل الوضع وقد انقضت عدّتها فلا نفقة لها، فالقول قول الزوجة مع يمينها فان حلفت استحقت النفقة، ولكن الزوج يلزم بإعترافه فلا يجوز له الرجوع إليها.

مسألة 438 : إذا اختلفا في الاِعسار واليسار فادّعى الزوج الاِعسار وانّه لا يقدر على الاِنفاق، وادّعت الزوجة يساره، كان القول قول الزوج مع يمينه. نعم إذا كان الزوج موسراً وادّعى تلف امواله وانّه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها.

مسألة 439 : تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في الموارد المتقدّمة انّما هو فيما إذا لم يكن قوله مخالفاً للظاهر، وإلاّ قدّم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك، ففي مورد المسألة (436) إذا كانت الزوجة تعيش في بيت الزوج وداخلة في عياله وهو ينفق عليهم بنفسه أو بتوسّط وكيله عند غيابه، ثم ادّعت انّها لم تكن تتسلم منه نفقتها خلال تلك المدة ـ مع ظهور الحال في عدم استثنائها عنهم ـ لم يقبل قولها إلاّ بالبيّنة فان لم تكن لها بيّنة كان القول قول زوجها بيمينه.


( 131 )

2 ـ القرابة

مسألة 440 : يثبت للاَبوين حق الاِنفاق على ابنهما، كما يثبت للولد ـ ذكراً كان أو اُنثى ـ حق الاِنفاق على أبيه، والمشهور ثبوت حق الاِنفاق للاَبوين على بنتهما كما يثبت على إبنهما، وانّه مع فقد الولد أو إعساره يثبت حق الاِنفاق لهما على أولاد أولادها اي أبناء الاَبناء والبنات وبناتهم الاَقرب فالاَقرب.

وايضاً المشهور ثبوت حق الاِنفاق للولد مع فقد الاَب أو إعساره على جده لاَبيه وان علا الاَقرب فالاَقرب، ومع فقده أو إعساره فعلى اُمّه، ومع فقدها أو إعسارها فعلى أبيها واُمّها وأبي أبيها واُم أبيها وابي اُمّها واُم اُمها وهكذا الاَقرب فالاَقرب، وفي حكم آباء الاُم واُمهاتها اُم الاَب وكل من تقرب الى الاَب بالاُم كأبي اُم الاَب واُم ام الاَب واُم أبي الاَب وهكذا فتجب عليهم نفقة الولد مع فقد آبائه واُمّه مع مراعاة الاَقرب فالاَقرب اليه، وانّه إذا اجتمع من في الاَصول ومن في الفروع يثبت حق الاِنفاق على الاَقرب فالاَقرب، وما ذكروه لا يخلو عن اشكال وان كان احوط، ولا يثبت حق الاِنفاق لغير العمودين من الاُخوة والاَخوات والاَعمام والعمّات والاَخوال والخالات وغيرهم.

مسألة 441 : إذا تعدّد من يثبت عليه حق الاِنفاق كما لو كان للشخص أب مع إبن أو اكثر من إبن واحد ففي ثبوت الحق على الجميع كفاية أو الاِشتراك فيه بالسوية وجهان، فاذا لم يقم البعض بما يلزمه على تقدير الاشتراك فالاحوط لزوماً لغيره القيام به.


( 132 )

مسألة 442 : يشترط في وجوب الاِنفاق على القريب فقره، بمعنى عدم وجدانه لما يحتاج اليه في معيشته فعلاً من طعام وأدام وكسوة وفراش وغطاء ومسكن ونحو ذلك، فلا يجب الاِنفاق على الواجد لنفقته فعلاً وان كان فقيراً شرعاً اي لا يملك مؤنة سنته، واما غير الواجد لها فان كان متمكناً من تحصيلها بالاِستعطاء أو السؤال لم يمنع ذلك من وجوب الاِنفاق عليه بلا اشكال، نعم لو استعطى فاُعطي مقدار نفقته الفعلية لم يجب على قريبه الاِنفاق عليه، وهكذا الحال لو كان متمكناً من تحصيلها بالاَخذ من حقوق الفقراء من الاَخماس والزكوات والصدقات وغيرها، أو كان متمكناً من الاِقتراض ولكن بحرج ومشقة أو مع احتمال عدم التمكن من وفائه فيما بعد احتمالاً معتدّاً به، واما مع عدم المشقة في الاِقتراض ووجود محل الاِيفاء فالظاهر عدم وجوب الاِنفاق عليه.

ولو كان متمكناً من تحصيل نفقته بالاِكتساب فان كان ذلك بالقدرة على تعلّم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بنفقته ولكنه ترك التعلّم فبقي بلا نفقة وجب على قريبه الاِنفاق عليه ما لم يتعلّم، وهكذا الحال لو امكنه الاِكتساب بما يشق عليه تحمّله كحمل الاَثقال أو بما لا يناسب شأنه كبعض الاَشغال لبعض الاَشخاص ولم يكتسب لذلك فانه يجب على قريبه الاَنفاق عليه.

وان كان قادراً على الاِكتساب بما يناسب حاله وشأنه كالقوي القادر على حمل الاَثقال، والوضيع اللائق بشأنه بعض الاَشغال، ومن كان كسوباً وله بعض الاَشغال والصنايع وقد ترك ذلك طلباً للراحة، فالظاهر عدم وجوب الاِنفاق عليه، نعم لو فات عنه زمان اكتسابه بحيث صار محتاجاً فعلاً بالنسبة الى يوم أو أيام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب الاِنفاق

( 133 )

عليه وان كان ذلك العجز قد حصل بإختياره، كما انّه لو ترك الاِشتغال بالاِكتساب لا لطلب الراحة بل لاِشتغاله بأمر دنيوي أو ديني مهم كطلب العلم الواجب لم يسقط بذلك التكليف بوجوب الاِنفاق عليه.

مسألة 443 : إذا امكن المرأة التزويج بمن يليق بها ويقوم بنفقتها دائماً أو منقطعاً فهل تكون بحكم القادر فلا يجب على أبيها أو إبنها الاِنفاق عليها أم لا؟ وجهان أوجههما الثاني.

مسألة 444 : لا يشترط في ثبوت حق الاِنفاق كون المُنفِق أو المُنفَق عليه مسلماً أو عادلاً، ولا في المُنفَق عليه كونه ذا علّة من عمى وغيره، نعم يعتبر فيه ـ فيما عدا الابوين ـ ان لا يكون كافراً حربياً او من بحكمه.

مسألة 445 : هل يشترط في ثبوت حق الاِنفاق كمال المنفق بالبلوغ والعقل أم لا؟ وجهان أقربهما العدم، فيجب على الولي ان ينفق من مال الصبي والمجنون على من يثبت له حق الاِنفاق عليهما.

مسألة 446 : يشترط في وجوب الاِنفاق على القريب قدرة المنفق على نفقته بعد نفقة نفسه وزوجته الدائمة، فلو حصل له قدر كفاية نفسه وزوجته خاصة لم يجب عليه الاِنفاق على أقربائه، ولو زاد من نفقة نفسه وزوجته شيء صرفه في الاِنفاق عليهم والاَقرب منهم مقدّم على الاَبعد، فالولد مقدّم على ولد الولد، ولو تساووا وعجز عن الاِنفاق عليهم جميعاً فالاَظهر وجوب توزيع الميسور عليهم بالسوية إذا كان ممّا يقبل التوزيع ويمكنهم الاِنتفاع به، وإلاّ فالاَحوط الاولى ان يقترع بينهم، وان كان الاَقرب انّه يتخير في الانفاق على أيّهم شاء.

مسألة 447 : إذا كان بحاجة الى الزواج وكان ما لديه من المال لا يفي

( 134 )

بنفقة الزواج ونفقة قريبه معاً، جاز له ان يصرفه في زواجه وان لم يبلغ حدّ الاِضطرار اليه أو الحرج في تركه.

مسألة 448 : إذا لم يكن عنده ما ينفقه على قريبه وكان متمكناً من تحصيله بالاِكتساب اللائق بشأنه، وجب عليه ذلك وإلاّ اخذ من حقوق الفقراء أو استدان لذلك، نظير ما تقدّم في المسألة (429) بالنسبة الى العاجز عن نفقة زوجته.

مسألة 449 : لا تقدير لنفقة القريب شرعاً، بل الواجب القيام بما يقيم حياته من طعام وأدام وكسوة ومسكن وغيرها مع ملاحظة حاله وشأنه زماناً ومكاناً حسبما مرّ في نفقة الزوجة.

مسألة 450 : ليس من الاِنفاق الواجب للقريب ـ ولداً كان أو والداً ـ بذل مصاريف زواجه من الصداق وغيره وان كان ذلك احوط لاسيّما في الاَب مع حاجته الى الزواج وعدم قدرته على نفقاته.

مسألة 451 : ليس من الاِنفاق الواجب للقريب اداء ديونه، ولا دفع ما ثبت عليه من فدية أو كفارة أو ارش جناية ونحو ذلك.

مسألة 452 : يجب على الولد نفقة والده دون أولاده؛ لاَنّهم اُخوته ودون زوجته، ويجب على الوالد نفقة ولده دون زوجته، نعم يجب عليه نفقة أولاد ولده ايضاً بناءً على ما تقدّم من وجوب نفقة الولد على جدّه.

مسألة 453 : يجزي في الاِنفاق على القريب بذل المال له على وجه الاِمتاع والاِنتفاع ولا يجب تمليكه له، فان بذله له من دون تمليك لم يكن له ان يملّكه أو يبيحه للغير إلاّ إذا كان مأذوناً في ذلك من قبل المالك، ولو ارتزق بغيره وجبت عليه اعادته اليه ما لم يكن ماذوناً بالتصرف فيه حتى

( 135 )

على هذا التقدير.

مسألة 454 : يجزي في الاِنفاق على القريب بذل الطعام والادام ونحوهما له في دار المُنفِق ولا يجب نقلها اليه في دار اُخرى، ولو طلب المنفق عليه ذلك لم تجب اجابته إلاّ إذا كان له عذر من استيفاء النفقة في بيت المنفق من حرّ أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك.

مسألة 455 : نفقة الاَقارب تقبل الاِسقاط بالنسبة الى الزمان الحاضر على الاَظهر، ولا تقبل الاِسقاط بالنسبة الى الاَزمنة المستقبلة.

مسألة 456 : لا تُقضى ولا تُتدارك نفقة الاَقارب لو فاتت في وقتها وزمانها ولو بتقصير من المنفق ولا تستقر في ذمّته، بخلاف نفقة الزوجة كما مرّ، نعم لو أخلّ بالاِنفاق الواجب عليه ورفع من له الحق أمره الى الحاكم الشرعي فأذن له في الاِستدانة عليه ففعل اشتغلت ذمّته بما إستدانه ووجب عليه اداؤه كما سيأتي.

مسألة 457 : إذا دافع وامتنع من وجبت عليه نفقة قريبه عن بذلها جاز لمن له الحق اجباره عليه ولو باللجوء الى الحاكم وان كان جائراً، وان لم يمكن اجباره فان كان له مال جاز له ان يأخذ منه بمقدار نفقته بإذن الحاكم الشرعي، وإلاّ جاز له ان يستدين على ذمّته بإذن الحاكم فتشتغل ذمّته بما استدانه ويجب عليه قضاؤه، وان تعذّر عليه مراجعة الحاكم رجع الى بعض عدول المؤمنين واستدان عليه بإذنه فيجب عليه اداؤه.

3 ـ الملك

مسألة 458 : ذكر جمع من الفقهاء رضوان الله عليهم انّه يجب على

( 136 )

مالك كل حيوان ان يبذل له ما يحتاج اليه ممّا لا يحصله بنفسه من الطعام والماء والمأوى وسائر ضرورياته سواء أكان محلل اللحم أو محرّمه طيراً كان أم غيره اهليّاً أم وحشياً بحريّاً أم بريّاً حتى دود القز ونحل العسل وكلب الصيد.

ولكن هذا لا يخلو من اشكال، نعم الاَحوط وجوباً للمالك الاِنفاق عليه أو نقله ـ ببيع أو غيره ـ الى من يتمكن من تأمين نفقته، أو تذكيته بذبح أو غيره إذا كان من المذكّى ولم يعد ذلك تضييعاً للمال.

مسألة 459 : الاِنفاق على البهيمة ونحوها من الحيوانات كما يتحقق بإعلافها وإطعامها يتحقق بتخليتها ترعى في خصب الارض، فان اجتزأت بالرعي وإلاّ توقف على إعلافها بما نقص عن مقدار كفايتها.

مسألة 460 : لا يجوز حبس الحيوان ـ مملوكاً كان أم غيره ـ وتركه من دون طعام وشراب حتى يموت.

4 ـ الاِضطرار

مسألة 461 : إذا اضطر شخص الى اكل طعام غيره لاِنقاذ نفسه من الهلاك أو ما يدانيه وكان المالك حاضراً ولم يكن مضطراً اليه لاِنقاذ نفسه وجب عليه بذله له واطعامه ايّاه، ولكن لا يجب عليه ان يبذله من دون عوض، نعم ليس له ان يشترط بذل العوض في الحال مع عجز المضطر عنه وإلاّ عدّ ممتنعاً من البذل وسيأتي حكمه.

مسألة 462 : إذا اختار المالك بذل طعامه للمضطر بعوض فهنا صور:

الاولى : ان لا يقدّر العوض بمقدار معيّن، وحينئذٍ يثبت له على

( 137 )

المضطر مثل ما بذله ان كان مثلياً وقيمته ان كان قيمياً.

الثانية : ان يكون المضطر مريضاً غير قادر على المساومة مع المالك بشأن عوض الطعام، ولم يمكن المالك الاِتصال بوليّه أو وكيله لهذا الغرض، وحينئذٍ يلزم المالك بذل طعامه له بل يلزمه ان يؤكله إذا لم يكن متمكناً من الاَكل بنفسه ولا يستحق عليه سوى المثل أو القيمة كما في الصورة الاولى.

الثالثة : ان يكون المضطر قادراً على المساومة مع المالك في مقدار العوض أو امكن الاِتصال بوكيله أو وليّه، وهنا عدّة حالات:

1 ـ ان يتفق الطرفان على مقدار العوض فيتعين سواء أكان مساوياً لثمن المثل أو أقل أو اكثر منه.

2 ـ ان يطلب المالك لطعامه ثمن المثل أو اكثر منه بمقدار لا يعد مجحفاً، وحينئذٍ يجب على المضطر أو وليّه أو وكيله القبول، ولكن إذا لم يقبلوا وجب على المالك بذله للمضطر، ويحرم تصرفه فيه حينئذٍ ما لم يكن قاصراً، ولا يضمن للمالك إلاّ بدله من المثل أو القيمة.

3 ـ ان يطلب المالك لطعامه ثمناً مجحفاً، وحينئذٍ فان امكن المضطر اجباره على القبول بما لا يكون كذلك ولو بالتوسل الى الحاكم الشرعي فله ذلك، وإلاّ لزمه القبول بما يطلبه بلغ ما بلغ، فان كان متمكّناً من ادائه وجب عليه الاَداء إذا طالبه به وان كان عاجزاً يكون في ذمّته يتبع تمكنه.

مسألة 463 : إذا امتنع المالك من بذل طعامه ولو بعوض جاز للمضطر اجباره عليه واخذه منه قهراً، وتجب مساعدته في ذلك إذا لم يكن متمكّناً من اجباره بمفرده.


( 138 )

مسألة 464 : إذا كان المالك وغيره مضطرين جميعاً الى أكل ذلك الطعام لاِنقاذ نفسهما من الهلاك أو ما يدانيه لم يجب على المالك إيثار الغير على نفسه بتقديم طعامه اليه، ولكن هل يجوز له ذلك أم لا؟ فيه اشكال وان كان لا يبعد جوازه في بعض الموارد.

مسألة 465 : إذا لم يكن اضطرار ايّ منهما بحدّ الهلاك أو ما بحكمه لم يجز للغير اخذ طعام المالك قهرّاً عليه، كما لم يجب على المالك بذله، نعم يرجح له ايثار الغير على نفسه.

مسألة 466 : إذا اختص المالك بالاِشراف على الهلاك أو ما بحكمه لم يجز له ايثار الغير لاِنقاذه مما دون ذلك، وان انعكس وجب الاِيثار ولو بعوض كما مر.

مسألة 467 : إذا اضطر الى طعام وكان موجوداً عند اكثر من واحد وجب عليهم بذله كفاية ـ مع اجتماع شرائط الوجوب بالنسبة الى كل واحد ـ فاذا قام به واحد سقط عن غيره.

مسألة 468 : وجوب بذل الطعام للمضطر اليه لاِنقاذ نفسه من الهلاك أو ما بحكمه لا يختص بالمضطر المؤمن بل يشمل كل ذي نفس محترمة.

مسألة 469 : إذا دار امر المضطر بين الاَكل من الميتة مثلاً وأكل طعام الغير، فهل يجوز له أكل الميتة إذا كان المالك غائباً فلم يتيسر له الاِستيذان منه في أكل طعامه أم يلزمه تقويم الطعام على نفسه والاَكل منه دون الميتة؟

وإذا كان المالك حاضراً فهل يجب عليه بذل طعامه له أم يسعه الاِمتناع من البدل ليضطر الى اكل الميتة؟

لا يبعد الجواز في الاول وعدم الوجوب في الثاني


( 139 )

مسألة 470 : إذا كان المالك غائباً حين حصول الاِضطرار ولم يمكن الاِتصال به او بوكيله او وليه فللمضطر ان يرفع اضطراره بالاَكل من طعامه بعد تقدير ثمنه وجعله في ذمّته، ولا يكون اقل من ثمن المثل، والاَحوط المراجعة الى الحاكم الشرعي لو وجد ومع عدمه فإلى عدول المؤمنين.

مسألة 471 : التفاصيل المتقدّمة في الاِضطرار الى طعام الغير تجري في الاِضطرار الى غير الطعام من امواله كالدواء والثياب والسلاح ونحوها، ففي كل مورد اضطر فيه الشخص الى التصرف في مال غيره لحفظ نفسه أو عرضه يجب على المالك مع حضوره الترخيص له بالتصرف فيه بما يرفع اضطراره بعوض أو بدونه، ويجوز للمضطر مع غياب المالك التصرف في ماله بقدر الضرورة مع ضمانه العوض.

مسألة 472 : إذا توقفت صيانة الدين الحنيف واحكامه المقدّسة وحفظ نواميس المسلمين وبلادهم على انفاق شخص أو اشخاص من اموالهم وجب، وليس للمُنفِق في هذا السبيل ان يقصد الرجوع بالعوض على احد، وليس له مطالبة احد بعوض ما بذله في هذا المضمار.

كتاب الطـلاق


( 142 )


( 143 )

وفيه فصول:

الفصل الاَوّل

في شروط المطلِّق والمطلَّقة والطلاق

1 ـ شروط المطلِّق

مسألة 473 : يشترط في المطِّلق امور:

الامر الاَوّل : البلوغ، فلا يصح طلاق الصبي لا مباشرة ولا بتوكيل الغير وان كان مميّزاً إذا لم يبلغ عشر سنين، واما طلاق من بلغها ففي صحته اشكال فلا يترك مقتضى الاِحتياط فيه.

مسألة 474 : كما لا يصح طلاق الصبي بالمباشرة ولا بالتوكيل لا يصح طلاق وليّه عنه كأبيه وجدّه فضلاً عن الوصي والحاكم الشرعي.

الاَمر الثاني : العقل، فلا يصح طلاق المجنون وان كان جنونه ادواريّاً إذا كان الطلاق في دور جنونه.

مسألة 475 : يجوز للاَب والجدّ للاَب ان يطلّق عن المجنون المطبق زوجته مع مراعاة مصلحته، سواء أبلغ مجنوناً أو عرض عليه الجنون بعد البلوغ ـ فان لم يكن له أب ولا جدّ كان الاَمر الى الحاكم الشرعي.

واما المجنون الادواري فلا يصح طلاق الولي عنه وان طال دوره بل

( 144 )

يطلّق هو حال افاقته، وكذا السكران والمغمى عليه فانه لا يصح طلاق الولي عنهما، بل يطلّقان حال افاقتهما.

الاَمر الثالث : القصد، بان يقصد الفراق حقيقة فلا يصح طلاق السكران ونحوه ممّن لا قصد له معتدّاً به، وكذا لو تلفظ بصيغة الطلاق في حالة النوم أو هزلاً أو سهواً أو غلطاً او في حال الغضب الشديد الموجب لسلب القصد فانه لا يؤثر في الفرقة، وكذا لو أتى بالصيغة للتعليم أو للحكاية أو للتلقين أو مداراة لبعض نسائه مثلاً ولم يرد الطلاق جدّاً.

مسألة 476 : إذا طلّق ثم ادّعى عدم القصد فيه فان صدقته المرأة فهو وإلاّ لم يسمع منه.

الامر الرابع : الاِختيار، فلا يصح طلاق المكره ومن بحكمه.

مسألة 477 : الاِكراه هو إلزام الغير بما يكرهه بالتوعيد على تركه بما يضر بحاله مما لا يستحقه مع حصول الخوف له من ترتّبه، ويلحق به ـ موضوعاً أو حكماًـ ما إذا امره بإيجاد ما يكرهه مع خوف المأمور من إضراره به لو خالفه وان لم يقع منه توعيد أو تهديد، وكذا لو امره بذلك وخاف المأمور من قيام الغير بالاضرار به على تقدير مخالفته.

ولا يلحق به موضوعاً ولا حكماً ما إذا اوقع الفعل مخافة اضرار الغير به على تقدير تركه من دون إلزام منه اياه، كما لو تزوّج امرأة ثم رأى انّها لو بقيت في عصمته لوقعت عليه وقيعة من بعض اقربائها فالتجأ الى طلاقها فانه لا يضر ذلك بصحة الطلاق.

وهكذا الحال فيما إذا كان الضرر المتوّعد به ممّا يستحقه كما إذا قال ولي الدم للقاتل طلّق زوجتك وإلاّ قتلتك. أو قال الدائن للغريم: طلّق

( 145 )

زوجتك وإلاّ طالبتك بالمال. فطلّق، فانّه يصح طلاقه في مثل ذلك.

مسألة 478 : المقصود بالضرر الذي يخاف من ترتبه ـ على تقدير عدم الاِتيان بما الزم به ـ ما يعمّ الضرر الواقع على نفسه وعرضه وماله وعلى بعض من يتعلق به ممّن يهمه امره.

مسألة 479 : يعتبر في تحقق الاِكراه ان يكون الضرر المتوّعد به ممّا لا يتعارف تحمّله لمثله تجنّباً عن مثل ذلك العمل المكروه، بحيث يعد عند العقلاء ملجأً الى ارتكابه، وهذا امر يختلف باختلاف الاَشخاص في تحمّلهم للمكاره وباختلاف العمل المكروه في شدة كراهته وضعفها، فربّما يعدّ الاِيعاد بضرر معين على ترك عمل مخصوص موجباً لاِلجاء شخص الى ارتكابه ولا يعد موجباً لاِلجاء آخر اليه، وايضاً ربّما يعد شخص ملجَأً الى ارتكاب عمل يكرهه بإيعاده بضرر معين على تركه ولا يعد ملجَأً الى ارتكاب عمل آخر مكروه له ايضاً بإيعاده بمثل ذلك الضرر.