1 ـ ارضية الذنب بالتربوية والثقافية
أ ـ الجهل والحماقة :
الجهل والحماقة عاملان مؤثران في ايجاد الارضية لارتكاب الذنب . فالجهل بالله سبحانه وتعالى ، والجهل بالهدف الأساسي من خلقته ، والجهل بنواميس الخلقة ، والجهل بالاثار الناتجة من الذنب ، والجهل في معرفة بذل الجهد في العمل الصحيح .
فمثلاً في برنامج علم الطب . عندما نقدّم طعاماً ملوثاً « بالجراثيم » لشخصٍ جاهلٍ وأمّيّ فهو لا يرفضه بل يتناوله مطمئناً نتيجة جهله « بالجراثيم » اما اذا قدمنا نفس الطعام الملوث الى طبيب يعرف « الجراثيم » فمن المحال ان يأكل ذلك الطعام الملوث .
أن الذنوب المختلفة التي ارتكبها أغلب الناس في زمن الجاهلية يرجع سبيها الى الجهل والحماقة .
ولاجل أن نوضح اكثر ندعم كلامنا بالآيات القرآنية التالية :
1 ـ في الآية (38) من سورة الاعراف نقرأ :
( قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم الهة قال أنكم قوم تجهلون ) .
2 ـ في الآية (55) من سورة النمل عن لسان لوط ( عليه السلام ) موجهاً خطابه لقومه قائلاً :
( أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النّساء بل انتم قوم تجهلون ) .
3 ـ وفي الآية (89) من سورة يوسف ( عليه السلام ) نقرأ :
( قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ انتم جاهلون ) .
يستفاد من هذه الآيات الكريمة بشكل واضح ان الجهل وعدم الدراية هما سببان في ايجاد الارضية للذنوب المختلفة .
نماذج مختلفة من الروايات : كذلك جاء في الروايات : ان الجهل ممهد للذنب ، فنذكر هنا عدة نماذج :
1 ـ قال امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : في رسالة الى مالك الأشتر :
« لا يجتريء على الله الا جاهل شقي » (1) .
2 ـ وقال ( عليه السلام ) ايضاً :
« الجهل معدن البشر ، والجهل اصل كل شرٍ ، الجهل يفسد
____________
(1) نهج البلاغة رسالة 53 .
المعاد » (1) .
3 ـ وكما أشرنا اليه سابقاً أنه ورد في كتاب اصول الكافي ( ج 1 ص 21 الى ص 23 ) : قال الامام الصادق ( عليه السلام ) مخاطباً سماعة ابن مهران :
إن الله خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له أدبر ، فأدبر ثم قال له أقبل فأقبل ؛ فقال الله سبحانه وتعالى ، خلقتك خلقاً عظيماً وكرمتك على جميع خلقي ، قال : ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانياً فقال له : أدبر فأدبر ؛ ثم قال له أقبل فلم يقبل . فقال له : استكبرت فلعنه ، ثم جعل للعقل خمسه وسبعين جنداً فلما رأى الجهل ما اكرم الله به العقل وما اعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل : يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند ما اعطيته ، فقال : نعم فان عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال : قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جنداً ....
4 ـ قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
« قصم ظهري رجلان ، عالم متهتك وجاهل متنسك » . (2) .
ثم أضاف : ان الجاهل المتنسك يخدع الانسان بتنسكه والعالم المتهتك يخدع الانسان ويغره .
____________
(1) فهرس الغرر ( باب الجهل ) .
(2) قصار الجمل ج 1 ص 127 .
5 ـ وقال علي ( عليه السلام ) أيضاً :
« أياكم والجهال من المستبدين والفجار من العلماء فانهم فتنة كل مفتون » . (1)
وقال امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
« لا ترى الجاهل الا مفرطا أو مفرطاً » . (2)
وفي بيان آخر قال ( عليه السلام ) :
« الى الله اشكو من معشر يعيشون جهالا ويموتون ضلالاً » . (3)
8 ـ وجاء في القرآن الكريم عن قصة موسى ( عليه السلام ) مع السحرة من قوم فوعون : عندما ألقوا حبالهم فتخيل الناس انها أفاعي تسعى .
( فأوجس في نفسه خيفة موسى ) ( طه ـ 66 ـ 67 ) .
قال امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
« لم يوجس موسى ( عليه السلام ) خيفة على نفسه بل اشفق من غلبة الجهال ودول الضلال » . (4)
ان هذا الحديث يبين لنا بصورة واضحة كيف ان الجهل يهيىء الارضية للذنوب الكبيرة كمحاربة الانبياء بصورة علنية ومساندة ودعم الطغاة .
____________
(1) قصار الجمل ج 1 ص 128 .
(2) نهج البلاغة حكمة 70 .
(3) نهج البلاغة خطبة 17 .
(4) نهج البلاغة خطبة 4 .
حيلولة بني امية من تعليم الشرك :
ب ـ القوانين الوضعية والعادات الخاطئة :