مسألة 623 : الخلع وان كان قسماً من الطلاق وهو من الايقاعات إلاّ انه ـ كما عرفت ـ يشبه العقود في الاحتياج إلى طرفين وانشائين: بذل شيء من طرف الزوجة ليطلقها الزوج، وانشاء الطلاق من طرف الزوج بما بذلت، ويقع ذلك على نحوين:
الاول: ان يقدم البذل من طرفها على ان يطلقها، فيطلقها على ما بذلت.
الثاني: ان يبتدىَ الزوج بالطلاق مصرحاً بذكر العوض فتقبل الزوجة بعده، والاحوط ان يكون الترتيب على النحو الاول.
مسألة 624 : يعتبر في صحة الخلع الموالاة بين انشاء البذل والطلاق بمعنى تعقب احدهما بالاخر قبل انصراف صاحبه عنه، فلو بذلت المرأة
( 196 )
فلم يبادر الزوج إلى ايقاع الطلاق حتى انصرفت المرأة عن بذلها لم يصح الخلع، واشترط بعض الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ الفورية العرفية بين البذل والطلاق ولكن لا دليل على اعتبارها وان كانت رعايتها أحوط.
مسألة 625 : يجوز ان يكون البذل والطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف، ويجوز أن يوكلا شخصاً واحداً ليبذل عنها ويطلق عنه، بل الظاهر انه يجوز لكل منهما ان يوكل الاخر فيما هو من طرفه، فيكون أصيلاً فيما يرجع إليه ووكيلاً فيما يرجع إلى الطرف.
مسألة 626 : يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلق به من شرط العوض وتعيينه وقبضه وايقاع الطلاق، ومن المرأة في جميع ما يتعلق بها من استدعاء الطلاق وتقدير العوض وتسليمه.
مسألة 627 : إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين فاما ان تبدأ الزوجة وتقول: (بذلتُ لكَ، أو أعطيتُكَ ما عليكَ من المهر، أو الشيء الكذائي، لتطلِّقني) فيقول الزوج: (انتِ طالق، أو مختلِعة ـ بكسر الـلام ـ على ما بذلتِ، أو على ما أعطيتِ) واما ان يبتدىَ الزوج ـ بعدما تواطئا على الطلاق بعوض ـ فيقول: (انتِ طالق أو مختلعةِ بكذا أو على كذا) فتقول الزوجة: (قبلتُ أو رضيتُ).
وان وقع البذل والطـلاق من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطباً وكيل الزوج: (عن قبل موكلتي فلانة بذلتُ لموكلِكَ ما عليه من المهر أو المبلغ الكذائي ليخلَعها أو ليطلِّقها) فيقول وكيل الزوج: (زوجة موكلِّي طالق على ما بذَلتْ) أو يقول: (عن قبلِ موكلِّي خلعتُ موكلَتَكَ على ما بذَلتْ).
وان وقع من وكيل احدهما مع الاخر، كوكيل الزوجة مع الزوج يقول
( 197 )
وكيلها مخاطباً الزوج: (عن قبل موكلتي فلانة أو زوجتك بَذلتُ لكَ ما عليك من المهر أو الشيء الكذائي على ان تطلقها) فيقول الزوج: (هي أو زوجتي طالق على ما بذلت) أو يبتدىَ الزوج مخاطباً وكيلها: (موكِلَتُكَ أو زوجتي فلانة طالق على كذا) فيقول وكيلها: (عن قبل موكِلَتي قبلتُ ذلك).
وان وقع ممن كان وكيلاً عن الطرفين يقول: (عن قبل موكلتي فلانة بذلت لموكلي فلان الشيء الكذائي ليطلقها) ثم يقول: (زوجة موكلي طالق على ما بذلت) أو يبتدىَ من طرف الزوج ويقول: (زوجة موكلي طالق على الشّيء الكذائي) ثم يقول من طرف الزوجة: (عن قبل موكلتي قبلت).
ولو فرض ان الزوجة وكلت الزوج في البذل يقول: (عن قبل موكلتي زوجتي بذلت لنفسي كذا لاَطلقها) ثم يقول: (هي طالق على ما بَذَلتْ).
مسألة 628 : إذا استدعت الطلاق من زوجها بعوض معلوم فقالت له: (طلقني أو اخلعني بكذا) فقال الزوج: (انت طالق أو مختلِعة بكذا) ففي وقوعه اشكال فالاحوط اتباعه بالقبول منها بان تقول بعد ذلك: (قبلت).
مسألة 629 : طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت، ولها الرجوع فيه ما دامت في العدة فاذا رجعت كان له الرجوع اليها.
مسألة 630 : الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بامكان رجوعه بعد رجوعها، فلو لم يجز له الرجوع بان كان الخلع طلاقاً بائناً في نفسه ككونه طلاقاً ثالثاً، أو كانت الزوجة ممن لا عدة لها كاليائسة وغير المدخول بها، أو كان الزوج قد تزوج باختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل، أو نحو ذلك لم يكن لها الرجوع فيما بذلت، وهكذا الحال فيما لو لم يعلم
( 198 )
الزوج برجوعها في الفدية حتى فات زمان الرجوع، كما لو رجعت عند نفسها ولم يطلّع عليه الزوج حتى انقضت العدة فانه لا اثر لرجوعها حينئذٍ.
مسألة 631 : لا توارث بين الزوج والمختلَعة لو مات احدهما في العدة إلاّ إذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك قبل انقضائها.
مسألة 632 : المباراة كالخلع في جميع ما تقدم من الشروط والاحكام، وتختلف عنه في اُمور ثلاثـة:
1 ـ انها تترتب على كراهة كل من الزوجين لصاحبه، بخلاف الخلع فانه يترتب على كراهة الزوجة دون الزوج كما مر.
2 ـ انه يشترط فيها ان لا يكون الفداء اكثر من مهرها، بل الاحوط ان يكون اقل منه، بخلاف الخلع فانه فيه على ما تراضيا به ساوى المهر أم زاد عليه أم نقص عنه.
3 ـ انه إذا أوقع انشاءها بلفظ (بارأت) فالاحوط لزوماً ان يتبعه بصيغة الطلاق، فلا يجتزىَ بقوله: (بارأت زوجتي على كذا) حتى يتبعه بقوله (فانت طالق أو هي طالق)، بخلاف الخلع إذ يجوز ان يوقعه بلفظ الخلع مجرداً كما مــرّ.
ويجوز في المباراة ـ كالخلع ـ ايقاعها بلفظ الطلاق مجرداً بان يقول الزوج ـ بعد ما بذلت له شيئاً ليطلقها ـ: (انت طالق على ما بذلت).
مسألة 633 : طلاق المباراة بائن كالخلع لا يجوز الرجوع فيه للزوج ما لم ترجع الزوجة في الفدية قبل انتهاء العدة، فاذا رجعت فيها في العدة جاز له الرجوع اليها على نحو ما تقدم في الخلع.
( 199 )
كِتـابُ الظِّهَارِ
( 200 )
( 201 )
مسألة 634 : الظهار حرام، وموجب لتحريم الزوجة المظاهَر منها، ولزوم الكفارة بالعود إلى مقاربتها كما سيأتي تفصيله.
مسألة 635 : صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطباً للزوجة: (انت عليّ كظهر اُمي) أو يقول بدل أنت: (هذه) مشيراً إليها أو (زوجتي) أو(فلانة)، ويجوز تبديل (عليّ) بقوله (منيّ) أو (عندي) أو (لدي) بل الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة (عليّ) واشباهها اصلاً، بان يقول: (انت كظهر اُمي).
مسألة 636 : لو شبه زوجته بجزء آخر من اجزاء الام ـ كرأسها أو يدها أو بطنها ـ قاصداً به تحريمها على نفسه ففي وقوع الظهار به قولان، اظهرهما عدم الوقوع، وان كان الاحتياط في محله.
مسألة 637 : لو شبهها بامّه جملة بان قال: (انت كاُمي) أو (أنت اُمي) قاصداً به التحريم لا علو المنزلة والتعظيم، أو كبر السنّ وغير ذلك، فالاظهر عدم وقوع الظهار به وان كان الاحوط خلافه.
مسألة 638 : لو شبهها باحدى المحارم النسبية غير الام كالبنت والاخت والعمة والخالة فقال: (انت علىّ كظهر اختي) فالاقرب وقوع الظهار به، وفي الحاق المحرمات بالرضاع وبالمصاهرة بالمحرمات النسبية في ذلك اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، ولو قال لها: (انت علىّ حرام) من غير ان يشبهها ببعض محارمه لم تحرم عليه ولم يترتب
( 202 )
عليه أثر اصلاً.
مسألة 639 : الظهار الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة لزوجها: (انت علىّ كظهر أبي أو أخي) لم يؤثر شيئاً.
مسألة 640 : يعتبر في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهِر كالطلاق.
ويعتبر في المظاهِر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الغضب وان لم يكن سالباً للقصد والاختيار على الاقوى.
ويعتبر في المظاهَر منها خلّوها عن الحيض والنفاس، وكونها في طهـر لم يواقعها فيه على التفصيل المتقدم في المطلقة، وكونها مدخولاً بها على الاصح، وهل يعتبر كونها زوجة دائمية فلا يقع الظهار على المتمتع بها؟ فيه اشكال فالاحتياط لا يترك.
مسألة 641 : لا يقع الظهار إذا قصد به الاضرار بالزوجة، كما لا يقع في يمين بان كان غرضه زجر نفسه عن فعل كما لو قال: (ان كلمتك فانت عليّ كظهر اُمي) أو بعث نفسه على فعل كما لو قال: (ان تركت الصلاة فانتِ علىّ كظهر اُمي).
مسألة 642 : يقع الظهار على نحوين: مطلق ومعلق، والاول ما لم يكن منوطاً بوجود شيء بخلاف الثاني، ويصح التعليق على الوطء كأن يقول (انت عليّ كظهر اُمي ان قاربتك) كما يصح التعليق على غيره حتى الزمان على الاقوى كأن يقول: (انت عليّ كظهر اُمي ان جاء يوم الجمعة) نعم لا يصح التعليق على الاتيان بفعل بقصد زجر نفسه عنه أو على ترك فعل بقصد بعثها نحوه كما مر آنفاً.
( 203 )
مسألة 643 : لو قيد الظهار بمدة كشهر أو سنة ففي صحته اشكال والاقرب البطلان.
مسألة 644 : إذا تحقق الظهار بشرائطه فان كان مطلقاً حرم على المظاهِر وطء المظاهَر منها ولا يحل له حتى يكفِّر، فاذا كفّر حل له وطؤها، ولا تلزمه كفارة أُخرى بعد الوطء، ولو وطئها قبل ان يكفر لزمته كفارتان احداهما للوطء والاُخرى لاِرادة العود إليه، والاظهر عدم حرمة سائر الاستمتاعات عليه قبل التكفير، واما إذا كان معلَّقاً فيحرم عليه الوطء بعد حصول المعلَّق عليه، فلو علّقه على نفس الوطء لم يحرم الوطء المعلَّق عليه ولا تجب به الكفارة.
مسألة 645 : تتكرر الكفارة بتكرر الوطء قبل التكفير، كما انها تتكرر بتكرر الظهار مع تعدد المجلس، واما مع اتحاده ففيه اشكال فلا يترك الاحتياط.
مسألة 646 : كفارة الظهار عتق رقبة، وإذا عجز عنه فصيام شهرين متتابعين، وإذا عجز عنه فاطعام ستين مسكيناً.
مسألة 647 : إذا عجز عن الاُمور الثلاثة صام ثمانية عشر يوماً، وان عجز عنه لم يجزئه الاستغفار على الاحوط لزوماً.
مسألة 648 : إذا ظاهر من زوجته ثم طلقها رجعياً لم يحل له وطؤها حتى يكفر، بخلاف ما إذا تزوجها بعد انقضاء عدتها أو كان الطـلاق بائناً وتزوجها في العدة فانه يسقط حكم الظهار ويجوز له وطؤها بلا تكفير، ولو ارتد احدهما فان كان قبل الدخول او كانت المرأة يائسة أو صغيرة أو كان المرتد هو الرجل عن فطرة ثم تاب المرتد وتزوجها سقط حكم الظهار
( 204 )
وجاز له وطؤها بلا تكفير، واما لو كان الارتداد بعد الدخول ولم تكن المرأة يائسة ولا صغيرة وكان المرتد هو الرجل عن ملة أو هي ـ المرأة ـ مطلقاً فحكمه حكم الطلاق الرجعي، فان تاب المرتد في العدة لم يجز له ان يطأها حتى يكفِّر، وان انقضت عدتها ثم تزوجها جاز له وطؤها من دون كفارة، ولو ظاهر من زوجته ثم مات احدهما لم تثبت الكفارة.
مسألة 649 : إذا صبرت المظاهر منها على ترك وطئها فلا اعتراض، وان لم تصبر رفعت امرها إلى الحاكم، فيحضره ويخيّره بين الرجعة بعد التكفير وبين طلاقها، فان اختار احدهما وإلاّ انظره ثلاثة اشهر من حين المرافعة، فان انقضت المدة ولم يختر احد الامرين حبسه وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يختار أحدهما، ولا يجبره على خصوص احدهما، وان امتنع عن كليهما طلقها الحاكم على الاقوى.
( 205 )
كِتابُ الاِيـلاءِ
( 206 )
( 207 )
مسألة 650 : الايلاء هو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة قُبلاً إما أبداً أو مدة تزيد على أربعة أشهر لغرض الاضرار بها. فلا يتحقق الايلاء بالحلف على ترك وطء المتمتع بها، ولا بالحلف على ترك وطء الدائمة مدة لا تزيد على أربعة أشهر، ولا فيما إذا كان لدفع ضـرر الوطء عن نفسه أو عنها أو لنحو ذلك، كما يعتبر فيه ايضاً ان تكون الزوجة مدخولاً بها ولو دبراً فلا يتحقق بالحلف على ترك وطء غير المدخول بها نعم تنعقد اليمين في جميع ذلك وتترتب عليها آثارها مع اجتماع شروطه.
مسألة 651 : يعتبر في المؤلي أن يكون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً، فلا يقع الايلاء من الصغير والمجنون والمكره والهازل والسكران ومن اشتد به الغضب حتى سلبه قصده أو اختياره، وهل يعتبر أن يكون قادراً على الايلاج فلا يقع من العنين والمجبوب؟ فيه وجهان اقربهما الاَوّل.
مسألة 652 : لا ينعقد الايلاء ـ كمطلق اليمين ـ الا باسم الله تعالى المختص به أو ما ينصرف اطلاقه اليه ولو في مقام الحلف، ولا يعتبر فيه العربية، ولا اللفط الصريح في كون المحلوف عليه ترك الجماع قُبلاً، بل المعتبر صدق كونه حالفاً على ترك ذلك العمل بلفظ ظاهر فيه، فيكفي قوله: (لا أطأُكِ) أو (لا اُجامِعُكِ) أو (لا أمسُّكِ) بل وقوله: (لا جمع رأسي ورأسك وسادة أو مخدة) إذا قصد به ترك الجماع.
مسألة 653 : إذا تم الايلاء بشرائطه فان صبرت المرأة مع امتناعه عن
( 208 )
المواقعة فهو، وإلاّ فلها ان ترفع امرها إلى الحاكم الشرعي فينظره الحاكم أربعة أشهر، فان رجع وواقعها في هذه المدة فهو، وإلاّ الزمه باحد الامرين اما الرجوع أو الطلاق، فان فعل احدهما وإلاّ حبسه وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يختار احدهما، ولا يجبره على احدهما معيناً، وان امتنع عن كليهما طلقها الحاكم، ولو طلق وقع الطلاق رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف موارده.
مسألة 654 : إذا عجز المؤلي عن الوطء كان رجوعه باظهار العزم على الوطء على تقدير القدرة عليه.
مسألة 655 : المشهور بين الفقهاء رضوان الله عليهم ان الاَشهر الاَربعة ـ التي ينظر فيها المؤلي ثم يجبر على احد الامرين بعدها ـ تبدأ من حين الترافع إلى الحاكم، وقيل: من حين الايلاء، فعلى هذا لو لم ترافع حتى انقضت المدة الزمه الحاكم باحد الامرين من دون امهال وانتظار مدة، وهذا القول لا يخلو من قوة، ولكن مع ذلك لا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
مسألة 656 : اذا اختلفا في الرجوع والوطء فادعاهما المؤلي وانكرت هي فالقول قوله بيمينه.
مسألة 657 : يزول حكم الايلاء بالطلاق البائن وان عقد عليها في العدة بخلاف الطلاق الرجعي فانه وان خرج به من حقها فليست لها المطالبة والترافع إلى الحاكم، لكن لا يزول حكم الايلاء إلاّ بانقضاء عدتها، فلو راجعها في العدة عاد إلى الحكم الاَوّل فلها المطالبة بحقها والمرافعة إلى الحاكم.
( 209 )
مسألة 658 : متى وطئها الزوج بعد الايلاء لزمته الكفارة سواء أكان في مدة التربص أو بعدها أو قبلها لو جعلناها من حين المرافعة؛ لانه قد حنث اليمين على كل حال وان جاز له هذا الحنث بل وجب بعد انقضاء المدة ومطالبتها وامر الحاكم به تخييراً بينه وبين الطلاق. وبهذا تمتاز هذه اليمين عن سائر الايمان، كما انها تمتاز عن غيرها بانه لا يعتبر فيها ما يعتبر في غيرها من كون متعلقها راجحاً شرعاً أو كونه غير مرجوح شرعاً مع رجحانه بحسب الاغراض الدنيوية العقلائية أو اشتماله على مصلحة دنيوية شخصية.
مسألة 659 : إذا آلى من زوجته مدة معينة فدافع عن الرجوع والطلاق إلى ان انقضت المدة لم تجب عليه الكفارة ولو وطئها قبله لزمته الكفارة.
مسألة 660 : لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين إذا كان الزمان المحلوف على ترك الوطء فيه واحداً.
كِتابُ اللِعَان
( 212 )
( 213 )
مسألة 661 : اللعان مباهلة خاصة بين الزوجين أثرها دفع حدّ أو نفي ولد، ويثبت في موردين:
المورد الاَول: فيما اذا رمى الزوج زوجته بالزنى.
مسألة 662 : لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنى مع الريبة ولا مع غلبة الظن ببعض الاسباب المريبة، بل ولا بالشياع ولا باخبار شخص ثقة، نعم يجوز مع اليقين ولكن لا يُصدّق اذا لم تعترف به الزوجة ولم يكن له بينة، بل يحدّ حـدّ القذف مع مطالبتها إلاّ إذا أوقع اللعان الجامع للشروط الاتية فيدرأ عنه الحـدّ.
مسألة 663 : يشترط في ثبوت اللعان بالقذف ان يدعي المشاهدة، فلا لعان فيمن لم يدعها ومن لم يتمكن منها كالاعمى فيحدّان مع عدم البينّة، كما يشترط في ثبوته ان لا تكون له بينة على دعواه، فان كانت له بينة تعين اقامتها لنفي الحـدّ ولا لعان.
مسألة 664 : يشترط في ثبوت اللعان في القذف ان يكون القاذف بالغاً عاقلاً وان تكون المقذوفة بالغة عاقلة وأيضاً سالمة عن الصمم والخرس، كما يشترط فيها ان تكون زوجة دائمة فلا لعان في قذف الاجنبية بل يحـدّ القاذف مع عدم البينة وكذا في المتمتع بها على الاقوى، ويشترط فيها أيضاً ان تكون مدخولاً بها فلا لعان فيمن لم يدخل بها، وان تكون غير مشهورة بالزنى وإلاّ فلا لعان بل ولا حـدّ حتى يدفع باللعان، نعم عليه
( 214 )
التعزير في غير المتجاهرة بالزنى إذا لم يدفعه عن نفسه بالبينة.
المورد الثاني: فيما إذا نفى ولدّية من ولد على فراشه مع لحوقه به ظاهراً.
مسألة 665 : لا يجوز للزوج ان يُنكر ولدّية من تولد على فراشه مع لحوقه به ظاهراً بان دخل بامه وانزل في فرجها ولو احتمالاً، أو انزل على فرجها واحتمل دخول مائه فيه بجذب أو نحوه، وكان قد مضى على ذلك إلى زمان وضعه ستة أشهر فصاعداً ولم يتجاوز اقصى مدة الحمل، فانه لا يجوز له في هذه الحالة نفي الولد عن نفسه وان كان قد فجر احد بامه فضلاً عما إذا اتهمها بالفجور بل يجب عليه الاقرار بولدّيته.
نعم يجوز له ان ينفيه ـ ولو باللعان ـ مع علمه بعدم تكوّنه من مائه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به، بل يجب عليه نفيه إذا كان يلحق به بحسب ظاهر الشرع لولا نفيه، مع كونه في معرض ترتب احكام الولد عليه من الميراث والنكاح والنظر إلى محارمه وغير ذلك.
مسألة 666 : إذا نفى ولدّية من ولد على فراشه فان علم انه قد أتى بما يوجب لحوقه به بسببه في ظاهر الشرع، أو اقرّ هو بذلك ومع ذلك نفاه لم يسمع منه هذا النفي ولا ينتفي منه لا باللعان ولا بغيره.
واما لو لم يعلم ذلك ولم يقرّ به وقد نفاه اما مجرداً عن ذكر السبب بان قال: (هذا ليس ولدي) واما مع ذكر السبب بان قال: (اني لم اباشر امه منذ ما يزيد على عام قبل ولادته) فحينئذٍ وان لم ينتف عنه بمجرد نفيه لكن ينتفي عنه باللعان.
مسألة 667 : انما يشرع اللعان لنفي الولد فيما اذا كان الزوج عاقلاً
( 215 )
والمرأة عاقلة، وفي اعتبار سلامتها من الصمم والخرس اشكال وان كان الاعتبار اظهر، ويعتبر أيضاً ان تكون منكوحة بالعقد الدائم، واما ولد المتمتع بها فينتفي بنفيه من دون لعان وان لم يجز له نفيه مع عدم علمه بالانتفاء، ولو عُلم انه اتى بما يوجب اللحوق به في ظاهر الشرع ـ كالدخول بامه مع احتمال الانزال ـ أو اقرّ بذلك ومع ذلك نفاه لم ينتف عنه بنفيه ولم يسمع منه ذلك كما هو كذلك في الدائمة.
مسألة 668 : يعتبر في اللعان لنفي الولد ان تكون المرأة مدخولاً بها، فلا لعان مع عدم الدخول، نعم إذا ادعت المرأة المطلقة الحمل منه فانكر الدخول فاقامت بينة على ارخاء الستر فالاقرب ثبوت اللعان.
مسألة 669 : لا فرق في مشروعية اللعان لنفي الولد بين كونه حملاً أو منفصلاً.
مسألة 670 : من المعلوم ان انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه ولد زنى لاحتمال كونه عن وطء شبهة أو غيره، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به وان جاز بل وجب عليه نفيه عن نفسه ـ على ما سبق ـ لكن لا يجوز له ان يرمي امه بالزنى وينسب ولدها الى الزنى ما لم يتيقن ذلك.
مسألة 671 : إذا أقر بالولد لم يسمع انكاره له بعد ذلك سواء أكان اقراره بالصريح أو بالكناية مثل ان يبشر به ويقال له: (بارك الله لك في مولودك) فيقول: (امين) أو (ان شاء الله تعالى) بل قيل: انه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ينكر الولد مع انتفاء العذر لم يكن له انكاره بعد ذلك، ولكنه محل اشكال بل منع.
مسألة 672 : لا يقع اللعان إلاّ عند الحاكم الشرعي وفي وقوعه عند
( 216 )
المنصوب من قبله لذلك اشكال، وصورة اللعان ان يبدأ الرجل ويقول بعد قذفها أو نفي ولدها: (اشهد بالله اني لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو نفي ولدها) يقول ذلك اربع مرات، ثم يقول مرة واحدة: (لعنة الله عليّ أن كنت من الكاذبين) ثم تقول المرأة بعد ذلك أربع مرات: (اشهد بالله انه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفي الولد) ثم تقول مرة واحدة: (أن غضب الله عليّ ان كان من الصادقين).
مسألة 673 : يجب ان تكون الشهادة واللعن بالالفاظ المذكورة، فلو قال أو قالت: (أحلف) أو (أُقسم) أو (شهدت) أو (انا شاهد) أو أبدلا لفظ الجلالة بـ(الرحمن) أو بـ (خالق البشر) أو بـ (صانع الموجودات) أو قال الرجل: (اني صادق) أو (لصادق) أو (من الصادقين) من غير ذكر اللام، أو قالت المرأة: (إنه لكذاب) أو (كاذب) أو (من الكاذبين) لم يقع، وكذا لو ابدل الرجل اللعنة بالغضب والمرأة بالعكس.
مسألة 674 : يجب أن تكون المرأة معينة، وان يبدأ الرجل بشهادته، وأن تكون البدأة في الرجل بالشهادة ثم باللعن وفي المرأة بالشهادة ثم بالغضب.
مسألة 675 : يجب أن يكون اتيان كل منهما باللعان بعد طلب الحاكم منه ذلك، فلو بادر قبل ان يأمر الحاكم به لم يقع.
مسألة 676 : الاحوط ان يكون النطق بالعربية مع القدرة عليها، ويجوز بغيرها مع التعذر.
مسألة 677 : يجب ان يكونا قائمين عند التلفظ بالفاظهما الخمسة، وهل يعتبر أن يكونا قائمين معاً عند تلفظ كل منهما أو يكفي قيام كل منهما
( 217 )
عند تلفظه بما يخصه؟ وجهان ولا تترك مراعاة الاحتياط.
مسألة 678 : يستحب ان يجلس الحاكم مستدبر القبلة ويقف الرجل على يمينه وتقف المرأة على يساره، ويحضر من يستمع اللعان، ويعظهما الحاكم قبل اللعن والغضب.
مسألة 679 : إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه احكام اربعة:
1 ـ انفساخ عقد النكاح والفرقة بينهما
2 ـ الحرمة الابدية، فلا تحل له ابداً ولو بعقد جديد، وهذان الحكمان ثابتان في مطلق اللعان سواء أكان للقذف أم لنفي الولد.
3 ـ سقوط حدّ القذف عن الزوج بلعانه وسقوط حد الزناء عن الزوجة بلعانها، فلو قذفها ثم لاعن ونكلت هي عن اللعان تخلص الرجل عن حدّ القذف وتحدّ المرأة حد الزانية؛ لان لعان الزوج بمنزلة البينة على زناء الزوجة.
4 ـ انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة ان تلاعنا لنفيه، بمعنى انه لو نفاه وادعت كونه له فتلاعنا لم يكن توارث بين الرجل والولد، فلا يرث احدهما الاخر، وكذا لا توارث بين الولد وكل من انتسب اليه بالابوة كالجد والجدة والاخ والاخت للاب وكذا الاعمام والعمات بخلاف الام ومن انتسب اليه بها حتى ان الاخوة للاب والام بحكم الاخوة للام.
مسألة 680 : إذا قذف امرأته بالزنى ولاعنها ثم كذب نفسه بعد اللعان لم يحدّ للقذف ولم يزل التحريم، ولو كذّب في اثنائه يحدّ ولا تثبت احكام اللعان، ولو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنى أربعاً ففي الحد تردد والاظهر العدم.
( 218 )
مسألة 681 : إذا كذب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه من الاحكام لا فيما له منها، فيرثه الولد ولا يرثه الاب ولا من يتقرب به وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب الميراث ان شاء الله تعالى.