الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين الغر الميامين.
( 4 )
( 5 )
كِتابُ النِكاح
( 6 )
( 7 )
وفيه فصول:
الفصل الاول
في استحبابه وآدابه واحكام النظر واللمس والتستر وما يلحق بها
النكاح من المستحبات المؤكدة، وقد وردت في الحثّ عليه وذمّ تركه أخبار كثيرة، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: «من تزوج احرز نصف دينه»، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: «ما استفاد امرؤٌ مسلم فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر اليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله»، وعن الصادق عليه السلام انه قال: «ركعتان يصليهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها أعزب»، الى غير ذلك من الاخبار.
مسألة 1 : ينبغي ان يهتم الرجل بصفات من يريد التزوّج بها، فلا يتزوج إلاّ امرأة عفيفة كريمة الاَصل صالحة تعينه على اُمور الدنيا والآخرة، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: «إختاروا لنطفكم فإن الخال أحد الضجيعين»، وعن الصادق عليه السلام لبعض أصحابه حين قال: قد هممت ان أتزوج: «انظر اين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك، فان كنت لابد فاعلاً فبِكراً تنسب الى الخير والى حسن الخلق»، وعنه عليه السلام : «إنما المرأة قلادة، فانظر ما تتقلد، وليس للمرأة خطر لا لصالحتهن ولا لطالحتهن، فأما صالحتهن فليس خطرها الذهب والفضة، هي
( 8 )
خير من الذهب والفضة، وأما طالحتهن فليس خطرها التراب، التراب خير منها:
ولا ينبغي ان يقصر الرجل نظره على جمال المرأة وثروتها، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: «من تزوج امرأة لا يتزوجها إلاّ لجمالها لم يرَ فيها ما يجب، ومن تزوجها لمالها لا يتزوجها إلاّ له وكله الله اليه، فعليكم بذات الدين»، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم ايضاً انه قال: «أيها الناس إياكم وخضراء الدمن» قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: «المرأة الحسناء في منبت السوء».
مسألة 2 : كما ينبغي للرجل ان يهتم بصفات من يختارها للزواج كذلك ينبغي للمرأة واوليائها الاهتمام بصفات من تختاره لذلك، فلا تتزوج إلاّ رجلاً ديّناً عفيفاً حسن الاخلاق، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «النكاح رقّ فاذا انكح احدكم وليدة فقد أرقها، فلينظر احدكم لمن يرقّ كريمته»، وعن الصادق عليه السلام : «من زوّج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها»، وعن الرضا عليه السلام في جواب من كتب اليه: ان لي قرابة قد خطب اليّ وفي خلقه سوء: «لا تزوجه إن كان سيّء الخلق».
مسألة 3 : يستحب عند ارادة التزويج صلاة ركعتين والدعاء بالمأثور وهو: (اللهم اني اريد ان اتزوج فقدّر لي من النساء اعفهن فرجاً، واحفظهن لي في نفسها وفي مالي، واوسعهن رزقاً، واعظمهن بركة) ويستحب الاشهاد على العقد والاعلان به والخطبة امامه، واكملها ما اشتمل على التحميد والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والائمة المعصومين عليهم السلام والشهادتين والوصية بالتقوى والدعاء للزوجين، ويجزي: الحمد لله والصلاة على محمد وآله.
( 9 )
ويكره ايقاع العقد والقمر في برج العقرب، وايقاعه في محاق الشهر.
مسألة 4 : يستحب ان يكون الزفاف ليلاً والوليمة قبله أو بعده، وصلاة ركعتين عند الدخول، وان يكونا على طهر، والدعاء بالمأثور بعد ان يضع يده على ناصيتها وهو: «اللهم على كتابك تزوجتها، وفي أمانتك أخذتها، وبكلماتك استحللت فرجها فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سوياً ولا تجعله شرك الشيطان» وأمرُها بمثله، ويسأل الله تعالى الولد الذكر.
مسألة 5 : تستحب التسمية عند الجماع، وان يكون على وضوء سيما إذا كانت المرأة حاملاً، وان يسأل الله تعالى ان يرزقه ولداً تقياً مباركاً زكياً ذكراً سوياً.
ويكره الجماع في ليلة الخسوف، ويوم الكسوف، وعند الزوال إلاّ يوم الخميس، وعند الغروب قبل ذهاب الشفق، وفي المحاق، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس، وفي أول ليلة من الشهر إلاّ شهر رمضان، وفي ليلة النصف من الشهر وآخره، وعند الزلزلة والريح الصفراء والسوداء.
ويكره مستقبل القبلة ومستدبرها، وفي السفينة، وعارياً، وعقيب الاحتلام قبل الغسل، ولا يكره معاودة الجماع بغير غسل.
ويكره النظر الى فرج الزوجة، والكلام بغير ذكر الله وان يجامع وعنده من ينظر اليه ـ حتى الصبي والصبية ـ ما لم يستلزم محرماً والا فلا يجوز.
مسألة 6 : ينبغي ان لا يردّ الخاطب إذا كان ممن يرضى خلقه ودينه، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلاّّ تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير».
( 10 )
مسألة 7 : يُستحب السعي في التزويج والشفاعة فيه وإرضاء الطرفين.
مسألة 8 : لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواماً كان النكاح أو منقطعاً، واما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والتقبيل والضم والتفخيذ فلا بأس بها، ولو وطئها قبل اكمال التسع ولم يفضها لم يترتب عليه شيء غير الاثم على الاقوى، ـ والافضاء هو التمزق الموجب لاتحاد مسلكي البول والحيض أو مسلكي الحيض والغائط أو اتحاد الجميع ـ ولو افضاها لم تخرج عن زوجيته، فتجري عليها احكامها من التوارث وحرمة الخامسة وحرمة اختها معها وغيرها، ولكن قيل: يحرم عليه وطؤها ابداً. إلاّ أن الاقوى خلافه، ولا سيما إذا اندمل الجرح ـ بعلاج أو بغيره ـ نعم تجب عليه دية الافضاء، وهي دية النفس ان طلقها، بل وإن لم يطلقها على المشهور، ولا يخلو عن وجه، وتجب عليه نفقتها ما دامت مفضاة وإن نشزت أو طلقها، بل وإن تزوجت بعد الطلاق على الاحوط.
ولو دخل بزوجته بعد إكمال التسع فأفضاها لم تحرم عليه ولم تثبت الدية، ولكن الاحوط وجوب الاِنفاق عليها كما لو كان الافضاء قبل إكمال التسع، ولو افضى غير الزوجة بزناء أو غيره تثبت الدية، ولكن لا إشكال في عدم ثبوت الحرمة الاَبدية وعدم وجوب الانفاق عليها.
مسألة 9 : لا يجوز ترك وطء الزوجة الشابة أكثر من أربعة أشهر إلاّ لعذر كالحرج أو الضرر، أو مع رضاها، أو اشتراط تركه عليها حين العقد، والاحوط عدم اختصاص الحكم بالدائمة فيعم المنقطعة ايضاً، كما ان الاحوط عدم اختصاصه بالحاضر فيعم المسافر، فلا يجوز إطالة السفر من دون عذر شرعي إذا كان يفوّت على الزوجة حقّها، ولاسيما إذا لم يكن
( 11 )
لضرورة عرفية كما إذا كان لمجرد التنزّه والتفرّج.
مسألة 10 : يجوز العزل ـ بمعنى افراغ المني خارج القبل حين الجماع ـ عن الزوجة المنقطعة وكذا الدائمة على الاقوى، نعم الظاهر كراهته(1)الا مع رضاها أو اشتراطه عليها حين العقد، واما منع المرأة زوجها من الانزال في قبلها فالاظهر حرمته إلاّ برضاه أو اشتراطه عليه حين التزويج، ولكن لا تثبت عليها دية النطفة على الاقوى.
مسألة 11 : يجوز لكل من الزوج والزوجة النظر الى جسد الآخر ظاهره وباطنه حتى العورة وكذا لمس كل منهما بكل عضو منه كل عضو من الآخر مع التلذذ وبدونه.
مسألة 12 : يجوز للرجل النظر الى ما عدا العورة من مماثله، شيخاً كان المنظور اليه أو شاباً، حسن الصورة أو قبيحها ما لم يكن بتلذذ شهوي أو مع الريبة، أي خوف الافتتان والوقوع في الحرام، وهكذا الحال في نظر المرأة الى ما عدا العورة من مماثلها، وأما العورة ـ وهي القبل والدبر والبيضتان، كما مر في احكام التخلي ـ فلا يجوز النظر اليها حتى بالنسبة الى المماثل، نعم حرمة النظر الى عورة الكافر والصبي المميز تبتني على الاحتياط اللزومي.
مسألة 13 : يجوز للرجل ان ينظر الى جسد محارمه ـ ما عدا العورة ـ
____________
(1) هذا حكم الحرة واما الامة فيجوز العزل عنها مطلقاً من غير كراهة ، وليعلم ان الموضوع للاحكام المذكورة في هذا الكتاب هو الحر والحرة ، واما العبد والامة فيختلفان عنهما في بعض الاحكام ، وقد اهملنا - في الغالب - التعرض لاحكامهما لعدم الابتلاء بها في هذا العصر.
( 12 )
من دون تلذذ شهوي ولا ريبة، وكذا يجوز لهن النظر الى ما عدا العورة من جسده بلا تلذذ شهوي ولا ريبة، والمراد بالمحارم من يحرم عليه نكاحهن أبداً من جهة النسب أو الرضاع أو المصاهرة دون غيرها كالزناء واللواط واللعان.
مسألة 14 : لا يجوز للرجل ان ينظر الى ما عدا الوجه والكفين من جسد المرأة الاجنبية وشعرها، سواء أكان بتلذذ شهوي أو مع الريبة أم لا، وكذا الى الوجه والكفين منها إذا كان النظر بتلذذ شهوي أو مع الريبة، واما بدونهما فلا يبعد جواز النظر، وان كان الاحوط تركه ايضاً.
مسألة 15 : يحرم على المرأة النظر الى بدن الرجل الاجنبي بتلذذ شهوي أو مع الريبة، بل الاحوط لزوماً ان لا تنظر الى غير ما جرت السيرة على عدم الالتزام بستره كالرأس واليدين والقدمين ونحوها وان كان بلا تلذذ شهوي ولا ريبة، واما نظرها الى هذه المواضع من بدنه من دون ريبة ولا تلذذ شهوي فالظاهر جوازه، وان كان الاحوط تركه أيضاً.
مسألة 16 : لا يجوز لمس بدن الغير وشعره ـ عدا الزوج والزوجة ـ بتلذذ شهوي أو مع الريبة، واما اللمس من دونهما فيجوز بالنسبة الى شعر المحرم والمماثل وما يجوز النظر اليه من بدنهما، واما بدن الاجنبي والاجنبية وشعرهما فلا يجوز لمسهما مطلقاً حتى المواضع التي يجوز النظر اليها ـ مما تقدم بيانها آنفاً ـ فتحرم المصافحة بين الاجنبي والاجنبية إلاّ من وراء الثوب ونحوه.
مسألة 17 : يحرم النظر الى العضو المبان من الاجنبي والاجنبية ـ مما حرم النظر اليه قبل الابانة ـ إذا صدق معه النظر الى صاحب العضو عرفاً،
( 13 )
واما مع عدمه فالاظهر هو الجواز فيما عدا العورة، وان كان الترك في غير السن والظفر أحوط.
مسألة 18 : يجب على المرأة ان تستر شعرها وما عدا الوجه والكفين من بدنها عن غير الزوج والمحارم، واما الوجه والكفان فالاظهر جواز ابدائهما إلاّ مع خوف الوقوع في الحرام أو كونه بداعي ايقاع الرجل في النظر المحرّم فيحرم الابداء حينئذٍ حتى بالنسبة الى المحارم.
هذا في غير المرأة المسنّة التي لا ترجو النكاح، واما هي فيجوز لها ابداء شعرها وذراعها ونحوهما مما لا يستره الخمار والجلباب عادة ولكن من دون ان تتبرج بزينة.
مسألة 19 : لا يجب على الرجل التستر من الاجنبية وان كان لا يجوز لها ـ على الاحوط ـ النظر الى غير ما جرت السيرة على عدم الالتزام بستره من بدنه كما تقدم.
مسألة 20 : يستثنى من حرمة النظر واللمس ووجوب التستر في الموارد المتقدمة صورة الاضطرار، كما إذا توقف استنقاذ الاجنبية من الغرق أو الحرق أو نحوهما على النظر أو اللمس المحرّم فيجوز حينئذٍ، ولكن إذا اقتضى الاضطرار النظر دون اللمس أو العكس اقتصر على ما اضطر اليه وبمقداره لا ازيد.
مسألة 21 : إذا اضطرت المرأة ـ مثلاً ـ الى العلاج من مرض وكان الرجل الاجنبي أرفق بعلاجها جاز له النظر الى بدنها ولمسه بيده إذا توقف عليهما معالجتها، ومع امكان الاكتفاء باحدهما ـ أي اللمس أو النظر ـ لا يجوز الآخر كما تقدم.
( 14 )
مسألة 22 : إذا اضطر الطبيب أو الطبيبة في معالجة المريض ـ غير الزوج والزوجة ـ الى النظر الى عورته فالاحوط ان لا ينظر اليها مباشرة بل في المرآة وشبهها، إلاّ إذا اقتضى ذلك النظر فترة اطول أو لم تتيسر المعالجة بغير النظر مباشرة.
مسألة 23 : يجوز اللمس والنظر من الرجل للصبية غير البالغة ـ ما عدا عورتها كما عرف مما مر ـ مع عدم التلذذ الشهوي والريبة، نعم الاحوط الاولى الاقتصار على المواضع التي لم تجر العادة بسترها بالملابس المتعارفة دون مثل الصدر والبطن والفخذ والاليين، كما ان الاحوط الاولى عدم تقبيلها وعدم وضعها في الحجر إذا بلغت ست سنين.
مسألة 24 : يجوز النظر واللمس من المرأة للصبي غير البالغ ـ ما عدا عورته كما عرف مما مر ـ مع عدم التلذذ الشهوي، ولا يجب عليها التستر عنه ما لم يبلغ مبلغاً يمكن ان يترتب على نظره اليها ثوران الشهوة، وإلا وجب التستر عنه على الاحوط.
مسألة 25 : الصبي والصبية غير المميزين خارجان عن احكام التستر وكذا النظر واللمس من غير تلذذ شهوي وريبة، كما ان المجنون غير المميز خارج عن احكام التستر ايضاً.
مسألة 26 : يجوز النظر الى النساء المبتذلات ـ اللاتي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف ـ بشرط عدم التلذذ الشهوي ولا الريبة، ولا فرق في ذلك بين نساء الكفار وغيرهن، كما لا فرق فيه بين الوجه والكفين وبين سائر ما جرت عادتهن على عدم ستره من بقية اعضاء البدن.
مسألة 27 : الاحوط وجوباً ترك النظر الى صورة المرأة الاجنبية غير
( 15 )
المبتذلة إذا كان الناظر يعرفها، ويستثنى من ذلك الوجه والكفان فيجوز النظر اليهما في الصورة بلا تلذذ شهوي ولا ريبة كما يجوز النظر اليهما مباشرة كذلك.
مسألة 28 : يجوز لمن يريد ان يتزوج امرأة ان ينظر الى محاسنها كوجهها وشعرها ورقبتها وكفيها ومعاصمها وساقيها ونحو ذلك، ولا يشترط ان يكون ذلك باذنها ورضاها.
نعم يشترط: ان لا يكون بقصد التلذذ الشهوي وان علم انه يحصل بالنظر اليها قهراً. وان لا يخاف الوقوع في الحرام بسببه. كما يشترط ان لا يكون هناك مانع من التزويج بها فعلاً مثل ذات العدة واخت الزوجة. ويشترط ايضاً ان لا يكون مسبوقاً بحالها، وان يحتمل اختيارها وإلاّ فلا يجوز، والاحوط وجوباً الاقتصار على ما إذا كان قاصداً التزويج بها بالخصوص فلا يعم الحكم ما إذا كان قاصداً لمطلق التزويج وكان بصدد تعيين الزوجة بهذا الاختبار، ويجوز تكرر النظر إذا لم يحصل الاطلاع عليها بالنظرة الاولى.
مسألة 29 : يجوز سماع صوت الاجنبية مع عدم التلذذ الشهوي ولا الريبة، كما يجوز لها اسماع صوتها للاجانب إلاّ مع خوف الوقوع في الحرام، نعم لا يجوز لها ترقيق الصوت وتحسينه على نحو يكون عادة مهيجاً للسامع وان كان مَحْرماً لها.
( 16 )
الفصل الثاني
في عقد النكاح واحكامه
عقد النكاح على قسمين دائم ومنقطع، والعقد الدائم هو: (عقد لا تُعيّن فيه مدة الزواج) وتسمى الزوجة فيه بـ(الدائمة). والعقد غير الدائم هو: (عقد تعيّن فيه المدة) كساعة أو يوم أو سنة أو أكثر أو أقل وتسمى الزوجة فيه بـ(المتعة) و(المتمتع بها) و(المنقطعة).
مسألة 30 : يشترط في النكاح ـ دواماً ومتعة ـ الايجاب والقبول اللفظيان، فلا يكفي مجرد التراضي القلبي ولا الكتابة ولا الاِشارة المفهمة من غير الاخرس، والاحوط لزوماً كونهما بالعربية مع التمكن منها، ويكفي غيرها من اللغات المفهمة لمعنى النكاح والتزويج لغير المتمكن منها وان تمكن من التوكيل.
مسألة 31 : الاحوط تقديم الايجاب على القبول، وان كان الاظهر جواز عكسه ايضاً إذا لم يكن القبول بلفظ (قبلت) أو نحوه مجرداً عن ذكر المتعلق، فيصح ان يقول الرجل: (أتزوجُكِ على الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (نعم)، أو يقول الرجل: (قبلت التزويج بكِ على الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (زوجتُكَ نفسي).
والاحوط ايضاً ان يكون الايجاب من جانب المرأة والقبول من جانب الرجل، وان كان الاقوى جواز العكس، فيصح ان يقول الرجل: (زوجتُكِ نفسي على الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (قبلت).
مسألة 32 : الاحوط ان يكون الايجاب في النكاح الدائم بلفظ النكاح
( 17 )
أو التزويج، وان كان لا يبعد جواز انشائه بلفظ المتعة ايضاً إذا اقترن بما يدل على إرادة الدوام، كما ان الاحوط ان يكون الايجاب والقبول بصيغة الماضي، وان كان الاظهر عدم اعتبارها.
مسألة 33 : يجوز الاقتصار في القبول على لفظ (قبلت) أو (رضيت) بعد الايجاب من دون ذكر المتعلقات التي ذكرت فيه، فلو قال الموجب ـ الوكيل عن الزوجة ـ للزوج: (انكحتُكَ موكلتي فلانة على المهر المعلوم) فقال الزوج: (قبلتُ) من دون ان يقول: (قبلتُ النكاح لنفسي على المهر المعلوم) صحّ.
مسألة 34 : إذا باشر الزوجان العقد الدائم وبعد تعيين المهر قالت المرأة مخاطبة للرجل: (انكحتُكَ نفسي، أو انكحتُ نفسي منك، أو لك، على الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ النكاح) صح العقد، وكذا إذا قالت المرأة: (زوجتُكَ نفسي، أو زوجتُ نفسي منكَ، أو بكَ، على الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ التزويج).
ولو وكّلا غيرهما وكان إسم الرجل أحمد وإسم المرأة فاطمة مثلاً فقال وكيل المرأة: (انكحتُ موكِّلَكَ أحمد موكِّلَتي فاطمة، أو انكحتُ موكِّلَتي فاطمة موكِّلَكَ، أو من موكِّلِكَ، أو لموكِّلِكَ أحمد، على الصداق المعلوم) فقال وكيل الزوج: (قبلتُ النكاح لموكِّلِي أحمد على الصداق المعلوم) صح العقد، وكذا لو قال وكيلها: (زوجتُ موكِّلَكَ أحمد موكِّلَتي فاطمة، أو زوجتُ موكِّلَتي فاطمة موكِّلَكَ، أو من موكِّلِكَ، أو بموكِّلِكَ أحمد، على الصداق المعلوم) فقال وكيله: (قبلتُ التزويج لموكِّلِي أحمد على الصداق المعلوم).
( 18 )
ولو كان المباشر للعقد وليّهما فقال وليّ المرأة: (انكحتُ ابنَكَ أو حفيدَكَ أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة، أو انكحتُ ابنتي أو حفيدتي فاطمة ابنَكَ أو حفيدَكَ، أو من ابنِكَ أو حفيدِكَ، أو لابنِكَ أو حفيدِكَ أحمد) أو قال وليّ المرأة: (زوجتُ ابنَكَ أو حفيدَكَ أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة، أو زوجتُ ابنتي أو حفيدَتي فاطمة ابنَكَ أو حفيدَكَ، أو من ابنِكَ أو حفيدِكَ أو بابنِكَ أو حفيدِكَ أحمد على الصداق المعلوم) فقال ولّي الزوج: (قبلت النكاحَ أو التزويجَ لابني أو لحفيدي أحمد على الصداق المعلوم) صحّ العقد، وتعرف كيفية ايقاع العقد لو كان المباشر له في أحد الطرفين اصيلاً وفي الطرف الآخر وكيلاً أو ولياً، أو في أحد الطرفين ولياً وفي الآخر وكيلاً مما تقدم فلا حاجة الى التفصيل.
مسألة 35 : لا يشترط في لفظ القبول مطابقته لعبارة الايجاب، بل يصح الايجاب بلفظ والقبول بلفظ آخر، فلو قال: (زوجتُكَ) فقال: (قبلت النكاح) أو قال: (انكحتُكَ) فقال: (قبلت التزويج)، صحّ وان كان الاحوط المطابقة.
مسألة 36 : إذا لحن في الصيغة بحيث لم تكن معه ظاهرة في المعنى المقصود لم يكف وإلاّ كفى وان كان اللحن في المادة، فيكفي (جوزتك) في اللغة الدارجة بدل (زوجتك) إذا كان المباشر للعقد من أهل تلك اللغة.
مسألة 37 : يعتبر في العقد القصد الى ايجاد مضمونه، وهو متوقف على فهم معنى لفظ (زوجت) أو ما يقوم مقامه ولو بنحو الاجمال، ولا يعتبر العلم بخصوصياته ولا تمييز الفعل والفاعل والمفعول مثلاً، فإذا كان الموجب بقوله (زوجت) قاصداً ايجاد العُلْقة الخاصة المعروفة التي يطلق
( 19 )
عليها الزواج في اللغة العربية وكان الطرف الاخر قابلاً لذلك المعنى كفى.
مسألة 38 : تشترط الموالاة بين الايجاب والقبول على المشهور، وتكفي العرفية منها فلا يضر الفصل في الجملة بحيث يصدق معه ان هذا قبول لذلك الايجاب، كما لا يضر الفصل بمتعلقات العقد من القيود والشروط وغيرهما وان كثرت.
مسألة 39 : يشترط في صحة النكاح التنجيز، فلو علّقه على امر مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول بطل، وهكذا اذا علّقه على امر حالي محتمل الحصول اذا كان لا تتوقف عليه صحة العقد، واما اذا علّقه على امر حالي معلوم الحصول أو على امر مجهول الحصول ولكنه كان مما تتوقف عليه صحة العقد لم يضر، كما إذا قالت المرأة في يوم الجمعة وهي تعلم انه يوم الجمعة: (انكحتُكَ نفسي إن كان اليوم يوم الجمعة) أو قالت: (انكحتك نفسي إذا لم اكن اختَكَ).
مسألة 40 : يشترط في العاقد المجري للصيغة ان يكون قاصداً للمعنى حقيقة، فلا عبرة بعقد الهازل والساهي والغالط والنائم ونحوهم، ولا بعقد السكران وشبهه ممن لا قصد له معتداً به. كما يشترط فيه العقل فلا عبرة بعقد المجنون وان كان جنونه أدوارياً إذا أجرى العقد في دور جنونه. وكذلك يشترط فيه البلوغ فلا يصح عقد الصبي المميز لنفسه ـ وان كان قاصداً للمعنى ـ إذا لم يكن باذن الولي، بل وان كان باذنه إذا كان الصبي مستقلاً في التصرف، وأمّا إذا كان العقد من الولي وكان الصبي وكيلاً عنه في انشاء الصيغة، أو كان العقد لغيره وكالة عنه أو فضولاً فاجازه، أو كان لنفسه فاجازه الولي، أو اجازه هو بعد البلوغ ففي صحته اشكال، فلا يترك مراعاة
( 20 )
مقتضى الاحتياط في مثله.
مسألة 41 : يشترط في صحة العقد رضا الزوجين واقعاً، فلو أذنت الزوجة متظاهرة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صح العقد، كما انه إذا عُلمت كراهتها واقعاً وان تظاهرت بالرضا بطل العقد.
مسألة 42 : لو اُكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك واجازا العقد صح، وكذلك الحال في اكراه احدهما، والاولى إعادة العقد في كلتا الصورتين.
مسألة 43 : يشترط في صحة العقد تعيين الزوجين على وجه يمتاز كل منهما عن غيره بالاِسم أو الوصف أو الاِشارة، فلو قال: (زوجتُكَ إحدى بناتي) بطل، وكذا لو قال: (زوجتُ بنتي أحدَ إبنيكَ أو أحد هذين).
نعم لو كانا معينين بحسب قصد المتعاقدين، متميزين في ذهنهما وان لم يعيناهما عند اجراء الصيغة بالاِسم أو الوصف أو الاِشارة الخارجية، كما لو تقاولا على تزويج بنته الكبرى من ابنه الكبير ولكن في مقام إجراء الصيغة قال: (زوجتُ بنتي من ابنك) وقبل الآخر، فالظاهر الصحة.
مسألة 44 : لو اختلف الاِسم مع الوصف أو اختلفا أو احدهما مع الاِشارة يتبع العقد ما هو المقصود ويلغى ما وقع غلطاً وخطأً، فاذا كان المقصود تزويج البنت الكبرى وتخيل ان اسمها فاطمة وكانت المسماة بفاطمة هي الصغرى وكانت الكبرى مسماة بخديجة وقال: (زوجتُكَ الكبرى من بناتي فاطمة) وقع العقد على الكبرى التي اسمها خديجة ويلغى تسميتها بفاطمة، وان كان المقصود تزويج فاطمة وتخيل انها كبرى فتبين انها صغرى وقع العقد على المسماة بفاطمة والغي وصفها بانها الكبرى،
( 21 )
وكذا لو كان المقصود تزويج المرأة الحاضرة وتخيل انها الكبرى واسمها فاطمة فقال: (زوجتُكَ هذه وهي فاطمة وهي الكبرى من بناتي) فتبين انها الصغرى واسمها خديجة وقع العقد على المشار اليها ويلغى الاِسم والوصف، ولو كان المقصود العقد على الكبرى فلما تخيل ان هذه المرأة الحاضرة هي تلك الكبرى قال: (زوجتك الكبرى وهي هذه) وقع العقد على تلك الكبرى وتلغى الاِشارة، وهكذا.