أنت هنا: الرئيسية مرجعية السيد السيستاني المؤلفـــات منهاج الصالحين ـ الجزء 3 الفصل الرابع في أحكام المفقود زوجها
 
 


الفصل الرابع في أحكام المفقود زوجها

البريد الإلكتروني طباعة

كتاب منهاج الصالحين ج 3

مسألة 582 : لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة والكتابية كما لا فرق بين الدائمة والمتمتع بها، وهل يجب على الصغيرة والمجنونة أم لا؟ قولان، اشهرهما الوجوب، بمعنى وجوبه على وليهما فيجنّبهما التزيين ما دامتا في العدّة، وفيه اشكال بل لا يبعد عدم وجوبه عليهما.

مسألة 583 : لا فرق في الزوج المتوفى بين الكبير والصغير، ولا بين العاقل والمجنون، فيجب الحداد على زوجة الصغير والمجنون عند وفاتهما كما يجب على زوجة الكبير والعاقل عندها.

مسألة 584 : الظاهر ان الحداد ليس شرطاً في صحة العدّة بل هو تكليف استقلالي في زمانها، فلو تركته عصياناً أو جهلاً أو نسياناً في تمام المدة أو في بعضها لم يجب عليها استينافها، أو تدارك مقدار ما اعتدّت بدونه فيجوز لها التزوج بعد انقضاء العدّة على كل تقدير.

مسألة 585 : لا يجب على المعتدة عدّة الوفاة ان تبقى في البيت الذي كانت تسكنه عند وفاة زوجها، فيجوز لها تغيير مسكنها والاِنتقال الى مسكن آخر للاِعتداد فيه، كما لا يحرم عليها الخروج من بيتها الذي تعتد فيه إذا كان لضرورة تقتضيه، أو لاَداء حق أو فعل طاعة أو قضاء حاجة، نعم يكره لها الخروج لغير ما ذكر، كما يكره لها المبيت خارج بيتها على الاَقرب.

مسألة 586 : مبدأ عدّة الوفاة فيما إذا كان الزوج حاضراً من حين وقوعها، واما إذا كان غائباً فمن حين بلوغ الخبر الى زوجته، بل لا يبعد ذلك في الحاضر ايضاً إذا لم يبلغها خبر وفاته إلاّ بعد مدة لمرض أو حبس

( 178 )

أو غير ذلك فتعتد من حين اخبارها بموته، وفي عموم الحكم للصغيرة والمجنونة اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاِحتياط فيه.

مسألة 587 : هل يعتبر في الاِخبار الموجب للاِعتداد من حينه ان يكون حجة شرعاً، كأن يكون بيّنة عادلة أو موجباً للعلم أو الاِطمينان؟ وجهان، اظهرهما ذلك. فلو اخبرها شخص بوفاة زوجها الغائب ولم تثق بصحة خبره لم يجب عليها الاِعتداد من حينه، ولو اعتدّت ثم ظهر صحة الخبر لم تكتفِ بالاِعتداد السابق بل عليها ان تعتد من حين ثبوت وفاته عندها.

الفصل الرابع

في أحكام المفقود زوجها

مسألة 588 : المفقود المنقطع خبره عن أهله على قسمين:

القسم الاَوّل : من تعلم زوجته بحياته ولكنها لا تعلم في أي بلد هو، وحكمها حينئذٍ لزوم الصبر والاِنتظار الى ان يرجع إليها زوجها أو يأتيها خبر موته، أو طلاقه، أو ارتداده؛ فليس لها المطالبة بالطلاق قبل ذلك وان طالت المدة، بل وان لم يكن له مال ينفق منه عليها ولم ينفق عليها وليّه من مال نفسه.

نعم إذا ثبت لدى الحاكم الشرعي انّه قد هجرها تاركاً أداء ما لها من الحقوق الزوجية، وقد تعمّد اخفاء موضعه لكي لا يتسنّى للحاكم الشرعي ـ فيما إذا رفعت الزوجة امرها اليه ـ ان يتصل به ويلزمه باحد الاَمرين؛ اما اداء حقوقها، أو طلاقها. ويطلّقها لو تعذر إلزامه بأحدهما؛ ففي هذه الحالة يجوز للحاكم الشرعي ان يطلّقها فيما إذا طلبت منه ذلك، فان حكم هذا المفقود حكم غيره المتقدّم في المسألة (357).

القسم الثاني : من لا تعلم زوجته حياته ولا موته وفيه حالتان:

الحالة الاولى : ان يكون للزوج مال ينفق منه على زوجته، أو يقوم وليّه بالاِنفاق عليها من مال نفسه، وفي هذه الحالة يجب على الزوجة الصبر والاِنتظار كما في القسم الاَوّل المتقدّم، وليس لها المطالبة بالطلاق مادام ينفق عليها من مال زوجها أو من مال وليّه وان طالت المدة.

الحالة الثانية : ان لا يكون للزوج مال ينفق منه على زوجته، ولا

( 180 )

ينفق عليها وليّه من مال نفسه، وحينئذٍ يجوز لها ان ترفع امرها الى الحاكم الشرعي أو المأذون من قبله في ذلك فيؤجلها أربع سنين ويأمر بالفحص عنه خلال هذه المدة، فان انقضت السنين الاَربع ولم تتبين حياته ولا موته امر الحاكم وليّه بطلاقها، فان لم يقدم على الطلاق أجبره على ذلك، فان لم يمكن اجباره أو لم يكن له ولي طلّقها الحاكم بنفسه أو بوكيله فتعتدّ أربعة اشهر وعشرة ايام، فاذا خرجت من العدّة صارت اجنبية عن زوجها وجاز لها ان تتزوج ممّن تشاء.

والظاهر اختصاص هذا الحكم بالنكاح الدائم فلا يجري في المتعة.

مسألة 589 : ظاهر كلمات جمع من الفقهاء قدّس الله اسرارهم انّه كما لا يحق لزوجة المفقود غير المعلوم حياته ان تطالب بالطلاق إلاّ مع عدم توفر مال للزوج ينفق منه عليها وعدم انفاق وليّه عليها من مال نفسه كذلك لا يحق لها ان ترفع امرها الى الحاكم الشرعي مطالبة ايّاه بتأجيلها أربع سنوات والفحص عن زوجها خلال ذلك إلاّ بعد انقطاع الاِنفاق عليها من مال الزوج ومن مال وليّه، ولكن الظاهر انّه يحق لها المطالبة بالتأجيل والفحص في حال الاِنفاق عليها ايضاً إذا احتمل نفاد مال الزوج وانقطاع وليّه عن الاِنفاق عليها قبل تبين حياته أو وفاته.

وفائدة ذلك انّه لو انقضت السنوات الاَربع وقد فحص خلالها عن الزوج ولم تتبين حياته ولا مماته جاز لزوجته المطالبة بالطلاق متى انقطع الاِنفاق عليها من ماله ومن مال وليّه من غير حاجة الى الاِنتظار اربع سنوات اخرى وتجديد الفحص خلالها عنه.

مسألة 590 : إذا كانت للمفقود الذي لا تعلم حياته زوجات اخرى لم

( 181 )

يرفعن امرهن الى الحاكم فهل يجوز للحاكم طلاقهن إذا طلبن ذلك فيجتزئ بمضي المدة المذكورة والفحص عنه بعد طلب احداهن أو يحتاج الى تأجيل وفحص جديد؟ وجهان أقربهما الاَوّل.

مسألة 591 : المشهور بين الفقهاء رضوان الله عليهم انّه لا يحق لزوجة المفقود غير المعلوم حياته المطالبة بالطلاق منه وان مضى على فقده اربع سنوات مع تحقق الفحص خلالها عنه إذا لم يكن ذلك بتأجيل من الحاكم الشرعي وامره بالفحص عنه خلال تلك المدة، ولكن لا يبعد الاِجتزاء بالفحص عنه اربع سنوات بعد فقده مع وقوع جزء من الفحص بأمر الحاكم الشرعي وان لم يكن بتأجيل منه، فلو رفعت الزوجة امرها الى الحاكم بعد اربع سنوات مثلاً من فقد زوجها مع قيامها بالفحص عنه خلال تلك المدة امر الحاكم بتجديد الفحص عنه مقداراً ما ـ مع احتمال ترتب الفائدة عليه ـ فاذا لم يبلغ عنه خبر امر بطلاقها على ما تقدّم.

مسألة 592 : تقدّم انّه لا يحق لزوجة المفقود غير المعلوم حياته المطالبة بالطلاق مادام للمفقود مال ينفق منه عليها أو ينفق وليّه عليها من مال نفسه، فهل الحكم كذلك فيما إذا وجد متبرع بنفقتها من شخص أو مؤسسة حكومية أو أهلية أم لا؟ وجهان أوجههما العدم، فيجوز لها المطالبة بالطلاق بالشروط المتقدّمة إذا لم ينفق عليها من مال الزوج أو من مال وليّه وان وجد من ينفق عليها من غير هذين الطريقين.

مسألة 593 : الولي الذي لا يحق لزوجة المفقود المطالبة بالطلاق منه مادام ينفق عليها من مال نفسه والذي يأمره الحاكم الشرعي ـ مع عدم انفاقه عليها ـ بطلاقها ويجبره على الطلاق لو امتنع منه هو أبو المفقود وجدّه

( 182 )

لاَبيه، وإذا كان للمفقود وكيل مفوّض اليه طلاق زوجته كان بحكم الولي من جهة الطلاق.

مسألة 594 : لا فرق في المفقود ـ فيما ذكر من الاَحكام ـ بين المسافر والهارب، ومن كان في معركة قتال ففقد، ومن انكسرت سفينته في البحر فلم يظهر له اثر ومن اخذه قطاع الطرق أو الاَعداء فذهبوا به، ومن اعتقلته السلطات الحكومية فانقطعت اخباره ولم يعلم مكان اعتقاله.

مسألة 595 : ليس للفحص عن المفقود كيفية خاصة وطريقة معينة، بل المدار على ما يعدّ طلباً وفحصاً وتفتيشاً، ويختلف ذلك باختلاف انواع المفقودين، فالمسافر المفقود يبعث من يعرفه بإسمه وشخصه أو بحليته الى مظان وجوده للظفر به، أو يكتب الى من يعرفه ليتفقد عنه فيما يحتمل وجوده فيه من البلاد، أو يطلب من المسافرين إليها من الزوار والحجاج والتجار وغيرهم ان يتفقدوا عنه في مسيرهم ومنازلهم ومقامهم ويستخبر منهم إذا رجعوا من اسفارهم. واما المفقود في جبهات القتال فتراجع بشأنه الدوائر المعنية بأحوال الجنود المشاركين في المعركة أو يسأل عنه رفاقه العائدون من الجبهات والاَسرى العائدون من الاَسر. واما المعتقل المفقود فتسأل عنه دوائر الشرطة والجهات الاَمنية ذات العلاقة وهكذا.

مسألة 596 : مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة اعوام ـ كما تقدّم ـ ولا يعتبر فيه الاِتصال التام بل يكفي فيه تصدّي الطلب عنه بحيث يصدق عرفاً انه قد فحص عنه في تلك المدّة.

مسألة 597 : المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لاَمثاله، فالمسافر المفقود في بلد مخصوص أو جهة مخصوصة إذا دلت القرائن

( 183 )

على عدم انتقاله منها كفى البحث عنه في ذلك البلد أو تلك الجهة، ولا يعتبر استقصاء البلد والجهات، ولا يعتنى باحتمال وصوله الى بلدٍ احتمالاً بعيداً.

مسألة 598 : المسافر المفقود إذا علم انّه كان في بلد معين في زمان ثم انقطع اثره يتفحص عنه اولاً في ذلك البلد على النحو المتعارف، بأن يسأل عنه في جوامعه ومجامعه وفنادقه واسواقه ومتنزهاته ومستشفياته وسجونه ونحوها، ولا يلزم استقصاء تلك المحال بالتفتيش والسؤال بل يكتفى بالبعض المعتد به من مشاهيرها، ويلاحظ في ذلك زي المفقود وصنعته وحرفته فيتفقد عنه في المحال المناسبة له ويسأل عنه ابناء صنفه وحرفته، مثلاً إذا كان من طلبة العلم فالمحل المناسب له المدارس ومجامع العلم فيسأل عنه العلماء وطلبة العلم وهكذا بقية الاَصناف كالتجار والحرفيين والاَطباء ونحوهم.

فاذا تم الفحص في ذلك البلد ولم يظهر منه اثر، ولم يعلم موته ولا حياته، فان لم يحتمل انتقاله منه الى محل آخر بقرائن الاَحوال سقط الفحص والسؤال واكتفى بإنقضاء مدة التربص أربع سنين كما تقدّم، وان احتمل الاِنتقال احتمالاً معتداً به فان تساوت الجهات في احتمال انتقاله منه إليها تفحص عنه في تلك الجهات، ولا يلزم الاِستقصاء بالتفتيش في كل قرية قرية ولا في كل بلدة بلدة بل يكتفى ببعض الاَماكن المهمة والمعروفة في كل جهة مراعياً للاَقرب فالاَقرب الى البلد الاوّل، واذا كان احتمال انتقاله الى بعضها اقوى فاللازم جعل محل الفحص ذلك البعض، ويكتفى بالفحص فيه إذا بعد احتمال انتقاله الى غيره.


( 184 )

هذا فيما إذا علم ان المسافر المفقود كان في بلد معين في زمان. واما إذا علم انّه كان في بعض الاَقطار كايران والعراق ولبنان والهند ثم انقطع اثره كفى الفحص عنه مدة التربص في بلادها المشهورة التي تشد إليها الرحال مع ملاحظة صنف المفقود وحرفته في ذلك.

وإذا علم انّه خرج من منزله قاصداً التوجه الى بلد معين ـ كالعراقي اذا خرج براً يريد زيارة الاِمام الرضا عليه السلام في مشهده المقدّس بخراسان ثم انقطع خبره ـ يكفي الفحص عنه في البلاد والمنازل الواقعة على طريقه الى ذلك البلد، وفي نفس ذلك البلد، ولا يجب الفحص عنه في الاماكن البعيدة عن الطريق فضلاً عن البلاد الواقعة في اطراف ذلك القطر.

وإذا علم انّه خرج من منزله مريداً للسفر أو هرب ولا يدري الى اين توجّه وانقطع اثره لزم الفحص عنه مدة التربص في الاَطراف والجوانب التي يحتمل وصوله اليه احتمالاً معتداً به، ولا ينظر الى ما بَعُد احتمال توجهه اليه.

مسألة 599 : يجوز للحاكم الاِستنابة في الفحص وان كان النائب نفس الزوجة، فاذا رفعت امرها اليه فقال: تفحصوا عنه الى ان تمضي أربع سنوات. ثم تصدت الزوجة أو بعض اقاربها للفحص والطلب حتى مضت المدة كفى.

مسألة 600 : لا تشترط العدالة في النائب وفيمن يستخبر منهم عن حال المفقود بل يكفي الاِطمينان بصحة اقوالهم.

مسألة 601 : إذا تعذر الفحص فالظاهر عدم سقوطه فيلزم زوجة المفقود الاِنتظار الى حين تيسّره، نعم إذا علم انّه لا يجدي في معرفة حاله

( 185 )

ولا يترتب عليه اثر اصلاً فالظاهر سقوط وجوبه، ولكن لا يجوز طلاقها قبل مضي المدة على الاَحوط.

مسألة 602 : إذا تحقق الفحص التام قبل انقضاء المدة فان احتمل الوجدان بالفحص في المقدار الباقي ولو بعيداً لزم الفحص، وان تيقن عدم الوجدان سقط وجوب الفحص، ولكن يجب الاِنتظار الى تمام المدة على الاَحوط.

مسألة 603 : إذا تمت السنوات الاَربع واحتمل وجدانه بالفحص بعدها لم يجب بل يكتفى بالفحص في المدة المضروبة.

مسألة 604 : يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الاَمر الى الحاكم قبل ان تطلَّق ولو بعد تحقق الفحص وانقضاء الاَجل، فليست هي ملزمة باختيار الطلاق، ولها ان تعدل عن اختيار البقاء الى اختيار الطلاق وحينئذٍ لا يلزم تجديد ضرب الاَجل والفحص بل يكتفى بالاَوّل.

مسألة 605 : العدّة الواقعة بعد الطلاق من الولي أو الحاكم عدّة طلاق وان كانت بقدر عدّة الوفاة أربعة اشهر وعشراً، وهو طلاق رجعي فتستحق النفقة ايامها، وإذا حضر الزوج اثناء العدّة جاز له الرجوع اليها، وإذا مات احدهما في العدّة ورثه الآخر، ولو مات بعد العدّة فلا توارث بينهما وليس عليها حداد بعد الطلاق في ايام العدّة.

مسألة 606 : إذا تبين موت الزوج المفقود قبل انقضاء المدة أو بعده قبل الطلاق وجب عليها عدّة الوفاة، وإذا تبين بعد انقضاء العدّة اكتفى بها، سواء أكان التبين قبل التزويج من غيره أم بعده، وسواء أكان موته المتبين وقع قبل الشروع في العدّة أم بعدها أم في اثنائها أم بعد التزوج من الغير،

( 186 )

واما لو تبين موته في اثناء العدّة فهل يكتفى باتمامها أو تستأنف عدّة الوفاة من حين التبين؟ وجهان أوجههما الثاني.

مسألة 607 : إذا جاء الزوج بعد الفحص وانقضاء الاَجل فان كان قبل الطلاق فهي زوجته، وان كان بعده فان كان في اثناء العدة فله الرجوع اليها كما تقدم كما ان له ابقاءها على حالها حتى تنقضي عدتها وتبين منه، وان كان بعد انقضائها فان تزوجت من غيره فلا سبيل له عليها كما مر، وان لم تتزوج ففي جواز رجوعها اليه وعدمه قولان، أقواهما الثاني.

مسألة 608 : إذا تبين بعد الطلاق وانقضاء العدّة عدم وقوع المقدمات على الوجه المعتبر شرعاً، كأن تبين عدم تحقق الفحص على وجهه، أو عدم انقضاء مدة اربع سنوات، أو عدم تحقق شروط الطلاق أو نحو ذلك، لزم التدارك ولو بالاِستيناف، وإذا كان ذلك بعد تزوجها من الغير كان باطلاً، وان كان الزوج الثاني قد دخل بها جاهلاً بالحال حرمت عليه ابداً على الاَحوط، نعم إذا تبين ان العقد عليها وقع بعد موت زوجها المفقود وقبل ان يبلغ خبره إليها فالعقد وان كان باطلاً إلاّ انّه لا يوجب الحرمة الاَبدية حتى مع الدخول؛ لعدم كونها حين وقوعه ذات بعل ولا ذات عدّة، كما تقدّم في المسألة (198).

مسألة 609 : إذا حصل لزوجة الغائب بسبب القرائن وتراكم الامارات العلم بموته جاز لها بينها وبين الله تعالى ان تتزوج بعد العدّة من دون حاجة الى مراجعة الحاكم، وليس لاَحد عليها اعتراض ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم، نعم في جواز الاِكتفاء بقولها لمن يريد الزواج بها، وكذا لمن يصير وكيلاً عنها في ايقاع العقد عليها، اشكال كما تقدّم في المسألة (54).


( 187 )

مسألة 610 : ذكر بعض الاَكابر ان المفقود غير المعلوم حياته إذا امكن اعمال الكيفيات المتقدّمة من ضرب الاَجل والفحص لتخليص زوجته ولكن كان ذلك موجباً لوقوعها في المعصية لعدم صبرها عن الزوج يجوز للحاكم الشرعي المبادرة الى طلاقها تلبية لطلبها من دون اعمال تلك الكيفيات، وكذلك إذا لم يكن لها من ينفق عليها خلال المدة المضروبة.

وذكر ايضاً ان المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته من الصبر يجوز للحاكم الشرعي ان يطلّقها استجابة لطلبها، وكذلك المحبوس الذي لا يرجى اطلاقه من الحبس ابداً، ولكن ما افاده قدس سره بعيد بل ممنوع.

كتاب الخلع والمباراة


( 190 )


( 191 )

مسألة 611 : الخلع هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها، وإذا كانت الكراهة من الطرفين كان مباراة، وان كانت الكراهة من طرف الزوج خاصة لم يكن خلعاً ولا مباراة.

فالخلع والمباراة نوعان من الطلاق فاذا انضم الى احدهما تطليقتان حرمت المطلَّقة على المطلِّق حتى تنكح زوجاً غيره.

مسألة 612 : يشترط في الخلع جميع ما تقدم اعتباره في الطلاق وهي ثلاثة أمور:

الاول: الصيغة الخاصة، وهي هنا قوله: (انت أو فلانة أو هذه طالق على كذا) وقوله: (خَلعتُكِ على كذا) أو: (انت أو فلانة أو هذه مُخْتلِعة على كذا) بكسر مختلعة وفي صحته بالفتح اشكال، ولا يعتبر في الاَول الحاقه بقوله: (فانت أو فهي مختلِعة على كذا) كما لا يعتبر في الاخيرين الحاقهما بقوله: (فهي أو فأنت طالق على كذا) وان كان الالحاق أحوط وأولى، ولا يقع الخلع بالتقايل بين الزوجين كما لا يقع بغير لفظي الطلاق والخلع على النهج المتقدم.

الثاني: التنجيز، فلو علّق الخلع على أمر مستقبلي معلوم الحصول أو متوقع الحصول، أو أمر حالي محتمل الحصول من غير ان يكون مقوماً لصحة الخلع بطل، ولا يضر تعليقه على امر حالي معلوم الحصول أو أمر محتمل الحصول ولكنه كان مقوماً لصحة الخلع كما لو قال: (خلعتك ان

( 192 )

كنتِ زوجتي أو ان كنتِ كارهةً لي).

الثالث: الاشهاد، بمعنى ايقاع الخلع بحضور رجلين عادلين يسمعان الانشاء.

مسألة 613 : يشترط في الزوج الخالع جميع ما تقدم اعتباره في المطلِّق من البلوغ والعقل والقصد والاختيار، والاشكال المتقدم في طلاق من بلغ عشر سنين جارٍ في خُلعه أيضاً فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه.

ويشترط في الخالع مضافاً إلى ذلك ان لا يكون كارهاً لزوجته وإلاّ لم يقع خلعاً بل يكون مباراة إذا كانت هي ايضاً كارهة لزوجها كما مرّ.

مسألة 614 : يشترط في الزوجة المختلعة جميع ما تقدم اعتباره في المطلَّقة من كونها زوجة دائمة، وكونها معينة بالاسم أو بالاشارة الرافعة للابهام، وكونها طاهرة من الحيض والنفاس إلاّ في الموارد المستثناة، وكونها في طهر لم يواقعها زوجها فيه إلاّ في الموارد المستثناة أيضاً، ولا يعتبر فيها البلوغ ولا العقل، فيصح خلع الصغيرة والمجنونة ويتولى وليهما بذل الفداء.

مسألة 615 : يشترط في المختلِعة ـ مضافاً إلى ما تقدم ـ أمران آخران:

الامر الاَول: ان تكون كارهة لزوجها كما تقدم، ويعتبر بلوغ كراهتها له حداً يحملها على تهديده بترك رعاية حقوقه الزوجية وعدم اقامة حدود الله تعالى فيه.

مسألة 616 : الكراهة المعتبرة في الخلع اعم من ان تكون ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج كقبح منظره وسوء خلقه وفقره وغير ذلك، وان

( 193 )

تكون عرضية من جهة عدم ايفائه بعض حقوقها المستحبة أو قيامه ببعض الاعمال التي تخالف ذوقها كالتزوّج عليها بأُخرى.

واما اذا كان منشأ الكراهة وطلب المفارقة ايذاء الزوج لها بالسب والشتم والضرب ونحوها فارادت تخليص نفسها منه فبذلت شيئاً ليطلقها فالظاهر عدم صحة البذل وبطلان الطلاق خلعاً بل مطلقاً على الاقرب.

ولو كان منشأ الكراهة عدم وفاء الزوج ببعض حقوقها الواجبة كالقسم والنفقة فهل يصح طلاقها خلعاً أم لا؟ فيه وجهان اقربهما الاَول.

مسألة 617 : لو طلقها بعوض مع عدم كراهتها لم يصح الخلع ولم يملك الفدية، ولكن هل يصح الطلاق؟ فيه اشكال والاقرب البطلان إلاّ إذا أوقعه بصيغة الطلاق أو اتبعه بها وملك الفدية بسبب مستقل قد أخذ الطلاق شرطاً فيه، كما إذا صالحته على مال واشترطت عليه ان يطلقها فانه بعقد الصلح المذكور يملك المال وعليه الطلاق، ولا يكون الطلاق حينئذٍ خلعياً بل يكون رجعياً في مورده، حتى إذا اشترطت عليه عدم الرجوع إلاّ انه يحرم عليه مخالفة الشرط، غير انه إذا خالف ورجع صح رجوعه ويثبت للزوجة الخيار في فسخ عقد الصلح من جهة تخلف الشرط.

الامر الثاني ـ مما يعتبر في المختلعة ـ: ان تبذل الفداء لزوجها عوضاً عن الطلاق، ويعتبر في الفداء ان يكون مما يصح تملكه أو ما بحكمه كأن تبذل ديناً لها في ذمته، وان يكون متمولاً عيناً كان أو ديناً أو منفعة وان زاد على المهر المسمّى، وان يكون معلوماً فلو خالعها على الف ولم يعين بطل الخلع، بل الاحوط لزوماً ان يكون معلوماً على النحو المعتبر في المعاوضات بان يكون معلوماً بالكيل في المكيل وبالوزن في الموزون

( 194 )

وبالعّد في المعدود وبالمشاهدة فيما يعتبر بها، نعم اذا كان المبذول مهرها المسمى فالظاهر كفاية العلم به على نحو العلم المعتبر في المهر وقد تقدم بيانه في المسألة (288)، ويصح جعل الفداء ارضاع ولده ولكن مشروطاً بتعيين المدة، واذا جعل كلياً في ذمتها يجوز جعله حالاً ومؤجلاً مع ضبط الاجل.

مسألة 618 : يعتبر في الفداء ان يكون بذله باختيار الزوجة، فلا يصح مع اكراهها على البذل سواء أكان الاكراه من الزوج أم من غيره.

مسألة 619 : يعتبر في الفداء ان يكون مملوكاً للمختلعة أو ما بحكمه كالف دينار على ذمتها أو منفعة دارها إلى عشر سنوات مثلاً، ولا يصح لو كان مملوكاً للغير، فلو تبرع الاجنبي ببذل الفداء لزوجها لم يصح طلاقها خلعاً، نعم لا يبعد صحة البذل والطلاق اذا اوقعه بصيغة الطلاق أو اتبعه بها ويكون رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف موارده، وهكذا الحال فيما اذا اذن الغير لها في الافتداء بماله فبذلته لزوجها ليطلقها، أو قام الغير ببذل الفداء له من ماله على وجه مضمون عليها كما لو قالت لشخص: (ابذل لزوجي الف دينار ليطلقني) فبذل له ذلك فطلقها، فانه يصح البذل والطلاق ويحق للباذل الرجوع به عليها لوقوع البذل منه بطلبها.

مسألة 620 : لو جعلت الفداء مال الغير من دون اذنه أو ما لا يملكه المسلم كالخمر مع العلم بذلك بطل البذل فيبطل الخلع بل يبطل مطلقاً إلاّ إذا كان بصيغة الطلاق أو اتبعه بها قاصداً ـ في الحقيقة ـ طلاقها من غير عوض فانه يصح حينئذٍ رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف الموارد.

ولو جعلت الفداء مال الغير مع الجهل بانه مال الغير فالمشهور صحة

( 195 )

الخلع وضمانها للمثل أو القيمة وفيه اشكال، بل لا يبعد بطلانه مطلقاً.

وكذا لو جعلت الفداء خمراً بزعم انها خـل ثم بان الخلاف إلاّ إذا كان المقصود جعل ذلك المقدار من الخلّ فداء فيصح خلعاً.

مسألة 621 : إذا خالعها على عين معينة فتبين انها معيبة فان رضي بها صحّ الخلع والا ففي صحته اشكال وان كان لا يخلو من قوة، والاحوط لهما المصالحة في الفداء ولو بدفع الارش أو تعويضه بالمثل أو القيمة.

مسألة 622 : إذا قال أبوها: (طلقها وانت بريَ من صداقها) وكانت بالغة رشيدة فطلقها لم تبرأ ذمته من صداقها، وهل يصح طلاقها رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف الموارد؟ فيه اشكال والاقرب البطلان، نعم إذا كان عالماً بعدم ولاية ابيها على ابرائه من صداقها فطلقها بصيغة الطلاق أو اتبعه بها قاصداً ـ في الحقيقة ـ طلاقها من غير عوض صحّ كذلك.