المجتمع والأسرة والزواج
العـلامة
السيد محمد حسين الطباطبائي
دار الصفوة
الفصل الاول
أسس المجتمع الاسلامي
أسس المجتمع الاسلامي
ـ 1 ـ
الانسان والمجتمع
الانسان والمجتمع




____________
(1) سورة الحجرات ، الآية : 13 .
(2) سورة الزخرف ، الآية : 32 .
(3) سورة آل عمران ، الآية : 195 .

ـ 2 ـ
الانسان ونموه في مجتمعه
الانسان ونموه في مجتمعه


____________
(1) سورة الفرقان ، الآية : 54 .





____________
(1) سورة يونس ، الآية : 19 .
(2) سورة البقرة ، الآية : 213 .
(3) سورة الشورى ، الآية : 13 .
عن نوح عليه السلام ، وهو أقدم الأنبياء أولي الشريعة والكتاب ثم عن إبراهيم ، ثم عن موسى ، ثم عن عيسى عليهم السلام ، وقد كان في شريعة نوح وإبراهيم النزر اليسير من الاحكام ، وأوسع هؤلاء الأربعة شريعة موسى ، وتتبعه شريعة عيسى على ما يخبر به القرآن وهو ظاهر الأناجيل وليس في شريعة موسى ـ على ما قيل ـ سوى ستمائة حكم تقريباً .

ـ 3 ـ
ـ الاسلام وعنايته بالمجتمع ـ
ـ الاسلام وعنايته بالمجتمع ـ


واجتماع الافراد تحت جامع حكومة الاستبداد والسلطة الملوكية ، فكان الاجتماع القومي ، والوطني والإقليمي يعيش تحت راية الملك والرئاسة ، ويهتدي بهداية عوامل الوراثة والمكان وغيرهما من غير أن يعتني أمة من هذه الأمم عناية مستقلة بأمره ، وتجعله مورداً للبحث والعمل ، حتى الأمم المعظمة التي كانت لها سيادة الدنيا حينما شرقت شارقة الدين وأخذت في إشراقها وإنارتها أغنى إمبراطورية الروم والفرس فإنها لم تكن إلا قيصرية و كسروية تجتمع أممها تحت لواء الملك والسلطنة ويتبعها الاجتماع في رشده ونموه ويمكث بمكثها .


____________
(1) سورة الانعام ، الآية : 153 .
البينات ) (1) .






ـ 4 ـ
اعتبار الاسلام لرابطة الفرد والمجتمع

____________
(1) سورة آل عمران ، الآيات : 103 ـ 105 .
(2) سورة الأنعام ، الآية : 159 .
(3) سورة الحجرات ، الآية : 10 .
(4) سورة الأنفال ، الآية : 46 .
(5) سورة المائدة ، الآية : 2 .
(6) سورة آل عمران ، الآية : 104 .
وأعضاء وقوى لها فوائد متفرقة مادية وروحية ربما ائتلفت فقويت وعظمت كثقل كل واحد من الأجزاء وثقل المجموع والتمكن والانصراف من جهة إلى جهة وغير ذلك ، وربما لم تأتلف وبقيت على حال التباين والتفرق كالسمع والبصر والذوق والارادة والحركة إلا أنها جميعاً من جهة الوحدة في التركيب تحت سيطرة الواحد الحادث الذي هو الانسان ، وعند ذلك يوجد من الفوائد ما لا يوجد عند كل واحد من أجزائه وهي فوائد جمة من قبيل الفعل والانفعال والفوائد الروحية والمادية ، كالنطفة مثلاً إذا استكملت نشأتها قدرت على إفراز شيء من المادة من نفسها وتربيتها إنساناً تاماً آخر يفعل نظائر ما كان يفعله أصله ومحتده من الافعال المادية والروحية ، فأفراد الانسان على كثرتها إنسان وهي واحد ، وأفعالها كثيرة عدداً واحدة نوعاً وهي تجتمع وتأتلف بمنزلة الماء يقسم إلى آنية فهي مياه كثيرة ذو نوع واحد وهي ذات خواص كثيرة نوعها واحد ، وكلما جمعت المياه في مكان واحد قويت الخاصة وعظم الأثر .

____________
(1) سورة الحجرات ، الآية : 13 .
(2) سورة آل عمران ، الآية : 195 .
وكتاباً وشعوراً وفهماً وعملاً وطاعة ومعصية ، فقال تعالى : ( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) (1) .






____________
(1) سورة الأعراف ، الآية : 34 .
(2) سورة الجاذية ، الآية : 28 .
(3) سورة الأنعام ، الآية : 108 .
(4) سورة آل عمران ، الآية : 113 .
(5) سورة غافر ، الآية : 5 .
(6) سورة يونس ، الآية : 47 .
الحس والتجربة يشهدان بذلك في القوى والخواص الفاعلة والمنفعلة معاً ، فمهمة الجماعة وإرادتها في أمر كما في موارد الغوغاءات وفي الهجمات الاجتماعية لا تقوم لها إرادة معارضة ، ولا مضادة من واحد من أشخاصها وأجزائها ، فلا مفر للجزء من أن يتبع كله ويجري على ما يجري العامة كما في موارد الانهزام وانسلاب الأمن والزلزلة والقحط والوباء أو ما هو دونها ، كالرسومات المتعارفة والأزياء القومية ونحوهما تضطر الفرد على الاتباع وتسلب عنه قوة الإدراك والفكر .


ـ 5 ـ
هل تقبل سنة الاسلام الاجتماعية الاجراء والبقاء ؟
هل تقبل سنة الاسلام الاجتماعية الاجراء والبقاء ؟




معاشر الشرقيين وخاصة الباحثين من الفضلاء المفكرين في نطاق البحث الاجتماعي والنفسي ، غير أنهم وردوا هذا البحث من غير مورده فاختلط عليهم حق النظر ، ولتوضيح ذلك نقول :



____________
(1) سورة آل عمران ، الآية : 137 .



____________
(1) يقدر عدد المسلمين أكثر من ذلك ، بل حتى أكثر من مليار نسمة .
لوائها . والمسيح يصرح بأنه إنما يهتم بأمر الروح ولا يشتغل بأمر الجسم ولا يتعرض لشأن الدولة والسياسة ؟ وهو ذا الاسلام يدعو إلى الاجتماع والتألف ويتصرف في جميع شؤون المجتمع الانساني وأفراده من غير استثناء فهل هذا الصفح والإغماض منهم إلا لإطفاء نور الاسلام ( ويأبى الله إلا أن يتم نوره ) وإخماد ناره عن القلوب بغياً وعدواناً حتى يعود جنسية لا أثر لها إلا أثر الانسال المنشعبة .





____________
(1) سورة البقرة ، الآية : 231 .
(2) سورة المائدة ، الآية : 54 .
(3) سورة النور ، الآية : 55 .
(4) سورة الانبياء ، الآية : 105 .
شعاره الوحيد هو اتباع الحق في النظر والعمل ، والاجتماع المدني الحاضر شعاره اتباع ما يراه ويريده الأكثر ، وهذان الشعاران يوجبان اختلاف الغاية في المجتمع المتكون . فغاية الاجتماع الاسلامي السعادة الحقيقية الفعلية ، بمعنى أن يأخذ الانسان بالاعتدال في مقتضيات قواه فيعطي للجسم مشتهياته مقدار ما لا يعوقه عن معرفة الله في طريق العبودية بل يكون مقدمة توصل اليها وفيه سعادة الانسان بسعادة جميع قواه ، وهي الراحة الكبرى ( وان كنا لا ندركها اليوم حق الإدراك لاختلال التربية الاسلامية فينا ) ولذلك وضع الاسلام قوانينه على أساس مراعاة جانب العقل المجبول على اتباع الحق ، وشدد في المنع عما يفسد العقل السليم وألقى ضمان إجراء الجميع من الاعمال والأخلاق والمعارف الأصلية إلى عهدة المجتمع مضافاً إلى ما تحتفظ عليه الحكومة والولاية من إجراء السياسات والحدود وغيرها ، وهذا على أي حال لا يوافق طباع العامة من الناس ويدفعه هذا الانغمار العجيب في الاهواء والأماني الذي نشاهده في كافة المترفين والمعدمين ويسلب حريتهم في الاستلذاذ والتهلي والسبعية والافتراس إلا بعد مجاهدة شديدة في نشر الدعوة وبسط التربية على حد سائر الأمور الراقية التي يحتاج الانسان في التلبس بها إلى همة قاطعة وتدرب كاف وتحفظ على ذلك مستدام .


الناس في التلبس بها وتبعيتها وعدمه إلا أن تزاحم القانون في مسيره متمنع حينئذ .



يرجحونها على الدين الداعي إلى الحق في أول ما يعرض عليهم لخضوعهم للوثنية المادية .







____________
(1) سورة التوبة ، الآية : 33 .
(2) سورة المؤمن ، الآية : 20 .
(3) سورة العصر ، الآية : 3 .
(4) سورة الزخرف ، الآية : 78 .
(5) سورة المؤمنون ، الآيتان : 70 ـ 71 .
(6) سورة يونس ، الآية : 32 .
والآيات في هذا المعنى وما يقرب منه كثيرة جداً وإن شئت زيادة تبصر فيه فراجع سورة يونس ، فقد كرر فيه ذكر الحق بضعاً وعشرين مرة .





الامر المعلوم لاصفة العلم ، فالوقوع الدائمي والاكثري أيضاً بوجه من الحق ، وأما آراء الأكثرين وأنظارهم واعتقاداتهم في مقابل الأقلين فليست بحق دائماً ، بل ربما كانت حقاً إذا طابقت الواقع وربما لم تكن إذا لم تطابق وحينئذ فلا ينبغي أن يخضع لها الانسان ولا أنه يخضع لها لو تنبه للواقع فإنك إذا أيقنت بأمر ثم خالفك جميع الناس فيه لم تخضع بالطبع لنظرهم وإن اتبعتهم فيه ظاهراً فإنما تتبعهم لخوف أو حياء ، أو عامل آخر لا لأنه حق واجب الاتباع في نفسه ، ومن أحسن البيان في أن رأي الاكثر ونظرهم لا يجب أن يكون حقاً واجب الاتباع ، قوله تعالى : ( بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ) (1) .


____________
(1) سورة المؤمنون ، الآية : 70 .
(2) سورة المائدة ، الآية : 6 .
(3) سورة البقرة ، الآية : 183 .