بيان اسباب التعارف والتعاطف

البريد الإلكتروني طباعة
فهرست كتاب من وحي الإسلام ج 1


بيان أسباب التعارف والتعاطف

 


من تلك الاسباب التي تؤدي بطبعها الى غرس المحبة في حقل النفوس افشاء السلام والمصافحة والتزاور وخصوصا حال المرض ويعبرون عن زيارة الشخص حال مرضه بالعيادة وتقديم الهدية وإغاثة الملهوف والسعي في سبيل قضاء الحاجة وادخال السرور بأي سبب مشروع والصلاة في المسجد لما يترتب عليها فيه من اجتماع المؤمنين على صعيد واحد وذلك يؤدي بطبعه الى حصول مستحبات اخرى مرت الاشارة على بعضها مثل افشاء السلام والمصافحة فينال المصلي ثواب ذلك مضافا الى ثواب اقامة الصلاة في المسجد حيث رتب الشرع المقدس على تأدية الركعة الواحدة فيه ـ ثواب مائة ركعة اذا كان المسجد جامعا ومقصودا من قبل الكثيرين من المؤمنين ـ واذا اديت الصلاة جماعة وبلغ عدد المأمومين عشرة فلا يحصي ثوابها : الا الله سبحانه كما هو مضمون بعض الروايات .
وذلك لان اصل اقامة الصلاة في المسجد يؤدي الى اجتماع المؤمنين في مكان واحد وهذا يقتضي بطبعه ان يحصل التعارف والتحابب والتعاطف والتعاون على البر والتقوى كما يكون وسيلة لتفقد المؤمنين بعضهم بعضا اذا غاب عن المسجد على خلاف عادته فيسألون اخوانه عنه ليعرفوا سبب تغيبه كما كان يصنع الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم عندما يغيب احد المؤمنين حيث كان يسأل عن حاله وسبب غيابه فإذا عرف ان سبب غيابه السفر الى الخارج دعا له بنجاح السفر وسلامة الاوبة واذا عرف انه مريض ذهب لعيادته واذا كان


( 62 )


السبب غير ذلك توجه لزيارته من اجل تحصيل ثواب زيارة المؤمن وادخال السرور الى قلبه مضافا الى رغبته في ترغيب المؤمنين وحثهم بلسان العمل والسيرة على القيام بمثل هذا المستحب العظيم ـ وقد رتب الشرع المقدس الاجر الجزيل على كل واحد من المستحبات المذكورة وخصوصا صلاة الجماعة وذلك لما يترتب عليها من المحبة والوئام وهو شجرة مباركة تثمر للمحب والمحبوب كل خير على العكس التام من ذلك العداوة والبغضاء فهي شجرة شر وشؤم لا تثمر الا الشر والشقاء والتعب والعناء ولذلك نهى الشرع المقدس عن كل ما يؤدي اليها من التصرفات المثيرة وسأذكر ابرزها في المقام من اجل التنبيه على مدى خطورتها والمضاعفات السلبية المترتبة على العداوة الناشئة منها وهي كثيرة اخطرها ما يلي .

أسباب العداوة ونتائجها السلبية

 


الغيبة وهي ذكرك اخاك في الإسلام بما يكره وقد نهى الله سبحانه عنها باسلوب خاص لم يستعمله في غيرها من المحرمات وذلك بقوله تعالى :
( ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه ) (1) .
فقد شبه الله المذكور بالغيبة حالة غيبته ـ بالميت لعدم احساسه حال غيابه بما يذكر به من السوء كما لا يحس الميت بالالم اذا قطع من جسمه جزء فيه حياة والغيبة من اخطر المحرمات واكبر الكبائر ولذلك اكد الشرع المقدس تحريمها على مرتكبها كما حرم على الاخرين الاستماع اليها مع الرضا بها والسكوت عما يجب على المستمع القيام به من نهي مرتكبها وردعه عنها
____________
(1) سورة الحجرات ، آية : 12 .


( 63 )


لانها من اوضح مصاديق المنكر الذي اوجب الله سبحانه النهي عنه مع الامر بالمعروف الواجب ـ اذا توفرت شروط الامر والنهي ولم يكن هناك مبرر وعذر شرعي في تركهما ـ والوجه في تحريم الاستماع اليها مع عدم النهي عنها هو ان ذلك يشجع الناطق بالغيبة على ممارستها باستمرار عندما يجد أذنا مصغية له وراضية بما يقوم به من اكل لحم المؤمن البريء .
والبعض لا يقتصر على ارتكاب حرمة السكوت والرضا بالغيبة بل يضم الى ذلك جريمة اخرى وهي جريمة النميمة بنقل الغيبة عن لسان الناطق بها الى من ذكر بها ليكون بذلك مسببا للعداوة التي لم تحرم الغيبة الا من جهة انها تحطيم لكيان المؤمن ومصدر لحدوث البغضاء والعداوة بين افراد المجتمع ـ ولذلك ورد النهي عنها في الكثير من الايات الكريمة والرويات المعتبرة بإعتبار انها من اوضح مصاديق الفتنة التي اعتبرها القرآن الكريم اكبر من القتل واشد منه .
ومن اسباب العداوة الاستهزاء والسخرية والسباب والتنابز بالالقاب والتجسس والكذب وشهادة الزور والاخلاف بالوعد لذلك قيل :
« وعد بلا وفاء عداوة بلا سبب » وقد ورد النهي عن هذه الامور لانها مبغوضة في ذاتها ومؤدية للعداوة والشحناء التي تسبب الكثير من الاضرار الخطيرة في الدنيا مضافا الى ما تسببه من استحقاق العذاب الاليم والعقاب الشديد في الاخرة .
وحاصل ما تقدم ان كل ما ينفع الإنسان فردا ومجتمعا ماديا ومعنويا دنيويا واخرويا ولم يكن فيه مفسدة تزاحم مصلحته ومنفعته قد امر الشرع المقدس به وجوبا او استحبابا وخصوصا التعارف والتعاطف بين ابناء المجتمع .
وكل ما يكون على عكس ذلك بمعنى انه يضر الإنسان فردا ومجتمعا ماديا ومعنويا دنيويا واخرويا ـ قد نهى عنه تحريما او على وجه الكراهة واذا


( 64 )


أراد أمراً هيأ سببه تكوينا وتدبيرا من قبله او أمر بتوفير اسبابه تشريعا وحيث انه اراد انتشار المحبة بين افراد المجتمع من اجل ان يسود الامن والاستقرار في ربوعه ويعم التعاون على البر والتقوى بين افراده فقد حث على التعارف والتعاطف وعلى كل ما يؤدي اليه لغاية تحقق هدف التضامن والتراحم الذي يثمر للناس كل خير وينأى بهم عن الكثير من انواع البؤس والشقاء .
وفي المقابل نهى عن كل ما يضر وخصوصا العداوة واسبابها المؤدية اليها لانها على العكس التام من المحبة ـ فهي شجرة شر لا تثمر الا الشر والشقاء في الدنيا والاخرة كما هو واضح وملموس بالوجدان .
ورغم وضوح النتائج الايجابية التي تثمرها المحبة والنتائج السلبية التي تؤدي اليها العداوة ـ اود ان اذكر بعضا من هذه النتائج من كلا النوعين لتصبح اكثر وضوحا ولنبذل اقصى الجهد في سبيل توفير اسباب المحبة والوئام لننعم بفوائدها الكثيرة وفي المقابل نبذل اقصى الجهد ايضا من اجل البعد عن العداوة واسبابها لننجو من مضاعفاتها الخطيرة .

فوائد المحبة المعجلة في الدنيا

 


فأقول : ان للمحبة فوائد كثيرة معجلة في الدنيا ومؤجلة للأخرة والمعجلة نوعان احدهما نفسي معنوي والثاني مادي خارجي اما النفسي المعنوي فهو يتمثل في الراحة النفسية والبهجة الروحية التي يعيشها المحبوب مع محبه حيث ان كل واحد منها يحس بالغبطة والسعادة كلما تذكر واشرقت في ذهنه الخاطرة الجميلة التي تبرز امامه صورة حب ذلك الشخص له وميله اليه بعاطفة الاخلاص والصفاء والصدق والوفاء ويزيد هذا الحب تألقا وتوقدا فراق احدهما وبعده الجسمي عن حبيبه بسفر ونحوه ويترتب على ذلك زيادة السرور والبهجة اذا حصلت المواصلة ولو بالمراسلة .
واما النوع الثاني : من فوائد المحبة المعجلة وهو المادي الدنيوي فهو


( 65 )


يتمثل بكل المنافع المادية والخدمات الإنسان ية التي يقوم بها المحب لمحبوبه في هذه الحياة وهي كثيرة وواضحة لا تحتاج الى بيان .
واما الفوائد الاخروية المترتبة على المحبة الصادقة القائمة على اساس الايمان بالله والحب في الله ـ فهي ايضا كثيرة وتتمثل بكل عمل خيري يقوم به احد المتحابين للأخر او لمن يتعلق به بدافع التقرب الى الله المؤكد بعامل المحبة لذلك الشخص ـ وبذلك تكون المحبة مصدر الخير للمحبوب كما انها مصدر ذلك للمحب ايضا .


( 66 )


النتائج السلبية المترتبة على العداوة

 


واما النتائج السلبية المترتبة على العداوة فهي كثيرة جدا ويمكن تقسيمها الى نوعين كما ذكرنا بالنسبة الى فوائد المحبة .
النوع الأول : ما يترتب على العداوة من المضار في الدنيا .
والنوع الثاني : ما يترتب عليها من ذلك في الاخرة ..
والاول يتمثل بما يحصل للمعادي من الالم في نفسه والانفعال العاطفي في قلبه باعتبار ان العداوة في نفسها مرض نفسي يثير الألم النفسي والانقباض الروحي مضافا الى ما يحصل له من الخوف والقلق لما يتوقع حصوله له من الاضرار المادية والمعنوية من قبل من يعاديه وهذه الحالة الانفعالية تسبب امراضا جسمية كثيرة منها القرحة ـ واذا كان المثل المشهور يقول : العقل السليم في الجسم السليم فالعكس صحيح ايضا على ما ذكرنا وذلك بسبب وجود التلاحم والارتباط العضوي بين عنصري الجسم والنفس لذلك يسري العارض واثره السلبي من كل واحد منهما الى الاخر . ويضاف الى هذه الاضرار المؤلمة اضرار اخرى تحصل لكل واحد من المتخاصمين من عدوه الذي يتربص به الدوائر ويسعى جاهدا في سبيل اضراره بكل وسيلة مع بذل الجهد في سبيل منع وصول المنفعة المادية او المعنوية اليه كما هو الملموس بالوجدان .
وبذلك ندرك ما يحصل لكل واحد من المتخاصمين من الاضرار


( 67 )


الاخروية لان كل كلمة يقولها احدهما في حق الاخر بسبب العداوة بقصد تحطيمه معنويا كالغيبة والسخرية والسباب ونحو ذلك ـ تسبب له الاثم الكبير الذي يأكل حسناته ويضاعف سيئاته ويستحق بهذا وذاك عذاب النار وغضب الجبار ـ وكذلك يتستحق العقوبة الكبرى لسعيه في سبيل اضرار عدوه ماديا بأي تصرف يستهدف به ايقاعه في المضرة والخسارة او حرمانه من الربح والمنفعة .
وبذلك يكون كل واحد من المتخاصمين واقعا في عناء كبير وبلاء خطير في الدنيا والاخرة وذلك هو الخسران المبين .
من اجل ذلك نهى الشرع المقدس عن كل ما يوجب العداوة والبغضاء ـ كما ذكرنا آنفاً نظراً لما يترتب عليها من الخسارة الكبرى والطامة العظمى ولذلك وقف الشرع من العداوة موقفين احدهما وقائي يتمثل بالنهي عن كل ما يؤدي اليها ـ والاخر علاجي يتمثل بكل الوسائل العلاجية التي أمر الشرع بها وجوبا او استحبابا من اجل التخلص من هذا المرض الاجتماعي الخطير .


( 68 )


وسائل علاج مرض العداوة

 


من هذه الوسائل التي حث الدين عليها ـ كظم الغيظ من قبل الشخص الذي اسيء اليه واعتدي عليه ، قال سبحانه :
( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس واللهُ يحبُ المُحسنين * ) (1) .
مدح الله سبحانه المؤمنين المتصفين بهذه الصفات الثلاث وهي كظم الغيظ والعفو عن المسيء والاحسان اليه ـ باعتبار ان كل واحدة منها تساهم في علاج مرض العداوة وازالته من الوجود وخصوصا الصفة الثالثة وهي الاحسان الى المسيء المتمم للعفو عنه لانه يقوم غالبا بدورين احدهما دور ازالة العداوة التي دفعت صاحبها للإساءة والثاني زرع المحبة مكان الشحناء والخصومة ـ لان الإنسان مطبوع على حب من احسن اليه كما قال الشاعر :

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم * فطالما استعبد الإنسان إحسانُ


والآية الكريمة التالية تدل على زوال العداوة بالاحسان ـ بوضوح وجلاء وهي قوله تعالى :
( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه
____________
(1) سورة آل عمران ، آية : 134 .


( 69 )


عداوة كأنه ولي حميم * ) (1) .
والوجه في كون كظم الغيظ والعفو عن المسيء من وسائل العلاج والتخلص من مرض العداوة ـ واضح لانه يساعد على التخفيف من الحالة الانفعالية التي يعيشها المعادي وذلك يمهد لزوالها واذا ضم الاحسان الى العفو كان العلاج مؤكدا لما مرت الاشارة اليه من ان الاحسان بطبعه يزرع المحبة ويزيل العداوة وان كانت .
والحديث المشهور عن الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم مستوحى من هذه الآية الكريمة وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « صل من قطعك واعط من حرمك واعف عمن ظلمك واحسن الى من اساء اليك » .
وعندما تصدر نصيحة نافعة وموعظة حسنة من قبل واحد من اهل البيت عليهم السلام تكون مسبوقة بعملهم بها وسبقهم الى تطبيقها لان كل واحد منهم يمثل الإسلام على الصعيد العملي ليكون قرآنا ناطقا واسلاما متحركا على صعيد الحياة وبهذا الاعتبار كان كل ما يصدر عن احدهم من قول او فعل او تقرير وامضاء لعمل يصدر من المكلفين بمسمع ومشهد منه ـ شرعا يعمل به وحجة يعتمد عليها لمعرفة الحكم الشرعي وحيث ان الحث على التجمل بمكارم الاخلاق والصفات الحميدة وفي طليعتها العفو عن المسيء والاحسان اليه قد صدر من كل واحد من اهل بيت العصمة ابتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومروراً بالإمام علي عليه السلام وابنائه وانتهاء بالمهدي عجل الله تعالى فرجه فلا بد ان يكن ذلك مسبوقا باتصافهم بها كما هو معلوم .
____________
(1) سورة فصلت ، آية : 34 .


( 70 )


وسيلة علاج مرض العداوة عند أهل البيت

 


وقد روى لنا التاريخ ما صدر عنهم من ذلك في هذا المجال ـ وقصة الرسول الاعظم مع جاره اليهودي الذي كان يؤذيه بوضع ما يزعجه في طريقه ومقابلة الرسول له بالعفو والاحسان الذي تمثل بعيادته حال مرضه وأدى ذلك الى دخوله في الإسلام هذه القصة مشهورة عنه صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك عفوه عن المشركين الذين سببوا له الاذى الشديد نفسيا وجسميا في معركة أحد وغيرها ومقابلته لهم بالعفو عنهم ودعائه لهم بالمغفرة مع الاعتذار لهم بأنهم لا يعلمون ومثله صفحه عن المشركين يوم فتح مكة حيث طلب من الإمام علي عليه السلام ان يدخل الراية برفق رافعا شعار السلام قائلا لهم : « ـ من وضع سلاحه فهو آمن ومن دخل بيته فهو آمن ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن ـ » .
وعندما وصل الى باب الكعبة قال لاولئك الذين كانوا لاجئين اليها : « ماذا تظنون أني صانع بكم » ؟ . قالوا « خيرا انت اخ كريم وابن اخ كريم » .
فقال لهم : « اذهبوا فأنتم الطلقاء » (1) .
ويسير في نفس الطريق الى ذات الهدف الرسالي ـ عفو الإمام علي عليه السلام عن خصومه في معركة الجمل وسماحه لمعاوية وجيشه بورود الماء يوم صفين بعد ان كانوا قد منعوه واصحابه عنه عندما سبقوا اليه ومَنْعُه اصحابه من سب معاوية وجماعته قائلا : « إني أكره لكم ان تكونوا سبابين »
____________
(1) هذا نقل للحديث بالمعنى والمضمون .


( 71 )


وكذلك حلم الإمام الحسن وعفوه عن ذلك الرجل الشامي الذي قابل الإمام عليه السلام بالشتم والسب ـ ومقابلته إساءته بالاحسان اليه والانفتاح عليه الذي تمثل بدعوته الى ضيافته ومعاملته بكل لطف ونبل الامر الذي هز كيانه وبدله من اموي معادي الى علوي موالي نتيجة تأثره الايجابي بتلك الاخلاق السامية وقد ترجم اعجابه بها واعترافه بالولاية للإمام عليه السلام بتلاوة قوله تعالى :
( اللهُ أعلم حيثُ يجعل رسالتهُ )(1) .
ونظيره انفتاح الحسين عليه السلام على الحر وجيشه الذي زحف اليه ليجعجع به في الطريق ويمنعه من الرجوع الى حيث يريد وذلك بسقيهم الماء وانقاذهم من خطر العطش الشديد الذي اصابهم بسبب شدة الحر والإمام عليه السلام يعلم انه سوف يستشهد ظمأن على يد افراد هذا الجيش وكذلك اصحابه واطفاله وسائر من استشهد معه .
ويعطف على هذا الموقف النبيل بكاؤه تأسفا وحزنا يوم عاشوراء لان ذلك الجيش الضال سيدخل النار بسببه ونجله الإمام زين العابدين عليه السلام انطلق على نفس هذا النهج الإنسان ي القويم حيث كان يقتصر في مقام الرد على من شتمه بقوله عليه السلام :
« يا هذا ان كان ما وصفتني به حقا غفر الله لي وان لم يكن حقا غفر الله لك » ولم يقتصر على ذلك مع بعض المسيئين اليه بل ضم اليه تقديمه ثوبه هدية له مع مقدار كثير من المال ليكون مصيره نفس مصير الشامي بالتحول من خط الانحراف والعداء الى خط الاستقامة والولاء مردداً نفس الآية السابقة وهي قوله تعالى :
____________
(1) سورة الانعام ، آية : 124 .


( 72 )


( الله اعلم حيث يجعل رسالته ) (1) .
وهكذا انطلق الركب العلوي الرسالي المثالي في مسيرة اخلاقية رائعة جسمت تعاليم السماء ومثل الإسلام على الصعيد العملي حتى اصبح كل واحد منهم اسلاما عمليا متحركا وقرآنا ناطقا والذي يساعد على القيام بهذا الدور الايجابي البناء في مقام معالجة خطأ الاخرين ومرض إستاءتهم هو الالتفات التفصيلي الى ان ذلك يعبر عن وجود مرض نفسي لدى المسيء دفعه لان يقف موقفا سلبيا عدوانيا تجاه الإنسان الاخر البريء الذي لم يصدر منه ما يسبب الاعتداء عليه والاساء اليه وفي هذا الفرض يترجح للإنسان المؤمن الرسالي ان لا ينزل الى مستوى ذلك المسيء بمقابلته بالمثل وان كان ذلك جائزاً لصريح قوله تعالى :
( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) (2) .
لان الإسلام دين الفطرة والواقعية فلو منع المعتدى عليه من اخذ حقه من الظالم له والمعتدي عليه ـ سبب ذلك له عقدة نفسية ربما اودت بحياته مضافا الى ما يترتب على ذلك من تشجيع المعتدي على عدوانه كما هو واضح ـ وانطلاقا من هذه الحقيقة النفسية الفطرية شرع الإسلام القصاص واعطى للمعتدى عليه او وليه حق الاقتصاص حيث قال سبحانه :
( ولكم في القصاص حياة يا أُولي الالباب ) (3) .
أجل : ان الرد بالمثل او الاخذ بحق القصاص على تفصيل مذكور في محله من الفقه وان كان جائزا الا ان الارجح هو كضم الغيظ والعفو عن المسيء لان ذلك يكون مسكنا لالم مرضه النفسي فلا يكرر اعتداءه بخلاف ما اذا رد عليه بالمثل فإن ذلك يزيده حماقة وتهورا الى درجة يصبح معها فاقد الوعي والتوازن كالسكران او المجنون وربما تطورت العداوة وتكرر العدوان
____________
(1) سورة الانعام ، آية : 124 .
(2) سورة البقرة ، آية : 194 .
(3) سورة البقرة ، آية : 179 .


( 73 )


وتحول الوضع من سيء الى أسوأ ففي هذا الفرض يترجح العفو وربما وجب بالعنوان الثانوي اذا كان الرد بالمثل يؤدي الى فتنة داخلية تسبب المزيد من المأسي والمضاعفات السلبية الخطيرة .

ترجيح الإسلام علاج المشكلة بالتي هي أحسن

 


واذا استطاع المعتدى عليه ان يضبط اعصابه اكثر ويقابل الاساءة بالاحسان كما كانت سيرة اهل البيت عليهم السلام والسائرين على خطهم فإن هذا يكون ارجح واصلح لانه يساعد غالبا على العلاج الجذري لمرض العدوان وربما ترتب عليه زوال الخصومة نهائيا وتحولها الى صداقة نافعة ومحبة دافعة وقد اشار الله سبحانه الى ذلك بقوله تعالى :
( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * ) (1) .
وتأتي قصة الإمام الصادق عليه السلام مع ذلك الشخص الذي حاول منعه من الانطلاق للأمام في طريقه الى أهله بعد ان اطلق المنصور سراحه من سجنه في الحيرة وقال للإمام عليه السلام وهو يحاوره : لا ادعك ان تجوز فإلح الإمام عليه بطلب السماح وظل مصرا على موقفه المعاند وكان مع الإمام عليه السلام من اصحابه شخص يدعى مرازما ومن مواليه شخص آخر يدعى مصادفا فقال له مصادف هذا :
جعلت فداك ان هذا قد اذاك واخاف ان يردك وما ادري ما يكون من امر ابي جعفر وانا ومرازم أتأذن لنا ان نضرب عنقه ثم نطرحه في النهر ؟ .
فقال عليه السلام : كف يا مرازم وظل مستمراً على حواره مع ذلك الشخص
____________
(1) سورة فصلت ، آية : 34 .


( 74 )


حتى مضى من الليل اكثره فأذن له فمضى فقال عليه السلام : يا مرازم هذا خير ام ما قلتماه ؟ . قلت هذا جعلت فداك فقال عليه السلام : يا مرازم ان الرجل يخرج من الذل الصغير فيدخله ذلك في الذل الكبير .
أجل : إن هذه القصة تأتي شاهدا صادقا على واقعية ما ذكرته من رجحان اسلوب اللين والحكمة في مقام معالجة أية مشكلة لان العنف يعقدها او يزيدها تعقيدا ويؤدي ذلك الى المزيد من المضاعفات السلبية ولذلك نرى ان الإسلام يرجح اسلوب اللين والحكمة والموعظة الحسنة في اكثر المجالات ولا يلجأ الى العنف الا اذا دعت الضرورة الى ذلك من باب ( آخر الدواء الكي ) كما ورد في المثل .
وقد اشرت الى هذه القصة مع قصص اخرى تضمنت بيان حلم الإمام الصادق عليه السلام وكرمه وزهده في حديث يوم الجمعة بمناسبة شهادته وقد نشر مع مجموعة كثيرة من خطب هذا اليوم في الجزء الاول من كتابنا ـ من وحي الإسلام الذي نشرته دار الزهراء فمن اراد الاطلاع عليها والاستفادة من الدروس التربوية التي استوحيتها من حياة هذا الإمام العظيم عليه السلام وحياة مجموعة اخرى من أئمة أهل البيت عليهم السلام فليطلع على هذا الكتاب المشتمل على 25 خطبة من وحي المناسبات الدينية والموضوعات الإسلامية وكلها تدور في فلك الهدف التربوي الذي يشد الجيل الى رسالته الكاملة الشاملة ويسير به على نهجها القويم وصراطها المستقيم نحو غاية الكمال والسعادة في الدنيا والاخرة .
ومن الوسائل العلاجية التي اعتمد عليها الإسلام لعلاج مرض العداوة وحل مشكلتها السعي في سبيل اصلاح ذات البين وقد ورد الامر به والحث عليه في العديد من الآيات الكريمة والروايات المعتبرة قال سبحانه :
( وأصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين * ) (1) .
____________
(1) سورة الانفال ، آية : 1 .


( 75 )


وقال سبحانه :
( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) (1) .
وقال سبحانه على لسان نبيه شعيب عليه السلام :
( إن أُريد الا إلاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أُنيب * ) (2) .
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله : « إصلاح ذات البين افضل من عامة الصلاة والصيام » والمراد بهما المستحب منهما .
كما روي عنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « أفضل الناس عند الله يوم القيامة المصلحون بين الناس » .
وقوله ايضا : « الا اخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة » ؟ .
قالوا : « بلى يا رسول الله » .
قال : « إصلاح ذات البين إذا تقاطعوا » .
ولاهمية الاصلاح في المجتمع جوز الشرع المقدس الكذب في سبيله ونفي عن الناطق به صفة الكذب حيث روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله في هذا المجال : « ليس بالكاذب من اصلح بين الناس » .
وفي مقابل ذلك حرم الصدق اذا ادى الى فتنة وسبب عداوة وفرقة .
ومن الامور التي حث الشرع المقدس عليها ورغب فيها الرفق بالناس ومداراتهم ومعاملتهم باللين والرحمة لان ذلك يصلح لان يكون وقاية من
____________
(1) سورة الحجرات ، آية : 10 .
(2) سورة هود ، آية : 88 .


( 76 )


حدوث مرض العداوة والخصومة كما يصلح لان يكون علاجا مساعدا على ازالته بعد حدوثه .
قال الله سبحانه في مقام مدح الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم بتجمله باللين والرحمة مع قومه :
( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين * ) (1) .
وعن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ثلاث من لم يكن فيه لم يتم له عمل ، ورع يحجزه عن معاصي الله وخلق يداري به الناس وحلم يرد به جهل الجاهل .
وروي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قوله : « رأس العقل بعد الايمان بالله مداراة الناس في غير ترك حق » .
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : أمرني ربي بمداراة الناس كما امرني بأداء الفرائض وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « مداراة الناس نصف الايمان والرفق بهم نصف العيش » .
____________
(1) سورة آل عمران ، آية : 159 .


( 77 )

 

موضوع الحديث في هذا الكتاب
هو الصوم الظاهري والباطني

 


قارئي العزيز : لعلك تقول: إن ما ذكر مؤخرا من ابحاث اخلاقية خارج عن موضوع الكتاب الذي حدد بالصوم وفلسفته وذلك لعدم التعرض فيها لذكر الصوم والتحدث عما يتعلق به .
وأقول : لدفع هذه الشبهة التي يتوقع حصولها عند البعض : ان هذا الاشكال والاستشكال انما يرد اذا قصر القارىء الكريم نظره على ظاهر الكلام ولم ينظر بعين بصيرته الى جوهر البحث وروح الحديث وهو الصوم المعنوي الكامل الشامل لباطن الإنسان وظاهره واما اذا تجاوز ظاهر الحديث وسطح الكلام وعمق نظر فكره الى محتواه الداخلي فهو يدرك ان الحديث لا يزال يتحرك في اطار موضوعه ويدور في فلكه بلحاظ كون الصوم المبحوث عنه وحوله هو الاعم من الظاهري والباطني الاساسي المقصود الذي يتمثل بإمساك النفس وجوانحها عن كل ما يكره المولى حصوله من المكلف بإرادته وما ذكرناه من الصفات الحميدة وابرزها الحب في الله والبغض في الله يعتبر تحديدا لاطار الصوم العام وربما لساحته الواسعة لان البغض في الله يمثل الامساك والترك لكل ما يكره المولى صدوره من المكلف بارادته تحريما او كراهة بحدها الخاص والحب في الله يمثل الغذاء الروحي والطعام المعنوي النفسي الذي تفطر عليه النفس بعد انصرام نهار الهوى وحلول ليل الهدى . وبالامساك الباطني عن كل صفة ذميمة ونية سقيمة يتحقق صوم الروح وهو


( 78 )


يمثل روح الصوم في مقابل صوم الجسم وحده المتمثل بالامساك عن تلك المفطرات المادية المعهودة ،
ومن المعلوم ان هذا الصوم الجسمي الظاهري اذا لم ينفذ الى الداخل لتصوم الروح مع الجسم ـ فهو صوم ناقص لانه صادر عن بعض الإنسان وهو جسمه وحده ولم يصدر عن مجموع كيانه المؤلف من الجسم والروح معا ـ ليكون صوما كاملا مقرباً من الله الكامل والحاصل انه بعد أن أدركنا ان الصوم الحقيقي الواقعي المقصود حصوله من الصوم الظاهري المعهود ـ هو الامساك العام عن كل ما يكره الله صدوره عنا من الافعال واتصافنا به من الصفات ندرك جيدا ان ما اشرت اليه ونبهت عليه من اهمية المحبة في الله وما يترتب عليها من الفوائد الهامة العامة مع بيان ابرز اسبابها المنتجة لها من اجل الالتفات اليها والمحافظة عليها ان كانت موجودة والسعي في سبيل ايجادها ان كانت مفقودة وكذلك ما لفت النظر اليه من خطورة العداوة وما يترتب عليها من المضار الكثيرة والخطيرة في الدنيا والاخرة اجل : بعد الالتفات الى ان موضوع الحديث في هذا الكتاب هو الصوم الحقيقي الواقعي لا خصوص الظاهري التقليدي المعهود المتمثل بالامساك عن تلك المفطرات المعهودة المعدودة واكثرها مباح في نفسه مع عدم الامساك عن المحرمات الشرعية الذاتية .
ندرك جيدا ان الحديث الذي تناولت به بيان الصوم الواقعي والاسباب المؤدية له للتتبع من اجل تحقيقه والعوامل المبطلة له من اجل تركها محافظة على حصوله وعدم ابطاله معنويا هو حديث ملتزم ومتحرك في اطاره المرسوم وحده المعلوم لان الامساك عن كل المحرمات المعلومة والتجرد من كل الصفات المذمومة هو الهدف الاساسي المقصود من الصوم الخاص بمعناه التقليدي .
وعلى هذا ندرك ان للصوم العام مبطلات كما ان للصوم الخاص مفطرات وعليه يتعين على المكلف اذا اراد تحقيق الصوم العام ان يمسك عن


( 79 )


مبطلاته مع امساكه عن مفطرات ومبطلات الصوم الخاص ـ فيمسك عن كل المحرمات المعلومة ويتجرد عن جميع الصفات المذمومة ـ كما يمسك عن الطعام والشراب وبقية المفطرات المادية المبطلة للصوم التقليدي المعهود .
وبهذا ينتهي ما اردت الحديث به حول موضوع ( فلسفة الصوم في الإسلام ) الذي هو محور البحث في الكتاب وعنوانه البارز وبه يظهر الجواب واضحا عن السؤال الثاني الذي طرح في المقدمة وحاصله .
أنا نصوم لان الله سبحانه تعبدنا بالصوم واوجبه علينا لنتوصل به الى الكثير من الفوائد التي مر ذكرها مفصلا ومن خلال الحديث التفصيلي حول كيفية الصوم المنشود وبيان انه الامساك الكامل الشامل للباطن وجوانحه مع الظاهر وجوارحه يعرف مفصلا الجواب عن الشق الثاني من السؤال وهو كيف نصوم .
ويسرني ان اختم الحديث حول موضوع الصوم وفلسفته في الإسلام بالابيات التالية لانها تصور الهدف الاساسي المقصود من هذه الفريضة المقدسة بوضوح وجلاء .

الصوم في نظر السماء رياضة * روحية وترفـــع وإبــاءُ
الصوم إن أدركت حكمـته التي * تحيي ـ عطاء منعش وسخاء
وتواضع يعلي الفتى وتراحــم * يطوي الاسى ومودة وإخــاء
وتمسك بعرى التقى وتجمــل * بمحامد ـ ونجـابة وحــياء
فإذا جنى منه الفتى ثمر التـقى * حصل المراد وتمت النعــماء
وإذا تجرد عن هـداه فصـومه * جوع يذيب وشقوة وعنـــاء
هي تلك فلسفة الصيام وروحـه * طهر يـشع ورحـمة وصـفاء
برزت بها اهـدافه وتألــقت * أنـواره وتبلـجت أجـــواء


وبعد الفراغ من الحديث حول المحورين الاولين اللذين تحدثت حولهما اما بالتبع والمناسبة كالاول الذي تحدثت فيه حول موضوع الدعاء


( 80 )


ودوره التربوي او بالاصالة كالمحور الثاني الذي تحدثت فيه حول موضوع ( فلسفة الصيام في الإسلام ) .
يأتي دور الحديث حول المحور الثالث الذي سأتحدث فيه حول موضوع المناسبات الدينية والحوادث التاريخية التي حصلت في شهر رمضان المبارك .

بيان الاستقبال الحقيقي المناسب
لشهر الله تعالى

 


وقبل الشروع بالحديث حول هذه المناسبات المباركة احب تقديم كلمة حول ما جرت العادة عليه من استقبال المسلمين لهذا الشهر المبارك بالاحتفال والتكريم واعلان الزينة في الشوارع العامة ورفع شعارات الترحيب وكلمات التقدير ونحو ذلك من مظاهر الاهتمام والاحترام .
والذي اود التنبيه عليه ولفت النظر عليه في هذه الكلمة هو الاحتفال الواقعي والاحترام الحقيقي الذي يتناسب مع قدسية هذا الشهر العظيم وينطلق في طريق الغاية الكبرى والهدف الاسمى الذي خلق الإنسان من اجله في هذه الدنيا وهو عبادته سبحانه وحده لا شريك له فأقول :
« إن الاحتفال معناه الاحتفاء والتكريم وهذا لا يتحقق الا اذا قام المسلمون بما يجب عليهم في هذا الشهر من تأدية فريضة الصيام المقدسة وتحقيق الغاية الاساسية التي شرعت من اجلها وهي التقوى قال سبحانه :
( يايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * ) (1) .
وذلك لان هذا الشهر المبارك يمثل مدرسة تربوية وصحية يتلقى
____________
(1) سورة البقرة ، آية : 183 .


( 81 )


الصائمون على مقاعدها الدروس المتنوعة في العقيدة الراسخة والاعمال الصالحة والاخلاق الفاضلة .
والمعلم الاول الافضل الذي القى فيها اروع وانفع الدروس هو الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم وبعده الأئمة المعصومون عليهم السلام وبعدهم العلماء الاجلاء السائرون على نهجهم بالايمان الصادق والعلم النافع والعمل الصالح والخلق الفاضل .
ومن المعلوم ان احترام المدرسة وتقدير المدرس فيها والمدير المشرف عليها لا يتحقق الا بتلقي دروسها على الوجه الافضل مع العمل بها وتطبيقها في مجالاتها المحددة لها والزينة الحقيقية التي تناسب مقام هذه المدرسة هي ان يتجمل طلابها المنتسبون اليها ـ بالتقوى ومكارم الاخلاق فيضمون الى الزينة المادية التي ترفع في الشوارع وعلى ابواب المحلات ـ الزينة المعنوية التي تتمثل بالتجمل بأخلاق الإسلام ومكارمه السامية في الشارع والمحل والمنزل والمدرسة وفي كل مكان وفي جميع الشهور والايام عملا بقول الإمام الصادق عليه السلام في وصيته لشيعته : « كونوا زيناً لنا ولا تكون شينا علينا » .
ومن المعلوم ان زينة كل مكان تكون بالنحو الذي يناسبه فزينة الشارع المعنوية تتحقق بحسن التعامل مع المارة بتطبيق نظام السير وعدم التسرع فيه من اجل تلافي الحوادث المدمرة وإفشاء السلام استحبابا ورد التحية وجوبا والتصدق على الفقير المستضعف المتجول لطلب المساعدة وقضاء حاجة من يحتاج الى تحقيق حاجة ما كمساعدة الشخص الذي تعطلت سيارته عن السير لحدوث طارىء عليها او لفقد مادة البنزين منها ونحو ذلك من الخدمات الاجتماعية التي يحتاجها ابناء المجتمع في طريق انطلاقهم الى اعمالهم وقضاياهم الحياتية والزينة في المحل التجاري تتمثل باتباع الاحكام الشرعية الموجهة للتاجر وذلك بفعل ما يجب او يستحب في المعاملة وترك ما يحرم او يكره فيها والزينة في المدرسة تكون باحترام الطلاب لنظامها والمحافظة