أنت هنا: الرئيسية المكتبة الاسلامية الآداب الطبية في الإسلام الفصل الثاني : السواك .. والخلال
 
 


الفصل الثاني : السواك .. والخلال

البريد الإلكتروني طباعة
كتاب الآداب الطبية في الإسلام ص201 ـ ص220


فلن نتعرض للبحث في الاحاديث الكثيرة جداً ، والتي تعد بالمئات ان لم يكن بالآلاف والتي تتعرض لكثير من الخصائص والمزايا لقسم وافر من البقول والفواكه ، والخضار ، والحبوب ، واللحوم ، والاطعمة ، والالبان .. مثل :
التفاح ، والرمان ، والعنب ، والتمر ، والتين ، والهندباء ، والجزر ، والفجل ، والثوم ، والبصل ، والسعتر ، والحنطة ، والزيتون ، والشعير ، ولحم الضأن ، ولحم البقر ، والسمك ، والبان الضأن والبقر ، البطيخ ، والاجاص ، والمشمش ، والحمص ، والعدس ، وقصب السكر .. الىعشرات من الانواع الاخرى ، التي ورد في كل منها روايات كثيرة ، لو اردنا جمعها ، وذكر مصادرها لاحجتنا الى العشرات ، بل المئات من الصفحات فكيف اذا اردنا استقصاء البحث فيها ، ولا سيما وانه قد ذكر في كثير منها خصائص وقائية لكثير من الامراض ، وقد كتب الشهيد السعيد الدكتور باك نجاد في كتابه القيم : « اولين دانشكاه وآخرين بيامبر » عن عدد وافر منها ، وقد احسن واجاد فيها افاد ، نسأل الله ان يوفيه اجر ذلك من جنانه افسحها منزلا ، وافضلها غرفا ، ويحشره مع الأئمة الطاهرين ، بحق محمد وآله صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ..
اتجاهات البحث :
وعلى هذا .. فان بحثنا في هذا المجال سوف يتقصر على اعطاء نظرة سريعة وواضحة بقدر الامكان عن الوقاية الصحية في المجالات التي وجه فيها المعصومون الى مواقف وافعال معينة من شأنها ان تقي الانسان من كثير من المخاطر ، من دون ان يكون لخصائص الاشياء مدخلية كبيرة فيها ، بل الفعل والمواقف منها هو الذي يعطي القسط الاكبر من الفائدة في مجال الوقاية الصحية ..
ولاجل ذلك فلسوف يكون بحثنا على النحو التالي :


( 202 )


نستعرض اولا قسما وافراً مما يرتبط بالنظافة الجسدية كالسواك والخلال ، والوضوء والغسل ، وغير ذلك ..
ثم نتعرض لنظافة الثياب والاواني والبيت ، وكثير من اوضاعه المطلوبة شرعا ، والتي تؤثر في حفظ الصحة والوقاية من كثير من الاخطار المحتملة في هذا المجال ..
وبعد ذلك نستعرض بعض ما يرتبط بالمحيط والبيئة والمجتمع بشكل عام ..
ولسوف نشير ايضا : الى طائفة مما يرتبط بأحوال الانسان في طعامه وشرابه ويقظته ، ونومه ، وسفره ، وكذلك ما يرتبط بالوقاية الصحية فيما يتعلق بموضوع الجنس .
الى غير ذلك مما تقتضيه ضرورة البحث ، مع مراعاة جانب الاختصار والوضوح مهما امكن ..
فالى البحوث التالية ، مع جزيل شكري وعميق تقديري للقارىء الكريم .


( 203 )


النظافة في مجالها العام :
لقد اهتم الاسلام بالنظافة الجسدية اهتماما بالغا ، يفوق حد التصور ، ولا يستطيع اي دين ان يدعي : انه اهتم بذلك ولو بمقدار معشار اهتمام الاسلام هذا ..
ويكفي ان نذكر : انه قد جعل الوضوء ، والغسل في احيان كثيرة من الواجبات التي يعاقب تاركها ؛ بل ولا تتم كثير من اعماله العبادية الهامة جدا بدونها .. كما هو الحال في الصلاة التي هي عمود الدين ، ومعراج المؤمن ، وغيرها ..
بل لقد جعل ذلك من العبادات التي تقرب الى الله ، ويستحق فاعلها الثواب الجزيل ، والاجر الجميل ..
وعدا عن ذلك كله ، فقد اعتبر الايمان شطر الوضوء ؛ واعتبرت النظافة من الايمان ، والايمان مع صاحبه في الجنة ..
الى غير ذلك مما يعبر عن مدى اهتمام الاسلام البالغ في هذا المجال .. سواء في ذلك ما ورد ليؤكد على النظافة ، او الوضوء اوالغسل في مورده الجزئي الخاص ، او ما ورد في مقام الحث على ذلك بصورة عامة ..


( 204 )


أمثلة على ما تقدم :
وكأمثلة على ما تقدم نشير الى رشحة هي غيض من فيض مما ورد عن المعصومين عليهم السلام من الامر بالنظافة بصورة عامة ..
فقد تقدم في اوائل القسم الثاني الاشارة الى قوله : ان الله ليبغض من عباده القاذروة : وان النظافة من الايمان والايمان مع صاحبه في الجنة .
وقال الكراجكي : « وفيما صح عندنا من اجتهاد رسول الله ( ص ) في النظافة ، وكثرة استعماله للطيب على ما اتت به الرواية »(1) .
وعن الرضا عليه السلام : « من اخلاق الانبياء التنظيف » (2) .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام : تنظفوا بالماء من الريح المنتن ، الذي يتأذى به ، وتعهدوا انفسكم ، فأن الله ليبغض من عباده القاذورة ، الذي يتأنف به من جلس اليه (3) .
وجاء في رواية عن الباقر والصادق يذكر فيها : ان دواء العرب في خمسة وعّد منها الحمام (4) . وعن النبي ( ص ) : أتاني جبرئيل عليه السلام ، فقال : يا محمد ، كيف ننزل عليكم ؟ ! ، لا تستاكون ، ولا تستنجون بالماء ، ولا تغسلون براجمكم (5) .
____________
(1) البحار ج 80 ص 106 عن كنز الفوائد ..
(2) تحف العقول ص 330 ، والبحار ج 78 ص 335 عنه .
(3) الخصال ج 2 ص 620 حديث الاربعمائة والبحار ج 86 ص 84 ، وتحف العقول ص 73 وراجع المصادر المتقدمة في اول القسم الثاني .
(4) طب الائمة ص 55 والبحار ج 62 ص 263 وراجع الوسائل ج 1 ص 361 عن الفقيه ج 1 ص 37 وغير ذلك .
(5) البحار ج 80 ص 210 عن نوادر الراوندي ..


( 205 )


قال ابن الاثير : « فيه : من الفطرة غسل البراجم ، وهي العقد التي في ظهور الاصابع ، يجتمع فيها الوسخ الواحدة : برجمة » (1) .
وقد نص القرآن على ان الله تعالى : « يحب التوابين ، ويحب المتطهرين (2) » . وقال تعالى مخاطبا المسلمين في مناسبة بدر : « وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ، ويذهب عنكم رجز الشيطان » (3) . وقال تعالى : « فيه رجال يحبون ان يتطهروا والله يحب المتطهرين » (4) .
قال المجلسي : قيل : ربما دلت هذه الآية على استحباب المبالغة في الاجتناب عن النجاسات ، ولايبعد فهم استحباب النورة وامثالها ، بل استحباب الكون على طهارة وتأييد له ، لا بل الاغسال المستحبة » (5) .
وقال تعالى : « انه لقرآن كريم . في كتاب مكنون . لا يمسه الا المطهرين » (6) .
الى غير ذلك من الآيات التي تمدح التطهر ، وتحث عليه تصريحا ، او تلويحا . وقد ورد عنهم عليهم السلام : ان « الطهر نصف الايمان » (7) . وعن النبي ( ص ) وعلي ( ع ) : « الوضوء شطر الايمان » (8) .
____________
(1) النهاية لابن الاثير ج 1 ص 113 والبحار ج 80 ص 210 عنه .
(2) البقرة 222 .
(3) الانفال 11 .
(4) براءة 108 .
(5) البحار ج 80 ص 5 .
(6) الواقعة 77 ـ 79 .
(7) البحار ج 80 ص 237 وفي هامشه عن الدعائم ج 1 ص 100 .
(8) امالي الطوسي ج 1 ص 29 وفيه : « نصف » بدل كلمة « شطر » والبحار ج 80 ص 237 و 234 و 266 وفي هوامشه عن الاول وعن : امالي المفيد ص 146 وعن نوادر الراوندي ص 40 .


( 206 )


وعن أمير المؤمنين عليه السلام : « من احسن الطهور ثم مشى الى المسجد فهو في صلاة ما لم يحدث » (1) .
وعن النبي ( ص ) : يا علي ، على الناس في كل سبعة ايام الغسل ، فاغتسل في كل جمعة ، ولو انك تشتري الماء بقوت يومك وتطويه ، فانه ليس شيء من التطوع اعظم (2) .
وعن الصادق عليه السلام : ليتزين احدكم يوم الجمعة ، يغتسل ، ويتطيب (3) .. الخبر .
وعن امير المؤمنين عليه السلام : غسل الاعياد طهور لمن اراد طلب الحوائج واتباع للسنة (4) .
بل يكفي ان نذكر : ان الاغسال المستحبة ، قد انهاها بعضهم الى اربعين غسلاً تقريبا ، كما ان بعض الروايات قد عدت منها ومن الواجبات ثلاثة وعشرين غسلا في مناسبات مختلفة .. ومن يراجع الروايات في باب علل الاغسال وثوابها في البحار ج 81 ص 3 و 22 و 23 و 24 يخرج بحقيقة : ان الغسل مستحب او واجب في اكثر من تلك الموارد التي ذكرها ذلك البعض .
نعم .. وهذا غيض من فيض مما ورد عنهم عليهم السلام في هذا المجال .. وأما ما ورد عنهم عليهم السلام في الموارد الخاصة والعامة مما يدل على مطلوبية النظافة ، فانه لا يكاد يحصر لكثرته ، ولا نرى اننا بحاجة الى التعرض له .. ولربما
____________
(1) البحار ج 80 ص 237 وفي هامشه عن الدعائم ج 1 ص 100 .
(2) البحار ج 81 ص 129 عن جمال الاسبوع .
(3) المصدر السابق عنه .
(4) تحف العقول ص 66 والبحار ج 81 ص 15 و 22 و 27 عنه وعن اختيارات ابن الباقي ، في حديث الاربعمائة ، وليراجع في الخصال ، والبحار ، والمواعظ العددية وغير ذلك ..


( 207 )


نشير في المواضع المختلفة الى رشحات منه ان شاء الله تعالى ..
ولنبدأ الان في البحث حول السواك والخلال ، وبعض ما يرتبط بنظافة الفم .. فـ :
الى الفصل التالي ...


( 208 )



( 209 )

 

الفصل الثاني :
السواك ..
والخلال ..

 


( 210 )



( 211 )


بداية :
لم يكن يخطر في بالي قبل ان اراجع كتب ومجاميع الحديث ان تزيد الروايات الواردة في موضوع السواك ، عن أهل بيت العصمة ( ع ) على عشرة ، ان خمسة عشر ، او عشرين حديثا ، على ابعد التقادير .
ولكن كم كانت المفاجأة والدهشة كبيرة لدى ، وانا اجد من الاحاديث اضعاف ذلك مرارا كثيرة .. الامر الذي جعلني ادرك الى حد ما مدى اهمية هذا الامر وخطورته اسلاميا ، وهو من الموضوعات التي لا داعي للكذب ، ولا رغبة للوضاعين الذين حذر النبي ( ص ) منهم .. فيها .
هذا كله عدا عن كثير من الاحاديث التي تؤكد على لزوم نظافة الفم ، وطيب رائحته ، مما لا مجال لتتبعه . .
سؤال وجوابه :
والسؤال الذي يطرح نفسه بادىء ذي بدء ، هو .
لماذا يهتم الشارع بنظافة الاسنان الى هذا الحد ؟ ! .. وكيف لم نجده يهتم بكثير من الواجبات بهذا المقدار الذي يهتم فيه بالسواك ، ونظافة الفم وهو مستحب ؟ ! ..


( 212 )


والجواب عن ذلك واضح جدا ..
فأن ضرورة الاسنان للانسان لايمكن تجاهلها ولا انكارها من احد . وهي نعمة لا يشعر الانسان عادة بها او باهميتها الا اذا فقدها .. مع انه يستفيد منها كل يوم اكثر من مرة ، وان اي ضرر يلحق بها يوقعه ولا شك في الضيق والحرج ، ويوجب اختلال احواله جزئيا ، ويؤثر عليه تأثيرا لا يكاد يخفى ..
ولعل من الامور الواضحة : ان الاسنان الصناعية لا تستطيع حتى في افضل حالاتها ان تقوم بوظيفة الاسنان الاصلية ، ولا هي من الكفاءة بحيث تؤمن لصاحبها راحته التي يتواخاها منها ، كما لو لم يكن قد فقد مثيلاتها الطبيعية ..
كما ان من البديهي : ان الاسنان كما تساعد المعدة ، بتهئية الطعام لها ، وجعله في وضع يكون قابلا للهضم ، او على الاقل تجعل هضمه ايسر مما لو بقى على حالته الاولى .. كذلك هي تساعد الانسان في المنطق ، ويؤثر فقدانها عليه بشكل ملحوظ ..
وما علينا من اجل اثبات ذلك الا ان نتذكر حالة من فقدوا اسنانهم ، ومدى ما يبذلونه من جهد من اجل جعل الطعام في وضع تتمكن معه المعدة من هضمه والاستفادة منه .. وكذلك مدى ما يبذلونه من جهد من اجل اخراج الكلمات بنحو تكون واضحة ومفهومة ..
وعدا عن ذلك .. فان اختلال الوضع الطبيعي للاسنان ، ومرضها وموبوئيتها ، يؤدي في كثير من الاحيان الى امراض ومضاعفات سيئة في كثير من اجهزة الجسم .. ولسوف يتضح ذلك بعض الشيء في ما يأتي ان شاء الله تعالى ..
ومن هنا .. ومن اجل امور هامة اخرى سنشير اليها ان شاء الله كان اهتمام الاسلام بالاسنان ، وكانت دعوته الملحة للعناية بها ، والحفاظ على سلامتها ، فأمر بكل ما من شأنه ان يحفظها ويصونها ، ونهى وحذر من كل ما يضر بها وبسلامتها ،


( 213 )


ايمانا منه بأن سلامة الاسنان الطبيعية تؤثر في سلامة الانسان ، وسقمها يؤثر في سقمه .. ولذا .. فان من المهم ان يحافظ الانسان عليها ليستفيد منها اكبر قدر ممكن في حياته ، وان يحتفظ بها سليمة ومعافاة ، لان معنى ذلك هو احتفاظه وكثير من اجهزة جسمه بسلامة والمعافاة ايضا ..
السواك :
وكان من جملة ما امر به الاسلام في نطاق اهتمامه بالاسنان ، مما له اثر كبير على صحتها وسلامتها هو :
« السواك » . اي غسل الاسنان وتنظيفها ..
الذي اجمع الفقهاء على استحبابه .. وخصوصا للوضوء والصلاة .. والذي قدمنا : ان الروايات الواردة في فضله ، وفي احواله وكيفياته ، وسائر ما يتعلق به تفوق المئة بكثير جدا .. ولابد من اجل استيفاء الاشارة الى اكثر ما تضمنته الروايات من تقسيم البحث على النحو الذي ينسجم مع ما تضمنته ، فنقول :
موقف المعصومين عليهم السلام من السواك :
لقد اتبع النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، والائمة من ولده اساليب متنوعة في الدعوة الى الالتزام بالسواك .. ونشير هنا الى : ان النبي ( ص ) واهل بيته المعصومين قد التزموا بالسواك عملا ـ وعملهم سنة لنا ، وما علينا الا ان نقتدي بهم ، ونهتدي بهديهم ، سواء في افعالهم ، او في اقوالهم ..
واذا كان من الممكن ان لا يلتفت كثير من الناس الى ذلك ، او لا يتيسر لهم الاطلاع عليه لبعد شقتهم ، فقد حاولوا عليهم السلام توجيه الانظار الى هذا الامر ، وحدثوا الناس عنه ، وسجلوه على انه حقيقة جديرة بأن يتناقلها الناس ، وان يأخذوها بعين الاعتبار .


( 214 )


فعن الصادق عليه السلام ، وهو يتحدث عن النبي ( ص ) : انه كان يستاك في كل مرة قام من نومه (1) .. وكان ( ص ) يستاك اذا اراد ان ينام ويأخذ مضجعه (2) . وكان ( ص ) يستاك لكل صلاة (3) . وروى : ان السنة السواك في وقت السحر (4) .
وعن الباقر : ان رسول الله ( ص ) كان يكثر السواك وليس بواجب (5) .
وكان ( ص ) يستاك كل ليلة ثلاث مرات ، مرة قبل نومه ، ومرة اذا قام من نومه الى ورده ، ومرة قبل خروجه الى صلاة الصبح (6) .
وعن ابي عبد الله عليه السلام : اني لاحب للرجل اذا قام بالليل ان يستاك (7) .
بل لقد كان ( ص ) اذا سافر يحمل مع نفسه المشط والمسواك و .. الخ .. (8)
____________
(1) الوسائل ج 1 ص 356 وفي هامشه : عن فروع الكافي ج 1 ص 124 والبخاري نشر دار الفكر ج 1 ص 66 وسنن ابي داود ج 1 ص 15 .
(2) البحار ج 76 ص 202 و 203 وفي هامشه عن مكارم الاخلاق ص 40 و 41 و 337 .
(3) الوسائل ج 1 ص 356 والبحار ج 80 ص 344 وفي هامشهما عن المقنع ص 3 ط حجر ص 8 ط قم .
(4) الكافي ج 3 ص 23 والوسائل ج 1 ص 357 وسنن ابن ماجة ج 1 ص 105 .
(5) المحاسن للبرقي ص 563 ، ومن لايحضره الفقيه ج 1 ص 33 ومكارم الاخلاق ص 49 ط 6 ، والبحار ج 76 ص 134 .
(6) مكارم الاخلاق ص 39 والوسائل ج 1 ص 356 وسنن الدارمي ج 1 ص 175 وسنن ابي داود ج 1 ص 15 وسنن ابن ماجة ج 1 ص 105 وسنن النسائي ص 8 ج 1 والبحار ج 80 ص 343 وج 76 ص 135 .
(7) المحاسن ص 559 والبخاري نشر دار الفكر ج 1 ص 66 وسنن ابي داود ج 1 ص 15 والبحار ج 76 ص 131 .
(8) راجع : البحار ج 76 ص 235 و 232 ومكارم الاخلاق ص 35 و 252 .


( 215 )


بل لقد بلغ التزامهم عليهم السلام بذلك حدا : انه لو ترك احدهم السواك كان ذلك ملفتا للنظر ، ومدعاة للتساؤل ، فقد روى : ان الصادق عليه السلام ترك السواك قبل ان يقبض بسنتين ، وذلك لان اسنانه ضعفت (1) .
وأما امرهم عليهم السلام بالسواك ، وحثهم عليه بالقول .. فكثير جدا ايضا ويمكن تقسيم النصوص التي وردت في ذلك الى عدة طوائف :
الاولى : ما دلت على لزوم الالتزام بالسواك وتحذر من تركه من جهة عامة . اي من دون تعرض لبيان اية خصوصية فيه .. حتى لقد اعتبر الامام عليه السلام . ان التارك للسواك ليس من الناس .. فلقد قيل للصادق عليه السلام :
اترى هذا الخلق ، كلهم من الناس ؟ .
فقال ، الق التارك منهم للسواك (2) .
وعن النبي ( ص ) ، انه قال : نظفوا طريق القرآن . قيل : يارسول الله ، وما طريق القرآن ؟ قال : افواهكم . قيل : بماذا ؟ قال : بالسواك .. وفي معناه غيره (3) ..
وقد جعل في بعض الروايات عنه ( ص ) من اسباب عدم نزول الملائكة عليهم : انهم لا يستاكون ، بالاضافة الى انهم لا يستنجون بالماء ، ولايغسلون براجمهم (4) .
وعن الصادق عليه السلام : من سنن المرسلين السواك . وبمعناه نصوص
____________
(1) علل الشرايع ص 295 ومن لا يحضره الفقيه ج 1 ص 33 والوسائل ج 1 ص 359 ومكارم الاخلاق ص 50 ط 6 والبحار ج 76 ص 137 و 127 .
(2) المحاسن للبرقي ص 11 والخصال ص 409 والوسائل ج 1 ص 353 والبحار ج 76 ص 128 وج 75 ص 469 وج 81 ص 204 .
(3) المحاسن ص 558 والوسائل ج 1 ص 357 والبحار ج 80 ص 343 وج 76 ص 130 / 131 و 138 وعن مكارم الاخلاق ص 51 .
(4) راجع : البحار ج 80 ص 210 و ج 76 ص 139 ، وفي هامشه عن نوادر الراوندي ص 40 .


( 216 )


اخرى (1) .
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت ان احفى وادرد . وفي بعضها : حتى خفت ان يجعله فريضة . وفي معناه غيره (2) .
وعن الصادق عليه السلام : نزل جبرئيل بالسواك ، والخلال ، والحجامة (3) .
فاذا كان السواك من سنن المرسلين ، فهو اذن ليس امرا عاديا يمكن التغاضي عنه بسهولة .. خصوصا .. وان جبرئيل ما زال يوصى به النبي ( ص ) حتى خاف ان يجعله فريضة . فما احرانا اذن ان نقتدي بالمرسلين من اجل هدايتنا ، ونهتدي بهديهم ، حيث انهم لم يرسلهم الله الا من اجلنا ، وبما فيه مصلحتنا والخير لنا .. ولعل هذا هو السر في التعبير بكلمة : « المرسلين » ، بدل كلمة : « الانبياء » !! .
نعم .. وقد سمح الشارع حتى للصائم بأن يستاك ، رغم قيام احتمال سبق شيء الى جوفه .. كما وسمح للمحرم بان يستاك ، وان ادمى .
فعن الحسين بن ابي العلاء قال : سألنا ابا عبد الله عليه السلام عن السواك ؟ فقال : نعم ، اي النهار شاء . (4) وعن النبي ( ص ) اذا صمتم فاستاكوا بالغداة ،
____________
(1) الكافي ج 6 ص 495 وج 3 ص 23 والوسائل ج 1 ص 346 وراجع : المحاسن ص 560 ومكارم الاخلاق ص 41 و 49 ط 6 والبحار ج 76 ص 97 و 127 و 142 وراجع ص 131 و 135 والخصال ص 142 وروضة الواعظين ص 308 .
(2) الكافي ج 6 ص 495 و 496 وراجع : الوسائل ج 1 ص 346 و 347 و 348 والمحاسن ص 560 ومن لا يحضره الفقيه ج 4 ص 7 وج 1 ص 32 وسنن ابن ماجة ج 1 ص 106 والبحار ج 76 ص 126 و 139 و 132 و 333 و 131 وفي هامشه عن الامالي ص 253 و 357 وعن نوادر الراوندي ص 40 .
(3) المحاسن ص 558 ومن لايحضره الفقيه ج 1 ص 32 والوسائل ج 1 ص 346 والبحار ج 76 ص 130 و 138 وعن الكافي ج 2 ص 84 وعن مكارم الاخلاق 51 .
(4) الوسائل ج 1 ص 360 وج 7 ص 57 ـ 60 روايات كثيرة ، وفي هامشه عن عدد من المصادر .


( 217 )


ولاتستاكوا بالعشي ، فانه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي ، الا كان نوراً بين عينيه يوم القيامة (1) . وثمة روايات اخرى . وعن ابي عبد الله عليه السلام ، قال : قلت : المحرم يستاك ؟ قال : نعم ، قلت : فان ادمى ؟ قال : نعم ، هو من السنة (2) .
وعن الباقر عليه السلام : ولابأس ان يستاك الصائم في شهر رمضان اي النهار شاء ، ولابأس بالسواك للمحرم (3) .
وثمة روايات كثيرة تأمر بالسواك وتحث عليه ، لامجال لاستقصائها في هذه العجالة .. فمن اراد المزيد ، فليراجع مجاميع الحديث والرواية ، كالبحار ، والوسائل ، ومستدركاتها ، وغير ذلك .
الثانية : السواك للوضوء والصلاة :
ثم هناك ما دل على استحباب السواك ولاسيما عند الوضوء (4) والصلاة (5) ، وانه لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة .. او عند كل
____________
(1) البحار ج 76 ص 135 ومكارم الاخلاق ص 48 / 49 ط 6 .
(2) البحار ج 99 ص 180 وعلل الشرايع ص 407 .
(3) مكارم الاخلاق 49 .
(4) راجع : من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 32 والبحار ج 76 ص 136 و 132 و 140 وج 80 ص 343 و 338 و 339 و 344 وج 77 ص 71 ، ومكارم الاخلاق ص 49 وعن المقنع ص 8 ط قم ، وعن كتاب الامامة والتبصرة ، وروضة الكافي ص 79 ، والمحاسن للبرقي ص 17 ، و 561 .
(5) راجع : الكافي ج 6 ص 496 والمحاسن ص 561 ، والوسائل ج 1 ص 355 و 354 ومن لايحضره الفقيه ج 1 ص 34 والبحار ج 76 ص 132 وج 80 ص 338 وكشف الاستار ج 1 ص 240 و 241 و 243 ومجمع الزوائد ج 2 ص 97 .


( 218 )


صلاة (1) .
والظاهر : ان المراد : الامر الوجوبي ، والا : فان الامر الاستحبابي ثابت .. كما ان الظاهر هو انه لامنافاة بينهما ، فان السواك للوضوء معناه ان تكون الصلاة بسواك ايضا .. فعبر باحدهما عن هذا وعن الاخر بذاك ، لعدم الفرق في النتيجة بينهما .
وورد ايضا : ان ركعتين بسواك افضل من اربع ركعات (2) ، او سبعين (3) ، او خمس وسبعين ركعة بدونه (4) . او ان صلاة بسواك افضل من التي يصليها بدونه اربعين يوما ، بعد ان قال : عليك بالسواك ، وان استطعت ان لا تقل منه ، فافعل (5) ..
وان السواك يضاعف الحسنات سبعين ضعفا (6) .. وانه من السنن الخمس
____________
(1) الوسائل ج 1 ص 354 و 355 ومن لايحضره الفقيه ج 1 ص 18 والكافي ج 3 ص 22 والمحاسن للبرقي ص 561 وعلل الشرايع ص 293 والبحار ج 76 ص 126 و 137 وج 80 ص 341 و 343 / 344 ومكارم الاخلاق ص 50 وسنن الدارمي ج 1 ص 174 وسنن ابن ماجة ج 1 ص 105 وسنن ابي داود ج 1 ص 12 وسنن النسائي ص 12 ج 1 والبخاري ج 2 ص 34 نشر دار الفكر .
(2) المحاسن للبرقي ص 562 ، ومن لا يحضره الفقيه ج 1 ص 33 والوسائل ج 1 ص 355 والبحار ج 76 ص 133 وج 80 ص 339 و 344 عن بعض من تقدم ، وعن المقنع ص 8 ط قم .
(3) الكافي ج 3 ص 22 والمحاسن ص 561 ، ومن لا يحضره الفقيه ج 1 ص 33 ، والوسائل ج 1 ص 355 والبحار ج 76 ص 133 و 137 و 139 وج 80 ص 339 و 342 والخصال ص 481 ومكارم الاخلاق ص 50 وجامع الاخبار ص 68 وراجع كشف الاستار عن زوائد البزار ج 1 ص 244 و 245 ومجمع الزاوئد ج 2 ص 98 .
(4) البحار ج 80 ص 344 عن اعلام الدين .
(5) البحار ج 76 ص 37 وج 80 ص 344 ومكارم الاخلاق ص 51 .
(6) البحار ج 76 ص 128 والخصال ص 449 .


( 219 )


التي في الرأس (1) .. ويرضى الرحمان (2) .. ومن سنن المرسلين ، وقد تقدم ..
وقال ابو عبد الله اذا قمت بالليل فاستك ، فان الملك يأتيك فيضع فاه على فيك ، فليس من حرف تتلوه ، وتنطق به الا صعد به الى السماء ، فليكن فوك طيب الريح .. وفي معناه غيره (3) .
والروايات في هذا المجال كثيرة لا مجال لاستقصائها ..
اشارة : هذا .. ولا بد من الاشارة هنا الى ان ما تقدم من الاختلاف بين اربع ركعات ، او سبعين ، او خمس وسبعين ركعة ، او اربعين يوماً ، في مقام اثبات الاجر وافضلية الصلاة بسواك على غيرها .. لا يستدعي التشكيك في هذه الروايات .. اذ لعل السواك الذي تكون المنافع الدنيوية هي المقصودة منه هو الذي يفضل الركعتان معه الاربع ركعات ؛ اما الذي يقصد منه الثواب الاخروي ... فان ركعتين معه تعدل سبعين ركعة .. او خمس وسبعين ، او اربعين يوما ، على اختلاف درجات الاخلاص في النية في هذا المجال ..
منافع السواك .. واوقاته .. وكيفياته .
ولم يكتف النبي ( ص ) والائمة ( ع ) بالمداومة على السواك عملا ، ولا بما تقدم من الاوامر المطلقة به .. او بالاشارة لما يثبت استحبابه وعباديته ، وان الانسان ينال عليه الثواب الجزيل ، والاجر الجميل .. الامر الذي من شأنه ان يعطى الانسان المؤمن قوة دافعة على ممارسته ، والالتزام به ، والمداومة عليه .
____________
(1) البحار ج 76 ص 67 و 68 وج 80 ص 345 وفي هوامشه عن المصادر التالية : الخصال ج 1 ص 130 وفقه الرضا ص 1 وتفسير القمي ص 50 والهداية ص 17 .
(2) من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 34 والبحار ج 76 ص 129 .
(3) الكافي ج 3 ص 23 والمحاسن ص 561 و 559 وعلل الشرايع ص 293 ، والوسائل ج 1 ص 357 ، والبحار ج 80 ص 339 و 341 و 343 وج 76 ص 126 و 132 .


( 220 )


نعم .. لم يكتفوا ( ع ) بذلك .. وانما زادوا عليه اهتمامهم الظاهر ببيان ما يترتب على السواك من المنافع ، وما في تركه من المضار ..
وبديهي ان الشارع المقدس يهتم بالمحافظة على سلامة الانسان ، وحفظه في افضل الحالات ، واذا كان للسواك اثر كبير في ذلك ، فانه يكون مرغوبا ومطلوبا له تعالى بذاته ، حتى ولو لم يقصد به القربة ، ولا اتى به لاجل ماله من الاجر والثواب . واذا عرف الناس منافعه .. واذا كان هناك من لايريد الاقتداء بالمرسلين ، او لا رغبة لديه فيما فيه من الثواب .. فانه قد يفعله رجاء الحصول على مافيه من فوائد ومنافع ، وما يدفعه من مضار .. فان الانسان ـ بطبعه ـ محب لنفسه ، يهمه جدا دفع كل بلاء محتمل عنها ، وجلب كل نفع يقدر عليه لها .. وفي السواك الكثير الكثير مما يرغب فيه الراغبون ، ويتطلع اليه المتطلعون ، سواء بالنسبة لشخص الانسان وذاته ، او بالنسبة لعلاقاته بالاخرين من بني جنسه ..
لو علم الناس ما في السواك :
وفي مقام الاشارة الى ما للسواك من المنافع الجليلة نجد الامام الباقر عليه السلام يقول : « لو يعلم الناس ما في السواك لأباتوه معهم في لحاف » (1) .. وتقدم قوله ( ص ) لعلي : عليك بالسواك ، وان استطعت ان لا تقل منه فافعل .. فان ذلك . يعطينا : ان فوائد السواك تفوق حد التصور ، وان مضار تركه لاتقل اهمية في نظر الاسلام عن فوائد الاستمرار عليه ..
انه لمن المدهش حقا ان تؤدي بنا معرفة السواك الى ان نبيته معنا في لحاف !! .. مع ان احدنا حتى لو كان مصابا فعلا بمرض ، فانه لا يبيت الدواء معه
____________
(1) ثواب الاعمال ص 34 ، وعلل الشرايع ص 107 ومن لا يحضره الفقيه ج 1 ص 34 والوسائل ج 1 ص 349 و 351 والبحار ج 80 ص 343 / 344 وج 76 ص 130 .