قصص الزواج

البريد الإلكتروني طباعة

زواج بغير اعوجاج 110 ـ ص 119

قصص الزواج

( مقتطفات من تفسير القرآن الكريم وكتب قصص الأنبياء )

أولاً : زواج النبي إبراهيم عليه السلام : لقد كافح وجاهد النبي إبراهيم عليه السلام في سبيل ربه لهداية قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام وذلك في « بابل » في أرض العراق ، حتى آل الأمر أنه دمر أصنامهم بالطريقة المشهورة التي ذكرها القرآن الكريم(1) وكان « نمرود بن كنعان » قد بسط سلطانه عليهم فإنه قد طغى وتجبر حتى ادعى الربوبية . فلما جاء حدث تدمير الأصنام عزم قومه أن يحرقوا إبراهيم عليه السلام بالنار انتقاما لما فعله بآلهتهم ، فحبسوه في بيت كما قال تعالى : ( قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم) ( الصافات : 97 ) ثم جمعوا له من أصلب الحطب وأصناف الخشب حتى إنه كانت المرأة إذا مرضت تقول : لئن شفيت لأجمعن حطباً لإبراهيم . وكانت تنذر لما تحب أن تدركه لئن أصابته لتحتطبن حطبا وتجعله في النار التي يحرق بها إبراهيم احتساباً في دينها . فكانوا يجمعون الحطب شهرا حتى إذا كثر وجمعوا منه ما أرادوا أشعلوا النار فتوهجت إلى درجة أنها إذا مر الطير بها يحترق من شدة وهجها . ثم عمدوا إلى إبراهيم عليه السلام فرفعوه على رأس البنيان وقيدوه ، ثم اتخذوا منجنيقا ووضعوه فيه ورموا به إلى النار في موضع شاسع ، فاستقبله جبريل عليه السلام فقال : يا إبراهيم الك حاجة ؟ قال : أما اليك فلا . قال جبريل : فاسأل ربك . فقال إبراهيم عليه السلام : « حسبي من سؤالي علمه بحالي ، حسبي الله ونعم الوكيل » أجل : إن الله سبحانه وتعالى قد نصره لأنه قد نصر دينه ، فقال تعالى : (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) ( الأنبياء : 69 ) فانقلبت النار إلى روضة خضراء وإبراهيم
____________
(1) راجع سورة الأنبياء ( 57 . . . 67 ) الآيات .


( 111 )


جالس فيها (فاعتبروا يا أولى الألباب) ثم خرج بعد ذلك من بلده فارا بدينه إلى ربه ، وسكن ( حرٌان ) حوالي الشام ، فمكث بها ما شاء الله أن يمكث ، ثم خرج منها مهاجرا حتى قدم إلى مصر وبها فرعون من الفراعنة الأولى ، وكانت زوجته « سارة » من أحسن النساء وأجملهن ، وكانت تقية مطيعة لزوجها ولا تعصيه في شيء ، وقد ذكر أن إبراهيم عليه السلام قد أودع زوجته « سارة » في صندوق حين سفره ، وذلك غيرة عليها من إشراف أنظار الناس عليها ، فلما وصل إلى مصر أجبره فرعون أن يفتح الصندوق . فلما رأى زوجته بذلك الجمال الرائع أهوى إليها ليتناولها بيده ، فيبست يده إلى صدره . فلما رأى فرعون الجبار ذلك أعظم أمرها وقال : سلي ربك أن يطلق يدي ، فوالله لا آذينك . فقالت « سارة » : « اللهم إن كان صادقا فأطلق له يده » . فأطلق الله يده . وقد فعل ذلك ثلاث مرات قصد أن يتناولها فيبست يده . روى أن إبراهيم عليه السلام قال له : « إن الله غيور يحب الغيور » .
فكن أيها الزوج غيورا على زوجتك ، ولا أقول لك أودعها في صندوق خشبي أو حديدي ، بل أودعها في صندوق العفة والحشمة لتكسب محبة الله وتأييده ونصره . ثم وهب فرعون مصر جارية اسمها « هاجر » إلى « سارة » إجلالا لما رآه من مكانتها السامية عند الله تعالى ، وبعد ذلك وهبت ( سارة ) جاريتها « هاجر » إلى زوجها إبراهيم عليه السلام » ، فقالت له : « إني أراها امرأه وضيئة فخذها لعل الله تعالى يرزقك منها ولدا » . وكانت سارة قد مُنعت الولد حتى أسنت(1) ، فتزوج
____________
(1) اقتضت حكمة الله تعالى أن تلد « سارة » بعد ذلك « إسحاق » وكان عمرها تسعين سنة ، فسبحان الله لهذا الحدث الخطير الكبير ، جل جلاله وعظمت قدرته .


( 112 )


إبراهيم عليه السلام بهاجر فولدت له « إسماعيل » عليه السلام . وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذمة ورحما) .
ثانيا : زواج النبي « موسى » عليه السلام : لما تآمر زبانية فرعون على قتل « موسى » عليه السلام ، خرج متوجها تلقاء أرض « مدين » داعيا الله أن ينجيه من القوم الظالمين ، وأن يهديه سواء السبيل . فلما ورد ماء مدين وجد جماعة من الناس يسقون مواشيهم من البئر ، ووجد من دونهم امرأتين تمنعان غنمهما . فسألهما عن ذلك ، فأخبرتاه بأنهما تنتظران حتى يفرغ الرعاء من السقي لأنهما لا تقويان على المزاحمة، ووالدهما كبير السن لا يستطيع الحضور للسقي . فرق قلبه لهما فأسرع إلى بئر كان على رأسها صخرة عظيمة ، وكان النفر من الرجال يجتمعون إليها حتى يرفعوها ، فرفع « موسى » عليه السلام الصخرة ، وأخذ دلوا لهما وقال لهما : قدما غنمكما . فسقى لهما الأغنام حتى أرواها ، فرجعتا إلى أبيهما سريعا قبل الناس.
فقال لهما : ما أعجلكما وأسرع رجوعكما . قالتا : وجدنا رجلا صالحا فرحمنا فسقى لنا أغنامنا . فقال لإحداهما : اذهبي فادعيه إليٌ . فجاءته إحداهما وهي تمشي على استحياء قالت له : إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا . فقام موسى ، فتقدمته وهو وراءها ، فهبت ريح فألصقت ثوب المرأة بردفها . فكره موسى أن ير ذلك منها ، فقال لها موسى : امشي خلفي ودليني على الطريق . فإذا أخطأت فارمي قدامي بحصاة حتى أنهج نهجا ، فإنا بني يعقوب لا ننظر إلى أعجاز النساء ( تدبر هذا المشهد أيها القارىء العزيز ـ وخذ منه درسا رائعا للعفة والفضيلة الجنسية ) فنعتت المرأه الطريق لموسى إلى منزل أبيها ومشت خلفه ، حتى دخل على أبيها « شعيب » بناء على المشهور.


( 113 )


وهناك من خالف هذا المشهور ورفض أن يكون « شعيب » والد الامرأتين ، بل هو شخصية أخرى(1) . فسأل الوالد موسى عن حاله وقصته فأخبره الخبر . فقال له : لا تخف نجوت من القوم الظالمين . فقالت إحداهما وهي التي كانت الرسول إلى موسى : يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين . فقال لها أبوها : إنك عرفت قوته من رفع الصخرة على البئر ، فكيف عرفت أمانته ؟ فأخبرته بما أمرها موسى من استدبارها إياه في الطريق . فازداد فيه الأب رغبة فزوجه ابنته التي جرت قصة الطريق منها . ورعى له موسى عشر سنين .
ذكرى لأولى القلوب الواعية : أختي العزيزة : هكذا انتخبي الزوج ومحصى واختبري السلامتين في بدنه وروحه ، واحذري الاقتصار على اختيار صحة بدنه وجمال صورته .
رواية طريفة : روى أن موسى عليه السلام لبث عند شعيب ما شاء الله ، ثم استأذنه في الانصراف مع زوجته واسمها « صفورا » فأذن له وقال له : ادخل هذا البيت وخذ عصا من العصى لتكون معك تدرأ بها السباع عنك وعن غنمك ـ وكانت عصا الأنبياء عند شعيب ـ فلما دخل موسى البيت وثبت إليه العصا فصارت في يده ، فخرج بها فقال شعيب : ردها وخذ غيرها . وذلك أن شعيبا كان قد أخبر بأمر العصا ، ولم يدر شعيب أن صاحبها هو موسى . فردها موسى إلى البيت فألقاها وذهب ليأخذ غيرها . فوثبت الأولى حتى صارت في يده . ففعل ذلك مرارا فقال له شعيب : ألم أقل لك خذ غيرها ؟ فأخبره موسى بما جرى ، فعلم شعيب أن ذلك أمر يريده الله تعالى ، فقال له : خذها .
____________
(1) راجع كتاب قصص الأنبياء : تأليف عبد الوهاب النجار .


( 114 )

ثالثا : تزويج سعيد بن المسيب(1) : إنه شخصية إسلامية مشهورة ، فقد خطب إليه عبد الملك بن مروان ابنته إلى ولي عهده « الوليد بن عبد الملك » ، وكانت من أحسن النساء جمالا وكمالا وأعلمهن بكتاب الله وسنة رسوله ، ولكن سعيد بن المسيب لم يتردد في الاعتذار عن ذلك ، وأصر عليه رغم ما أوقعه به عبد الملك من إيذاء ، حتى ضربه مائة سوط لما عرف به الوليد من مجون واستهتار . وعاد سعيد بن المسيب إلى المدينة المنورة فزاره عبدالله بن أبي وداعة أحد تلامذته فسأله عن حاله ، وعلم منه وفاة زوجته فقال له : « هلا استحدثت امرأة ؟ » فقال : يرحمك الله تعالى ، ومن يزوجني وما أملك سوى درهمين أو ثلاثة ؟ ! فقال له سعيد : أنا أزوجك . . ! قال : وتفعل ؟ ! قال : نعم . فزوجه ابنته على درهمين أو ثلاثة . وهكذا آثر سعيد بن المسيب الفقير التقى الذي توفرت له الكفاءة في الدين على الأمير الغني الذي يفتقر إليها . ولم يكتف بذلك بل بلغ به الاطمئنان والثقة في دين ذلك الفقير .
يقول عبدالله بن أبي وداعة : « فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح . . فصرت إلى منزلي وجعلت أفكر ممن آخذ وممن أستدين ؟ فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي ، فأسرجت وكنت صائما فقدمت طعامي لأفطر وكان خبزأ وزيتا ، وإذا بابي يقرع فقلت : من هذا ؟ قال : سعيد . ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب ، وذلك أنه لم يُر أربعين سنة إلا بين داره والمسجد . فخرجت إليه فإذا به سعيد بن المسيب فظننت أنه قد بدا له . فقلت : يا ابا محمد . . لو أرسلت إليٌ لأتيتك . فقال : لا . . . أنت أحق أن تؤتى . قلت : فما تأمر ؟ قال إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت ، فكرهت أن
____________
(1) عن كتاب إحياء العلوم للغزالي ( كسر الشهوتين ) .

( 115 )

تبيت هذه الليلة وحدك . وهذه امرأتك . . !! وإذا هي قائمة خلفه في طوله . ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب ورده ، فسقطت المرأه من الحياء . فصعدت السطح وناديت الجيران فجاءوني وقالوا : ما شأنك ؟ قلت: ويحكم !! زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم !! وقد جاء بها الليلة على غفلة . فقالوا : أو سعيد زوجك ؟ !! قلت : نعم . قالوا : وهي في الدار ؟!! قلت : نعم . فنزلوا إليها وبلغ ذلك أمي ، فجاءت وقالت : وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام . فأقمت ثلاثا ثم تزوجتها ، فإذا هي من أجمل النساء وأحفظ الناس لكتاب الله تعالى وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأعرفهم بحق الزوج . فمكثت شهرا لا يأتيني سعيد ولا آتيه فلما كان بعد الشهر أتيته وهو في حلقته العلمية ، فسلمت عليه فرد على السلام ولم يكلمني حتى تفرق الناس من المجلس . فقال : ما حال ذلك الإنسان ؟ فقلت : بخير يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو . فانصرفت إلى منزلي فوجه إلى بعشرين ألف درهم » . فما أعظم اطمئنان ذلك الوالد إلى مصير ابنته ، حتى إنه لم يفكر في استقصاء أحوالها لأنه علم أنها في كنف رجل تقى يخشى الله تعالى ، ويعرف حقها عليه ، ومكانتها منه .
أيها الآباء الأغنياء : متعوا بناتكم بحياة طيبة بتزويجهن للفقراء الأبراء وأغنوهم من أموالكم لتكسبوا ذرية مطيعة لرب العالمين وذلك هو الفوز العظيم .


( 116 )
ختام البحث

قال الله تعالى : ( وإذا النفوس زوجت ) ( التكوير : 7 ) .
أيها الإخوة ـ أيتها الأخوات : اعملوا لهذا الزواج فإن له شأنا عظيما ومظهرا خطيرا . أجل : اعملوا ليوم تتزوج فيه أرواحكم بأبدانكم بعد تناثر أجزائها في التراب وخارجه فإن الله سبحانه وتعالى سيحييكم بعد موتكم وهو على كل شيء قدير(1) . فيزوج المؤمن بالحور العين للاتي لا يهرمن ولا يمرضن في جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا بالإضافة إلى ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين . ويزوج المؤمنات بأزواجهن الذين تزوجوا بهن في الحياة الدنيا فينشىء كلا الزوجين بأحسن الجمال الجسدي والكمال النفسي فلا نزاع ولا صراع ولا أضغان ولا أحقاد كما كانت سابقا . قال تعالى : (لا يسمعون فيها لغوا ولاتأثيما إلا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما) ( الواقعة : 25 ) .
وأما النساء العزبات في الدنيا فيزوجهن رب العالمين كذلك بأزواج من رجال الدنيا . ولا يبعد أن يخلق في الجنة أزواجا آخرين في أحسن الجمال والكمال فيتم زواج النساء بهم . وأما الكافرون فيزوجهم الله تعالى ويقرنهم بالشياطين في نار جهنم وبئس المصير . ذلك ما ذكر في تفسير الآية الكريمة السابقة (وإذا النفوس زوجت) ( والله أعلم ) . وبالتالي : قول الله تعالى :
( أ ) ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) ( التوبة : 105 ) .
( ب ) ( يوم تجد كل نفس ما عملت مُحضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد ) ( آل عمران : 30 ) . وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
____________
(1) أرجو مراجعة الصفحة : ( 12 ـ 13 ـ 14 ) . المراجعة هامة جدا .

( 117 )

استدارك

أولا : الزواج والدماء الثلاثة : ( لا حياء في أحكام الدين بل الحياء في معصية رب العالمين ) لا يجوز للزوج أن يلامس زوجته ملامسة جنسية باطنية خلال حال الحيض والنفاس إلا بعد طهارتها بالتأكد من زوال الأثر الكلي للدم ولو من صفرة رقيقة بإدخال قطنة(1) كما مر سابقا . أما الملامسة السطحية فهي جائزة . والدماء الثلاثة هي ( الحيض . النفاس . الاستحاضة ) .
( أ ) يكون دم الحيض غالباً أسود أو أحمر حاراً عبيطاً يخرج بدفق وحرقة ، وقد يكون أصفر رقيقا عند انتهائه . أما دم الاستحاضة فيكون غالبا أصفر بارداً رقيقا يخرج بفتور ، وأحيانا قد يكون بصفات الحيض . وينقسم إلى ثلاثة أقسام
الأولى : الاستحاضة المتوسطة : تكون إذا تجاوز الدم سطح القطنة إلى داخلها فقط ، ففي هذه الحالة تعمل كالسابق وتطهر الرباط أيضا ، وتضيف غسلا واحداً للصلاة التي حدثت الاستحاضة قبلها ابتداء . وإذا استمرت فتغتسل لصلاة الفجر فقط يوميا ، والأحوط الوضوء مثل الغسل .
الثالثة : الاستحاضة الكثيرة : وتكون إذا تجاوز الدم القطنة وخرج من الجهة الثانية ، ففي هذه الحالة نعمل كالقليلة ، أي أنها تطهر الموضع والقطنة والرباط وتتوضأ لكل صلاة وتضيف ثلاثة أغسال : الأول لصلاة الفجر ، والثاني لصلاة الظهر والعصر بدون فصل بينهما ، والثالث للمغرب العشاء بدون فصل بينهما كذلك . وفي سائر الأحوال يجب على المستحاضة أن تعجل إلى الصلاة بعد تأديتها لما وجب عليها من غسل ووضوء . ويجب عليها أن تلاحظ الأمور الآتية :
1 ـ تحرص على حبس الدم بالرباط لكيلا يتجاوز إلى الخارج .
2 ـ تختبر حالها قبل كل صلاة لتعرف أنها من أي قسم من الأقسام الثلاثة .
3 ـ تتوقف صحة صومها على أداء الأغسال المقررة ، وهي : الغسل لصلاة
____________
(1) يختص الفحص في الحيض قبل انتهاء الأيام العشرة التي تعتبر بنهاراتها ولياليها المتوسطة .

( 118 )

المغرب والعشاء من الليلة السابقة لنهار الصوم ، والغسل لصلاة الصبح منه . والغسل الثالث لصلاة الظهر والعصر من نهار الصوم كذلك .
تنبيه هام : أيتها الاخت العزيزة : لا تجزعي من الأوامر التي مر ذكرها ، فإن الجزع وسوسة من الشيطان . فإن متاعب الدنيا وصعوباتها هي أكثر من القيام بأحكام الدين .
وأما دم النفاس فهو الذي يستند إلى الولادة ، وله أحكام مفصلة لا مجال لذكرها في هذا الكتاب . فيجب على المرأة أن تتعلمها بنفسها أو بواسطة أبيها أو زوجها ، ولا عذر لها على كل حال(1) . كذلك تتعلم أحكام الحيض والاستحاضة كما مر سابقا ، وذلك لاجتناب خطر بطلان عباداتها ( الصلاة . الصوم . الحج ) فإن الله تعالى لم يخلق المرأه لتأكل وتشرب وتتمتع بزينة اللباس والمسكن والأولاد فقط بل قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) (الذاريات : 56) .
ثانيا : أخي الزوج ـ أختي الزوجة : يجب عليكما أن تأمرا أولادكما بأداء أحكام الإسلام ، خصوصا البنت إذا أكملت تسع سنوات قمرية ، فإن الله تعالى قد كلفها بذلك فلا تهملا أمر صلاتها وصيامها وخصوصا حجابها : فإن احتقرتما هذا القول فذلك هو الاحتقار للدين الحنيف ، والاستصغار لحكمة رب العالمين ، فهو الذي أحكم خلق المرأة ولم يكلفها بما لا تطيقه فهو أرحم الراحمين . وقد ثبت في علم النفس التربوي أن البنت في سن تسع سنوات تملك مشاعر وطاقات إنسانية أقوى من الابن في نفس السن بل أكثر منها بسنوات .
فاحذرا أيها الوالدان : تلبيس إبليس الذي يصد عن الحق ويدعو إلى الباطل والضلال .
ثالثا : لقد جرت العادة بين كثير من المتزوجين أن يتختموا بالذهب ، فذلك حرام بإجماع المذاهب الإسلامية ، فقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه رأى رجلا قد لبس الذهب أو كان متختما به فخلعه من يده ورماه على الأرض ، وحذر الرجل قائلا ما مضمونه : ( أيحب أحدكم أن تكون جمرة من النار على يديه ؟ ) لا والله لا نطبق ذلك لحظة واحدة. فإن لبس الذهب والتختم به حرام على الرجال وحلال للنساء ، بشرط عدم إبدائه للرجال ما عدا المحارم . فعلى الزوجة أن تنهى زوجها عن هذه المعصية وتأمره أن يتختم بالفضة ، ولا تتشاءم من هجره للتختم بالذهب بل يجب عليها أن تتشاءم من نار جهنم ذات
____________
(1) لا يحق للمرأة أن تبقى بلا صلاة أو صوم لعشرة أيام إذا كانت عادة حيضها أقل من عشرة أيام فتحسب النفاس بقدر أيام العادة والباقي استحاضة وإذا لم تكن ذات عادة عددية فتحسب نفاسها بقدرعادة أقاربها ( والأحوط الأم أو الأخت أو الخالة ) وإذا كانت عادتهن أقل من العشرة احتاطت فيما زاد عنها إلى العشرة .

( 119 )

اللهب ، بتركها للامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
رابعاً : لقد صد الغناء وآلاته أفراد الأسرة عن ذكر الله سبحانه وتعالى ، فقست قلوبهم وفسدت سرائرهم ، خصوصا بالنسبة للأغاني الخليعة والمغنيات المتبرجات اللاتى يبرزن على شاشة التليفزيون ، فيا حسرة على أولئك الذين يزعمون أن الغناء هو غذاء الروح، قد جهلوا أن خالق الروح قد قرر غذاءها أن يكون بالعلم النافع وحكم أن تكون تزكيتها بتحليها بالفضائل ، وتخليها عن كل لغور باطل. ومن أخطر فروع اللغور الباطل هو الغناء وملحقاته . ومن أهم الكتب التي بحثت حول هذا الموضوع هو كتاب ( حكم الإسلام في الغناء ) تأليف : ابن القيم الجوزية . وأقدم إلى القراء الأعزاء قسماً مما أورده من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المروية الشرح :
(أ) ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله . . . ) لقمان (6 ، 7) رجح معظم المفسرين أن المقصود بلهو الحديث هو الغناء.
( ب ) قال تعالى للشيطان وحزبه : ( واستفززت من استطعت منهم بصوتك ) ( الإسراء : 64 ) عن مجاهد : وصوته الغناء والباطل .
( جـ ) قال تعالى : (أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون * وأنتم سامدون ) ( النجم : 59 ـ 61) . عن ابن عباس : السمود(1) هو الغناء في لغة حمير يقال : أسمدي لنا ، أي غنى لنا .
( د ) الحديث المروي : ( من استمع إلى قينة ( مغنية ) صب في أذنيه الاتك ( الرصاص المذاب ) يوم القيامة ) .
( هـ ) الحديث المروي : (لا تبيعوا لاقينات « المغنيات والإماء » ولا تشتروهن ولا تعلموهن ، ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام ) وبالتالي فلينه القارىء العزيز نفسه عن هوي الغناء لكيلا يهوى في جهنم أسفل سافلين .
خامسا : يظن بعض المتزوجين أن الزوجة تكره زوجها إذا كان ذا لحية ، فظنهم باطل ، فإن المرأة تحب من الرجل خشونته ، فمنها في شعر بدنه ومنها شعر اللحية فهل تكره المرأة الشارب واليدين والرجلين ؟ كلا . وقد وردت نصوص شرعية تحرم حلق اللحية ، لذلك يجب على كل مسلم أن يبحث عنها ليدأر عن نفسه خطر المسؤولية .
« ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم »

____________
( 1) قال الشاعر :
وكــأن العزيف فيهــا غناء * للندامــى من شارب مسمـود
والمسمود : الذي غُنى له .