زواج
بغير اعوجاج
حسين هادي الشاميمؤسسة النعمان
طباعة ـ نشر ـ توزيع
بيروت ـ لبنان
* الى القراء الأحرار الذين يتطلعون الى حياة زوجية سعيدة .
* الى الذين يدعون ربهم ليهب لهم من أزواجهم وذرياتهم قرة أعين .
* الى الذين لا يحكمون للكتاب أو عليه إلا بعد تفهم بحوثه .
وبالتالي أناديهم مخلصا أن يحملوا الكتاب في قلوبهم ويقرأوا جميع سطوره وينشروا مفاهيمه بين الناس بأقرب فرصة وأوسع نطاق ويتوجهوا أولا الى عائلاتهم .
تزيدان الامان بالرحمن والقرآن
الزوجية الذرية ـ الزوجية البشرية
الزوجة الذرية
تتجلى زوجية الذرة في الإلكترون والبروتون ، وهما قسمان تحتوي عليهما الذرة ، يحمل أحدهما شحنة موجبة والآخر يحمل شحنة سالبة . . وذلك ما أشار إليه القرآن الكريم قبل مئات السنين ليتبيٌن إعجازه وصدوره من رب العالمين ، فتطمئن القلوب بحكمة خالقها ، وتزداد إيمانا بإتقان صنع مخلوقاته من أصغرها إلى أكبرها فقال تعالى :
(أ) (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) (الذاريات /49).
(ب) (سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون) (يس / 36).
أيها القراء الكرام، تدبروا هاتين الآيتين وفكروا في الجملتين (ومن كل شيء) في الآية الأولى و(ومما لا يعلمون) في الآية الثانية ، وتصوروا بأنكم حاضرون عند محمد صلى الله عليه وآله واصحابه الطيبين وسلم قبل أربعة عشر قرناً وهو ينطق بهما ، فهل يجوز لقاريء حر أن يعتبرهما من إنشائه وهو لا يرى الزوجية في كل شيء ، بل يراها في أصناف معينة من الأحياء كما في الآية الأولى (ومن كل شيء) ؟ وهل يجوز لرجل أمي أن يعلن جهل الناس بزوجية مستورة وهو يشترك معهم في هذا الجهل ، كما في الآية الثانية (ومما لا يعلمون) ؟ كلا ـ فإن القارىء الحر الواعي يؤمن بأن الآيتين صادرتان من خالق الأشياء (ومن كل شيء خلقنا زوجين) وممن أعلن جهل عباده بزوجية الذرة في زمن صدور الآية (ومما لا يعلمون) وعلمهم ما لم يعلموا في القرن العشرين ( كما بحثت الآيتان والله أعلم ) قال تعالى : (علم الإنسان ما لم يعلم) (العلق/ 5).
نهاية المطاف : إن أملي وطيد بأن القاريء العزيز يتدبر ما مر ذكره ، ويتفكر فيما قرأه متخليا عن الشهوات والأهواء والتعصب لتقليد الآباء ، ومنزها عن التحيز لما لديه من الآراء ، فيزداد إيمانه برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان مسلما . وأما غير المسلم فيسطع في قلبه نور الإيمان بأن القرآن من الرب الرحمن ، فيصبح مسلما يؤمن بأن محمدا هو رسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وأصحابه المنتجبين الميامين.
تنبيه هام
بناء على الرغبة الملحة من قبل بعض الإخوة المؤمنين في إعادة طبع كتاب «كلمة الإنسانية العليا» ، وعدم إتاحة الفرصة للاستجابة لهم بصورة تامة ، عزمت بعون الله تعالى أن أقتطف من الكتاب المذكور أهم مواضيعه ، وهي التي تبحث في الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ، وخلاصة ما يجب على المسلم أن يعمل بعد الإيمان ليضمن سعادته في الدنيا والآخرة . وقد جعلت ما اقتطفته مقدما على بحث الزواج ليكون ذلك قاعدة رصينة لبنائه ، وامتدادا لشرح الآيتين الكريمتين اللتين تناديان الإنسان للتوجه بقلبه إلى ربه ، والسعي لكسب مرضاته ومغفرته ، وذلك بالتفكر في قدرته العظمى التي تتجلى في هيمنته على كل ذرات الكون ، فقد قال تعالى : (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون * ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين) (الذاريات / 49 ـ 50). اللهم إنا نعوذ بك من أن نفر منك ، ونسألك أن توفقنا للفرار إليك ، إنك سميع مجيب .
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
المؤلف
أين أنتم ذاهبون أين ؟
سَبٌحوا خالق الذرة زوجين سبحان الله الذي أنشأ الذرة فأتقن إنشاءها كما بينه العلم .
(أ) تكوين الذرة : ـ تتكون الذرة من ثلاثة أجزاء : في المركز يوجد البروتون وهو ذو شحنة إيجابية ، ومعه النترون وهو ذو شحنة حيادية . وهناك في المدارات الخارجية توجد الإلكترونات وهي ذوات شحنة سلبية ، وعدد البروتونات الموجودة في النواة تساوي عدد الإلكترونات الموجودة في المدارات الخارجية ، وهكذا تتوازن الذرة من الناحية الكهربية .
(ب) وزن الذرة : ـ يتوقف وزن الذرة بشكل أساسي على البروتون والنترون ، ولقد وُجد أن وزن البروتون هو جزء من مليون مليار مليار من الغرام تقريبا . أما وزن الإلكترون فهو أخف من البروتون بصورة مذهلة . فوزن البروتون يساوي 1837 مرة وزن الإلكترون (سبحان الله).
(جـ) حجم الذرة : ـ تشبه الذرة شكلا كرويا ، وقطرها يعادل جزءاً من مائة مليون من السنتمتر ، ولكن الدهشة تكمن في أن قطر النواة (البروتونات والنترونات) أصغر من قطر الذرة بعشرة آلاف مرة ، فيتجلى بذلك الفراغ الهائل في التكوين ما بين البروتونات والإلكترونات .
وخلاصة القول : لو أن عشرة ملايين ذرة اجتمع بعضها بجانب بعض (مثلا) فإنها تبلغ طولاً قدره ملليمتر واحد فقط .
(د) حركة الذرة : ـ يدور الإلكترون حول النواة بسرعة ثلاثة آلاف كيلومتر في الثانية الواحدة (سبحان الله العظيم الذي عظٌم هذه السرعة)(1)
____________
(1) راجع : (أ) كتاب «الطب محراب الإيمان» الدكتور خالص كنجو ص : 25 ـ 28.
(ب) «الذرة والكون» بيار روسٌو.
ترجمة : عصام ميٌاس ـ ص : 9 ـ 10 ، 30 ـ 32.
وبعد ذلك كله يجب علينا أن نستجيب لنداء الله تعالى بقوله :
(ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون * ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين) (الذاريات / 49 ـ 50) فإذا كنا فارين منه بالكفر والمعاصي فلنفر إليه بالإيمان والاستغفار والأعمال الصالحة قبل أن يأتي يوم لا مفر فيه من حكم الله وعقابه فإنه أحكم الحاكمين. فهو قد هيمن على الذرة وفروعها، وهو المهيمن على أعمالنا وهو محصيها وسيحاسبنا على أصغر ما فيها ، كما قال تعالى : (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (الزلزلة /7 ـ 8) وقال تعالى أيضا : (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) (يونس/61) فيجدر بالإنسان إذن أن يتوب من ذنوبه ويستغفر ربه ، فإنه أرحم الراحمين ويحب التوابين والمستغفرين ، كما قال تعالى : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً).
* الكافر الملحد هو المنكر لوجود الله تعالى ، ويزعم أن هذا الكون وُجد بقوانين طبيعية متطورة للمادة(1) . يُرد هذا الرأي بتحكيم العقل السليم من أمراض الشهوات والأهواء والتعصب لتقليد الآباء ، والتحيز لما لديه من الآراء ، فيقرر أن تلك القوانين لا بد أن يكون لها ابتداء زمني يُهيمن عليها قانون السببية وهو :
1 ـ أن لكل متحرك بنظام محركا عاقلاً خارجاً عنه .
2 ـ أن لكل مصنوع صانعا ، وأن لكل بناء بانيا . فمن أنكر هذا القانون
____________
(1) قد يسأل الأطفال والجهال مَن خلق الله ؟ الجواب : إن الله تعالى يمتاز بصفة خاصة وهي أنه ليس له خالق ، وأن السؤال يدعو إلى التسلسل وهو من خلق الخالق. . . وهكذا ، ونسأل الملحد من الذي خلق الطبيعة ؟ فالسؤال ليس له أي وزن علمي.
فليأت برهانه إن كان من الباحثين الأحرار المخلصين ، ومن زعم أن هذا القول قد أكل الدهر عليه وشرب ، كان كمن ينقد مهندسا (مثلا) يراه يُجري عملية الضرب ( 5 × 6 = 30 ) أثناء عمله ، فيقول إن طلاب الدراسة الابتدائية يفعلون ذلك ، فيتهم المهندس بالجمود والرجعية (نعوذ بالله من التخلف الفكري ).
لكي تطمئن القلوب
ثانيا : ـ يقول الملحدون بتعبيرا آخر إن الطبيعة والصدفة هما السببان لوجود هذا الكون ، فنقول لهم :
(أ) الطبيعة : كلمة يجب على الناطق بها أن يعين مفهومها ووجودها ، وإذا لم يتحقق ذلك فكيف يحصل الاسم بغير وجود المسمى ؟ هل الطبيعة هي
____________
(1) نشاهد حركته المنظمة وسيرها المنطلق من العلم والتدبير.
المادة نفسها ، أو أن لها وجوداً خارجاً عن المادة ؟ فإذا اعتبرها القائل بها أنها هي المادة ، فيستحيل عليه (إذا كان باحثاً محققا ) أن يزعم أن تلك المادة هي المتطورة والمُطورة، والصانعة والمصنوعة في آن واحد . فهل يجوز لنا مثلا أن ندعي أن مادة الخشب تصنع الكرسي بطبيعتها ، أو أن مادة الحديد تصنع السيارة بطبيعتها ؟ كلا ثم كلا . وكذلك لا يجوز لنا أن نتصور أو نحتمل أن مادة الكون هي التي أوجدت وأنشأت الكائنات بطبيعتها . (فكر وتأمل) ـ فلكل مصنوع صانع ، ولكل بناء بان (كما مر) وذلك من الأمور البديهية بالنسبة لخصائص المادة ـ فكما أن الذرات لها خصائص كيمياوية وفيزياوية لا تحيد عنها ، كذلك من خصائصها اللازمة لها منذ وجودها أنها لا تسير ولا تتغير ولا تتطور إلا بمؤثر خارج عنها . ولزيادة الإيضاح نقول إن مواد الصناعة والبناء لها خصائصها الطبيعية ، ولكن تلك الخصائص لم تكن هي المنتجة للمصنوعات والمنشآت ، بل يتم الإنتاج بأيدي العلماء والمفكرين والعمال الواعين المتعلمين.
فماذا تقول إذن ـ أيها القاريء العزيز ـ في المصنوعات الكونية والمنشآت العالمية التي لا تعد ولا تحصى . . من نبات وحيوان وجماد ، وقد أُتقن صنعها وأحكم إنشاؤها ؟ أليس ذلك دليلا قاطعاً على وجود خالق حكيم أنشأ تلك الموجودات ؟
ـ أنتهى شرح موضوع « الطبيعة » التي تُعتبر هي المادة . والآن نبحث عن الطبيعة التي تعتبر خارجة عن المادة ، فنقول إن هذا الاعتبار يكون على إحدى الصور التالية :
(أ) وجود الطبيعة مع المادة والعالم.
(ب) ظهورها بعد نشأة الكون.
(جـ) كونها قبل خلق الموجودات والكائنات.
أما الصورة الأولى فغير معقولة ، وأما الصورة الثانية فمستحيلة ، بقيت
الصورة الثالثة وهي وجود الطبيعة قبل المادة والكون ، وذلك في حالة أزلية لا ابتداء فيها ، فأرادت إيجاد العالم فأوجدته بخلق مادة بطريقة لا تدركها العقول ، وتصرفت فيها بحكمة وتدبير فنشأت المخلوقات المحيرة للعقول وذلك مما لا ريب فيه . فإذا كان ذلك فلماذا لا نسمي تلك الطبيعة بكلمة الله ؟ ولماذا لا نعتبر مفهوم الطبيعة تلك القوانين والخواص التي أودعها الله تعالى في مادة الكون بإرادته الحكيمة ، والتي ظهر منها (علم الطبيعيات) ؟
وبعد هذا كله فإن أملي وطيد أن يكون البحث عن الطبيعة قد طُبع على صفحات القلوب الواعية ، فتبرز خاشعة لطبيعة الله (ذاته) الحكيمة العليمة التي أبدعت طبائع الكائنات التي تسبح لخالقها العزيز الحكيم.
(ب) أما الصدفة : فهي حدوث شيء ووقوع أمر بغير قصد واختيار ، ولكننا مع ذلك نجد أسباباً وعوامل لحدوث مظاهر تلك الصدفة ونضرب لذلك مثلين :
1 ـ خرج طفل من داره فصادفته سيارة ودهسته . فهذه الصدفة لها أسباب عديدة أهمها : حركة الطفل وجهله أو غفلته في السير ، وكذلك حركة السيارة وغفلة سائقها وتسامحه في مراعاة السرعة المناسبة.
2 ـ دخل شخص في بناء قديم فتهدم البناء عليه عند دخوله فخر ميتا ، فهذه الصدفة سببها حركة الشخص ووصول تفكك أجزاء البناء إلى نهايته عند وصول الشخص المذكور إليه.
أيها القارىء العزيز : أمعن النظر في المثلين السابقين وفكر في أسباب حدوث الكون، وسر في ميادينها وانظر بفكرك الثاقب إلى أين يكون المستقر.
ثالثا : ـ خذ عشرة بنسات كلا منها على حدة ، وضع عليها أرقاماً مسلسلة من (1 ـ 10) ، ثم صفٌها في جيبك وهزها هزاً شديداً ، ثم
حاول أن تسحبها من جيبك حسب ترتيبها من (1 ـ 10) ، فتكون فرصة سحب البنس رقم (1) هي بنسبة (1) إلى (10) ، وفرصة سحب رقم (1) إلى (2) متتابعين هي بنسبة (1) إلى (100) وفرصة سحب (1) ، (2) ، (3) ، (4) متوالية هي بنسبة (1) إلى (10000) وهكذا حتى تصبح فرصة سحب البنسات بترتيبها الأول هي بنسبة (1) إلى عشرة بلايين (كما تقرر في القانون الرياضي الثابت) . والغرض من هذاالمثل البسيط هو أن نبين لك كيف تتكاثر الأعداد بشكل هائل ضد المصادفة العمياء على أي أرض وفي أي وقت ، لذلك لا بد أن يكون في الطبيعة نوع من التوجيه السديد ، ولا بد أن يكون هناك هدف.
(راجع كتاب ـ العلم يدعو للإيمان ـ ص 100 ـ تأليف كريس كريس موريسون رئيس أكاديمية العلوم).
رابعا : المتاحف الأثرية : من شاهد عرض المتاحف الأثرية يحكم عليها بأنها إنشاء وإنتاج أمم ماضية حسب ظروفها الخاصة وتطورها العقلي . فإذا سمع قائلا يقول : إن تلك الموجودات التي في المتحف تكونت في باطن الأرض بالصدفة العمياء بمرور الزمن والأجيال ، فإنه يضحك منه لأن قوله ينافي التفكير السليم . فكيف إذن بمن يزعم أن هذا العرض الفخم الرائع في متحف الكون ، الذي يضم مظاهر صنع الله وإنشائه قد صدر بغير تعقل ووعي ؟ ليس لنا إلا أن نعتقد بأنه مصاب بمرض عقلي أو تخلف فكري.
ولإيضاح البحث : لو رأينا تمثالا بشريا في المتحف قد أنشىء من مادة حجرية أو معدنية ، فهل يزعم أحد في العالم بأن التمثال قد نشأ من تطورات مادية في باطن الأرض ؟ كلا ، مع العلم بأن التمثال ليس له إلا مظاهر خارجية جامدة ، فكيف إذن بجسد الإنسان وتمثاله الذي حيٌرت وأدهشت مظاهره الداخلية والخارجية عقول الأطباء وعلماء التشريح ؟
قال أحد الحكماء : «أعجبوا لهذا الإنسان ينظر بشحم وينطق بلحم ويسمع بعظم ».
خامساً : ـ إذا ضل سائق سيارة طريقه في صحراء ، فإنه يبحث عن طريق السيارات من آثار عجلاتها على الأرض . فإذا وجد الآثار فإنه يحكم. بمرور السيارات من تلك الجهة ، ويفرح لنجاته من خطر الضلال . فماذا تقول ـ أيها القاريء العزيز ـ في حق من يقول : إن تلك الآثار على الأرض تكونت من نفسها وطبيعتها بمرور الأجيال والأحقاب ؟ أعتقد بأنك تعتبره سفيها لأنه تعدى حدود الفطرة السليمة للتعليل والاستدلال. وكذلك الاعتبار في حق من يزعم أن الموجودات الكونية ليست من آثار خالق مدبر حكيم ، بل تكونت بالصدفة وتطور الطبيعة . مع أن حكمة تكوينها أعظم من حكمة آثار عجلات السيارات بصورة لا يمكن قياسها أو وزنها.
سادساً : ـ لو فرضنا أن رجلاً يملك مطبعة ، فحصلت هزة أرضية فقلبت مواضع الحروف بعضها فوق بعض . فأخبر العامل الذي ينظم الطباعة بعض أصدقائه بأن الهزة الأرضية قد كونت بالصدفة العمياء كتاباً كاملاً يحتوي على (500) صفحة ، يضم مقالات رائعة ومباحث علمية قيمة.
أترى ـ أيها القارىء ـ أن هؤلاء الأشخاص يصدقون العامل ؟ كلا بل يعلمون أنه لا يريد بذلك الخبر إلا مزاحاً أو سخرية ، لأن مثل هذا الكلام يستحيل أن يتحقق لأنه يخالف المنطق السليم والبحث النزيه.
هذا موقف بالنسبة لكتاب يحتوي على صفحات محدودة معينة ، فكيف يكون الموقف إذن بالنسبة للكتاب الكوني الكبير الذي لا تُعد صفحاته ولا تُحصى جمله وكلماته ؟ أجل إنها صفحات تنطق بالحكمة ، وجُمل وكلمات تتفجر بالعلم والقدرة . كل ذلك لتطمئن قلوبنا بمؤلف الكتاب القدير الخبير ، ومنشئه العليم العظيم ، وهو الله العزيز الحكيم . قال الله تعالى : (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً) (الكهف / 109) . وقال تعالى أيضاً : (ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت
كلمات الله ان الله عزيز حكيم) ( لقمان /27) . ليس المقصود بالكلمات في الآيتين السابقتين تلك التي يتألف منها القرآن المجيد ، فإن كلماته معينة ومعدودة ، بل يقصد بها ـ كما يحثت ـ مخلوقات الله ومنشآته ، وهي التي لا تعد ولا تحصى.
خمس كلمات
الكلمة الأولى : ـ آلاف الملايين من البشر يعيشون على وجه الأرض ، يختلف كل واحد منهم عن الآخر في تخطيط أصابع يديه ، كما نشاهد اعتبار ذلك في المعاملات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . فقد ثبت بالتحقيق العلمي أن لكل شخص في العالم تخطيطات وبصمات خاصة على أطراف أصابع يديه (خصوصاً الإبهام الأيسر) ويجري تمحيص ذلك في دوائر معينة بأجهزة فنية . وبناء على هذه المظاهر الثابتة تُكتشف جرائم كثيرة باختبار الانطباعات والبصمات التي تتركها أيدي المجرمين على أمكنة الجريمة ووسائلها.
الكلمة الثانية : ـ ملايين من الناس يمسكون الأقلام بأيديهم ويوقعون لإنجاز معاملاتهم ، فلا يستطيع أحدهم أن ينكر توقيعه بعد ذلك . وإذا زور توقيعاً فهناك الفضيحة وهتك الحرمة عند الفحص والكشف بوسائل فنية عجيبة تكبر بها كل نقطة من التوقيع ، تتجلى فيها كل ذبذبة انطلقت من
أعصاب المُوقِع . تلك الذبذبة تقتصر على مظهر خارجي بها لا تماثلها أي ذبذبة أخرى عند الأشخاص الآخرين في العالم . وقد ثبت ذلك بأدلة قاطعة في البحث العلمي .
وأود هنا أن أذكر إخواني الموظفين والمستخدمين بصورة خاصة أن يركزوا في قلوبهم هذه الحكمة الإلهية عند توقيعهم واستلامهم رواتبهم ، وكذلك التجار عند إنجاز معاملاتهم وخصوصا في البنوك ، وذلك ليتقوا ربهم ويسلكوا سبيل الرشاد.
الكلمة الثالثة : ملايين الوجوه البشرية يختلف كل واحد منها عن الآخر في الصورة . وحكمة الله في ذلك هي تحقيق التبادل الاجتماعي والتعارف الإنساني بين أفراد البشر ، ولولا ذلك لاضطربت الحياة العملية وارتبك سيرها . لذلك نرى أن «الصورة الفوتوغرافية» هي من أهم الدعائم التي يرتكز عليها تحقيق المعاملات الشخصية . والجدير بالذكر « لتركيز الإيمان في النفوس » هو أن الاختلاف المار ذكره في الصور نراه بارزاً في المجتمع الإنساني ، ولا نشاهده في الحيوانات . وذلك لأن الحياة الإنسانية في جميع المجالات تقتضي التباين بين الوجوه ، والتمييز بين الصور . . أما الحيوانات ـ كما نعلم ـ فليس لها نصيب من تلك الحياة الاجتماعية . ولكن هناك تعارف في نطاق ضيق بين أفرادها لا يتم إلا بدلائل وعلامات خاصة يكتشفها الحيوان ، بطاقات انطلقت من إرادة الله وقدرته ، كما يجري بين الأم وأولادها وغير ذلك من الأحداث المُضيقة المحددة . فسبحان المدبر الحكيم الذي يهيمن على مواد الكون ، فيميز بين خلق مادة الإنسان ومادة الحيوان ليبين هدف الإيجاد والوجود ، وذلك هو الله رب العالمين.
تنبيه وتذكير : (أ) المشابهة لا تنافي الاختلاف ، فوجود الشبه بين أفراد الشعب الصيني والياباني (مثلا) لا يضيع التمييز بين صورهم كما يظهر ذلك في الصحف والمجلات وغيرها .
(ب) إذا فقد الراعي أحد أفراد بهائمه ، فلا يعثر عليه إلا بتشخيص علامة وضعها عليه سابقا ، أو بممارسة طويلة لبعض مظاهره .
(جـ) المماثلة في صورة التوأمين غير مُخِل بالتنظيم لأن حصوله نادر وذلك كالمعدوم.
والجدير بالذكر هو أن تتجلى حكمة الاختلاف في الصور ، ويتمثل الهدف السامي بذلك حينما نعاشر الشخصين المتماثلين في الصورة ، ونلمس الفوضى الاجتماعية في تشخيص كل واحد منهما ، فيكون في ذلك عبرة لأولي الألباب .
الكلمة الرابعة : لكل شخص في العالم الإنساني ذبذبات صوتية خاصة في حنجرته تختلف عن الآخرين ، ويؤيد ذلك معرفة الأشخاص بسماع أصواتهم . وهناك تشابه في الأصوات لا ينافي حكمة الاختلاف كما في موضوع الوجوه والصور . والجدير بالذكر هو أن عالما أمريكياً اسمه «لورنس كيرستا» اخترع جهاز «رسم الرنين» الإلكتروني للكشف عن شخصية صاحب الصوت المجهول ، لأنه أثبت بالتحقيق العلمي أن لكل إنسان نبرة صوتية تميزه عن باقي البشر . ( مجلة العربي ـ العدد 145 ـ ص 88).
الكلمة الخامسة : إن لكل فرد من البشر رائحة يختص بها فلا مثيل لها عند غيره . وبناء على هذا الاختصاص عُينت كلاب مدربة لاكتشاف جرائم المجرمين بواسطة شم رائحة كل واحد منهم وشم ما يتعلق ويلحق بهم من وسائل الجريمة ، وذلك لأن حاسة الشم عند الكلب ـ كما ورد في التحقيق العلمي ـ أقوى من حاسة الشم عند الإنسان بمليون ضعف . وقد جاء في سورة يوسف ما يؤيد هذا البحث العلمي ، وهو أن الله تعالى وهب يعقوب عليه السلام قابلية اكتشاف الرائحة التي اختص بها ولده يوسف عليه السلام من قميصه الذي جيء به إليه كما قال تعالى : (ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) (يوسف /94).
أيها القراء الأحرار : تعالوا معي لنفكر في التطورات الإنسانية الخمسة . هل يجوز لذوي الضمائر الحية الواعية أن يتخيلوا أو يتصوروا أن تلك التطورات جرت بالمصادفات ؟ كلا . وكيف يكون ذلك وفترة حدوثها أيٌام قلائل من مدة الحمل ، كل ذلك مع العلم بفترات الإنشاء المتعاقبة لملايين من الناس. ففي فترة واحدة نشاهد ملايين في بطون الأمهات ، وملايين أخرى يولدون ، وكذلك ملايين يموتون وإلى ربهم يرجعون.
ملاحظة : عرضت الموضوع على ثلاثة أطباء كانوا مجتمعين فأبدوا إعجابهم لذلك ، فتبين أن علم الطب منعزل عن هذا البحث ، وذلك لأنٌه خارج عن مفاهيم الفسلجة والوراثة .
جملة (نسوي بنانه) فإن كلمة (بنانه) تعني الأصابع والجدير بتركيز الإيمان هو أن القرآن ركز في مظاهر عظمة خلق الإنسان على الأصابع دون بقية الأعضاء ، لاختصاصها بمعجزة التركيب .
واعلموا أيها القراء الأعزاء أن الموضوع يثبت لنا قدرة الله تعالى على إحياء الإنسان بعد موته ، وتفرق عظامه وتناثر أنسجته وخلاياه . وكيفية ذلك هي أن الذي يصنع الذرات الصغيرة والذبذبات الدقيقة في أصابع يد الإنسان ويهيمن عليها بصورة يتميز بها كل فرد عن الآخر، لقادر على الإحياء وجمع العظام وذرات الجسم أينما كانت (كما بحثت الآية الكريمة والله أعلم ) .
والجدير بالذكر هو أن الميت إذا أصبح جزءاً من غذاء النبات أو الحيوان ، فإنه ينفصل عنهما بعملية الاحتراق والإفراز والإبراز . كل ذلك بإحاطة الله وعلمه كما قال تعالى : (أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) (يس / 77 ، 78 ، 79) .
وإليكم الآيات الأخرى من سورة القيامة لارتباطها بالآية السابقة (بلى قادرين على أن نسوي بنانه).
بسم الله الرحمن الرحيم (لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس اللوامة * أيحسب الإنسان ألٌن نجمع عظامه * بلى قادرين على أن نسوي بنانه * بل يريد الإنسان ليفجر أمامه * يسأل أيٌان يوم القيامة * فإذا برق البصر * وخسف القمر * وجمع الشمس والقمر * يقول الإنسان يومئذ أين المفر) أجل أين نفر من حكومة الله يوم الحساب ؟ أين نفر من بطشه وانتقامه يوم القيامة ؟ يجب علينا إذن أن نحذر هذا اليوم الذي أقسم به ربنا .
الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ).
ملاحظة هامة : (لا أقسم بيوم القيامة). (لا) ليست نافية للقسم ، بل هي رد على من أنكر البعث والجزاء ، يعني لا كما يزعم الكفار ـ كما بحثت الآية الكريمة والله أعلم ـ وقد نظم بعض الشعراء قصائد حول الموت وغفلة الناس عنه باللهو والانغماس في الشهوات والأهواء ، نذكر منها ما يلي :
لا تأمن الموت في لحظ ولا نفس
*
ولو تمنعت بالحجاب والحـرس
واعلم بأن سهام الموت قاصدة
*
لكل مدرع منــا ومُتــرس
ما بال دينك ترضى أن تدنسه
*
الدنيا وثوبك مغسول من الدنس
ترجو النجاة ولم تسلك مساكلها
*
إن السفينة لا تجري على اليبس
أتيت القبـــور فناديتهـــا
*
فأيـن المعظــم والمحتقـــر
وأيــن المــدل بسلطانــه
*
وأيــن المُزكى إذا مـا افتخـر
فنوديت مـن جانــب والأسى
*
وأشجــان قلب لــه قـد ظهر
تفانـــوا جميعاً فما مُخبــر
*
وماتوا جميعــاً ومات الخبـر
فيا سائلي عن أنــاس مضوا
*
أما لك فيمـا تــرى معتبــر
عظمت جناياتي فطال سهــادي
*
ما حيلتـــي والله بالمرصــاد
ويلي إذا نشرت لــدى صحيفتي
*
ووجدتهـــا مطليــة بسـواد
ماذا أقول وهــل تفيـد ندامتي
*
واحسرتي في عرصــة الميعاد
هلا أفيق وأتركن نهــج الهوى
*
وأجوز نهـــج هداية وسـداد
كيف المُقام بهـــذه الدنيا وذا
*
داعي المنية بالرحيــل ينادي
الطفل والشيخ الكبير تراهمــا
*
يتسارعان لصوت هذا الحــادي
أين الذين تكبـروا وتجبــروا
*
فالموت جرعهــم كئوس نكاد
أين الملوك الظالمون ومن طغوا
*
في كثرة الأمـــوال والأولاد
أين الطواغيت الذين تمــردوا
*
وتعنتوا وأتوا بكــل فســاد
فهو الحمــام على الأنام محتم
*
يا نفس لم ينفعــك طول رقاد
قبل انصرام العمر ويحك اقبلي
*
في رغبة للرشـــد والإرشاد
يــا صاح إنك راحـــل فتزود
*
فعســاك في ذا اليوم ترحل أو غد
لا تغفلن فالموت ليــس بغافــل
*
هيهات بل هو للأنـــام بمرصـد
وليأتين منــه عليك بساعـــة
*
فتــــود أنك قبلها لــم تولــد
ولتخرجنٌ إلى القبـــور مجــرداً
*
عمــا شقيت بجمعـــه صفر اليد
تؤمل في الدنيا طويلا ولا تــدري
*
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجــر
فكم من صحيح مات من غير علـة
*
وكم من عليل عاش دهراً إلى دهـر
وكم من فتى يُمسي ويصبح آمنــاً
*
وقد نُسجت أكفانه وهــو لا يدري
ذهب الذين عليهـــم وجــدي
*
وبقيـــت بعد فراقهم وحــدي
من كان بينك في التراب وبينــه
*
شبــران فهــو بغاية البُعــد
لو كشفت للمرء اطبــاق الثرى
*
لم يُعرف المــولى مـن العبـد
من كان لا يطأ التراب بـرجلــه
*
يطأ التـراب بنــاعم الخـــد
فـي الذاهبيــــن الأوليـــن
*
مـــن القرون لنـــا بصائــر
لمــــا رأيت موارداً للمـــوت
*
ليــــس لـهـــا مصــادر
ورأيــــت قومي نحـوهـــا
*
تمضــي الأكابـــر والأصاغـر
أيقنـــت أنــي لا محالـــة
*
حيث صـــار القــوم صائـر
صقــر المنيـــة خاطـف الأرواح
*
هــذى نوائحــه بكـل نواحــي
نشـر القوادم في الوجـــود فلا ترى
*
إلا نياحــاً تــابعــاً لنيـــاح
نشبت مخالبــة بــأرواح المــلا
*
وتراه واصــل غــدوة بــرواح
قل لي بــربك أي بيــت لـم يبت
*
وإلى المنون بــه صفيــف جنـاح
لك يا ابــن آدم ساعــة معلومـة
*
تأتيك لو حاولــت كــل جمــاح
أترى الخلاص وقــد شُققن ضرائح
*
كلا ولو حلٌقــت فـوق ضــراح
فإليك عــن دنيا تفاقـــم خطبها
*
فأسيــرها لا يُرتجـى لســـراح
خير الورى من قد درى ما قد جرى
*
فمضى يلبي صيحــة النُصـــاح
(1) (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً) (الكهف / 7).
(ب) (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) (الملك / 15).
لقد حث الله تعالى في الآيتين الإنسان على استغلال الأرض والعمل في أرجائها بطاقة الإيمان والتقوى ، ليحقق رخاءه وهناءه في الدنيا والآخرة ، ونهاه في آيتين آخريين عن الفساد في الأرض بالاستعلاء والاستكبار لاجتناب مآسى الانهيار والدمار.
(جـ) (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لايحب كل مختال فخور) (لقمان / 18).
(د) (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) (القصص / 83).
وليتدبروا نصيحة الشاعر :
ألا يا خائضاً بحـــر الأمانــي
*
هــداك الله مـــا هذا التوانـي
أضعت العمـــر عصيانا وجهلا
*
فمهــلاً أيهــا المغرور مهـلاً
إلى كــم كالبهائم أنت هائـــم
*
وفي وقـــت الغنائم أنت نائـم
وقلبك هائــم فــي كـل وادي
*
وجهــلك كــل يوم فـي ازدياد
على تحصيـــل دنياك الدنيـه
*
مكبـــا في الصباح وفي العشيه
بلال الشيب نــادى في المفارق
*
بحى على الذهــاب وأنت غارق
ببحر الإثــم لا تصغى لواعـظ
*
وإن أطــرى وأطنب في المواعظ
وعقلك لا يفيــق عـن المعاصي
*
فويلك يــوم يؤخــذ بالنواصي
فإننا نعلم أن الضوء يسير بسرعة (300000) كيلومتر في الثانية الواحدة.
ولتوضيح الموضوع نقول إن الشمس التي تبعد عن الأرض (93) مليون ميل، يكون بعدها بمقياس الضوء (8) دقائق، وعليك الحساب والمقارنة بين بعد الشمس بالدقائق المحددة ، وبين بعد ذلك النجم بملايين السنين.
ونهاية المطاف : إن الله سبحانه وتعالى جعل تلك المناطق الواسعة في الكون آيات يستدل بها الإنسان على وجود المنطقتين الواسعتين اللتين ذكرهما لنا في كتابه المجيد ، وهما جهنم كما قال تعالى : (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد) (ق/ 30) . والمنطقة الواسعة الأخرى هي الجنة التي حثنا الله تعالى بالمسارعة إليها بقوله تعالى : (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين) (آل عمران/ 33)
سؤال : إذا كان عرض الجنة يساوي السموات والأرض، فأين تكون النار ؟
الجواب : لو تدبر السائل الآية الكريمة ، لعلم أن السموات ليس هي الكون كله ، بل هي جزء من الكون بهيئة مجموعات معينة من نجوم وكواكب وغيرها . والدليل على ذلك هو أن كلمة (والأرض) المذكورة في الآية تدل على أن الأرض منفصلة عن السموات في حَيزٍ خاص من الكون (عرضها السموات والأرض) فكذلك الجنة والنار لهما حيزان معينان فالجنة لها مكان والنار لها مكان آخر .. (والله أعلم) . وفي يوم القيامة يبدل الله الكون بإرادته وقدرته ، وينشيء منطقه جديدة واسعة يجمع فيها الأولين والآخرين كما قال تعالى : ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار) . (إبراهيم /48).
فهناك تبرز الجنة والنار ، فالاولى أعدت للمتقين ، والثانية اعدت للمجرمين .
والان : أيها الإخوان وأيتها الأخوات ، تعالوا معي لنف