ثبات الخلايا العصبية

البريد الإلكتروني طباعة
الطب محرابٌ للإيمان ص112 ـ ص128


البحر وكلها تشبيهات واشعارات وأمثلة حتى يمكن إدخال هذه المعلومات المعقدة عن الدماغ إلى الدماغ .
اصابات جهاز الدماغ :
ويبدو ان هناك مراكز للكلام والكتابة بحيث أنها إذا أصيبت فانها تعطي أعراضاً في غاية الغرابة فمنها ما يصبح المصاب يسمع فيفهم ما يقال له ويرى فيفهم ما يرى ويميز الشيء الذي يراه ولكنه لا يستطيع أن يلفظ الكلمة التي سمعها أو المعنى الذي فهمه كما انه لا يستطيع كتابة الشيء الذي رآه أو فهمه عندما نطق به أمامه وهي ما تعرف بالحبسة أي كان لسانه انعقد وانحبس فلا يستطيع أن يتلفظ ولا أن يكتب وتعرف بالحبسة الحركية لأن مكانها قريب من المناطق الخاصة بالحركة والتي نوهنا عنها قبل قليل .
وهناك نوع من الحبسة أعجب فهو يسمع ولا يفهم ما يقال كما قال القرآن : ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) وهذا المثل في تشبيه الكافرين هو مثل الدابة التي تسمع صوت الراعي ولكن لا تفقه منه شيء ، ولكنه مع هذا يتكلم بشكل جيد ولكن لا فائدة ولا معنى لكلامه وهي حالة عجيبة فعلاً أو هناك نوع يتعلق بالرؤية فهو يرى الكتابة ولكن لا يعرف ما معنى الكتابة مع انه يكتب ويقرأ ولكنه لا يفقه ما يكتب وماذا يقرأ وهذه الأمور تتعلق بالمراكز الروحية النفسية والتي تتعلق بالفعاليات الذهنية العالية ، وهناك نوع من الحبسة أعجب بها أيضاً وتتعلق ببعض المراكز الموجودة في قشر الدماغ بحيث ان المريض يمتلك أذنان وعينان سليمتان من الخارج ، ولساناً وأجهزة للتصويت والنطق سليمة من الخارج ولكنه إذا رأى لا يفقه ما يرى وإذا سمع لا يفقه ما سمع ،


( 113 )


وإذا أراد النطق عجز عن ذلك ، وإذا أراد الكتابة خانته يده وهي أشبه شيء بما قاله القرآن عن المنافقين : ( صم بكم عمي لا يرجعون ) أي لا ينطق ولا يسمع ولا يرى ، والمركز المتعلق بهذا النوع من الاصابة المخيفة التي تغلق منافذ العالم أمام المريض وجد لها مركز يسمى بمركز بروكاً وهو في المنطقة الخلفية السفلية من التلفيق الجبهي الايسر عند اليمن ( أي الذين يستعملون يمناهم دوماً ) بالاضافة إلى التلفيف الصدغي والقفوي الأوليين ، وهناك الحبسة المعروفة بحبسة النسيان فلا يعود يتذكر الأسماء والاشخاص والأرقام وغير ذلك ولكن لم يعرف منطقة خاصة بهذه الحبسة لأن خلايا الذاكرة أثمن من أن تملك لمنطقة معينة من قشر الدماغ ، ولقد وجد ان استئصال نصف كرة دماغية بأكملها لا يجعل الانسان يفقد ذاكرته ، وهناك أنواع مخيفة من الحبسات لها مناطق معينة ايضاً في قشر الدماغ مثل فقد معرفة الأشياء عن طريق اللمس فإذا لمس الشيء لا يستطيع أن يميزه هل هو ناعم أو خشن ، وهناك من المناطق فيما إذا تخربت جعلت الانسان غير قادر على تقدير الابعاد فيضل طريقه إلى بيته ويشعر ان البيت الذي يسكنه كأنه بيت الجن ففيه الدهاليز المروعة والسراديب المخيفة ، وإذا أراد أن يخرج من الغرفة التي هو فيها صعب عليه الأمر كما انه يدخل غرفاً لا يقصدها ، ويتعثر بالأثاث الذي يصادفه وقد يصل الأمر إلى الحيرة في الاتجاه الى اليمين أو اليسار !!!..
وقد يصاب التلفيف الهامشي العلوي فلا يعرف المريض يمينه من يساره ويفقد التعرف على أعضائه ، وإذا اراد أن يعد أصابع يده ضيع في العد ولم يدر ترتيبها !!!...
وأخيراً ، في هذه الإصابات المخيفة المرعبة ( لمن تكون من نصيبه وهي شيّقة لمن يقرأها أو يطلع عليها ، ولذا ترى الاطباء وهم يصفون


( 114 )


هذه الحالات عندما يرونها بأنها حالات جميلة لتذكر المعلومات الطبية أو للعرض أمام التلاميذ !!! ) الاصابة في منطقه قريبة من المنطقة الحركية حيث يكون المريض غير مصاب بالشلل ولكنه لا يتمكن من القيام بالحركات اللازمة لتنفيذ عمل ما ، فاذا أراد أن يربط ربطة العنق عجز عن ذلك ، وإذا أراد أن يشعل سيجارة لم يستطع إلى ذلك سبيلاً ، وإذا أراد أن يربط حذائه خانته أعضاؤه ، وإذا اراد أن يكتب جملة وهو يعرفها تماماً لم تسعفه إمكانياته ، وإذا قدمت له علبة صغيرة ليفتحها انقلب طفلاً صغيراً يحاول أن يتعرف إلى أسرار فتحها بل ان الطفل الصغير بفتحها في النهاية ويعجز الأخير عن فتحها وهي الحالة التي تعرف يفقد معرفة استعمال الأشياء ، وهنا يشعر الانسان بعد قراءة هذا الفصل ان عليه أن يأخذ نفساً طويلاً ويحمد الله على نعمه طويلاً أيضاً .
بعد أن ألقينا نظرة سريعة على توزيع المناطق لنأخذ المنطقة التي بدأنا في الحديث عنها وهي المنطقة الحركية ، ذكرنا ان القشر يتكوّن من ستة طبقات من الخلايا مثل الخلايا الذرية والهرمية التي تختص بالحركة وخلايا بتز وكثيرة الاشكال وغيرها وهناك خلايا بور كنج وهي اختصاصية في المخيخ وسنفرد لها بحثاً خاصاً ، لقد وجد ان المنطقة الحركية التي تجتمع حول شق رولاند في المخ تشرف على الجسم وهي بشكل معكوس أي ان مركز ابهام القدم هو في الاعلى ويقع أسفل منه مركز الساق ثم الركبة ثم الفخذ وهكذا ، كما وجد أن توزيع المناطق يرجع من ناحية المساحة إلى شدة فعاليته وهكذا فان مركز الشفتين واللسان والفم هو أوسع وأكبر من منطقة الظهر ، كما وجد ان نفس المنطقة فيما إذ دققنا البحث فيها لوجدنا ان كل عضلة من عضلات الجسم قد يكون لها مركز خاص والحق ان قشر الدماغ معقد محير في تركيبه وعمله مع ان مساحته


( 115 )


فيما لو فرشت فانها لا تتجاوز قدمين مربعين وهذه الخارطة الإنسانية فيها مراكز ومراكز كما لو نظرت إلى خارطة جغرافية تماماً فهنا الجبال وهناك الوديان ، وهناك الأنهار ولكن خارطة العالم . معلومة معروفة الآن بينما خارطة الدماغ الانساني فيها قارات وقارات مجهولة غير معروفة وان كشف منطقة بمساحة طابع بريد يحتاج إلى جهود مجموعة كاملة من العلماء الأفذاذ المتفرغين وإلى مدى سنوات طويلة ويذكر صاحب كتاب العقل البشري جون فايفر ان عالمة من جامعة متشيجان في أميركا هي السيدة اليزابيت كورسي أصبح لها ثلاثون عاماً وهي تشتغل لكشف بعض الممرات العصبية في دماغ القردة .
وهذه المراكز الحركية فيها اختصاصات فمنها ما يسمى بالمناطق المحركة المادية وحولها المناطق المحركة الروحية النفسية ، ولعلنا نتساءل ما الفرق بين المنطقتين وهل كل المراكز في الدماغ هي بهذا الشكل ؟ ان الاجابة السريعة على السؤال الثاني موجودة وهي ان كل المراكز لها اختصاص روحي نفسي كما في السمع والبصر وغيرها ولكن ماذا يعنى بها ؟ ان هذا يحتاج لتوضيح .. يمكن ان نفهم المركز الروحي باختصار على انه المركز الذي ينظم وينسق ويرتب الحركات كما انه يفهم ماذا يرسل اليه وكيف يرتب الحركة المطلوبة وأوضاعها بحيث يتحقق الانسجام الكلي في الحركات ، وأما المناطق المحركة المادية ففيها طريقان الطريق الأول ويعرف بالطريق الهرمي وهو الذي يأتي من التلفيف الجبهي وينزل إلى البصلة حيث يتصالب مع الألياف القادمة من نصف الكرة المخية الآخر .
وهكذا فان كان نصف كرة مخية يحكم ويسيطر على النصف المقابل للجسم ، وهكذا فان اصابة المنطقة الحركية في نصف الكرة المخية الايمن يحدث فالج في القسم الأيسر من الجسم كله وكلها


( 116 )


تدرجت الاصابة إلى أسفل أصابت المناطق التي تحكمها مباشرة والتي تقع تحتها مباشرة ، وأما الطريق الثاني للألياف التي تسيطر على حركة البدن فتنبثق من مناطق أخرى من الدماغ مثل الفص الجداري والفص الصدغي بالاضافة إلى الفص الجبهي في الكرة المخية وعمل الجملة خارج الهرمية يشترك مع بعض الجزر الرمادية ( وهي الخلايا العصبية التي تشكل مراكز باجتماعها ) المدفونة في أعماق الكرة المخية وهي ما تعرف بالدماغ المتوسط وهي نامية جداً في الحيوانات الدنيا ، وعمل الطرق خارج الهرمية ينصب على تكميل العمل الارادي الواعي كما في السير حيث تبدأ الحزم الإرادية السير وتنهيه فقط بينما تقوم المناطق خارج الهرمية ببقية تحريك الأعضاء اثناء السير وكأن هذه الأماكن تسيطر وتعمل بشكل نصف ارادي وكذا الحال في الأمور العادية من الحياة والتي تشبه السير حيث لا يسيطر الوعي كلياً وإنما في بعض جوانبه حيث ان المشي لا يتدخل فيه الوعي كلياً بل في بعض أجزائه وكذلك الحال في أمور كثيرة مثل قيادة السيارة وربط الحذاء وربطة العنق واشعال السيجارة والقيام بالأعمال المنزلية الكثيرة .
ترابط الجهاز العصبي :
ان المناطق التي تتوزع في خارطة الدماغ الانساني ليست مستقلة عن بعضها البعض وانما مترابطة مع بضها بشكل وثيق ويتم هذا بأشكال مختلفة فهناك مثلا الألياف التي تصل الفصوص مع بعضها البعض بحيث انها تعبر منطقة لأخرى وتخبر كل منطقة عما يحدث عند جارتها فهذه ألياف تصل ما بين الفص الجبهي والجداري أو الجبهي والصدغي وهكذا ، يطلق على هذه الألياف التي تصل ما بين المناطق بهذا الشكل الألياف الارتسامية ، وهناك شكل آخر للاتصال وهو عن طريق معبر مهم يقع ما بين نصفي الكرة المخية في الأسفل ويسمى بالجسم الثفني حيث تعبر


( 117 )


الألياف الواردة من نصف كرة مخية هذا الجسم إلى نصف الكرة المخية الآخر وهكذا فان الدماغ يتصرف ككل وليس كأجزاء متفرقة فمثلاً عندما تركب سيارة وترى النور الأحمر فان هذا يصل إلى شبكية العين التي تتوزع فيها خلايا عصبية من نوع معين هي المخاريط والعصيات والنوع الأول مختص بالنور المركز القوي وبالألوان ، والنوع الثاني مختص بالنور الضعيف الأبيض وهكذا ينتقل النور الأحمر عبر ألياف العصب البصري التي يبلغ عددها حوالي 500,000 ليف ( نصف مليون ) بحيث ان كل ليف يمثل عملاً تلفزيونياً مستقلاً ويصل هذا الاحساس اللوني الضوئي إلى السرير البصري ويتشعع من هناك إلى الفص القفوي حيث يصل إلى هناك ويفسر وتقوم الخلايا العصبية بفهمه ومحاكمته وماذا يعني ثم ترسل أوامراً من عندها من خلال اتصالها بالتلفيف الجبهي ان هذا الأمر خطر ويعني أن تقف وتستجيب خلايا الفص الجبهي وتقول لها جزاك الله خيراً عن هذا الفهم والعمل وتبدأ عملية معقدة وهي الانتقال من مجال الاحساس إلى مجال الحركة حيث تؤمر خلايا معينة باطلاق الاشارات العصبية إلى العضلات المخصصة بالضغط على الفرامل وهي عضلات الأطراف السفلية حيث تنقبض بعضها وينبسط بعضها الآخر كما ان أوامر أخرى ترسل إلى الأطراف العلوية حيث تنبسط بعض العضلات وينقبض بعضها الآخر وهكذا وتقوم اليد بنقل الجهاز الذي يفصل لامحرك عن المسننات في السيارة ان هذا الأمر البسيط العقد يتم في ثوان بسيطة فكيف صمم هذا الجهاز وكيف ركب ! ولا يسعنا إلا أن نقول : ( يا أيها الانسان ما غرّك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك ) .
انك الآن تقرأ هذا الكتاب وأنت ثابت في مقعدك ولكن ما هو وضع الدماغ تماماً الآن ؟ لقد استطاعت الدراسات الطبية أن تتبين كما


( 118 )


يذكر صاحب كتاب العقل البشري ان الالياف العصبية تتماوج كأعشاب البحر التي تتقاذفها التيارات كما ان أعضاء الحس في البروتوبلاسما تتحرك ببطء إلى الامام وإلى الخلف وتنتفخ وتتقلص وتتماوج من جانب الآخر ، وهذه الحركة في الالياف تحصل اثناء الوعي والنظر والنشاط الذهني ، أما في حالة النوم فهي ثابتة راكدة نائمه ، وهذه من خصائص الخلايا العصبية ، ومن خصائصها أيضاً وجود مادة داخل الخلية عرفت باسم جسيمات نيسل ولم يعرف دورها تماماً ولكن وجد ان هذه الجسيمات هي من اختصاص الخلية العصبية حيث انها لا توجد في باقي خلايا الجسم فهل أسرار الخلية العصبية تكمن في هذه الجزئيات يا ترى ؟ لم يجب الطب عن هذا السؤال سوى انه لاحظ ان هذه الجسيمات تقل اثناء العمل وتكثر اثناء الراحة ، وفي احدى النظريات ان مستودعات ومخازن الذاكرة تجتمع في هذه الجزئيات البروتينية وهي أكبر وأعقد تجمعات ذرية حتى الآن وتوجد بكميات وافرة جداً قدرت بألف بليون بليون من هذه الجزئيات ، وأما بحث الذاكرة فسنتكلم عنه لوحده لانه بحث معقد .

ثبات الخلايا العصبية :


ومن جملة خصائص الخلية العصبية انها تولد بعدد ثابت مع ولادة الانسان حيث يكون عددها قد اكتمل في الحياة الرحمية وقبل الولادة بأشهر وهذا العدد يبلغ حوالي 14 مليار ، منها 9 مليارات في المخ لوحده حيث تتوزع في 64 منطقة من مناطق الدماغ فقط تلك التي تشترك في بناء واحد مشترك ، وهذا الثبات في العدد مهم لان الخلايا لو تغيرت وتكاثرت كما تتغير وتتكاثر حلايا البدن فان معنى هذا ان على الانسان أن يتعلم اللغة كل ستة أشهر مرة أخرى ويكون معنى هذا أيضاً فقدان الذاكرة وتعلم ممارسة الحياة وبالاختصار


( 119 )


لا حضارة انسانية ، فثبات الخلايا العصبية هو الذي جعلها تجمع الخبرات والمعلومات وتنمي الثقافة والأفكار والمفاهيم ، هذا ويحدث النقص والزيادة في حالتين تعد كل حالة أبشع من الأخرى ، فأما النقص فيحدث في الأمراض الاستحالية حيث تستحيل الخلية العصبية وتوذي بفعل عوامل مختلفة منها الالتهابي المرضي واذا حدث هذا فإن نتيجة هذا الأمر ان المناطق التي تسيطر عليها هذه الخلايا تفقد عملها ، فاذا كانت الخلايا تسيطر على الحركة ، عجزت العضلات عن الحركة وأصيبت بالضمور والارتخاء وهو ما يشاهد في المرض الشائع المعروف باسم ( شلل الأطفال ) حيث تصاب الخلايا التي تسيطر على الحركة في الجذور الأمامية من النخاع الشوكي . والعجيب في هذا المرض إن هذه الفيروسات تصيب الامعاء اولاً ثم تصعد وليس لها ولع أو حب إلا لهذه المنطقة من الجسم وهي القرون أو الجذور الأمامية من النخاع الشوكي وما أعجبها من محبة ومودة !!
وهكذا تستحيل هذه الخلايا في هذه المنطقة الخطرة واذا بالطفل بين عشية وضحاها يفقد السيطرة على أطرافه بل قد يصل الأمر إلى اصابة مركز التنفس في البصلة السيسائية وهكذا قد يؤدي لامرض إلى الموت اختناقاً ما لم يسعف ؟!
وإذا أصيبت المناطق الحسية فقد الحس وهكذا كما مر معنا ايضاً في بحث الحبسات ، وإذا اُصيبت خلايا القشر العلوية أصيب المرء بفالج يشمل نصف الجسم وبشكل واسع ومخيف كما في النزوف الدماغية أو الخثرات ( أي انسداد الشريان بخثرة ) حيث تنقطع التروية عن بعض المراكز التي تسيطر على هذه الأماكن الحركية .
وأما الزيادة فتحدث في حالة أبشع وهي نمو الأورام الخبيثة أي السرطان حيث تنمو الخلايا نمواً فوضوياً شاذاً ، والتكاثر هنا كما نرى


( 120 )


ليس من مصلحة الإنسان بالتأكيد ، لأن معنى وجود السرطان في أي منطقة من الجسم الحكم بالإعدام على ذلك الإنسان فما بالك بالدماغ !!
ومن جملة خصائص الخلية العصبية تأثرها الشديد بالاكسجين ، فوزن الدماغ كما ذكرنا يبلغ 1200 غرام ، أي يزن جزء من خمسين جزء من وزن الجسم ، ولا تفوق الكائنات بدماغها دماغ الإنسان فالنملة يحوي دماغها 250 خلية عصبية ، بينما يحتوي دماغ النحلة على 900 خلية عصبية ، في حين يصل دماغ الشمبانزي الكبير إلى حوالي وزن دماغ الطفل الذي يزن 350 غرام ، وهناك الفيل الذي يزن دماغه ثلاثة أضعاف وزن دماغ الانسان ، والحوت الكبير الذي يزن دماغه خمسة أضعاف وزن دماغ الإنسان ، ولكن النسبة ما بين وزن الكائن ووزن دماغه هي أرقى وأكبر شيء عند الإنسان فقط حيث تعادل النسبة تقريباً 73 و2% ، بينما هي عند الحيوانات القاضمة 2 و0% ، ومع كل هذا فإن وزن الخلايا العصبية في قشر المخ يبلغ 116 غرام ، وثخن القشر بضعة ملمترات أكثرها في المنطقة الجبهية حيث تصل إلى 5و4 ملمتر .
ولنتصور الآن أن رقي الإنسان وعظمته والملكات الفكريه السامية والعمليات الذهنية الراقية والتوقد الروحي والخيال والابتكار والفن والابداع والكشف والإدراك والتخيل والتحليل والتركيب والشخصية والإرادة كلها .. في 116 غرام فقط . إن هذه الخلايا مع كل عظمتها هي ضعيفة جداً ( يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً ) لأن أي نقص في الأكسجين القادم إلى الدماغ يعرضه لاخطار مخيفة ، فمع كل ما شرحنا من نسبة الدماغ الى وزن الجسم الكامل ، مع هذا فإن الدماغ يحتاج إلى ربع كمية الاكسجين التي يستهلكها الجسم بما فيه الدماغ ، أي ان 25% من الاكسجين القادم من طريق الرئتين يصرف إلى الدماغ ، وليس هذا فقط بل أيضاً السكر


( 121 )


الصرف ، أي الغلوكوز فلا تقبل خلايا الجملة العصبية إلا هذه الحلويات الفاخرة أي سكر الغلوكوز فقط وترفض أي سكر آخر ولو كان يختلف من ناحية البناء ذرة واحدة فقط !!
وتظهر مشاكل نقص الاكسجين في حالة الولادة ، ولتنقل في هذا الصدد قولاً للدكتور جراء والتر ، وهو أحد الباحثين البريطانيين البارزين في ميدان العقل : إن التقلصات والامتدادات التشنجية للجنين إنما هي دليل على نقص في كمية الاكسجين اللازمة له ، ويازدياد النمو يأخذ النقص في الازدياد حتى يشق الطفل عند مرحلة معينة من الولادة طريقه إلى الحرية أو إلى الكارثة ؟! والكارثة هي الموت أو الفوالج أو العته العقلي مدى الحياة !؟ وذلك فان الذي يموت شنقا أو اختناقا أو غير ذلك من اسباب الموت التي لا تحصى ، فما إذا انقطعت الترويه الدمويه عن الدماغ لمدة خمسة دقائق فقط هي التي تكون السبب في الموت حتى لو توقف القلب عن النبضان ، فإن بامكان تمسيد القلب أن يعيده إلى الخفقان ، لأن خلاياه لا تموت بانقطاع الاكسجين حتى إلى ربع أو نصف ساعة ، بينما خلايا الدماغ تموت نهائياً فيما إذا انقطع عنها الاكسجين لمدة خمسة دقائق فقط ، وقد أمكن بتخفيض الحرارة من 37 oإلى 28 oمئويه أن تبقى الخلية 7 ـ 10 دقائق محرومة من الأكسجين كما يمكن إطالة قدرتها إلى نصف ساعة إذا انخفضت الحرارة الجسمية إلى 10 oدرجات والسبب في هذا قلة الاحتراقات والتفاعلات ضمن الخلية وبالتالي نقص الحاجة إلى الاكسجين .
التخدير :
ومن خصائص الخلية العصبية أيضاً خاصية قبولها للمواد المنومة وكانت فتحاً مبيناً في عالم الجراحة ، خاصة حيث وجد ان من جملة


( 122 )


المركبات الداخلة في تركيب الخلية العصبية بعض المواد الدسمة التي لها دور في قبول المواد المنومة العديدة مثل الاتير والكلورفورم وغاز أول أوكسيد الازوت والسيكلوبروبان ، والأخيران هما من الغازات الطيارة بالاضافة إلى أنواع سائلة كما في النوعين الاولين والهالوتين وتري كلور الاتيلين وأتيل الكلورايد ( اسماء علمية لطائفة من المخدرات ) وهكذا تقدمت الجراحة شوطاً بعيداً بفضل هذه الخاصية التي تتمتع بها الخلية العصبية وهي اصطفاء المواد المنومة ولنتصور كيف يمكن فتح بطن أو إجراء أي عمل جراحي بدون تخدير بل قلع سن لا أكثر ، فكيف بجراحة القلب المفتوحة أو المغلقة ، أو بجراحة الدماغ أو بالجراحات التي تستغرق الساعات الطوال والتي قد تمتد إلى 10 ساعات بالطبع لولا وجود مواد التخدير هذه لما أمكن للجراحة أن تتقدم كل هذا التقدم ولقد وجد ان التخدير يبدأ اولاً فيثبط المراكز القشرية والروحية في المخ ثم يؤثر على المخيخ والنويات القاعدية في المخ ثم يؤثر ثالثاً على النخاع الشوكي واخيراً على المراكز البصلية وهنا يكمن أشد الخطر لأن مركز التنفس يوجد في هذا المكان وكما ذكرنا ان المادة المخدرة لا تنزل بشكل شاقولي في المراكز العصبية لان النخاع هو القطعة السفلى ، بل تقفز عن البصلة ، ولو لم يكن هذا الترتيب لمات المخدّر ولما أمكن اجراء أي عمل جراحي بل كانت المواد المخدرة مميتة .
فانظر إلى هذه الدقة وهذا التسلسل البديع في عمل المخدرات ، فكيف ثم هذا الأمر ورتب بهذه الكيفية حتى يخدم الانسان ، حتى لقد قيل ان الجراحه ما كانت لتتقدم لولا التخدير والصادات الحيوية ( مثل البنسلين والسولفا والكلورامفنكول والتتراسكلين وسواها ) ، ( وسخر لكم ما في السموات وما في الارض جميعاً من منه ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) سورة الجاثية .


( 123 )


الدوران الدموي في الجهاز العصبي :
وفي الجملة العصبية دوران يشبه الدوران الدموي ولكنه على مستوى السائل الدماغي الشوكي وبالطبع لا نزال نذكر من الابحاث التي مرت معنا في تخلق الانسان السائل الأمنيوسي والذي يقي الجنين من الرضوض ويوزع الضغط على جسمه في المخاض ان ذلك السائل ايضاً كان يخضع لقانون دوار هو الإفراز والامتصاص ، فاما افرازه فكان من الغشاء الأمنيوسي الذي يغطي المشيمة من الداخل ( راجع الصور ) وباقي الغشاء الامنيوسي للامتصاص وأي خلل في الافراز أو الامتصاص يؤدي الى نتائج وخيمة ، فأما القلة فتسبب انكماش الرحم على الجنين ومنعه من النزول بشكل سوي ، والزيادة تؤدي إلى الاستسقاء الامنيوسي ولقد وجدت حالات بلغ السائل 5و14 ليتر مع ان السائل بحجمه العادي هو لترلا أكثر !! وهذا الحديث مرتبط بحديث الدوران في السائل الدماغي الشوكي ، ويبدو ان الجسم يحوي العديد من هذه الدوامات حتى ليقال ليست الحياة سوى دوامة من النشاطات ، وهنا أيضاً توجد مناطق تفرز هذا السائل ومناطق تمتصه ، فأما المناطق التي تفرزه فهي الحلايا التي تفرش باطن الدماغ حيث نجد ان باطن الدماغ محفور في كل جانب ببطين جانبي ، وهناك بطين ( مصغر بطن ) ثالث وبطين رابع ، وهكذا نرى ان الدماغ محفور في أربع مناطق وهذه البطينات مملؤة بهذا السائل وهكذا نرى الدماغ اشبه ما يكون يمادة معلقة في سائل فهي محاطة من كل الجوانب بهذا السائل وفي ضمنها هذا السائل .
وأما مناطق الامتصاص فهي كائنة في النسيج العنكبوتي وتتم قرابة عشر دورات يومياً من الافراز والامتصاص لهذا السائل وأي خلل في الافراز والامتصاص يؤدي إلى نتائج في منتهى الخطورة نظراً لعلاقة


( 124 )


هذا السائل من الناحية المكانية بأنبل عناصر الجسم الذي هو الدماغ ، إن نقصه مخيف وزيادته أشد خطراً ، فهذا السائل يمر من أماكن الافراز من الحفر والدهاليز المخية الداخلية عبر انفاق وثقب إلى الخارج تعرف هذه الثقب بأسماء مختلفة مثل مونرو ، لوشكا ، ما جندي ، فإذا زاد الافراز أو نقص الامتصاص لسبب من الأسباب يعطل ميكانيكية الامتصاص كالتهاب السحايا مثلا ( وقلنا أن السحايا هي مجموعة الأغلفة التي تغلف الدماغ وهي الأم الجافية والنسيج العنكبوتي والأم الحنون ) فإن كمية السائل تزداد وأخيراً تضغط نفس الأماكن التي أفرزتها وهذه الخلايا التي تفرزها حساسة كالجلد تماماً فيصاب المريض بالصداع الشديد والنعاس وبطء النبض والقيء أحيانا ، وتعرف هذه الحالة باستسقاء الدماغ وتحصل غالباً عند الاطفال ومع المزيد من الضغط على النسيح الدماغي الناعم شديد الحساسية اللطيف الرقيق ، يبدأ الطفل في حالة تقرب من الغيبوبة وتفتل كرتا العين إلى الاسفل بحيث ان البؤبؤ يرى كقرص الشمس الذي يغيب في الأفق وهذه العلامة مهمة في تشخيص هذا المرض وتعرف بعلامة غروب الشمس وهي في الحقيقة غروب شمس العمر !!
إن هذه الدوامات الهائلة هي قاعدة في بناء الجسم فدورة السائل الامنيوسي هي من هذا القانون وكذا دوامة السائل الدماغي الشوكي وكذا الخلط المائي في كرة العين ( سيأتي شرحه ) وكذا بناء كافة مواد الجسم حتى المواد الدهنية كان يظن أنها مستودعات تخزين ثابتة وجد أنها تتغير باستمرار ، وقد استطاع العلماء معرفة ذلك باعطاء العناصر المشعة بحيث يمكن تتبع مرور هذا العنصر في الجسم بتتبع اشعاعاته التي يصدرها كما في الموانىء التي تتلقى اشعاعات السفن !! فوجد أن الدهن يتجدد باستمرار وكذا كل انسجة الجسم حتى العظام التي هي أقل أنسجة الجسم تغيراً تخضع


( 125 )


لهذا القانون ، وهكذا نغير جميع أجهزتنا وأعضائنا وأنسجتنا ( عدا الدماغ ) كل سبع سنوات مرة واحدة . والعجيب الغريب أنك تحافظ على لون جلدل وعينيك وتقاطيع وجهك وزمرة دمك وطولك وتفصيل جسمك مزاجك وهيئتك وأنت أنت لم تتغير وأنت أنت تتغير ( كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ) .
إن محيط الجمجمة عند الطفل الذي يبلغ السنة من العمر هي 46 سم وعندما يصبح عمره 18 شهر يكون محيط الجمجمة 47 سم ولقد رأيت حالة من استسقاء الرأس بلغ محيط الجمجمة 70 سم أي تمدد محيط الجمجمة 23 سم فكيف أمكن حصول هذا الأمر بحيث أن رأس الطفل الذي كان يناهز بضعة أشهر من العمر كان يبلغ من الحجم أكبر من رأس الرجل الكهل ، وماذا يستطيع الإنسان أن يقول وهو يمر من بحث إلى بحث وكأنه يسبح في بحر من المجهول وليس أمامه سوى جزر طافية من المعلوم !!.. ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ) .
وقد يتساءل الإنسان كيف يتم تغذية الدماغ بالدم ؟ ان طرز ورود الدم إلى الدماغ أيضاً طرز خاص وفيه ميزات فالشرايين انتهائية غير متفاغرة مع بعضها البعض وهذا يحتاج لشيء من التفصيل ، لقد وجد الاطباء التشريحيون أن كل شرايين الجسم تنتهي بتفاغر مع بعضها البعض : أنها تشكل شبكة متصلة مع بعضها البعض فإذا أنسد أحد الشرايين تدفق الدم إلى المنطقة من جدول دموي آخر يتصل بالشريان المنسد بينما لا نجد هذا الشيء في شرايين الدماغ وهذا ناتج بسبب وضع الدماغ داخل القحف وكثرة الشرايين الواردة والجيوب الوريدية التي تنقل الدم من الدماغ إلى الخارج ..
تنطلق بعض الشرايين من الشريان الرئيسي في البدن وهو الابهر وتصعد إلى العنق باسم الشريان السباتي حيث يتفرع إلى فرعين سطحي


( 126 )


وعميق والأخير يعطي شعبة قبل أن يدخل إلى الدماغ حيث يعطي خمسة فروع منها للعين ومنها للمنطقة الأمامية في المخ ومنها للخلف ومنها للمنطقة الوسطى وهي ما تسمى بالشريان المخي الأمامي والمخي المتوسط والموصل الخلفي والمشيمي وهكذا تتكون ثلاث شبكات دموية منها ما يغذي قشر الدماغ ومنها ما يغذي الاعماق ومنها ما يصل إلى الضفائر المشيمية التي تفرز السائل . الدماغي الشوكي فترويها ، وهكذا نرى أن تروية الدماغ قوية جداً ، وأما المخيخ والجذع الدماغي فان هناك شرايين تصعد من ميزابة العمود الفقري إلى داخل القحف فتشكل شرياناً واحداً هو الشريان القاعدي تصدر منه شعب شريانية تغذي الجذع الدماغي وثلاث فروع للمخيخ واحد علوي واثنان سفليان أمامي وخلفي ويتابع الشريان مسيرة فيلتقي مع الشرايين المخية الأمامية التي ذكرناها ويتكون ما يشبه الاضلاع السبعة وهو الذي يطلق عليه مسبع فيللس .
وهكذا نرى أن نظام تروية الدماغ متقن ومنظم بحيث أن أي منطقة من الدماغ مهما صغرت فإنها تروى تماماً بالشرايين الصغيرة الانتهائية المتفرعة من الشرايين الكبيرة . وأما الأوردة فهناك أوردة ضخمة تسمى الجيوب وعددها (21) جيب وريدي يسحب الدم من الدماغ إلى القلب الأيمن ، والكمية من الدم التي تدخل بالانقباض والاسترخاء الشرياني تتعادل مع الكمية من الدم التي تخرج عن طريق الوريد الوداجي المستقر في جانب العنق من كل طرق ، وهذا التنظيم مهم واي خلل فيه يؤدي إلى مضاعفات خطيرة جداً .
والآن لنتساءل ما المصير فيما لو انسد أحد الشرايين ؟ ان ابسط الشرايين فيما لو انسد وانقطعت ترويته عن منطقة لمدة دقائق يجعل الخلايا العصبية في موت نهائي لا رجعة له وإذا بنا فجأة نرى الفالج


( 127 )


الشقي أو فالج وشلل للطرفين السفليين أو الحول ، أو انعدام الرؤية في طرفي العين ( النصفين المتباعدين الصدغيين ) أو انعقال اللسان وحدوث الحبسة أو الصمم اللفظي ، أو انفلات المصرات ( المثانة والمستقيم ) أو الآلام المبرحة الشديدة أو التواء العنق أو الرقص باشكال مختلفة منها الحاد ومنها البطىء !! ويجدر بك وأنت تتأملها أن تعرف النعم التي تفيض عليك ( وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) .
الحاجز الدماغي :
وعندما يصل الدم الى الدماغ هل انتهت القصة ؟ انها لم تنتهي بعد ، فلقد وجد أن هناك حاجزاً بين الدم والمخ هذا الحاجز هو الخلايا الدبقية أو النسيج الذي يتوزع بين الخلايا العصبية بمثابة الدعم ان هذا النسيج هو بمثابة الخادم الذي يقدم الطعام الجاهز إلى الخلايا العصبية والحلوى الفاخرة التي هي الغلوكوز ، كما أن هذا النسيج هو بمثابة الجمارك التي تحتج المواد التي لا ترغب بها . وهي أيضاً المقبرة للخلايا العصبية التي تموت (1) ، كما أنها الغربال الفني لكل المواد التي تمر من الدم إلى الخلايا العصبية النبيلة .
إن حقن بعض الاصبغة التي تقتل الجراثيم تجعل جميع الجسم يتلون بها إلا الدماغ ، وان حقن محلول الصود في الوريد يجعل جميع البدن يغرق فيه خلال 10 دقائق بينما لا يجتاز الحاجز الدماغي إلا بعد ستين ساعة !! إن أي سكر غير سكر الغلوكوز مرفوض ولو كان يختلف عنه بذرة لا أكثر فقشر الدماغ لا يستطيب إلا هذا النوع من الحلوى
____________
(1) في بعض الحالات المرضية كما في شلل الاطفال .


( 128 )


وان السكر الموجود في الدماغ لا يكفيه أكثر من دقيقة واحدة ولذا يقوم الكبد وسائر الانسجة بتقديم الضرائب إلى الدماغ في صورة هذا السكر وإذا صدف إن كان الجسم يعاني أزمة ومجاعة فإن جميع النسيج تتنازل عن سكر الغلوكوز للدماغ فقط حفاظاً على سلامته ، وإذا دخل السكر الخلية العصبية شكل مع الاكسجين ما يشبه المولد الكهربائي الذي يشحن ويستعد للإفراغ وإذا أفرغ عاد وامتلأ مرة أخرى خلال واحد من الألف من الثانية .
وإذا نقص الاكسجين ماذا يحدث ؟ يغضب السكر ويتملص من الاحتراق فتركض خلفه الخمائر ترجوه وتستعطفه فلا يرضى بالرجوع إلا بعد أن تتوسط (12) خميرة !! وهكذا يمر السكر في (14) مرحلة يتداخل فيها اثنا عشر خميرة لتحلل السكر ( ذكرنا أن الخميرة تشبه المسرع للتفاعل حيث أن قطعة اللحك تحتاج لكي تتفتت إلى حمض كلور الماء المركّز ولعدة أيام ، وإذا غليت بحمض كلور الماء المركز لمدة 24 ساعة تتفتت بينما هي في خميرة البسين حطاماً في مدى ساعات بعدون حمض مركز ولا غليان مستمر ) وتتداخل عدة هورمونات في عملية تحلل السكر أهمها هورمونات غدة المعثكلة التي تحرق الوقود السكري ، فإذا خرج الدم بعد كل هذه التفاعلات كانت حرارته أزود بدرجة واحدة مما دخل نتيجة الاحتراقات في التفاعل .
وأي خلل في استخدام الوقود السكري في الخلية يعطه نتائج مذهلة فاستنشاق غاز أول أكسيد الآزوت يحدث هذا اللل فاذا بالرجل يضحك ويضحك ( سمي الغاز المضحك ) أما الباريتوريات فهي منومة : والسيانور مادة سامة ، والمسكالين تحدث ما يشبه مرض الذهان والسبب في كل هذا يعود إلى خلل الاستقلاب في الغلوكوز والسكر وهكذا تتبين لنا مدى الدقة في الخلق ، والاحكام في الصنعة ، والروعة في