ثالثاً ـ المساواة في الحرية :

البريد الإلكتروني طباعة

كتاب سماحة الإسلام وحقوق الأقليات الدينية ص 14 ـ 21

 

ثالثاً ـ المساواة في الحرية:

  الناس ـ في حدود ما شرعه الله تعالى ـ متساوون في الحرية ، فالإنسان خُلق حرّاً ، فلا عبودية إلا ّلله ولا استعباد من أحد لأحد ، قال تعالى :(مَا كَان َلِبَشَرٍأَن ْيُوَْتِيَهُ الله الْكِتَاب َوَالْحُكْم َوَالنُّبُوَّة َثُمَّ يَقُول َلِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ) (1).
    فلا يحقّ للاِنسان ـ وإن كان في قمة التمتع بالخصائص المعنوية والروحية ـ أن يستعبد غيره ، فالانسان مولود ترافقه الحرية في جميع مراحل حياته ، وقد خلقه الله تعالى على هذه الشاكلة ، قال الإمام عليّ عليه السلام : «ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً» (2).
    وقال عليه السلام : «ان آدم لم يلد عبداً ولا أمة ، وإنّ الناس كلهم أحرار» (3).
    فالناس أحرار في علاقات بعضهم ببعض ، وهم عبيد إلى الله وحده ، ومتساوون في هذه العبودية التي تستلزم نفي جميع الوان العبودية لغيره تعالى ، وان كان مقرباً إليه تعالى طبقاً لموازين ومعايير القرب منه سبحانه ، كأن يكون رسولاً منه إلى البشرية ، قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ الله يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أأنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ... مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلأَ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ...) (4).
____________

 

(1) سورة آل عمران : 3 | 79.
(2) تحف العقول : 52 .
(3) روضة الكافي | ثقة الإسلام الكليني 8 : 69 | 26 ، دار صادر ، بيروت ، 1401هـ .
(4) سورة المائدة : 5 | 116 و 117.


( 15 )


   وقد أمر الله تعالى الناس أن يعبدوه وحده ، كما هو ظاهر الآيات الشريفة التالية : (وَمَا أُمِرُوا إِلأَ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لأ إِلَهَ إِلأَ هُوَ) (1) ، (وَمَا أُمِرُوا إِلأَ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ...) (2) ، (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) (3).
    فهم متساوون في العبودية لله تعالى التي تستلزم نفي عبادة غيره من عبادة للهوى أو الأنا أو عبادة الاصنام البشرية ، أو عبادة اصحاب المؤهلات الكبيرة كالانبياء واوصيائهم والرهبان والقساوسة أو عبادة الابطال الذين لهم دور في حركة التاريخ الانساني (4).
    وعبّر القرآن الكريم عن جميع الشخصيات النموذجية بالعبيد مساواة لغيرهم من بني الانسان في العبودية لله ، ونفى العبودية لغيره تعالى ، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة بهذا المعنى ، كقوله تعالى : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ) (5) ، (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) (6) ، (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوب...) (7) ، ( ... وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا
____________
(1) سورة التوبة : 9 | 31.
(2) سورة البينة : 98 | 5.
(3) سورة الأعراف : 7 | 59.
(4) ومع وضوح هذا الأمر في العقيدة الإسلامية ، إلاّ أنّ أبا بكر خطب بالمسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله قائلاً : «أيها الناس من كان يعبد محمّداً فإنّ محمّداً قد مات»؟ وهذا القول مرفوض في مدرسة أهل البيت عليهم السلام لأنه من الغلو المفرط ، ولم يسبقه إليه سابق ولم يقل به أحد بعده ، سوى الغلاة.
(5) سورة النساء : 4 | 172.
(6) سورة الإسراء : 17 | 3.
(7) سورة ص : 38 | 41.


( 16 )


الأََيْد...) (1) ، (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَاْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ...) (2).
    والمساواة في الحرية تستلزم تحرير الانسان من جميع الاغلال والقيود التي ما أنزل الله بها من سلطان ، وبهذه المساواة يتخلّص من اغلال التحجر العقلي والتقليد الجامد ، والتبعية اللاواعية للغير ، ويتربّى على حرية التفكير واستقلال الارادة.

رابعاً ـ المساواة في التكريم :

    الإنسان مخلوق مكرّم من قبل الله تعالى ، وقد أكّد القرآن الكريم هذا التكريم في جهات عديدة ، فهو مكرّم في خلقه ، قال تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِْنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (3)
    مكرّم بالتمتع بما سخّره الله له ، لا فرق بين إنسان وآخر ، قال تعالى :
    (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأََرْضِ جَمِيعًا) (4) ، (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأََرْضِ جَمِيعًا) (5).
    فللناس جميعاً لا فرق بين أسودهم وأبيضهم حقّ الاستثمار والتعمير والاستفادة من الامكانيات المسخرة لهم لادامة الحياة وادامة الحركة التاريخية ، فالتكريم في هذا المجال شامل للجميع لا فرق بينهم ، فالناس مكرمون جميعاً من
____________

 


(1) سورة ص : 38 | 17.
(2) سورة البقرة : 2 | 23.
(3) سورة التين : 95 | 4.
(4) سورة البقرة : 2 | 29.
(5) سورة الجاثية : 45 | 13.


( 17 )


الله تعالى ، فليس هنالك قيمة تعلو على قيمة الانسان أو تهدر من أجلها قيمته.
    وأما التكريم الموضوع على أسس وقواعد صالحة ، كالايمان ، كما في قوله تعالى : (وَلَعَبْدٌ مُوَْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) (1) ، والتقوى ، كما في قوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (2) ، والعلم ، كما في قوله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لأ يَعْلَمُونَ) (3) ، فإنّ هذا التكريم لا ينافي المساواة في التكريم العام للناس جميعاً وبأمور شتى بها تميّز إنسانيتهم وتقوّم حياتهم ، وإن كان في هذا التكريم الخاص تفاضل واضح ، فهو إنما لتحفيز الإنسان على ما به كماله واحترام إنسانيته.

خامساً ـ المساواة في التكليف والجزاء :


    الناس جميعاً متساوون في التكليف الإلهي في الحياة الدنيا ، ومتساوون في الجزاء من ثواب وعقاب في الدار الآخرة ، دون تمييز وتفريق أو ترجيح ، فالجميع مكلفون بالايمان بالله والايمان باليوم الآخر ، بعدما تبرز لهم البينات ، وتتضح لهم البراهين ، بانهم حادثون ومخلوقون للمطلق العليم ، وقد جعلهم الله تعالى متساوين في الاطلاع على البينات والبراهين والادلة ، فهو يخاطب فطرتهم وعقولهم ليحرك دفائنها ، ويثير كوامن النفس للاستسلام للحقائق التي توصل إلى معرفته تعالى ، قال تعالى : (أَمَّـنْ يَبْدَؤاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأََرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) ، وقال تعالى : (وَتِلْكَ الأََمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
____________

(1) سورة البقرة : 2 | 221 .
(2) سورة الحجرات : 49 | 13.
(3) سورة الزمر : 39 | 9.
(4) سورة النمل : 27 | 64.


( 18 )


يَتَفَكَّرُونَ) (1).
    ولم يكلّف الله تعالى الناس حتى بعث النبيين والمرسلين ، قال تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (2)ـ والتعذيب فرع التكليف ـ وكان آخرهم نبينا محمّد صلى الله عليه وآله الذي بعث إلى الناس جميعاً لارشادهم وإلقاء الحجّة عليهم في الهداية ، فهو لم يبعث لقوم دون قوم ، ولا للون دون لون ، وإنما للناس على مختلف ألوانهم وأجناسهم ، كما ورد في الآيات الكريمة : (قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) (3) ، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلأَ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) (4) ، (قُلْ يَا أيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (5) ، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وآله بتبليغ الرسالة الإلهية إلى الناس جميعاً ؛ إلى العرب والعجم وإلى الوثنيين وأهل الكتاب بلا فرق ولا تمييز.
    والناس متساوون في التكليف حسب الطاقة الانسانية المحدودة ، قال تعالى : (لأ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلأَ وُسْعَها) (6) ، وقال تعالى : (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (7) ، وقال تعالى : (يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلأ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (8)
____________
(1) سورة الحشر : 59 | 21.
(2) سورة الإسراء : 17|15 .
(3) سورة الاعراف : 7 | 158.
(4) سورة سبأ : 34 | 28.
(5) سورة الحج : 22 | 49.
(6) سورة البقرة : 2 | 286.
(7) سورة الحج : 22 | 78.
(8) سورة البقرة : 2 | 185.


( 19 )


    فالناس متساوون في التكليف في الاصول والفروع ، فهم مكلفون بالعقيدة والشريعة على حدٍّ سواء ، وقد جعل الله تعالى هذه الحياة قنطرة للحياة الاُخرى التي يتساوى الناس فيها في محكمة العدل الإلهي فلا يظلم أحد قط ، وكلّ منهم يجد ما عمله أمامه ، وقد خاطب القرآن الكريم الناس جميعاً بذلك : (يَاأَيُّهَا الإِْنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلأقِيهِ) (1) ، والله تعالى جامع الناس بلا تمييز لليوم الآخر : (رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لأ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لأ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (2) ، (وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (3) ، (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) (4)
    فهم متساوون في ذلك اليوم بلا تمييز لعنصر على عنصر أو جماعة على جماعة ، فالجنة مثوى المؤمنين الصالحين ، والنار مثوى الكافرين والطالحين وان انتسبوا إلى الانبياء بأن كانوا أبناءهم أو بناتهم أو نساءهم ، أو ينتمون إلى لغتهم أو قوميتهم أو عنصرهم.

سادساً ـ المساواة في الارادة والاختيار :

    خلق الله تعالى الناس وهم أحرار في ارادتهم واختيارهم ؛ في الاعتقاد به والالتزام برسالته ، وجعلهم متساويين في حرية الارادة والاختيار ، فالله تعالى منحهم العقول والغرائز ليتوصلوا من خلال الآيات والبينات إلى اتخاذ المنهج
____________
(1) سورة الانشقاق : 84 | 6 .
(2) سورة آل عمران : 3 | 9.
(3) سورة الجاثية : 45 | 22.
(4) سورة النجم : 53 | 31.


( 20 )


الإلهي في الحياة ، في عقولهم ونفوسهم ومواقفهم ، وبعد إلقاء الحجّة عليهم ، ترك سبحانه لهم حرية اختيار ما يرونه بلا اكراه ، قال تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا الإِْنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) (1).
    والناس متساوون في هدايتهم لنجد الخير ونجد الشر ، قال تعالى : (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (2).
    وهم أحرار في اختيار الهدى أو الضلال ، قال تعالى : (قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) (3).
    والناس متساوون في اصلاح نفوسهم وعدم اصلاحها ، فقد ألهَمَ الله تعالى كل نفس عناصر الفجور والتقوى ، ثم رسم لها طريق الصلاح والطلاح ، والأمر عائد للإنسان نفسه : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (4).

سابعاً ـ المساواة أمام السنن الالهية :

    في هذه الحياة سننٌ إلهية ثابتة لا تتبدّل ولا تتغيّر ولا تختلف ، والناس متساوون أمامها دون فرق أو تمييز ، فالله تعالى لا يغيّر ما بهم حتى يغيّروا ما بأنفسهم : (إِنَّ اللَّهَ لأ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا
____________
(1) سورة الانسان : 76 | 2 و 3.
(2) سورة البلد : 90 | 10.
(3) سورة يونس : 10 | 108.
(4) سورة الشمس : 91 | 7 ـ 10.


( 21 )


بِأَنْفُسِهِمْ) (1).
    ومن السنن الثابتة التي يتساوي أمامها الناس جميعاً ، هي التمتع ببركات الله في حالتي الإيمان والتقوى ، والحرمان منها في صورة التكذيب بآيات الله سبحانه ، قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأََرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (2).
    وانّ الله تعالى يبتلي دون تمييز اُمة عن اُمة وقوم عن قوم ولون عن لون ، لكي يعودوا إلى الإيمان به والاستقامة على منهجه ، قال الإمام عليّ عليه السلام : «إنّ الله يبتلي عباده عند الاعمال السيئة بنقص الثمرات وحبس البركات واغلاق خزائن الخيرات ليتوب تائب ويقلع مقلع ويتذكّر متذكّر ويزدجر مزدجر» (3)
    والناس متساوون في العقوبة الإلهية إن غيّروا حركة التاريخ المتوجهة نحو الكمال والسمو ، قال تعالى : (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (4)

*   *   *

____________
(1) سورة الرعد : 13 | 11.
(2) سورة الاعراف : 7 | 96.
(3) شرح نهج البلاغة 9 : 76 | الخطبة (143).
(4) سورة العنكبوت : 29 | 34.