2 ـ طعام لقلب سليم
يعتبر مرض القلب السبب الرئيسي للوفاة في العالم المتقدم . وعلى رغم الاعتقاد السائد بأن مرض القلب ذكوري أساساً ، بات الآن القاتل الأول للنساء كما للرجال . وقد قالت منظمة الصحة العالمية أن 25 بالمئة من الوفيات التي تحدث سنوياً في المجتمع الغربي ، والتي تطال 11 مليون شخص ، تعزى أساساً الى مرض القلب . لكن الخبر السار هو وجود الكثير من الأدلة التي تؤكد إمكانية الحؤول دون مشاكل القلب . ولعل إجراء تعديلات في عادات الأكل هو الخطوة الأكثر أهمية .
ما هو مرض القلب ؟
القلب هو مضخة عضلية ، بحجم القبضة تقريباً ، موجودة في وسط الصدر بين الرئتين . تقضي مهمته بضخ الدم حول الجسم بحيث يمكن نقل المواد الأساسية مثل الأوكسيجين والمواد المغذية الى كل جزء منه . ينتقل الدم الى الأعضاء عبر أوعية اسمها الشرايين ويعود الى القلب في أوعية اسمها الأوردة .
الشرايين ( الحمراء ) تنقل الدم المحتوي على الأوكسيجين من القلب والرئتين الى كل جزء في الجسم . |
القلب الرئتان الأوردة ( الزرقاء ) تنقل الدم الخالي من الأوكسيجين مجدداً الى القلب والرئتين |
تزويد عضلة القلب بالدم
يحتاج كل عضو ونسيج في الجسم الى مورد دم ، وليس القلب استثناءاً على هذه القاعدة . يتم تزويد عضلة القلب بالدم المحتوي على الأوكسيجين بواسطة ثلاثة شرايين تاجية . وفي حال انسداد أي من هذه الأوعية ، تبقى الجلطة الدموية كل ما هو لازم لاكمال انسداد الشريان . والواقع أن النوبة القلبية هي نتيجة مثل هذا الانسداد في شريان تاجي ، مما يسبب موت عضلة القلب .
وكلما ازدادت مساحة التلف ، ازداد خطر الموت .
الشرايين التاجية | |
انسداد ناجم عن جلطة دموية مقيمة في شريان تاجي أصبح ضيقاً نتيجة ترسب الدهون . |
|
مساحة العضلة التالفة المحرومة من الدم المحتوي على الأوكسيجين أثناء النوبة القلبية . |
الدهن وارتباطه بمرض القلب
ينتقل الدهن حول الجسم في شكل كوليسترول ، ويعتبر العديد من الخبراء أن الكوليسترول المرتفع في الدم هو السبب الرئيسي وراء نشوء مرض القلب . يمكن لأي شخص ، مهما كان عمره أو جنسه أو عرقه ، أن يصاب بارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم إذ لا إشارات منذرة بذلك . هكذا ، لا نتعرف على وجود المشكلة إلا عند قياس مستوى الكوليسترول في الدم . لكن الغذاء يمكن أن يكون فعالاً في تخفيض مستوى الكوليسترول ، وقد يخفف ذلك خطر الاصابة بمرض القلب على المدى الطويل .
من أين ياتي الكوليسترول ؟
يمكن أن يتولد الكوليسترول الموجود في الجسم داخل الكبد ، أو يمكن أن ينبع من الغذاء في شكل دهن . واعلم أنه حتى التغيرات البسيطة في كوليسترول الدم تؤثر كثيراً في صحتنا .
عند تناول الدهن ، يتفكك في الأمعاء وينتقل من ثم الى الدورة الدموية . لا يذوب الدهن في الجسم ويحتاج الى « التوضيب » قبل نقله حول الجسم . لذلك ، يتم تغليف جزيئات الدهن بالبروتين للحصول على رزم بالغة الصغر اسمها البروتينات الدهنية ( راجع الصفحة 31 ) .
ما هي وظيفة البروتينات الدهنية
هناك نوعان أساسيان من البروتينات الدهنية : البروتينات الدهنية العالية الكثافة ( HDL ) والبروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة ( LDL ) . ينتقل LDL حول الجسم ويترسب في أماكن مختلفة منها الشرايين التاجية والدماغية . هكذا ، يؤدي LDL دوراً أساسياً في نشوء انسداد الشرايين ولذلك يقال عنه أحياناً إنه « الكوليسترول السيء » . أما HDL فيساعد في تخلص الجسم من الدهن من خلال إنتاج الصفراء في الجهاز الهضمي . ويبدو أن HDL له أثر مضاد للـ LDL ولذلك يقال عنه إنه « الكوليسترول الجيد » .
ما هو مقدار الدهن الذي يسد الشرايين
عند ارتفاع مستويات LDL في الدم ، تميل الرواسب الدهنية الى التراكم في الشرايين . يطلق على هذه الترسبات الدهنية اسم تصلبات الشرايين ، التي تميل الى التكون عند تفرّع الشريان ، ويشجعها على ذلك اضطراب تدفق الدم . غير أن التصلبات الحادة في الشرايين التاجية ، التي تزوّد عضلة القلب ، يمكن ان تحدّ من تدفق الدم مما يؤدي الى ألم صدري يعرف بالخناق الصدري . كما أن وجود التصلبات يشجع على تكون الجلطات الدموية . |
الدهن ومرض القلب
يمكن توزيع الدهون في الغذاء الى ثلاث فئات أساسية : الدهون المشبعة ، والدهون الأحادية غير المشبعة ، والدهون المتعددة غير المشبعة . والواقع أن مرض القلب مرتبط بالأطعمة الغنية بالدهون المشبعة . ونجد الدهون المشبعة أساساً في منتجات الحيوانات مثل اللحم والبيض والأجبان والقشدة والحليب الكامل والزبدة . كما أن أطعمة مثل الشوكولاته والحلوى والبسكويت غنية أيضاً بالدهون المشبعة .
الغذاء المتوسطي
لا ترتبط الدهون الأحادية غير المشبعة والدهون المتعددة غير المشبعة بمرض القلب بنفس مقدار الدهون المشبعة . ويرى العديد من العلماء أن الدهون الأولى قادرة فعلاً على حماية الجسم من هذه الحالة . تشمل الدهون الأحادية غير المشبعة زيت الزيتون وزيت اللوز وزيت الأفوكادو . ويعتقد أن الاستهلاك الكبير لزيت الزيتون في منطقة البحر الأبيض المتوسط هو أحد أسباب انخفاض معدلات مرض القلب في تلك البلدان . أما الدهون المتعددة غير المشبعة فنجدها في السمك ، وهي المكوّن الأساسي للزيوت النباتية مثل زيت دوار الشمس وزيت السمسم وزيت بذور العنب .
|
تخفيض الكوليسترول
نتناول عموماً الكثير من الدهون . لكن يمكنك تخفيض مستويات الدهون بالحد إجمالاً من مأخوذ الدهون ، وتناول المزيد من الدهون غير المشبعة في الوقت نفسه . وعند اتباع الارشادات الغذائية الأساسية ، يمكن خفض مستويات الكوليسترول بفاعلية .
السكر والقلب
حين نتناول السكر ، يتحول بعض منه في الجسم الى شكل من الدهن يعرف بالترايغليسريد ، الذي لا يملك تركيبة الكوليسترول نفسها . لكن يبدو أنه يؤدي ، دوراً في مرض القلب ، تماماً مثل الكوليسترول ، على رغم عدم التأكد بعد من أهميته الدقيقة في هذا الشأن .أهمية الترايغلسريد
تشير بعض الأبحاث الى أن مستوى الترايغلسريد لدى النساء أكثر أهمية من مستوى الكوليسترول . وقد كشفت إحدى الدراسات أن النساء اللواتي يملكن مستويات مرتفعة من الترايغلسريد في الدم معرضات للموت نتيجة ذبحة قلبية سبع مرات أكثر من اللواتي يملكن مستويات منخفضة من الترايغلسريد . ويرى بعض العلماء والأطباء أن تناول السكر له أثر مهم في خطر تعرضنا لمرض القلب ، وذلك بتأثيره على مستويات الترايغلسريد في الدم .السكر في الغذاء
بما أن الترايغلسريد ينبع من السكر ، من المهم تخفيض مقدار السكر في الطعام إن كنت تريد الحد من خطر التعرض لمرض القلب . هناك بعض المصادر الجلية للسكر في الغذاء ، مثل الحلويات والشوكولاته والمربيات ، والبسكويت والمرطبات وحبوب الفطور المحلاة وسكر المائدة . والواقع أن هذه المأكولات تسهم في مقدار كبير من السكر في غذائنا . غير أن السكر يشكل أيضاً مكوناً أساسياً في العديد من الأطعمة المعلّبة والمعالجة غير الحلوة . لذلك يجدر بك قراءة اللصائق جيداً قبل تناول الطعام . فكلما ارتفع السكر على لائحة المكونات ، ازدادت كمية السكر في المنتج . فالخضار المعلّبة والفاصوليا المطهوة والوجبات الجاهزة تحتوي على مقادري هائلة من السكر المضاف . وتذكر أن السكر قد لا يكون مدوناً دوماً على أنه كذلك . يظهر الجدول في الصفحة المقابلة بعض المصطلحات الشائعة الاستخدام للدلالة على السكر .تحتوي الأطعمة المعلّبة والمعالجة
غالباً على سكر « مخباً » .
دهن أقل ، سكر أكثر
إن العديد من الأطعمة التي تزعم أنها « منخفضة الدهون » أو « خالية تقريباً من الدهون » تحتوي على مقادير كبيرة من السكر . فتخفيض مقدار الدهون من الطعام قد يجعل مذاقه أقل لذة ، ولذلك يعمد صانعو الطعام دوماً الى حل هذه المشكلة من خلال إضافة المزيد من السكر . ولعل البسكويت والبوظة والكاتو هي الأمثلة الأكثر دلالة على ذلك . يقضي الحل الصحي بتغيير كل أنواع الطعام التي تتناولها ، بدل محاولة العثور على الصيغ الصحية للطعمة غير الصحية أساساً . وعلى سبيل المثال ، تناول موزة بدل البسكويت حين تحتاج الى وجبة خفيفة أو إختر اللبن غير المحلّى بدل البوظة .محليات اصطناعية
باتت تتوافر المحليات الاصطناعية مثل السكّرين والأسبارتام بمثابة بديل للسكر . والواقع أن هذه المحليات الاصطناعية ، على عكس السكر ، تحتوي على القليل من الوحدات الحرارية أو تخلو منها بالكامل ، ولا ترفع مستويات الترايغلسريد في الدم . غير أن المحليات الاصطناعية قد تؤثر سلباً في الجسم . فقد تبين أن السكرين يسبب الأورام لدى الحيوانات المخبرية ويشتهر الأسبارتام بتغييره مستويات المواد الكيميائية في الدماغ ، مما يؤدي الى مزاج سيء واضطرابات في النوم .التخلي عن السكر
ثمة دليل عملي على أن استهلاك المحليات الاصطناعية يشجعنا في الواقع على تناول المزيد من الطعام في المدى الطويل من خلال تشجيع الرغبة في المذاق الحلو وتوقع ارتفاع مفاجئ لمستويات السكر في الدم . هكذا ، فيما يتضح أن تخفيض تناول السكر أمر أساسي ، قد لا تكون المحليات الاصطناعية الحل البديل الناجع . لذا ، إن أردت إضافة بعض الحلاوة الى طبق ، جرب بعض الاقتراحات المذكورة في الصفحة 105 .تأكد من معرفة المحتوى الحقيقي للأطعمة التي تشتريها من خلال التعرف على مختلف أنواع السكر والمحليات التي يستخدمها صانعو الأطعمة . إبحث عن الأسماء البدلية التالية لمواد محلية عند قراءة المكونات المذكورة في الأطعمة الموضبة |
|||
|
قد يطرح محلي الأسبارتام الاصطناعي الشائع الاستخدام مشاكل خاصة للذين يعانون من حالة طبية نادرة اسمها الفنيلكتونوريا . فالأشخاص المصابين بهذا المرض يفتقدون الى أنزيم يحوّل حمض الفنيلالين الأميني الى تيروسين ( حمض أميني آخر ) . ويمكن أن يؤدي تراكم الفنيلالين في الدم عند الأولاد الى مشاكل في نمو الدماغ والجهاز العصبي . وبما أن الأسبارتام يحتوي على الفنيلالين ، يجدر بالمصابين بهذا الداء تفاديه . |
الملح والقلب
يعتقد أن الملح يزيد خطر التعرض لمرض القلب إذ يزيد ضغط الدم . ورغم أن جدلاً كبيراً قام لعدة سنين حول الأهمية النسبية للملح في ضغط الدم المرتفع ، تشير آخر الأدلة الى أن الملح هو في الواقع عامل أساسي . يعتبر ضغط الدم المرتفع عاملاً مسبباً لمرض القلب وهو يصيب شخصاً واحداً من كل عشرة . وعلى عكس الاعتقاد الشائع ، نادراً ما يكشف ضغط الدم المرتفع عن عوارض ظاهرية ، ولا يدرك بالتالي المصابون به أنهم يعانون من مشكلة . من هنا أهمية التحقق بشكل دوري من ضغط الدم .دراسة جديدة
أظهرت دراسة علمية جديدة أن الملح يؤثر كثيراً في ضغط الدم المرتفع ومرض القلب وأن للملح تأثير في صحتنا أكثر بكثير مما كان يعتقد سابقاً .قالت الدراسة العلمية انه إذا خفض كل شخص مأخوذه من الملح بنسبة 30 بالمئة ، تهبط الوفيات الناجمة عن أمراض القلب بنسبة 16 بالمئة ، وينخفض عدد المرضى الذين يحتاجون الى علاج لضغط الدم المرتفع الى النصف تقريباً . وفي حال تخفيض استهلاك الملح بنسبة 60 بالمئة ، تنخفض الوفيات الناجمة عن مرض القلب بنسبة 30 بالمئة ، وينخفض بنسبة 80 بالمئة عدد الأشخاص الذين يحتاجون الى علاج لضغط الدم المرتفع .
|
تخفيض الملح في الطعام
يتوافر الملح في الطعام في شكلين أساسيين : الملح الذي نضيفه أثناء الطهو أو على المائدة ، والملح الموجود أصلاً في الطعام ، المعالج عادة . إن أردت تخفيض نسبة الملح من طعامك ، خذ في الاعتبار الاقتراحات الآتية :هل ملح البحر أفضل من الملح العادي ؟
يمكن العثور على الملح في المخازم الكبرى في مجموعة متنوعة من الأشكال تشمل ملح المائدة وملح الصخر وملح البحر . والواقع أن محتوى الصوديوم في كل واحد من هذه الأشكال هو نفسه تقريباً . وبما أن الصوديوم هو العنصر المؤذي في الملح ، فإن أي منفعة من الملح قد تكون ضئيلة جداً .يحتمل أن تحتوي كل هذه الأنواع من الطعام على كميات كبيرة من الملح ، ولذلك يفضل تفاديها . إقرأ عند الامكان لصائق المكونات الموجودة على الأطعمة للتأكد من محتوى الملح . |
الحؤول دون الضرر
الأوكسيجين أساسي للحياة ، وهو يدخل في عدد لا متناهي من التفاعلات الحاصلة داخل أجسامنا كل يوم . غير أن هذه العمليات الأساسية للحياة يمكن أن تولّد أيضاً منتجات ثانوية خطيرة . فخلال هذه التفاعلات الكيميائية ، يمكن أن تتكون الجذور الحرة ، فتسرّع العمليات المؤدية الى مرض القلب . تحاول الخلايا المحاذية للشرايين التاجية أن تشفي نفسها من خلال صدّ الضرر الناجم عن الجذور الحرة بواسطة الكوليسترول وجلطات الدم ، مما يزيد من خطر الذبحة القلبية .الجذور الحرة هي جزيئات تطلق بمثابة منتج ثانوي طبيعي نتيجة النشاط الاعتيادي للخلية . ويعتقد الآن أن هذه الجزيئات يمكن أن تسبب ضرراً كبيراً للجسم في حال تراكمت بإفراط . ويعتقد خصوصاً إنها تهاجم نواة خلايا الجسم . والواقع أن الأذى اللاحق بالخلايا المبطنة للشرايين الدموية يمكن أن يزيد من ميل الترسبات الدهنية . ويبدو أن الجذور الحرة تؤدي أيضاً دوراً في نشوء السرطان ( صفحة 86 ) . غير أن الأبحاث أظهرت أن المواد المقاومة للتأكسد الموجودة في الغذاء قادرة على إبطال نشاط هذه الجذور الحرة . |
||||
|
المواد المقاومة للتأكسد والقلب
يتم إبطال التأثير السلبي للجذور الحرة في القلب والأوعية الدموية من خلال عمل المواد المغذية المقاومة للتأكسد مثل البيتا ـ كاروتين ، والفيتامينات A و C و E والسيلنيوم . وثمة دليل مؤكد أن الغذاء الغني بالمواد المقاومة للتأكسد قد يساعد في حماية الجسم من مرض القلب . ومن الأطعمة المحتوية على نسب مرتفعة من هذه المواد المغذية نذكر الفاكهة الطازجة والخضار والحبوب الكاملة مثل الأرز البني والمعكرونة الكاملة الدقيق . وإذا تناولت هذه الأطعمة بوفرة ، يمكنك حتماً التخفيف من خطر التعرض لمرض القلب . وبالاضافة الى تناول طعام غني بالمواد المغذية المقاومة للتأكسد ، من المفيد أيضاً تناولها بمثابة مكملات غذائية . يمكنك العثور على المكملات الملائمة في المخازن الكبرى والصيدليات . لكن تذكّر أن حبوب الفيتامين والمعادن تكمّل الغذاء الصحي ولا تحل مكانه .يمكن لبعض الدهون الصحية في الغذاء أن تساعد أيضاً في تخفيض خطر الاصابة بمرض القلب . فالدهون الأساسية الموجودة في الأسماك الزيتية وزيت الزيتون وبذور دوار الشمس والسمسم تساعد في حماية القلب من انسداد الشرايين ، وقد تساعد أيضاً في ترقيق الدم . كما أن زيت السمك المركز غني بأحماض أوميغا ـ 3 الدهنية . أما الجرعة الطبيعية فهي غرام واحد يؤخذ مرتين أن ثلاث مرات كل يوم . |
تعتبر الخضار والفاكهة الطازجة والحبوب الكاملة
مصادر أساسية للمواد المقاومة للتأكسد .