« هناك كثير من الأفراد يعارضون التمدن بسبب من أن ذلك يؤدي الى تقييد حرياتهم في الإستجابة لغرائزهم يجب أن نتنبه في خصوص هذه المعارضة بأنها غير منطقية ابداً. إذ يمكن القول بضرورة تحديد الغرائز من الناحية الفنية في سبيل تحقيق التمدن لمقاصده واهدافه. « إن الحصول على الأمن والهدوء الناشئين من المدنيّة ، من دون الإنصراف عن فكرة الحرية المطلقة ، نوع من الأنانية والاثرة فعلى الإنسان أن يتخلى عن حريته الطبيعية التي كان يمتاز بها قبل نشوء المدنية ـ من الناحية النظرية ـ حتى يستطيع الدخول في الحياة الإجتماعية ». « إن هذه الرغبة في الحرية ناشئة في الحقيقة من أن كل فرد يريد إرضاء رغباته النفسية بطريق خفي ، من دون الاعتناء برغبات الآخرين ، على الرغم من أنه يستفيد من القوي والوسائل الإجتماعية في سبيل الوصول الى غاياته ». « إن الرغبة في الرجوع الى الحالة الطبيعية للحصول على مقدرة إرضاء الغرائز بصورة حرة خطأ فاحش. ولكن الرغبة في العيش في المجتمع المتمدن الى جانب امتلاك الحرية الكاملة ، نفاق ممقوت ، وأنانية مذمومة... لأنها تؤدي الى الإضرار بحريات الآخرين » (1) . |
تزكية النفس :
ترى المدينة الإسلامية أن الناس مقيدون في إرضاء غرائزهم والإستجٍابة لميولهم ، كما ترى المدنيات المادية ذلك ، مع فارق كبير هو أن المدنيات المادية تهدف الى ضمان الإستقرار المعيشي للإنسان ، ولذلك فإن ترك
____________
( 1 ) انديشه هاي فرويد ص 121.
الحرية في الإستجابة للغرائز إنما يتحدد بإطار المصالح المادية ، والحفاظ على النظام الإجتماعي... في حين أن المدينة الإسلامية تهدف الى امرين : أحدهما الحفاظ على النظام في الحياة المادية ، والآخر الوصول الى الكمالات الروحية وإحراز الصفات الإنسانية العليا.
إن إحراز المقام الشامخ في الإنسانية لا يتيسر بضبط النطام المادي في المجتمع. فمن يرغب في الوصول الى هذا الهدف العظيم عليه أن يهتم بتزكية نفسه وتطهيرها من الجرائم والآثام ، ويعمل على بلوغ الدرجة التي يستحق معها إعتباره إنساناً واقعياً في ظل الإيمان بالله وإلتزام المثل العليا. وكما إن استقرار النظام الإجتماعي وضمان حقوق الآخرين يتطلب من الإنسان أن يقيد غرائزه ، كذلك الوصول الى الكمال الإنساني وبلوغ مرحلة القيم والفضائل فإنه لا يتيسر إلا بتقييد هوى النفس والتخلي عن الرغبات اللامشروعة.
الدين والمدنية :
إن التضاد الذي قد يلحظ أحياناً بين التعاليم الدينية والمدنية المعاصرة ناشيء من هذا الاختلاف في الهدف. فالتعاليم الدينية ترى أن كل عمل يخالف المصلحة الإجتماعية أو يتنافى والسعادة الفردية فهو محرّم ، وبعبارة أخرى لا يجوز لأي فرد أن يقوم بعمل من شأنه الإضرار بمصلحة المجتمع أو يتصادم مع سعادته الفردية. أما في المدنية المعاصرة فإن كل فرد يعتبر حراً في الأفعال التي لا تتصادم مع النظام الإجتماعي ولا تتضمن الإضرار بالآخرين والتجاوز على حقوقهم ، حتى لو كان ذلك العمل مضراً بسعادته كشرب الخمر ، والقمار ، والزنا ، والإنتحار. هذه الحرية هي التي سببت المآسي والمشاكل في عالم الغرب.
وبهذه المناسبة يقول الدكتور ( الكسيس كارل ) :
« يجري كل فرد في حياته حسب ذوقه الخاص. إن هذا الميل |
فطري في الإنسان ، ولكنه في الدول الديمقراطية قد بلغ أشد ما يمكن حتى أدى إلى نشوء أضرار كثيرة. إن فلاسفة عصر النور هم الذين وضعوا أساس هذه الحرية المطلقة في أوروبا وأمريكا ، وسخروا من المنطق وأصوله بإسم المنطق وأعتبروا كل إلزام أو تقييد أمر غير معقول. ومن هنا بدأت المرحلة الأخيرة من الحرب ضد القواعد والأسس التي كان يجري عليها أسلافنا في حياتهم ، والتي كان يلزم بها الأفراد جميعاً طيلة آلاف الأعوام حسبما توصلوا إليه من تجاربهم وعلى ضوء الأخلاق والآداب الدينية » (1). « تلك الحرية التي يتمتع بها أكثر الأفراد ليست اقتصادية أو فكرية أو أخلاقية. إن الأشخاص الذين لا يوجد ما ينغص عليهم حياتهم هم المتمتعون بهذه الحرية ولذلك نجدهم يتنقلوان من كوخ إلى آخر ، ومن محل كوّاز إلى محل كواز غيره ، ويقرأون الأكاذيب التي ملئت بها المجلات والصحف ، ويستمعون إلى الدعايات المنتناقضة التي تنقلها لهم الإذاعة » (2). |
الحريات المضرة :
إن موضوع إرضاء الغريزة الجنسية من الموارد التي فسح للأفراد في دنيا الغرب الحرية المطلقة في ممارستها. وهكذا نجد أن كثيراً من الشبان والفتيات في تلك الدوله يصابون بالإفراط على أثر الحرية المطلقة الممنوحة لهم ، فينزلون الى هوة الإنحراف والفساد عند إشباعهم للغريزة الجنسية.. وهذا ما يتضمن بين طياته المفاسد الكثيرة للامة والدولة.
« يونايتد برس | دلت الإحصاءات التي أجريت على حقائب |
____________
( 1 ) راه ورسم زندگي ص 2.
( 2 ) المصدر السابق ص 9.
طالبات المدارس المتوسطة في بريطانيا أن 80% منهم كن يحملن الأقراص المانعة من الحمل. لقد كتب أحد المحققين الإجتماعيين في الرسالة التي بعث بها الى صحيفة ( تايمز ) اللندنية أن الإحصاءات التي حصل عليها مضبوطة تماماً. إنه يقول : إن بعض الطالبات كن قد سألن مدرساتهن عن النوع المفضل لأقراص منع الحمل ». « يقول هذا المحقق الإجتماعي في نهاية رسالته : ان هذه الحقيقة المرة والمأساة المخيفة ناتجة من الحرية المفرطة الممنوحة للفتيات الإنكليزيات » (1). « آسوشيتدبرس | يقول الدكتور مولنز : إن من بين كل خمس فتيات انكليزيات يذهبن لعقد الزواج فتاة واحدة حامل. يقول هذا الدكتور وهو يشتغل بالطب في المنطقة الجنوبية من مدينة لندن ، في مقال خاص بهذا الموضوع : يحدث في لندن كل عام خمسون الف حادثة إجهاض جنائية. ويوجد من بين كل عشرين طفلاً متولداً ، طفل واحد غير شرعي ، وبالرغم من أن الظروف المعيشية تتحسن كل عام ، فإن عدد هؤلاء الأطفال يزداد باطراد. يعتقد الدكتور مولنز أن الأطفال غير الشرعيين غالباً ما يولدون في الأسر الموسرة وإن الفتيات اللاتي نشأن في الأسر الثرية يلدن أولاداً غير قانونيين اكثر من غيرهن » (2). |
لا تقف أضرار الحرية المفرطة للناس في اتباع غرائزهم الجنسية عند حد انهيار اساس الأسرة ، وتلّوث النسل ، والإنحرافات الجنسية المختلفة والانتحارات الناشئة من الأخفاق في الحب والغرم ، واضطراب الأسس الخلقية... بل إن هذا الأمر يتعارض مع الشرف الإنساني والميول البشرية
____________
( 1 ) جريدة ( اطلاعات ) الإيرانية ـ العدد | 10623.
( 2 ) جريدة ( كيهان ) الإيرانية ـ العدد | 5356.
العالية. إن الإنسان أعظم من أن يكون عبداً مطيعاً لشهواته ، وأسيرا منقاداً لغرائزه.
الأحرار :
لا شك أن الغريزة الجنسية تتطلب الإستجابة لها وإرضاءها كسائر الغرائز ، وعلى كل فرد أن يشبع هذه الغريزة وفقاً لقانون الخلقة. ولكن النقطة الجديرة بالإهتمام هي أن الشهوة يجب أن تكون مسخرة للإنسان ، لا أن يكون الإنسان مسخراً لشهوته.
إن الذي نقاد لرغباته وأهوائه ليس حراً ، بل هو عبد ذليل لشهوته. إن الأحرار هم الذين يستطيعون السيطرة على حب المال والجاه والشهوة بقوة الإيمان والعقل ، وفي ظل الأخلاق والفضائل.
وفي هذا يقول أمير المؤمنين عليه السلام : ـ
1 ـ « من ترك الشهوات كان حراً » (1).
2 ـ « عبد الشهوة أقل من عبد الرق » (2).
3 ـ « أعدى عدوّ للمرء غضبُه وشهوتُه. فمن ملكهما عظمت درجتُه وبلغ غايته » (3).
الميول الحيوانية والميول الإنسانية :
يحتوي الإنسان على طائفتين من الميول : ـ الطائفة الأولى عبارة عن ميول مشتركة بين الإنسان وسائر الحيوانات كحب الذات ، وحب الأولاد والشهوة والغصب والأكل والشرب وما شاكل ذلك. والطائفة الثانية عبارة عن
____________
( 1 ) تحف العقول عن آل الرسول ص 89.
( 2 ) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص 498.
( 3 ) المصدر السابق ص 203.
الميول الخاصة بالإنسان ، كأداء الأهانة ، والوفاء بالعهد ، والتضحية والعفة ، والحياء وعزة النفس... وما شابه ذلك.
أما الميول المشتركة بين الإنسان وسائر الحيوانات ، فهي وإن كانت ضرورية لإدامة الحياة ، وذات أهمية خاصة ، ولكنها لا تكون ملاكاً للشرف ومقياساً للفضيلة الإنسانية مطلقاً. إنها لا يمكن أن تكون أساساً لتقدم الإنسان وتكامله. ذلك أن الميول التي تشكل الأساس للتكامل البشري هي الميول التي تضع الحد الفاضل بين الإنسان والبهائم ، وفي ظلها يستطيع الفرد بلوغ قمة الإنسانية والكمال. وكلما كانت هذه الميول المعنوية التي هي أساس الفضائل قوية في أمة من الأمم كانت قيمة تلك الأمة في الحياة الإجتماعية أكثر ، وكانت إلى السعادة الحقيقية أقرب.
إن قسماً من الميول الخاصة بالإنسان يملك جذوراً فطرية في نفس الفرد. وعلى المربي القدير إحياء تلك الميول بالتنمية الصحيحة ، وإخراجها الى حيم الفعلية ، وذلك كالوفاء بالعهد وأداء الأمانة.
ولكن القسم الآخر من تلك الميول لا يملك جذوراً فطرية في نفس الفرد... عندئذ يجب على المربي القدير استغلال جميع الوسائل العلمية والعملية في التربية لرسيخ اسس هذه الميول في نفوس الأطفال الذين عهدت اليه تربيتهم... ومثال هذه الميول : العفة والحياء.
إن الميول الإنسانية العليا هي مكارم الأخلاق التي بعث نبي الإسلام العظيم لإتمامها والتي شكلت جانبا مهماً من برنامج دعوته ، وقد وردت في ذلك مئات الآيات والأحاديث.
يظهر أثر الميول الإنسانية في حفظ الشرف والرفعة للفرد ، والرقابة على الميول الحيوانية. فعندما تحاول الميول الحيوانية الخروج من حدود المصلحة وتلويث شرف الإنسان ، تعمل الميول الإنسانية على التلطيف من حدتها ، والتخفيف من ضراوتها ، وبالتالي منعها عن الإنحراف.
وفي هذا يقول القرآن الكريم : ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله
لا يستطيعون ضرباً في الأرض ، يحسبهم الجاهل أغنياء من المتعفف ، تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحاقاً ) (1).
إن الميل الحيواني للإنسان الجائع عبارة عن الحصول على الغذاء وسدّ حاجة الجوع. وهو لا يكترث بأي عمل في سبيل الوصول الى ما يريد ، في حين أن الرجال الشرفاء وأصحاب الفضيلة الذين يتمتعون بالميول الإنسانية العليا لا يقدمون على أعمال مخلفة بالشرف في سبيل إرضاء غريزة الجوع ، ولا يستسلمون لذلّ السؤال والاستعطاء. إن عزّة النفس تسيطر على الميل الحيواني عندهم ، وتمنعهم من التجاوز عن الحد المعقول.
العفة الجنسية :
والعفة الجنسية من الميول الإنسانية العليا ، التي يتعهد المربي بتنميتها في نفس الإنسان حسب الأساليب التربوية الصحيحة. إن أثر هذه الفضيلة الحقيقية هو الرقابة على الغريزة الجنسية فعندما تطغى الشهوة وتحاول أن تدفع الفرد اإلى الإعتداء والإنحراف ، تقف العفة كسد محكم في قبالها وتمنعه عن الإنزلاق في المهواة السحيقة ، فينجو عن الإنهيار الحتمي والإنحراف الخلقي أما الأفراد المحرومون من هذه الفضيلة السامية فإنهم معرضون للسقوط والإنهيار في كل لحظة ، وإذا دفعتهم حوادث الدهر إلى شفا جرف من الفساد والضلال فقلما يستطيعون إنقاذ موافقهم ، وتدارك الأخطار المحتمة التي ستصيبهم.
إن أساس العفة يجب إن يصب ـ كسائر الميول الفطرية عند الإنسان ـ منذ دور الطفولة. على الوالدين أن يستفيدا من هذا الدور ، ويوجدا هذه الفضيلة في ضمير الطفل قبل أيام البلوغ.
إن السلوك الممتاز للوالدين العفيفين ، وكذلك العوامل المساعدة التي
____________
( 1 ) سورة البقرة | 273.
يقومان بتهيئتها في جو الأسرة للأطفال لغرض تنشئهم على العفة ، أحس السبل لترسيخ هذه الفضيلة في نفوسهم.
لقد اهتم الإسلام بهذه القاعدة الخلقية في منهاجه التربوي اهتماماً بالغاً. ولأجل أن ينشأ الأطفال المسلمون على العفة والطهارة أوصى الوالدين بتعليمات قيمة. وسنتعرض في هذه المحاضرة الى طائفة منها إن شاء الله ، ولكن من المناسب أن نوجه أذهان الستمعين الكرام إلى نموذج من البحوث العلمية للعلماء حول أص الميل الجنسي.
ينبوع الحب :
لا شك في أن الغريزة الجنسية من أقوى الغرائز البشرية. ليس المراد من الغزيزة الجنسية في الإصطلاح العلمي الحديث هو الميل للإتصال الجنسي بين الرجل والمرأة فقط ، بل المقصود من ذلك معنى أوسع لا يعتبر الميل للإتصال الجنسي إلا مظهراً من مظاهره.
يرى العلماء أن الغزيزة الجنسية بمنزلة ينبوع للحب والحرارة ، خُلق في باطن الإنسان منذ البداية. ففي أيام الطفولة والأعوام التي قبل البلوغ يجري هذا الينبوع في بعض المجاري الدقيقة ، ويبدي شيئاً من الحرارة الكامنة فيه. أما في أيام البلوغ فإنه يظهر باندفاع أشد ، وحرارة أقوى فتضطرم نيران الغريزة الجنسية في مزاج الشاب ، وتؤدي الى تحول عظيم في روحه وجسمه.
لقد اعترف جميع العلماء بأن بعض أفعال الطفل تنبع من الغريزة الجنسية في حين أن فرويد أصيب في هذه المسأله ككثير من المسائل بالإفراط والمبالغة ، وعشت عيناه عن رؤية الحقيقة. لقد استند ( فرويد ) في نظرياته الى الغريزة الجنسية أكثر من الحد الواقعي ، إلى درجة أنه نسب حنان الأم وعطفها لطفلها الى هذه الغريزة... ولسنا الآن في صدد ذلك. بل نقول : إن فرويد يعتقد بأن في الإنسان غريزتين أصليتين فقط : إحداهما حب الذابت والأخرى الغريزة الجنسية. ولكنه يعزو القسم الأكبر من اللذائذ البشرية منذ الطفولة حتى نهاية العمر إلى الغريزة الجنسية... إن فرويد وأتباعه يرون أن
إلتذاذ الطفل بامتصاص ثدي أمه ، أو مصّ إصبعه يعود إلى جذور جنسية !
« إن الميل الجنسي عند الأطفال يشترك مع الميل الجنسي عند البالغين ، وفي أن هناك طاقة محركة واحدة تغذي الميلين ، ويكفي مع اشتراك الطاقة المحركة هذا لأن نفسر بعض حركات الطفل وأفعاله بتفسير جنسي بحت ». « يميز فرويد في التطور بين مراحل مختلفة ، بمعنى أن الميل الجنسي يظهر في البداية على الفم ويتمثل في الإمتصاص ثم ينتقل إلى الأسنان ويظهر في صورة المضغ » (1). |
لقد تعرضت نظريات فرويد إلى نقد شديد من قبل العلماء والباحثين فقد اعتبروا قسماً من تلك النظريات بعيدة عن الواقع تماماً ، وكتبوا في الردّ عليها بحوثاً مطولة ، ولكنهم يؤمنون بأن شطراً من أفعال الأطفال يعود الى طبيعة جنسية.
« يقول موريس وبز أستاذ جامعة استراسبورغ : إذا حاولنا الإيمان بجميع النظريات التي أوردها فرويد حول القضايا الجنسية فقد ارتكبنا شططاً ما بعده شطط. إنها بحاجة الى تصفية ضرورية ، وقد بدىء بها في الآونة الأخيرة ، ولكن يشترط في صحتها أن لا نخلط بين المسائل الجنسية ومسائل التناسل , إن ما لا يقبل الإنكار هو أن الطفل ـ خصوصاً في المرحلة الثانية من حياته ـ أي ما بين 3 الى 6 سنوات يشتمل على بعض المبادىء الجنسية وليس هذا خاصاً بالإنسان ، فالجميع يعلمون أن القرد أيضاً يملك في الأعوام السابقة على بلوغه بعض التطلعات الجنسية » (2). |
____________
( 1 ) انديشه€هاي فرويد ص 42.
( 2 ) چه ميدانيم ؟ بلوغ ص 43.
تنمية مواهب الطفل :
يتولد الطفل من أمه وهو يملك موهبة التكلم ، والتفكير. ولأجل التنمية الصحيحة لهاتين الموهبتين يجب إلتزام منهجين كاملين : أحدهما المنهج الطبيعي ، والآخر المنهج التربوي.
أما في النهج الطبيعي فلا بد من كون جميع عوامل نمو الطفل سالمة حتى يستطيع اللسان والمخ من مواصلة سيرهما التكاملي في ظل نشاطات تلك العوامل ، وبذلك تتفتح المواهب الكامنة وتخرج الى حيز الوجود. فإن توقف اللسان أو المخ عن النمو على أثر مرض أو علة أخرى فإن الطفل يبقى أبكم وغير قادر على التفكير.
كذلك الاستعداد للنشاط الجنسي موجود في الطفل منذ البداية. ولا بد من وجود عوامل طبيعية تنمي هذه الغريزة طبقاً لسنن الخلقة ، وتخرجها الى حيز الوجود بالتدريج. كما انه لا بد من عوامل تربوية تقود تلك الغريزة نحو الطريق الصحيح وتحفظها بمنجى عن الإنحراف والفساد.
إن الأبوين الفاقدين للعفة ، واللذين لا يتورعان عن التكلم بالعبارات البذيئة أمام طفلهما ، أو يرتكبان الأفعال المنافية للعفة أمامه بوقاحة ، يقودانه نحو الإنحراف والفساد ، ويعودانه على الاستهتار واللامبالاة منذ الصغر.
الإنسجام بين التربية والطبيعة :
إن القاعدة الأساسية في التربية الصحيحة عبارة عن الإنسجام التام بين المناهج التربوية والقوانين الطبيعية. على الآباء والأمهات أن يسيروا حسب
نلاحظ في هذه الفقرة المقتبسة ثلاث نقاط جديرة بالإنتباه : ـ
الأولى ـ أن الفترة الواقعة بين السادسة والثانية عشرة عند الأطفال فترة خاصة من الناحية الجنسية.
الثانية ـ أن الغريزة الجنسية في هذه الفترة كالنار المستورة بالرماد ، أما في دور البلوغ فإن الرماد يتنحى وتندلع ألسنه النار.
الثالثة ـ إن قانون الخلقة يقضي بأن يكون النشاط الجنسي جامداً ومضمراً في الأعوام الواقعة بين السادسة والثانية عشرة.
هذه النقاط الثلاث مما تعترف بها المدرسة الفرويدية ، ويذعن لها سائر العلماء والباحثين. وإذا عدنا الى ما ذكرناه آنفاً من ضرورة انسجام الأساليب التربوية مع القوانين الطبيعية ، فإن أفضل المناهج التربوية في كيفية توجيه الغريزة الجنسية في الفترة الواقعة ببين السادسة والثانية عشرة هو المنهج الذي ينسجم وضمور النشاط الجنسي ، حيث تكون علاقات الحب بين الأطفال منزهة من شائبة الميل الجنسي.
وبعبارة اوضح : فإن المنهج الطبيعي في الأعوام السابقة على البلوغ يقضي بإختفاء الميل الجنسي وجموده... إذن يجب أن يكون المنهج التربوي منسجماً مع قانون الطبيعة ، ويساعد على هذا الجمود والضمور في سبيل تربية الطفل تربية صحيحة.
المنهج الإسلامي :
لقد أولى الإسلام في منهاجه التربوي عناية فائقة للفترة الواقعة بين السادسة والعاشرة من عمر الأطفال ، فقد أورد جميع التعاليم الضرورية في مراقبة الميل الجنسي واإيجاد ملكة العفة ، في خصوص هذه الفترة.
لقد راعى الإسلام في منهاجه التربوي الإنسجام الكامل بين قوانينه التشريعية والقوانين التكوينية ، وحقق بذلك الوسائل الممهدة لجمود الميل
قوانين الفطرة في تربية اطفالهم خطوة خطوة ، ويربّوا الطفل على الأسس الفطرية. فمثلاً يختلف الغذاء المناسب للطفل قبل ظهور الأسنان في فمه عنه بعد ظهورها. وعلى المربي أن يسير في أسلوب تغذية الطفل ونوع الطعام الذي يلائمه وفقاً لقانون الخلقة ، ويثبت منهاجه الغذائي على الموازين الطبعية والتكامل التدريجي للطفل. إن الرغبة في اللعب من الأمور الفطرية عند الطفل. وعلى المربي أن يجعل منهاجه التربوي منسجماً وهذا الميل الفطري فيعوّده على الألعاب السليمة والبعيدة عن الأخطار.
والغريزة الجنسية من أهم الأمور الفطرية عند الطفل. هذه الغريزة تسلك طريق تكاملها ونموها في ظل سلسلة من القوانين والقواعد الطبيعية الدقيقة ، وتمر بمراحل عديدة وفقاً لمنهاج الفطرة حتى مرحلة البلوغ.
ولكيلا يصاب الأطفال بالإنحراف الجنسي ، بل ينشأوا على العفة والنزاهة ، يجب على الآباء والأمهات أن يخضعوا أطفالهم الى رقابة واعية بواسطة منهاج تربوي سليم يتماشى والمنهاج الفطري... وبذلك يستطيعون أن يقودوهم نحو الطريق المستقيم المؤدي الى السعادة والفلاح.
« لقد بات من الأمور المتسالم عليها في الآونة الأخيرة أن النشاط الجنسي عند الأطفال يظل جامداً بين السادسة والثانية عشرة من أعمارهم ، وكما يقول علماء التحليل النفسي فإن هذه الفترة هي فترة ضمور. في هذه الفترة تحصل علاقات بين الأولاد والبنات أو بين الأطفال من جنس واحد ، قائمة على الحب ولكنها بعيدة كل البعد عن الشهوة. أما القوة الجنسية المحركة فإنها تستيقظ في مرحلة البلوغ بأقوى ما يمكن. وقيل هذه المرحلة فإن هذه النار بالرغم من وجودها ، مختفية تحت الرماد ، لكنها منذ هذه المرحلة تأخذ بالاندلاع وإبداء مظاهرها المختلفة » (1). |
____________
( 1 ) چه ميدانيم ؟ بلوغ ص 43.
الجنسي عند الأطفال في الفترة المذكورة. فقد جنّبهم عن كل عمر مثير يؤدي الى نضج النشاط الجنسي قبل أوانه ، واوجب على الأباء والأمهات اهتمامهم بإيجاد الجو المناسب لبقاء هذا النشاط مجمداً حتى يحين موعد نضجه.
وفي هذا المعنى روايات كثيرة ، نكتفي بذكر نبذة منها : ـ
1 ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « الصبي والصبي ، والصبي والصبية ، يُفرّق بينهم في المضاجع لعشر سنين » (1).
2 ـ وعن الباقر عليه السلام : « يُفرق بين الصبيان في المضاجع لِستّ سنين » (2).
3 ـ عن ابن عمر ، قال : قال النبي صلّى الله عليه وآله : « فرّقوا بين أولادكم في المضائجع إذا بلغوا سبع سنين » (3).
4 ـ وفي حديث آخر : « روي أنه يفرّق بين الصبيان في المضاجع لست سنين » (4).
5 ـ وعن الإمام موسى بن جعفر قال : « قال علي عليه السلام : مرّوا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين ، وفرّقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا أبناء عشر سنين » (5).
في هذه الأحاديث نجد أن الإسلام يساير قانون الفطرة والخلقة فيأمر بالتفريق بين مضاجع الأطفال الذين يتجاوزون الست سنوات حتى يمنع من اتصال أجسامهم بشكل مثير للغريزة الجنسية في حين أن قانون الخلقة يقضي بجمود هذه الغريزة في الفترة التي هم فيها.
____________
( 1 ) وسائل الشيعة للحر العاملي ج5|28.
( 2 ) مكارم الاخلاق للطبرسي ص 115.
( 3 ) بجار الأنوار للعلامة المجلسي ج23|114.
( 4 ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص 116.
( 5 ) مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج2|558.
6 ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « إذا بلغت الجاريةُ ستّ سنين فلا يقبّلها الغلام ، والغلام لا تقبّله المرأة إذا جاوز سبع سنين » (1).
7 ـ وعن أبي الحسن عليه السلام : « إذا أتت على الجارية ستّ سنين لم يجز أن يقبّلها رجل ليست هي بمحرم له ، ولا يضمّها إليه » (2).
8 ـ وعن الإمام الصادق عليه السلام : « إذا بلغت الجارية ستّ سنين فلا ينبغي لك أن تقبّلها » (3).
9 ـ وعنه عليه السلام ، سأله أحمد بن النعمان ، فقال : عندي جُويرية ليس بيني وبينها رحم ولها ست سنين. قال : « فلا تضعها في حجرك ولا تقبّلها » (4).
10 ـ قال علي عليه السلام : « مباشرةُ المرأة ابنتها إذا بلغت ست سنين شعبةٌ من الزنا » (5) والمقصود من المباشرة هنا مسّ عضوها الخاص.
إن التقبيل ، والمعانقة ، والتضاجع ، ومسّ العضو الخاص للطفل كل ذلك من الأمور المثيرة للميل الجنسي ، ولكي يبقى النشاط الجنسي عند الأطفال من السادسة فما فوق مجمداً ، أوصى الإسلام بالحذر عن القيام بتلك الأمور.
المناظرة المثيرة :
لقد اهتم الإسلام كثيراً بمنع الكبار من القيام بما من شأنه إثارة الميل الجنسي عند الأطفال وفي هذا يقول القرآن الكريم :
____________
( 1 ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص 115.
( 2 ) وسائل الشيعة لحر العاملي ج5| 28.
( 3 ) وسائل الشيعة للحر العاملي ج5|28.
( 4 ) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج23|114.
( 5 ) مكارم الاخلاق للطبرسي ص 115.
1 ـ ( يا أيّها الذين آمنوا ، ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات : من قبل صلاة الفجر ، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، ومن بعد صلاة العشاء ، ثلاث عورات لكم ) (1) .
إن الله تعالى يأمر المسلمين في هذه الآية الكريمة بضرورة استئذان عبيدهم وأطفالهم غير البالغين عليهم قبل دخول الغرفة في ثلاث أوقات هي : قبل النهوض لصلاة الصبح ، وعند الظهر حيث يتخفف الإنسان من ملابسه ، وبعد صلاة العشاء حيث يستعد للنوم. فهذه الأوقات الثلاثة عورة للمسلمين ، ولا يجوز للاطفال الدخول على أبويهم فيها لأنهم في الغالب متخففون عن ملابسهم ، وقد يكونون عراة.
2 ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « والذي نفسي بيده لو أن رجلاً غشي أمرأته وفي البيت صبي مستيقظ يراهما ويسمع كلامه ونفسهما ما فلح أبدا ، إن كان علاماً كان زانياً أو جاريةً كانت زانية » (2).
3 ـ وعن الإمام الصادق عليه السلام : « لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبي ، فإنه ذلك مما يورث الزنا » (3).
4 ـ وعن الإمام الباقر عليه السلام : « إيّاك والجماع حيث يراك صبي بان يحسن أن يصف حالك » (4).
لقد أوصى الإسلام في منهاجه التربوي الآباء والامهات بالامتناع عن إثارة الغريزة الجنسية عند الأطفال بالمناظر المهيجة والعبارات المشينة ، ويهدف من وراء ذلك كله الى مسايرة قانون الفطرة وضمور الميل الجنسي عند الأطفال حتى يحين وقت نصوجه. وقد عرفنا أن المنهج التربوي الصحيح هو الذي يساير الفطرة في قوانينها ، ويساعد على ابقاء الميل الجنسي عند الأطفال محمداً
____________
( 1 ) سورة 24 : 58.
( 2 ) وسائل الشيعة للحر العاملي ج5|16.
( 3 ) وسائل الشيعة للحر العاملي ج5|16.
( 4 ) وسائل الشيعة للحر العاملي ج5|16.
ومستوراً. وقد روعي هذا الأمر في الروايات المتقدمة مراعاة تامة. فقد أمر الأئمة عليهم السلام المسلمين ببذل مزيد من الدقة في مرقبة أوضاع أطفالهم ، وإيجاد العوامل المساعدة لبقاء الميل الجنسي مضمراً عندهم والحذر عما من شأنه إثارة الشهوة فيهم.
هذا الدور لا يستطيع القيام به إلا الآباء والأمهات العفيفون الذين يحذرون من القيام بالأعمال المنافيه للنزاهة في أقوالهم وأفعالهم ، في حضور الأطفال أو غيابهم.
جزاء التخلف :
إن جميع السنن الكونية والقوانين الطبيعية في العالم قائمة على أساس الحكمة والمصلحة ، وإن التخلّف عن كل منها والخروج عليها يتضمن نتائج وخيمة ، ويستتبع جزاءً معيناً.
وضمور الميل الجنسي عند الأطفال في الأعوام السابقة على البلوغ ، من القوانين الإلهية الحكيمة المودعة في نظام الخلقة. إن قوى الطفل تستغل الفرصة في أيام ضمور الميل الجنسي ، فتعمل على تنمية جميع الأنسجة والأعضاء بصورة جيدة ، وتبلغ بالطفل الى النمو المناسب ، والكمال اللائق له. وبذلك تعدّه لتقبل البلوغ. وعند تظهر الغريزة الجنسية من خلف الستار ، وتندلع نيران الشهوة من تحت الرماد يكون جسد الطفل قد استكمل بناءه ، واستعد لتقبل هذا التحول مع توفر جميع الشروط المناسبة. عندئذ يطوي مرحلة الطفولة دون أي خطر ومع أسلم وضع طبيعي ، ويصل الى المرحلة الثانية من حياته وهي مرحلة البلوغ.
النضج الجنسي السابق لأوانه :
لو لم ينفذ قانون تجميد الميل الجنسي عند الأطفال بدقة ، ونشطت عوامل البلوغ ـ على أثر ذلك ـ قبل موعدها المقرر ، فأدت الى النضج الجنسي
السابق لأوانه ، كان ذلك داعياً لنشوء العوارض الوخيمة والآثار السيئة على روح الطفل وجسمه.
إن البلوغ المبكر والعوارض الناشئة من ذلك من أولى الآثار السيئة لهذه الحالة. ولكي يتضح هذا الموضوع الى درجة ما ، ويحص المستمعون الكرام على معلومات أوسع في هذا الصدد استعرض لكم بعض الأمور المبسطة من كتب العلماء حول نمو الطفل واستعداد أنسجته وأعضائه للبلوغ.
إن الطفل المتولد حديثاً عبارة عن مجموعة من الأعضاء والجوارح المختلفة. وإن أعضاء الجسم المختلفة عبارة عن مجموعة من الانسجة المتميزة المتكونة من ذرات صغار. يتميز كل نسيج بصفات خاصة ، اجتمعت فيما بينها تحت ظروف معينة وكونت عضواً من الأعضاء. إذن فالطفل المتولد حديثاً أو أي موجود حي في العالم عبارة عن مجموعة من الأنسجة والذرات الحية. إن العلم الحديث يسمي تلك الذرات الصغار بإسم ( الخلايا ) ، وان نمو الجسم يعود الى تكاثر الخلايا.
« في كل لحظة من حياة الإنسان تتكون خلايا جديدة في جسمه وتندثر الخلايا المرهقة ، ولما كان هذان العملان يحدثان معاً فإن إزدياد الخلايا الجديدة على الخلايا المندثرة يعني نمو الجسم. ينمو الجسم منذ بداية حياته حتى بداية العقد الثالث بسبب من ازدياد الخلايا ، ولكن منذ العقد الثاني تبدأ الخلايا الحادثة بالتساوي مع الخلايا المندثرة ولهذا فإن النمو يتوقف تقريباً. أما عندما يبدأ دور الشيخوخة فإن عدد الخلايا الحادثة يأخذ بالهبوط ، في حين يبقى عدد الخلايا المندثرة ثابتاً ، ولذلك فإن الخلايا تأخذ بالتناقص في أجسام الشيوخ أي أن أجسامهم تأخذ بالتقهقر والإنحطاط. إن الجسم يحتاج الى المواد الأولية في بناء الخلايا ، والمواد الأولية عبارة عن السكر ، والدسم ، والبروتين الذي يدخل الجسم بصورة |
غذاء ويصبح بعد تغييرات كثيرة بشكل ذرات صغيرة تُمتص وتقع في متناول الخلايا » (1) . |
النمو في الأعوام المختلفة :
إن من أدق آيات الله في بناء الإنسان ، النظام العجيب الذي ينطوي عليه صنع الخلايا. فمنذ دخول الغذاء الى المعدة وشروع الجهاز الهضمي في العمل الى حين تحول الى موجود حي باسم الخلية ، يطوي مراحل عديدة ، ويتدرج في تفاعلات متلاحقة حتى يأخذ الصورة النهائية.
« عندما تتوفر جميع الوسائل اللازمة ، فإن كل خلية تصنع المقدار الكافي من المواد الضرورية في داخلها ، وعندما تصبح هذه المواد كافية لإنعاش خليتين تنقسم الخلية الواحدة الى شطرين ، وبهذا تتولد خلية جديدة ». « إن الجهاز الوحيد الذي يستثنى من هذا القانون ، هو الجهاز العصبي. ذلك لأن الطفل يتولد مع الجموعة الكاملة للخلايا العصبية ولا يصنع في جميع أدوار حياته حتى خلية عصبية أو مخية واحدة... ولذلك فإن اندثار هذه الخلايا على أثر مرض أو صدمة لا يمكن أن يتدارك. بالرغم من ذلك كله فإن دماغ الطفل ينمو من دون إزدياد في عدد الخلايا ، وإن هذا العمل يحدث بسرعة فائقة جداً في الأعوام الثلاثة الأولى من حياته بحيث يمكن القول بأن 95/ من النمو الدماغي للانسان يحصل في السنة الثالثة من عمره » (1). |
____________
( 1 ) هورمونها ص 8.
( 2 ) هورمونها ص 11.
يختلف الرشد الطبيعي للأقسام المختلفة من بدن الطفل في الأعوام الأولى من ولادته ، والأعوام السابقة على البلوغ ، والأعوام اللاحقة له.. وكذلك عدد دقات القلب وسرعة التنفس فإن ذلك كله يختلف بحسب عمر الفرد.
« ينمو الطفل في البداية بسرعة كبيرة. فإن طوله في الفترة بين ولادته وبلوغه الخمس سنين يزداد بمقدار الضعف. وبعد ذلك تأخذ سرعة النمو بالتناقص حسب الخطوط البيانية التي توضح ذلك حيث تبلغ الحد الأدنى في السنة العاشرة تقريباً. ثم يبدأ النمو من جديد حيث يبدأ الأولاد في السنة الثانية عشرة والبنات قبل ذلك بعام واحد. إن طول الشخص يزداد في مرحلة البلوغ من عشرين الى خمس وعشرين سنتمتراً ، وهذا المقدار ليس كثيراً بالنسبة الى مجموع نمو الإنسان ، لكنه لما كان يحدث بسرعة وربما كان ذلك فجأة فإنه يبعث على الإستغراب والتعجب » (1). « إن الأعضاء الداخلية للجسم تنمو بهذه الصورة أيضاً ، ويبلغ اكثرها الحد الأعلى من الزيادة في الوزن في مرحلة البلوغ. إن حصة القلب من هذا النمو كبيرة نسبياً ، إذ أن حجمه يزداد بنسبة الضعف بين الثانية عشرة والسادسة عشرة ، هذا الازدياد في الحجم يتناسب طردياً ومرونة الأوردة والشرايين ». « تتغير المظاهر المهمة الأخرى للحياة أيضاً ، ولكن التغير الحاصل فيها يكون أبطأ ، فمثلاً تكون دقات القلب في مرحلة الطفولة 135 في الدقيقة الواحدة ، وفي دور المراهقة تتناقض إلى 90 في الدقيقة ، ثم تتناقص إلى 75 عند الذكور و80 عند الإناث. ولهذا فإن تنفس البالغين أهدأ من تنفس |
____________
( 1 ) جه ميدانيم ؟ بلوغ ص 23.
الأطفال ، في حين أن حجم التنفس الذي يقاس بواسطة جهاز خاص لذلك والذي يعدّ من العلائم المهمة للنشاط الحيوي ، يزداد بنسبة كبيرة فيما بين الرابعة عشرة والسادسة عشرة » (1). |
قال علي ( ع ) : اعدى عدو للمرء غضبه وشهوته ، فمن ملكهما عظمت درجته وبلغ غايته (2).
الغدد الداخلية والهورمونات :
تشكل الغدد الداخلية والهرمونات التي تفرز في الدم فصلاً مهماً من فصول علم الأحياء في نظر العلماء المعاصرين. ذلك أن نشاط الهورمونات معقد ومهم للغاية من الناحية العلمية. فهي تعلب دوراً كبيراً في أساس نمو جسم الطفل ، وفي موضوع البلوغ أيضاً.
« لقد أثبتت البحوث الجديدة لعلماء الأحياء أن الغدد الداخلية تلعب دولاً مهماً في نمو أعضاء الجسم بواسطة الهورومونات التي تفرزها ، وإن تأثيرها كبير الى درجة أن ( باند ) قد صنف الأشخاص في دور البلوغ حسب علم معرفة الغدد. وأهم هذه الغدد هي غدة الهيبوفير والثايروئيد والغدد التناسلية ، والغدد فوق الكلوية ». « تؤثر بعض الهورمونات في نمو الجسم ، ويؤثر البعض الآخر في نمو الجهاد التناسلي. وإذا صح لنا تسمية المواد الكيمياوية المختلفة التي توجد في الجسم بمقادير ضئيلة بإسم التيار ، فيجب أن نقول أن هذه الهورمونات تعمل في تيارين مختلفين ولكنهما يلتقيان في النهاية ، خصوصاً بالنسبة اإلى مسألة إزدياد طول الجسم فإنها حصيل تأثير غدد الثايروئيد والهيبوفيز ، عند ذاك تأخذ عملية النمو في الجسم بالتباطؤ بالتدريج ، وتبدأ |
____________
( 1 ) جه ميدانيم ؟ بلوغ 25.
( 2 ) غرر الحكم : 203.