تدارك الفشل

البريد الإلكتروني طباعة

كتاب الطفل بين الوراثة والتربية القسم الثاني ص 300 ـ ص 320


قبل العرب وغيرهم إلى شعورهم بالحقارة والضعة. إنهم كانوا لا يرغبون في الخضوع للنبي والإنقياد لحكمه من جهة ، ومن جهة أخرى فإنهم كانوا لا يتسطيعون الإستمرار على الحياة في قبال قدرة المسلمين المتعاظمة... فاضطروا إلى اعتناق الإسلام في الظاهر ، لكنهم كانوا في الباطن يضمرون أشدّ الحقد والعداء له :
لقد عبر القرآن الكريم عن هؤلاء بـ ( المنافقين ). إن النفاق بصورة عامة دليل على الضعف والحقارة الموجودة في باطن الشخص.
قال علي عليه السلام : « نفاق المرء من ذلّ يجده في نفسه » (2).
إن المنافقين الذين كانوا يحترقون في نار الحقارة كان عليهم أن ينتقموا لتدارك الإنهيارات الباطنية. فعندما يئسوا من قتل النبي ( ص ) وتحطيم قوة المسلمين لجأوا إلى الوسائل الأخرى. إن الإستهزاء والسخرية والطعن والإهانة أحد وسائل الإنتقام. فأخذ المنافقون بالإستهزاء من المسلمين بصورة علنية كلما قدروا على ذلك. أما عندما كانوا لا يجرأون على الإستهزاء علناً فإنهم كانوا يجتمعون فيما بينهم ويحاولون تبرير مواقفهم بأنهم يسخرون من المسلمين... ( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ، وإذا خلوا الى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن ) (1).

تدارك الفشل :

يحاول الطفل الذي وقع موقع السخرية والإهمال أن يتدارك الفشل الذي لاقاه ، فيظهر شخصيته مستغلاً فرصة وجود الضيوف فيثأر لكرامته. عندما تكون الأم خائضة في حديث مع الضيوف دون اعتناء الى الطفل ، فإنه يشاغب ، يحطم الأبواب ، يكسر النوافذ ، يصبح ويبكي ، يتكلم بعبارات تافهة لا معنى لها... كل ذلك لكي يحول دون سماع
____________
( 1 ) غرر الحكم ودرر الكلم للأمدي ص 777.
( 2 ) سورة البقرة : 14.


 

( 302 )


الضيوف لكلام أمه ، ويقطع حديثهم. إنه يريد جلب إنتباه الآخرين إلى نفسه بهه الأعمال ، إنه مسرور لقدرته على كشف شخصيته ، ويتلذذ كثيراً على نجاحه.
كذلك الكبار فإنهم يقدمون على هذه الأفعال الصبيانية في بعض الأحيان لغرض الإنتقام. كثيراً ما يصادف أن شاباً يتعلق قلبه بحب فتاة ويخطبها من أهلها ، لكن الفتاة لا تراه كفواً لها لجهات عديدة فتحتقره بردّ خطبته. يفكر الشاب الفاشل في تدارك الحقارة ، ويعمد الى الإنتقام والثأر لكرامته. قد يقوم بعضهم ليلة زفاف الفتاة بإحداث ضجيج وصخب ، أو يحطم المصابيح ويكسر النوافذ ، أو يقوم بأعمال تخريبية أخرى بغية تبرير فشله وإرضاء ضميره المندحر.
هذا السلوك يشابه تماماً سلوك الكفار المندحرين في صدر الإسلام ، إذ قاموا بأعمال صبيانية تافهة بغية الإنتقام من الرسول الأعظم ( ص ) ، ليتداركوا بذلك حقارتهم الباطنية ، فكانوا يثيرون الشغب واللغط عند قراءة النبي القرآن.
( وقال الذين كفروا : لا تسمعوا لهذا القرآن ، والغوا فيه لعلكم تغلبون ) لقد كانت قراءه القرآن من أعطم الوسائل لنشر الدعوة الإسلامية. فندما كان ينتشر اللحن البديع للنبي صلّى الله عليه وآله عند قراءة القرآن في الفضاء ، كان الناس يستمعون بكل رغبة وشوق إلى ذلك الصوت العذب ، وكانت تبهرهم ألفاظ ذلك الكتاب السماوي ومعانيه. أما الكفار الذين كان يتألمون من تقدم الإسلام وكان ذلك يبعث الحقارة والذلة في نفوسهم فإنهم كانوا يوصون أصحابهم بأحداث اللغط والصخب عند قراءة النبي ( ص ) للقرآن ، وكانوا يأمرونهم باللغو والشغب... حتى تختلط اصواتهم بصوت النبي فيستطيعوا بذلك من الغلبة على دين الله.

النقد اللاذع :

إن توجيه النقد اللاذع الى الآخرين وسيلة اخرى من الوسائل التي


 

( 303 )


يستخدمها المندحرون والمصابون بعقدة الحقارة لغرض الإنتقام وتدارك الحقارة التي هم عليها :
ولنعترف سلفاً بأن النقد (1) يعتبر من أفضل وأهم وسائل التكامل الفردي والإجتماعي. أذ لا شك في أن الأمة التي يستطيع الأفراد فيها توجيه النقد المفيد الى الآخرين وتذكيرهم على نواقصهم وعيوبهم ، سالكة طريق التقدم والتكامل.
قال الإمام الصادق عليه السلام : « أحب إخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي » (2).
وللإمام موسى بن جعفر عليه السلام حديث حول تقسيم ساعات الليل والنهار ، يقول فيه : « وساعة لمعاضرة الإخوان والثقات الذين يعرفونكم عيوبكم ويخلصون لكمن في الباطن » (3).
يعتبر موضوع النقد من المسائل الإجتماعية المهمة التي لسنا بصددها الآن. إلا أننا نريد القول بأن الأفراد يتخذون من هذا العامل الكبير المؤدي الى السعادة ، حربة للإنتقام وسلاحاً لحل عقدة الحقارة من ضمائرهم وهذا أمر شائع بين الأفراد ، أطفالاً وشباباً ، وشيوخاً...
لنتصور طفلاً ضعيفاً يلعب مع عدة أطفال أقوياء ونشطين. إنه يفشل في اللعب بسبب من ضعفه أو نقصه العضوي أو تكاسله ، وبذلك يشعر
____________
( 1 ) لا بد من الأشارة هنا الى أن النقد نوعان : بناء وهدّام.
أ ـ النقد البنّاء : هو الذي يهدف الى تدارك النواقص الموجودة في سلوك الآخرين ، حتى تتآزر القوى الإجتماعية في بناء الشخصيات المتكاملة. وهذا هو الممدوح ، والمقصود من أنه أحد وسائل التكامل الفردي والإجتماعي.
ب ـ النقد الهدام : وهو الذي يهدف الى تتبع نقائص الآخرين لغرض السخرية منهم ، أو التندر بأفعالهم. وهذا مذمون بلا شك وهو المقصود بكونه أحد وسائل الإنتقام لتدارك الحقارة.
( 2 ) تحف العقول عن ال الرسول ص 409.
( 4 ) تحف العقول عن آل الرسول ص 366.


 

( 304 )


بالحقارة في نفسه فينزوي عنهم ويترك اللعب. ولكن حين يسأله أبوه أو باقي أفراد الأسرة عن سبب تركه اللعب معهم فإنه يجيب بأنهم سيئو الأخلاق... يتكلمون بكلمات بذئية... يغمطون حقي... وبصورة موجزة فإنه ينتقدهم ويجبر بذلك فشله وإنهياره.
كذلك التلميذ الذي لم يجهد نفسه في الدراسة ، والذي يعجز على أثر ذلك من الإجابة على الأسئلة التحريرية أو الشفوية للمعلم ، يحصل على درجة واطئة فيندحر أمام زملائه ويشعر بالحقارة والدونية ، يأتي الى البيت باكياً ويقول لأمه : سوف لن أذهب الى هذه المدرسة. وعندما يُسأل عن السبب يقول : أن المعلم يتصعب كثيراً ، ويتعمد إيذائي... له عداء شخصي معي. إن التلميذ يستر فشله بهذه الكلمات المشوبة بالنقد اللاذع الباطل.
شاب متفرغ من الدراسة الإعدادية يقدم على الجامعة ، ويشترك في امتحان القبول ولكنه بالنظر الى انخفاض مستواه العلمي يجيب على بعض أمام زملائه وأصدقائه وأقاربه فيشعر بالحقارة ولكنه لا يرضى بالإعتراف بإنخفاض مستواه العلمي ، فيبدأ بالإنتقاد لتدارك الإنهيار النفسي. يقول : لا توجد مقاييس في بلادنا ، إن التقدم منوط بالوسائط ، والرشوة... الخ وأنا لا أملك صديقا ولا واسطة فمن البديهي أن أرسب. وبهذه الكلمات التافهة يخفي حقارته وينتقم من الأشخاص الذين تسببوا في منعه من الدخول في الجامعة.
كذلك ألرجل الكاسب الذي كان توقيعه معتبراً في البنوك ، وكان يشتري البضائع والأجناس من المتاجر بأجل ، عندما تضطرب أحواله المادية وتسقط كمبيالاته عن الاعتبار يمتنع التجار من بيعه البضاعة الى أجل. وهذا يؤدي الى تحطيم شخصيته ، فيشعر بالحقارة ويحاول الإنتقام. فيبحث عن عيوب التاجر الذي سلب الثقة عنه. إنه يقول عنه : إنه متجاوز ، إنه يأكل الربا أضعافاً مضاعفة ، إن متجره مقر للمنحرفين والعاطلين وما شاكل ذلك من العبارات التي يحاول بها أن يتدارك الحقارة التي هو عليها.


 

( 305 )


الرقابة العامة :

النهي عن المنكر من الفرائض الإسلامية المهمة...
النهي عن المنكر عبارة عن رقابة عامة على جميع شؤون المجتمع...
النهي عن المنكر نقد بناء ونزيه يستطيع حفظ المجتمع من الإنهيار والسقوط. لكن من الشروط الأساسية للنهي عن المنكر : صفاء النفس والإستقامة عند الشخص الناهي.
لقد ورد بهذا المضمون عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : « مَن لم يتسلّخ من هواجسه ولم يتخلص من آفات نفسه وشهواتها ، ولم يهزم الشيطان ولم يدخل كنف الله وتوحيده وأمان عصمته... لا يصلح له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر » (1).
قد يتشبث بعض الأفراد الذين يظهر منهم الصلاح عندما يقعون في عقدة الحقارة بالنهي عن المنكر للإنتقام وتدارك الإنهيار الداخلي. إنهم يحاولون البحث عن عيوب الأشخاص الذين سببوا لهم هذا التحقير ، فيذكرون ذنوبهم ، وقد يوجهون اللوم والتقريع إليهم أمام ملأ من الناس ، ظانين أنهم يطيعون الله بعباراتهم المسمومة التي تنبع من الحقارة التي يئنون من ويلاتها... غالفين عن أن أساس عملهم ذاك يستند الى الشعور بالحقارة ، وأن النهي عن المنكر ليس إلا درعاً لإخفاء الرغبة في الانتقام وراءه.
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : « من أخطأ وجوهَ المطالب خذلته الحيلُ » (2).
إن تطهير القلب من تلويث الذنوب وتنزيه الضمير الباطن من السيئات الخلقية والنوايا الفاسدة ، وإتيان العمل بكل جد واخلاص لله تعالى إنما هو أعظم الذخائر للإنسان عندما يفد على خالقه... في حين أن الوصول إلى هذا الأمر المقدس أمر صعب.
____________
( 1 ) المحجة البيضاء في إحياء الاحياء للفيض الكاشاني ج4|109.
( 2 ) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج17|138.


 

( 306 )


قال علي عليه السلام : « تصفيةُ العمل أشد من العمل » (1).

رجال لا يندحرون :

إن الرجال العظماء ذوي الشخصية الرصينة لا يخسرون المعركة إذا وقعوا موقع السخرية والتحقير من قبل الآخرين ، ولا يؤدي ذلك إلى شعورهم بالحقارة والضعة... إن قلوبهم كالمحيط العظيم الذي لا تستطيع الأوساخ والقذارات أن تؤثر فيه وتكدر صفو مائه. إنهم لا ينتقمون من المحتقرين لهم أبداً.
لقد كان أبو هريرة من المعارضين لحكومة الإمام علي عليه السلام. لقد كان في الأسابيع الأولى من خلافة الإمام يجلس على مقربة من أمير المؤمنين عليه السلام ، ويتكلم بكلمات مشوبة بالتحقير في حديثه مع أصحابه. وكان يصر على أن يتكلم بصوت عالٍ جداً بحيث يسمع الإمام تلك الكلمات. لقد تألم أصحاب الإمام الذين شهدوا المنظر. وفي اليوم الثاني جاء أبو هريرة طالباً بعض الحوائج من الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فلبى جميع حوائجه.
عند ذاك عاتبه أصحابه على ذلك. فقال :
« إني لاستحيي أن يغلب جهلُه علمي ، وذنبُه عفوي ، ومسألته جودي » (2).
إن علياً ( ع ) اعظم من أن يتغلب عليه أمثال أبي هريرة بالكلمات المشوبة بالسخرية والتحقير...
إنه أجلّ من أن تؤثر فيه أحاديث الحقراء والجبناء ، وتولد في نفسه الشعور بالحقارة والضعة حتى يفكر في الإنتقام.
____________
( 1 ) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص 347.
( 2 ) بحار الأنوار للعلامة المجلسي 9|519.


 

( 307 )


إنه يغض النظر عن زّلة أبي هريرة ، ويقوم بقضاء حوائجه دون تردد. ولقد قال عليه السلام : « قلّة العفو أقبحُ العيوب. والتسرُع إلى الانتقام أعظم الذنوب » (1).
إن أسوأ رد فعل يظهره الفاشلون والمصابون بعقدة الحقارة هو الرغبة في الإنتقام ، إذ أن من الممكن أن يقوموا بذنوب عظيمة عن هذا الطريق نكتفي بما ذكرنا في توضيح هذا الموضوع ، لننتقل في ختام المحاضرة الى ردود الفعل الأخرى.

العجز حافز للتقدم :

يعتبر الشعور بالعجز والحاجة عاملاً فعلاً في الأمم النشيطة والواعية نحو التقدم والتكامل والإستمرار في النشاط. إذ لو لم ير الإنسان نفسه ضعيفاً أمام قوى الطبيعة لم يكن بمقدوره أن ينهض للكفاح ويتسبب في هذا التحول الهائل في حياة الإنسانية جمعاء !
إن عجز الإنسان تجاه الأمراض والآلام الشديدة هو الذي دفعه لاختراع علم الطب واكتشاف العقاقير المفيدة لأنواع الأمراض ، وبالتدريج وصل هذا العلم الى الدرجة التي يحتلها من الأهمية. وكذلك عجزه أمام أمواج البحر العاتية هو الذي دعاه الى صنع البواخر الضخمة القاطعة للمحيطات. إن عجزه في قبال شدة البرد أو الحر هو الذي حفز فيه عوامل الإهتمام ببناء القصور الضخمة المجهزة بوسائل التبريد أو التدفئة المركزية. كذلك اختراعه القوة الكهربائية واستخدام ذلك في الإضاعة وسائر الأغراض وليد الحاجة الملحّة التي كان يحسّ بها عند فقدان النور ليلاً... وبصورة موجزة فإن شعور الإنسان بالضعف والعجز الحقارة والحاجة أدى إلى أعظم حركة ، وسبب اكبر التحولات العلمية والصناعية في العالم.
____________
( 1 ) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص 537.


 

( 308 )


التغافل عن النقص :

هناك كثير من الأفراد الواعين يشعرون بالحقارة في أنفسهم بسبب من العيوب والعاهات العضوية التي تميزهم عن غيرهم ، لكن هذا الشعور لم يقدر على تحطيم شخصياتهم الحديدية ، ومنعهم عن النشاط والعمل... فظلوا دائبين في سيرهم نحو الكمال حتى وردوا ما كانوا يقصدون إليه وتغافلوا عن النقص الذي هم فيه ، وبذلك كشفوا عن جدارتهم وكفاءتهم لأنهم أصبحوا أعضاء نافعين في المجتمع.
يقول أمير المؤمنين : « عظّموا أقداركم بالتغافُل عن الدني من الأمور » (1).

« إن النكتة الأخرى التي تعتبر مفيدة للجميع لمقاومة الشعور بالحقارة ، وإحراز النجاح في الإتصال بالنس هي أن ننسى أنفسنا في احتكاكنا بالآخرين ، وأن نتغافل عما يعتقده الآخرون فينا والزاوية التي ينظرون منها إلينا ، فيجب أن لا نتوقع أن يجري الحديث عنا ، وعن صفاتنا وأذواقنا. بل يجب علينا أن نتحدث عن الآخرين وعما يرغبون فيه ».
« إذا تناسينا أنفسنا لحظة واحدة فقد استطعنا رفع حجاب معتم عن أعيننا ، ونرى الحياة بعد ذلك مضيئة مشرقة ، فنكتشف فضائل الآخرين ونبدأ بمدحهم عليها وتشجيعهم بالإستحسان والترغيب » (2).

إذا أصيب شاب بشعور الحقارة لعدم استواء هندامه ، فإن أفضل أسلوب لمقاومة ذلك أن يحاول الوالدان قدر المستطاع صرفه عن التفكير في ذلك النقص ، وحثّه على القيام بالأعمال المفيدة ، وحمايته بالتشجيع والتقدير. وبهذه الطريقة يمكن احتمال النجاح في هذه المهمة الى درجة كبيرة.
____________
( 1 ) تحف العقول عن آل الرسول ص 224.
( 2 ) رشد شخصيت ص 120.


 

( 309 )


الإنزواء عن المجتمع :

إن بعض الأفراد الذين يقعون في هوة الشعور بالحقارة ويتجرعون المآسي والويلات من ذلك بإستمرار ، يخسرون أنفسهم ويفقدون شخصيتهم فيقرّون من المجتمع كيلا بقعوا موقع السخرية والإستهزاء... يختارون الإنزواء ، ويتهربون من عبء المسؤوليات الإجتماعية ، وبهذا الأسلوب يتداركون فشلهم الروحي ، ويقللون من الضغط الداخلي.

« إذا أصيب شخص على أثر زّلة أو خاطرة مؤلمة بحالة مرعبة فإن نبذه حياته يمكن أن تلخص في أفكاره السلبية. وبعبارة أخرى فإن هذا بدلا من أن يتقدم نحو الكمال والإعتماد على النفس بواسطة الثبات والعزم يحاول الرجوع الى دور الفراغ والإهمال الطفولي. هذا الأسلوب يسمى في إصطلاح علماء النفس بالسير القهقرائي. لقد كان هذا الفرد في طفولته فاقداًَ لكل اختيار في القيام بأعماله ، وفارغاً من كل مسؤولية تلقى على عاتقه ولذلك فإنه كان يعيش بفكر هادىء ، والآن حيث أصيب بالخوف والشعور بالضعة والدونية فإنه يرغب في الرجوع الى حالته الأولى ».
« هذا بعينه هو التفسير المعقول للسلوك الطفولي عند كثير من الكبار ، وهو السبب في عدم بلوغ الجيل الجديد. إن فرداً كهذا لا يرغب في الرجوع الى دور الطفولة فحسب ، بل يبقى قلقاً وحائراً في مواجهة صعوبات الحياة ومشاكلها » (1).


الطفيليون :

إن الأفراد الذين يظهر ردّ الفعل لعقدة الحقارة عندهم في الإنزواء
____________
( 1 ) عقدة حقارت ص 6.


 

( 310 )


والهروب من المجتمع ، يكونون تعساء وتافهين في الغالب... إنهم طفيليون يعتمدون على غيرهم في تسيير شؤونهم المادية. في حين أن الإسلام ينقم أشد النقمة على هذه الطبقة.
ففي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ملعون معلون من ألقى كله على اناس » (1).

« يرغب كل فرد في الإتصال بالآخرين ، ويأمل في أن يكون محبوباً وناجحاً في المجتمع. أما عندما لا يتحقق هذا الأمل فإن الفرار من الناس يبدو أسهل من التوافق مع الناس ، في حين أن الحقيقة غير هذا. لأن الفرار من الناس والعجز عن الإنسجام معهم يهدىء الألم الموقت ، ولكنه لا يلبي الحاجة الغريزية والرغبة الفطرية المستقرة في أعماقنا » (2).


ألم الإنزواء :

قد يكون الألم الروحي الناشيء من الإنزواء والحرمان من معاشرة الناس أشد بكثير من ألم الشعور بالحقارة. لأن الشخص الذي ينزي عن الآخرين لجهله وضعف نفسه يتصور أنه سيصون بذلك نفسه من التحقير ، في حين أنه وقع في سجن أضيق من سجن التحقير والسخرية.
قال الإمام الصادق عليه السلام : « الرجل يجزع من الذلّ الصغير فيدخله ذلك في الذّل الكبير » (2) أي أن شدة جزعه تنقلب ذلا كبيراً.
من ردود الفعل السيئة لعقدة الحقارة عند الأشخاص حب الإنزواء عن المجتمع ، إنهم يحرمون بهذا السلوك الأهوج من النشاطات المثمرة ، ويجعلون أنفسهم طفيليين في المجتمع.
____________
( 1 ) وسائل الشيعة للحر العاملي ج5|133.
( 2 ) رشد شخصيت ص 115.
( 3 ) تحف العقول عن آل الرسول ص 366.


 

( 311 )


ليس الهروب من الناس بسبب من خوف التحقير والسخرية مختصاً بالكبار. إن الأطفال المصابين بالشعور بالحقارة قد يفضلون الإنزواء نتيجة الخوف من التحقير والسخرية. حينئذ يجب على الآباء والأمهات بذل مزيد من العناية لهؤلاء الأطفال والعمل على مقاومة الضعف الروحي الذي هم عليه. لأن الطفل في البداية يشعر بالحقارة من جانب واحد ولكي لا يحتقر من ذلك الجانب يفضل الإنزواء. ولكن هذه الحالة النفسية تترك أثرها الفعال في سائر شؤون الطفل ، وينشأ على حب الإنزواء ويفرّ من الاختلاط بالناس... وهذا بنفسه يتضمن نتائج وخيمة في مستقبلة.

يقول شاختر : « ولدّ من أقاربي كان يفضل الإنزواء دائماً... كان يمشي وحده في فرص المدرسة ، ويجول في غيوم الخيال وسمائه. كان يبادر بالذهاب إلى البيت فور خروجه من المدرسة ، وكان يفر من اللعب مع زملائه... لم يشترك في أية جميعة خيرية ، ولم يكن يدعو أحداً الى داره كما كان لا يذهب ضيقاً لأحد. كان يقول : أحب مكتبتي وغرفة عملي أكثر من أي شخص آخر. ولكن الحقيقة هي أن ذلك الشاب لم يكن ذا مزاج سليم ، ولكي يستر ضعفه ولا يقع موقع السخرية والتحقير كان يحذر من اللعب... وبالتدريج فإن هذه العادة جعلت منه إنساناً منزواً في جميع المناسبات الأخرى ».
« لو كان ذلك الولد يفهم مرضه أو أنه كان يستشير الطبيب النفسي في ذلك كان يعلم أن من الممكن أن يقوي عضلاته النفسي في ذلك كان يعلم أن من الممكن أن يقوي عضلاته وجسمه ، ولو كان فاقداً للإستعداد في بعض الألعاب الجمسانية بصورة مطلقة فإنه لا بد وأن يكون على استعداد تام للنجاح في فرع آخر بفضل سعيه وإجتهاده » (1).

____________
( 1 ) رشد شخصيت ص 116.


 

( 312 )


إشاعة عيوب الناس :

المظهر الآخر من ردود الفعل لعقدة الحقارة ، الرغبة في نشر عيوب الآخرين وإشاعتها. إن الأشخاص الذين يشعرون بالضعف والحقارة من جانب ويتألمون في باطنهم من هذا الشعور ، يبحثون عن عيوب الآخرين دائماً ويتحدثون عن نقائص غيرهم ، وإذا ذكر تلك العيوب غيرهم فإنهم يفرحون لذلك كثيراً.
قال علي عليه السلام : « ذوُوا العيوب إشاعة معايب الناس ، ليتسعَ لهم العذرُ في معايبهم » (1).
إن الطالب الذي رسب في الإمتحان على أثر التكاسل والتماهل في الدراسة لا يرضى بذكر أسماء الناجحين ، ومدحهم على نشاطهم العلمي. إنه يسعى للحصول على أسماء الراسبين ، ويحاول الإكثار من الحديث عنهم. حتى يخفف من شدة الشعور بالحقارة من جانب ، ويقلّل من سيل اللوم والعقاب المتوجه نحوه من والديه وأقاربه من جانب آخر.
كذلك التاجر الذي أصيب بعجز مالي ، ولم يستطع الوفاء بالتزاماته يشعر بالحقارة. ولكي يقلل من تأمله الروحي الى درجة ما ، يعمد الى إبعاد التهمة عن مجالها الضيق فيشرك أسماء التجار الآخرين الذين هم على شرف الإنهيار أيضاً ، ويرغب في أنتشار أخبارهم حتى لا ينحصر سيل النقد والعتاب عليه وحده.

تخدير الأحاسيس :

هناك مظهر آخر لردّ الفعل تجاه عقدة الحقارة ، هو إقدام البعض على
____________
( 1 ) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص 407.


 

( 313 )


الخمرة والمواد المخدرة. ومن المؤسف أن كثيراً من سكان العالم المصابون بهذا الداء الوبيل.
إن الشخص الذي يشكو من أحد أعضائه ويتألم لذلك كثيراً ، يمكن إنقاذه من ذلك باحد طريقين : علاج المرض ، وتهدئة الألم بواسطة العقاقير المسكنة والمخدرة. إن المريض يرتاح في كلتا الصورتين مع فارق كبير هو أنه في الصورة الأولى يكون قد تخلص من المرض تماماً ، أما في الصورة الثانية فإن المرض لا يزال على حاله ، غاية ما هناك أن المريض لا يشعر به.
وعقدة الحقارة مرض روحي يؤلم صاحبه ويقض عليه مضجعه. وبالإمكان إنقاذ المصاب بذلك بأحد طريقين : ـ
أحدهما ـ حل العقدة النفسية.
والثانية ـ تخدير الأحاسيس.
إن المصاب بعقدة الحقارة يتخلص من الإضطراب والألم في كلتا الصورتين ، مع فارق عضيم هو أنه في الصورة الأولى يكون قد تخلص من هذه العقدة تماماً ، بينما لا تزال العقدة موجودة في الصورة الثانية لكن المصاب لا يشعر بها.
قد يلجأ العاجزون عن علاج عقدهم النفسية الى الخمرة والمواد المخدرة الأخرى لكي يستريحوا من عناء الألم لبضع ساعات ويتخلصوا من وطأة الإضطراب والقلق... ولكن ما ان يزول أثر السكر يعود الألم والشعور بالحقارة الى صاحبه ، مخيماً ، ومضيقاً الخناق عليه.

« لما كان كل ألم معلولا لإدراك معين فيجب العمل على إزالة العلل الروحية والجسمية التي توجب ذلك الإدراك أو إضعافها. ولذلك فإن أولى الوسائل التي تستخدم في هذا السبيل عبارة عن المواد الكحولية والعقاقير المخدرة ».
« يجب أن نعلم بأن الإستمرار في تناول المخدرات يقلل من تأثيرها بالتدريج ، بحيث لا تنتج الحساسية المطلوبة بعد

 

( 314 )

 

ذلك ، بل قد تؤدي هي الى الآلام والاضطرابات المختلفة ، وتشرع من السير العادي نحود الفناء » (1).
« عندما نتعمق في هذه القضايا من وجهة نظر علم النفس نجد أن هؤلاء الأفراد فاقدون للإعتماد على النفس. ومن البديهي أن الشخص الذي عرف نفسه واطلع على الاستعدادات الباطنية المودعة عنده لا يرضى بأن يكون في عداد هؤلاء. إن هؤلاء التعساء اصطدموا بموانع في حياتهم الإجتماعية وأصيبوا باليأس. وبدلا من أن يلتمسوا الطريق الصحيح في حل المشاكل ومقاومتها نجدهم يلجأون الى المواد الكحولية والخدرة ، والقمار ونحو ذلك... وهم يريدون أن ينسبوا عقدهم الروحية وبعبارة أخرى فإن هؤلاء غير مستعدين للكفاح في ساحة الحياة فيفرون بكل جبن » (2).

وهكذا نجد أن الإنتقام ، والنقد اللاذع ، والإنزواء ، والبحث عن عيوب الآخرين لاشاعتها ، وتناول الخمر... والأعمال المشاهبة لذلك ، ردود فعل يظهرها المصابون بعقدة الحقارة بغية تدارك ما هم عليه من النقص والضعة وإقناع أنفسهم بتبرير فشلهم. ولكن شيئاً من ذلك لا يحل العقدة النفسية ، ولا يعالج الداء علاجاً قطعياً ، مضافاً إلى أنه يتضمن أضراراً مادية ومعنوية للإنسان.

أفضل طرق المقاومة :

إن أفضل الطرق لمعالجة الشعور بالحقارة أن لا يندحر الإنسان أمامه ولا يخسر شخصيته ، بل يحاول التغافل عنه قدر الإمكان وأن يفكر بهدوء
____________
( 1 ) انديشه€هاي فرويد ص 108.
( 2 ) عقده حقارت ص 33.


 

( 315 )


ويجدّ لتنمية مواهبه واستغلالها حتى يبرز في جانب معين مفيد للمجتمع ، ويعيش حياة ملؤها العز والفخار.
هناك أفراد ذوو عاهات عضوية كثيرون ، تناسوا النقص الذي فيهم وعملوا في سبيل تحقيق غاياتهم بكل جد وإخلاص ، وذلك في ظل العلم والثقافة ، والجهد والنشاط وتوصلوا الى منازل رفيعة ودرجات سامية.
قال علي عليه السلام : « بالتّعب الشديد تدرك الدرجات الرفيعة والراحة الدائمة » (1).
____________
( 1 ) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص 338.


 

( 316 )

 


 

( 317 )

 

 

المحاضرة الثامنة والعشرون

الأساس النفسي للتكبير

قال الله تعالى في كتابه الحكيم : ( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً ، إن الله لا يحبُ كل مختال فخور ) (1).

التكبير :

مر ردود الفعل التي تظهر عند المصابين بعقدة الحقارة لغرض إخفاء الفشل والإخفاق : التكبر. هذه الصفة الذميمة في نظر العلم والدين تعتبر من السيئات الخلقية الكبيرة ، وتعدّ من الأمراض النفسية الخطيرة. إن الرجال المتكبرين محتقرون في أنظارالناس ، معذبون عند الله تعالى.
قال الإمام الصادق عليه السلام : « الكبر رداء الله. فمن نازع الله عز وجل رداءه لم يزده الله إلا سفالا » (2).
إن أساس هذه الصفة الذميمة هو نوع من الحقارة التي يشعر بها المتكبر في ضميره ، والذي يؤلمه ويقلقه دائماً. إنه يحاول أن يخفي حقارته الباطنية بالتظاهر بالكبر ، وبهذه الطريقة يقنع نفسه ، ويخفف من فشله.
____________
( 1 ) سورة 31/18.
( 2 ) الكافي لثقة الإسلام الكليني ج2|309.


 

( 318 )


عن الإمام الصادق عليه السلام : « ما من رجل تكبّر أو تجبّر إلا لذلةٍ وجدها في نفسه » (1).
وعنه عليه السلام : « ما من أحد يتيه إلا من ذلّة يجدها في نفسه » (2).
قد يبدو لأول وهلة بأن أساس التكبر هو الشعور بالعظمة. أي أن الإنسان عندما يرى نفسه عظيماً ، ويحس بالكبر والعلو في نفسه يتكبر ويستعلي على غيره. لكن هاتين الروايتين تذكران عكس ذلك تماماً. فقد وجدنا أن الإمام عليه السلام يذكر الأساس الوحيد للتكبر ـ بهيئة الأستنئناف المتعقب للنفي ـ عبارة عن الشعور بالذلة في نفس الشخص. وكذلك يعترف العلماء المعاصرون بأن التكبر من الوجهة النفسية ناشيء من عقدة الحقارة. ولتوضيح معنى الحديثين ، وتحليل الحالة النفسية للمصابين بالتكبر لا بد من إلمامه مبسطة بذلك.

التوقعات المعقولة :

لكل فرد من أي طبقة كان وفي أي مقام حلّ قيمة معينة ومنزلة محدودة ، يعرفه المجتمع بذلك المقدار ولا يوافق على احترامه اكثر من استحقاقه. أما الأشخاص الذين عرفوا حدود أنفسهم وينتظرون الإحترام من المجتمع بمقدار كفاءتهم وجدارتهم فإن الناس يقيمون وزناً لتوقعهم ذاك بكل رحابة صدر ، ويقدّرونب شعورهم فيحترمونهم بذلك المقدار.
قال علي عليه السلام : « من وقف عند قدره اكرمه الناس » (3).
أما الأفراد المتواضعون ، الذين يحمّلون المجتمع أقل من القيمة الواقعية
____________
( 1 ) الكافي لثقة الإسلام الكليني ج2|312.
( 2 ) نفس المصدر.
( 3 ) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص 668.


 

( 319 )


التي هم عليها فإن موقف الناس تجاه تواضعهم ذاك يكون بإحترامهم اكثر مما يستحقون.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « إن التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة. فتواضعوا رحمكم الله » (1).

التجاوز عن الحد :

أما الأفراد الذين يرغبون بدافع من الإثرة والأنانية أن يحمّلوا المجتمع أضعاف ما هن عليه من القيمة الحقيقية ، والذين لم يعرفوا حدودهم الواقعية فيدفعهم ذلك ا لى أن يروا أنفسهم فوق الجميع ، ويتوقعوا المزيد من الشكر والتقدير والإحترام من الناس... فإنهم غافلون عن أن الناس ليسوا يهملون توقعاتهم الفارغة هذه فحسب ، بل يستهزؤن بهم ويحتقرونهم بسبب من نكيرهم وأنانيتهم.
قال علي عليه السلام : « من تعدّى حدّه أهانه الناس » (2).
إن الأناني الذي يرى المجتمع أن قيمته الحقيقية خمس درجات ، ويعتقد هو خطأ بأن قيمته خمسون درجة يستطيع للإستمرار في علاقاته مع الناس أن يسلك أحد طريقين : ـ
الأول ـ أن يعترف بقيمته الواقعية التي هي عبارة عن خمس درجات ، ويغض النظر عن توقعاته الفارغة ، وينصرف عنها تماماً.
الثاني ـ أن يستمر في غيّه ، ويصرّ على خطأه فيتصور أن قيمته الحقيقية عبارة عن خمسين درجة.
في الصورة الأولى سيتغير موقف الناس تجاهه ويصبح اعتيادياً تماماً ،
____________
( 1 ) مجموعه ورام ج1|201.
( 2 ) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص 668.


 

( 320 )


وتعود العلاقات بينه وبين الآخرين على اساس الاحترام المتبادل ، لأن مرضه النفسي قد عولج ، وانصرف الأناني المتكبر عن غيه ، وأخذ يعترف بقيمته الواقعية فلا ينتظر من المجتمع توقعات فارغة. والناس أيضاً سيسلكون معه حسب الواجبات الإنسانية ، ويحترمونه بالمقدار الذي يستحقه.
أما الصورة الثانية فإنها تؤدي الى نشوء عقدة الحقارة ، وظهور صفة التكبر فيه. إن الأناني المخدوع ينتظر من الناس أن يستسلموا لأوهامه التافهة ويحترموه بمقدار خمسين درجة. أما الناس فإنهم لما كانوا يرون أن قيمته الحقيقية التسامح معه في هذا المجال. إن إهمال الأفراد تجاة توقعاته الفارغة يؤدي الى إهانته وتحقيره ، وعلى أثر ذلك فإنه يواجه أولى الضربات الروحية القاصمة. إنه يشعر بالإضطراب وعدم الإرتياح في نفسه من هذا التحقير ، ويظن أن الناس لم يعرفوا قدره وغمطوا حقوقه فيأخذ بالتصريح بتوقعاته ويطالب الناس بتنفيذها له... في حين أنهم يضحكون لهذه الأماني والأوهام الفارغة ويسخرون منه فينال جزاء أنانيته وإثرته بذلك.
إن الإهانات وسيل السخرية والإستهزاء التي تواجه هذا الفرد تشدّد من ـ تأمله ، فيتراكم فشله وإنهياره في ضميره ، ويصاب بعقدة الحقارة في النتيجة. إنه يسيء الظن بالمجتمع ويحمل في نفسه حقداً تجاه الأفراد ، ويصبح عدّواً لمحتقريه. ولكي يتلافى ذلك يقوم بأعمال مماثلة فيحتقر المجتمع ، ويقول في نفسه : هؤلاء الأشخاص الجهلاء ، الفاشلون ، الغافلون ، المغرضون ، لا يسوون شيئا... هؤلاء الأفراد الحقراء ، الأراذل ، التافهون ليسوا بشيء ولا يستحقون احتراماً.

إحتقار الناس


إنه يؤمن بهذه الكلمات الباطلة والخيالية على أثر تكرر الإيحاءات الداخلية ، وتتركز هذه القضايا في ضميره فيحتقر الناس دائماً. ثم يصبح