1 ـ اقرار الزانية او الزاني اربع مرات ، لقول الامام (ع) : ( لا يرجم الزاني ، حتى يقر اربع مرات بالزنا اذا لم يكن شهود ، فان رجع ترك ، ولم يرجم ) (1) ، بشرط ان يكون المقر بالغاً ، عاقلاً ، مختاراً .
واذا أقر على نفسه بما يوجب الرجم ثم انكر ورجع عن اقراره سقط الرجم ، و « الاجماع [ على ذلك ] مضافاً الى النصوص المعتبرة المستفيضة التي منها قول الامام (ع) في حسنة محمد بن مسلم : من أقر على نفسه اقمت عليه [ الحد ] الا الرجم ، فانه اذا أقر على نفسه ، ثم جحد لم يرجم »(2). اما اذا اقر على نفسه بما يوجب الجلد ، ثم انكر ورجع عن اقراره لم يسقط الحد ، لقاعدة ( عدم سماع الانكار بعد الاقرار ) .
ولكن اذا تاب بعد الاقرار ، فللحاكم الشرعي الخيار بين اقامة الحد والعفو عنه . فقد جاء رجل الى أمير المؤمنين علي (ع) ، فاقر بالسرقة ، فقال له : ( أتقرأ شيئاً من القرآن ؟ قال : نعم ، سورة البقرة . قال : قد وهبت يدك لسورة البقرة . فقال الاشعث : اتعطل حداً من حدود الله ؟ فقال له الامام : وما يدريك ما هذا ؟ اذا قامت البينة فليس للامام ان يعفو ، اذا اقر الرجل على نفسه فذاك الى الامام ان شاء عفا ، ووان شاء قطع ) .
2 ـ شهادة اربعة شهود عدول ، سواء كان الزنا موجباً للرجم ، او للجلد ، لقوله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً واولئك هم الفاسقون .
____________
(1) الكافي ج7 ص219 .
(2) الجواهر ج41 ص291 .
(3) التهذيب ج10 ص129 .
إلا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا فان الله غفور رحيم ) (1) . وقول أمير المؤمنين (ع) في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا ، فقال : اين الرابع ؟ قالوا : الآن يجيء ، فقال : ( حدوا الشهود ، فليس في الحدود نظر ساعة ) (2) ، وقول الامام الصادق (ع) : ( حد الرجم ان يشهد اربعة انهم رأوه يدخل ويخرج ) (3) .
ومن الطبيعي ان يتوارد الشهود الأربعة على المشهود به من الناحية الواقعية ، بمعنى انه لابد من اتفاقهم على المشهود به زماناً ومكاناً وفعلاً . فاذا نقص عدد الشهود ، او اختلفوا في التفصيل حد الشهود على القذف .
3 ـ شهادة ثلاثة رجال وامرأتين في الزنا ، الموجب للرجم والجلد فـ « لا يكفي في البينة اقل من اربعة رجال ، او ثلاثة وامرأتين » (4) ، لقول الامام الصادق (ع) عندما سئل عن رجل فجر بامرأة ، فشهد عليه ثلاثة رجال وامرأتان ؟ ( وجب عليه الرجم ، وان شهد عليه رجلان واربع نسوة فلا تجوز شهادتهم ولا يرجم ، ولكن يضرب حد الزاني ) (5) .
4 ـ شهادة رجلين واربع نسوة ، للزنا الموجب للجلد فقط دون الرجم .
وقد روي ان امرأة حامل اتت امير المؤمين (ع) ، فقالت : اني زنيت فطهرني طهرك الله فان عذاب الدنيا ايسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع . فقال لها : مم اطهرك ؟ فقالت : اني زنيت ، فقال لها : او ذات بعل انت أم غير
____________
(1) النور : 4 ـ 5 .
(2) من لا يحضره الفقيه ج4 ص24 .
(3) الكافي ج7 ص183 .
(4) المختصر النافع للمحقق الحلي ص293 .
(5) من لا يحضره الفقيه ج4 ص16 .
ذلك ؟ فقالت : بل ذات بعل . فقال لها : افحاضر كان بعلك اذ فعلت ما فعلت ام غائباً كان عنك ؟ قالت : بل حاضراً فقال لها : انطلقي فضعي ما في بطنك ثم اتيني اطهرك . فعل ذلك اربعاً ، والمرأة تذهب وترجع وتقول له طهرني . الى أن قال : اللهم انه قد ثبت لك عليها اربع شهادات ، وانك قلت لنبيك (ص) فيما اخبرته به من دينك : يا محمد من عطل حداً من حدودي فقد عاندني وطلب بذلك مضادتي . اللهم فاني غير معطل حدودك ، ولا طالب مضادتك ولا مضيع لا حكامك ، بل مطيع لك ومتبع سنة نبيك (ص) .. الى آخر الرواية حيث امر باقامة الحد عليها (1) .
5 ـ علم الحاكم . حيث يحق للحاكم الشرعي اقامة الحد على المنحرفين اذا قبض عليهما بالجرم المشهود ، لان حكم الحاكم بعلمه « أقوى من البينة . وحينئذ فيجب على الحاكم اقامة حدود الله تعالى بعلمه كحد الزنى لان المطالب به والمستوفي له . واما حقوق الناس فتقف اقامتها على المطالبة حداً كان او تعزيراً ، كما يرشد اليه خبر الحسين بن خالد عن ابي عبد الله (ع) سمعته يقول : الواجب على الامام اذا نظر الى رجل يزني او يشرب الخمر ان يقيم عليه الحد ، ولا يحتاج الى بينة مع نظره ، لأنه أمين الله في خلقه ، واذا نظر الى رجل يسرق فالواجب عليه أن يزجره وينهاه ويمضي ويدعه . قلت : كيف ذلك ؟ قال : لأن الحق اذا كان لله فالواجب على الامام اقامته، واذا كان للناس فهو للناس » (2) .
____________
(1) الكافي ج7 ص185 .
(2) الجواهر ج41 ص366 .
ج ـ صورة الرجم والجلد :
1 ـ في صورة الرجم : يتم تغسيل المنحرف وتحنيطه والباسه الكفن ، ثم تحفر له حفرة . فاذا كان رجلاً وضع فيها الى حقويه . واذا كانت امرأة وضعت فيها الى صدرها . ثم يرمي الناس بالاحجار على الزاني او الزانية ، للنص الشريف : ( تدفن المرأة الى وسطها ، ثم يرمي الامام ، ويرمي الناس باحجار صغار ، ولا يدفن الرجل اذا رجم الا الى حقويه ) (1) . ثم يصلى عليه او عليها صلاة الميت .2 ـ في صورة الجلد : يجلد الرجل ، وهو واقف بعد أن يجرد من ثيابه ، فيما اذا وجد عارياً حين الزنا ، والا فلا . اما المرأة فتجلد وهي جالسة بكامل ثيابها . وينبغي اتقاء الوجه والفرج عند الضرب ، كما ورد في قوله (ع) : ( يضرب الرجل الحد قائماً ، والمرأة قاعدة ويضرب كل عضو ويتكرك الرأس والمذاكير ) (2) ، وقوله ايضاً ( يفرق الحد على الجسد كله ، ويتقي الفرج والوجه ، ويضرب بين الضربين ) (3) .
د ـ في بعض موارد الزنا :
1 ـ اذا اكره المنحرف ، امرأة على الزنا وجب قتله ، محصناً ، كان او غير محصن ، بالاجماع والنص . فقد سئل الامام الباقر (ع) عن رجل اغتصب امرأة فرجها ؟ قال : ( يقتل محصناً كان او غير محصن ) (4) .____________
(1) الكافي ج7 ص184 .
(2) الكافي ج7 ص183 .
(3) التهذيب ج10 ص31 .
(4) الكافي ج7 ص189 .
2 ـ واذا زنى بذات محرم نسباً ، كالام والبنت والاخت وبنت الاخ وبنت الاخت والعمة والخالة ، وجب قتله بالاجماع . وقد ورد ما يؤيد ذلك نصاً ، كقول الامام الصادق (ع) : ( من أتى ذات محرم ضرب ضربة بالسيف اخذت منه ما أخذت ) (1) .
3 ـ ويرجم المحصن او المحصنة بعد ان يثبت منهما الزنا . والمراد بالاحصان ، هو ان يكون الفرد البالغ العاقل متزوجاً بعقد دائم ، متهيأ له الوطء متى شاء ، فاذا لم يكن ذلك ممكناً لا يترتب عليه حكم الاحصان ، كما ورد في الرولاية عن معنى المحصن ) (2) ، وقوله (ع) ايضاً : ( لا يكون محصناً حتى يكون عنده امرأة يغلق عليها بابه ) (3) . والمطلقة الرجعية حكمها حكم الزوجة ما دامت في العدة . و « ان كان [ الزاني المحصن ] شيخاً او شيخة جلد ، ثم رجم ، بلا خلاف محقق معتدبه ، بل الاجماع عليه ، لرواية عبد الله بن طلحة عن الامام (ع) : اذا زنى الشيخ والعجوز جلدا ، ثم رجما عقوبة لهما ، واذا زنى النصف من الرجال [ الصغير ] رجم ولم يجلد اذا كان احصن ، واذا زنى الشاب الحدث السن جلد ، ونفي سنة من مصره . ونحوها رواية عبد الله بن سنان مضافاً الى اطلاق خبر أبي بصير المنزل على ذلك : ( الرجم حد الله الاكبر ، والجلد حد الله الاصغر ) ، فاذا زنى الرجل المحصن رجم ، ولم يجلد » (4) .
4 ـ لا تحد الحامل ، رجماً ولا جلداً حتى تضع الحمل وترضعه ان لم يكن له
____________
(1) التهذيب ج10 ص23 .
(2) الكافي ج7 ص179 .
(3) الاستبصار ج4 ص204 .
(4) الجواهر ج41 ص319 .
مرضعة ، كما جاء في الحديث النبوي الشريف ، انه (ص) قال لها : ( حتى ترضعي ما في بطنك ، فلما ولدت قال لها : اذهبي ، فارضعيه ) .
5 ـ يجب حضور الشهود والحاكم الذي حكم بالرجم . فاذا « ثبت الرجم بالبينة ، فاول من يبدأ بالرجم الشهود ثم الامام ثم الناس . وان ثبت باعترافه بدأ برجمه الامام ثم الناس » (1) .
6 ـ يقتل غير المحصن المصر على الزنى في المرة الرابعة . فاذا جلد مائة جلدة في الاولى ، ثم عاد ثانية وجلد ، ثم عاد وجلد ، يقتل في الرابعة . و « هذا هو المشهور ، بل عن صاحب الانتصار والغنية الاجماع عليه ، لموثق ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) : الزاني اذا زنى يجلد ثلاثاً ، ويقتل في الرابعة » (2) .
7 ـ اذا زنى غير المسلم بامرأة غير مسلمة ، يكون الحاكم الشرعي مخيرا بين الحكم عليهما بشرع الاسلام ، او الاعراض عنهما وتسليمهما الى اهل ملتهما ، لقوله تعالى : ( فان جاءوك فاحكم بينهم او اعرض عنهم ، وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان الله يحب المقسطين ) (3) .
8 ـ ورد في بعض الروايا ان النظام الاجتماعي والسياسي ، المتمثل بالامام مسؤول عن معالجة ظاهرة الزنا ، وذلك بتزويج الزانية رجلاً يمنعها من ارتكاب هذا اللون من الانحراف . فقد ورد في قول الامام الباقر (ع) ( ان علياً
____________
(1) المبسوط للشيخ الطوسي ج8 ص4 .
(2) الجواهر ج41 ص331 .
(3) المائدة : 42 .
أمير المؤمنين (ع) قضى في امرأة زنت وشردت ان يربطها امام المسلمين بالزوج ، كما يربط البعير الشارد بالعقال ) (1) .
9 ـ ولا شك ان الاسلام لم يغلق ابواب الاصلاح والتوبة ، خصوصاً اذا جاءت بمبادرة الفرد المنحرف نفسه ، بل وضع للمنحرفين ، اساليب شخصية عديدة للخروج من دائرة الانحراف الاخلاقي . ومن ذلك الاستتار والتوبة الخالصة ، كما ورد عن رسول الله (ص) قوله : ( من اتى من هذه القاذورات شيئاً فاستتر ستره الله ، وان من أبدى صفته اقمنا عليه الحد ) (2) ، وقول أمير المؤمنين (ع) : ( أيعجز احدكم اذا قارف هذه السيئة ان يستر على نفسه ، كما ستر الله عليه ) (3) ، وقوله (ع) للرجل الذي اقر عنده اربعاً : ( ما اقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش ، فيفضح نفسه على رؤوس الملأ ، أفلا تاب في بيته ؟ فوالله لتوبته فيما بينه وبين الله افضل من اقامتي عليه الحد ) (4) .
يترتب على توبة المذنب قبل قيام البينة عليه ، سقوط الحد رجماً كان او جلداً . اما اذا قامت عليه البينة ثم تاب فلا يسقط عنه الحد . واذا اقر بالذنب ، ثم تاب ، فللامام الخيرا ان شاء عفا ، وان شا عقاب .
وعليه ، فانه يمكننا تقسيم حدود الزنى ، الى الاقسام التالية :
الاول : القتل . وهي عقوبة من زنى بذات محرم للنسب كالام والبنت والاخت وشبهها وكذلك من زنى بامرأة ابيه . ويقتل من زنى بامرأة مكرها
____________
(1) التهذيب ج10 ص154 .
(2) سنن البيهقي ج8 ص330 .
(3) من لا يحضره الفقيه ج4 ص21 .
(4) الكافي ج7 ص188 .
لها مغتصباً عفتها . ويقتل غير المسلم اذا زنى بمسلمة . وفي كل هذه الحالات لا يعتبر الاحصان ، فيقتل المحصن وغير المحصن ، ويتساوى الشيخ والشاب المسلم والكافر والحر والعبد .
الثاني : الرجم فقط . وهو حد المحصن الزاني بامرأة بالغة عاقلة ، وحد المحصنة اذا زنت برجل بالغ عاقل ، ان كان كلاهما في سن الشباب .
الثالث : الجلد فقط . وهو ثابت على الزاني غير المحصن ، وعلى المرأة العاقلة البالغة اذا زنى بها طفل ، محصنة كانت ام لا ، وعلى المرأة غير المحصنة اذا زنت .
الرابع : الجلد والرجم معاً . وهما حد الشيخ والشيخة اذا كانا محصنين فيجلدان اولاً ثم يرجمان .
الخامس : الجلد والتغريب والجز . وهو حد البكر ، الذي تزوج ولم يدخل بها . والجز هو حلق الرأس ، والتغريب هو النفي ومقداره سنة عن البلدة التي جلد فيها ، حيث يعين الحاكم الشرعي تلك البلدة .
ولا يقام الحد رجماً ولا حلداً على الحامل ولو كان حملها من الزنى حتى تضع حملها وتخرج من نفاسها وترضع ولدها .
اللواط والسحق والقيادة |
ـــــــــ |
ومن المؤكد ان النظرية الاسلامية عالجت بكل صرامة ايضاً المراتب الخطيرة من الانحرافات الجنسية ، وبالخصوص هذه الانحرافات الثالثة التي تمحق النظام الاجتماعي وتحطم بنيته الاخلاقية . فلا ريب اذن ، ان تكون العقوبات الاسلامية لهذه الجرائم من اشد العقوبات واقساها على المنحرفين .
أ ـ اللواط :
معناه اللغوي : اللصوق . وسمي لواطاً نسبة الى قوم لوط ، الذين ادانهم القرآن الكريم بالقول : ( اذ قال لهم أخوهم لوط الا تتقون . اني لكم رسول أمين فاتقوا الله واطيعون ، وما اسألكم عليه من أجر ان أجري الا على رب العالمين . أتأتون الذكران من العالمين . وتذرون ما خلق لكم ربكم من ازواجكم بل انتم قوم عادون ) (1) . وقد شدد التحريم فيه لقول الرسول (ص) : ( من جامع غلاماً جاء جنباً يوم القيامة ، لا ينقيه ماء الدنيا ، وغضب الله عليه ، ولعنه واعد له جهنم وساءت مصيراً ) (2) ، وقول الامام الصادق (ع) : ( حرمة الدبر اعظم من حرمة الفرج ، ان الله تعالى اهلك امة لحرمة الدبر ، ولم يهلك احدا لحرمة الفرج ) (3) .
____________
(1) الشعراء : 161 ـ 166 .
(2) الكافي ج2 ص70 .
(3) الكافي ج2 ص70 .
اولاً : حد اللواط :
ويحد الفاعل والمفعول به بالقتل ، اذا ادخل ذكره او شيئاً منه في مخرج الآخر ، شريطة ان يكون كل منهما بالغاً ، عاقلاً ، مختاراً . ولا يؤخذ الاحصان او الاسلام بالاعتبار ، بل ان المدار في الحد البلوغ والعقل والاختيار والادخال . ويخير « الحاكم بين ان يضربه بالسيف ، او يحرقه بالنار ، او يلقيه من شاهق مكتوف اليدين والرجلين ، او يهدم عليه جداراً ، وله ايضاً ان يجمع عليه عقوبة الحرق والقتل او الهدم او الالقاء من شاهق » (1) . وقد اخذ الحرق والالقاء من شاهق ونحوها مبالغة في الردع ، فقد جاء عن الامام الصادق (ع) انه قال : ( كتب خالد الى ابي بكر : اتيت برجل قامت عليه البينة انه يؤتى في دبره كما تؤتى النساء . فاستشار فيه امير المؤمنين علي (ع) فقال : احرقه بالنار ، فان العرب لا ترى القتل شيئاً ) (2) .
وعلى صعيد التوبة ، فاذا تاب المنحرف قبل ان تقوم عليه البينة سقط عنه الحد ، ان كان فاعلاً او مفعولاً به . واذا تاب بعد قيام البينة لا يسقط . اما اذا اقر ، ثم تاب ، يكون الخيار للامام او الحاكم الشرعي في العفو او في اقامة الحد .
ثانياً ـ طرق الاثبات :
ويثبت هذا الشكل من الانحراف الموجب للحد ، باحدى الطرق الاتية :
____________
(1) الجواهر ج41 ص .
(2) المحاسن للبرقي ص112 .
1 ـ الاقرار اربع مرات من قبل الفاعل أو المفعول به . ولكن لا يسري اقرار الفاعل الى المفعول به ، ولا اقرار المفعول به الى الفاعل ، لان الاقرار ينفذ بحق المقر فقط ، ولا يتعدى الى غيره .
2 ـ شهادة اربعة رجال عدول ، ولا تقبل شهادة النساء ، بالضم ، او بالافراد .
3 ـ علم الحاكم . كما هو الحال في الزنا ، وقد ذكرنا ذلك آنفاً .
ب ـ السحق :
ومعناه اللغوي ، الشدة في الدق ، والفقهي وطء المرأة مثلها . وقد حرمه الاسلام لروايات عديدة منها قوله (ع) بخصوص هذا اللون من الانحراف الاخلاقي : ( هو والله الزنا الاكبر ، لا والله ما لهن توبة ) (1) ، ومنها انه سئل (ع) ما تقول في اللواتي مع اللواتي ؟ فقال : ( هن في النار اذا كان يوم القيامة اتي بهن فالبسن جلبابا من نار وخفين من نار وقناعين من نار وادخل في اجوافهن وفروجهن اعمدة من نار وقذف بهن في النار . قيل : فليس هذا في كتاب الله . قال : بلى . قيل : اين ؟ قال : قوله ( وعاداً وثمود واصحاب الرس ) (2) ) (3) . وقيل ان الرس بئر بانطاكية ، و « ان اصحاب الرس كانت نساؤهم سحاقات ، عن ابي عبد الله «ع» ) (4) .
اولاً ـ حد السحق :
____________
(1) الكافي ج2 ص73 .
(2) الفرقان : 38 .
(3) تفسر القمي ص465 .
(4) مجمع البيان ج19 ص107 .
وهو مائة جلدة للفاعلة والمفعول بها بشرط البلوغ والعقل والاختيار ، لقول الامام (ع) : ( السحاقة تجلد ) (1) ، وقوله (ع) عندما سئل عن حدها ، قال : ( حدها حد الزاني ) (2) .
ويسقط الحد بالتوبة قبل اقامة البينة ، ولا يسقط بعدها . ومع الاقرار والتوبة ، يتخير الحاكم بين اقامة الحد والعفو .
ثانياً ـ طرق الاثبات :
1 ـ الاقرار اربع مرات من قبل المرأة المنحرفة ، بشرط البلوغ والرشد ، والاختيار .
2 ـ شهادة اربعة رجال عدول ، ولا تقبل شهادة النساء بالضم او بالافراد .
ج ـ القيادة :
وهو الجمع بين الرجل والمرأة ، او بين الرجل والذكر على الحرام . واجمع الفقهاء على أن الحد خمس وسبعون جلدة ، رجلاً كان او أمراة ، لقوله (ع) : ( يضرب ثلاثة ارباع حد الزاني خمسة وسبعين سوطا ، وينفى من المصر الذي هو فيه ) (3) ، و « ليس في الباب من الاخبار سوى هذه الرواية » (4) .
وتثبت بالاقرار مرتين بشرط بلوغ المقر وكمال عقله واختياره ، وبشهادة رجلين عدلين ، حيث لا تثبت بشهادة النساء منفردات او منضمات .
____________
(1) الكافي ج7 ص202 .
(2) من لا يحضره الفقيه ج4 ص31 .
(3) التهذيب ج10 ص64 .
(4) المسالك ـ كتاب القصاص .
القذف |
ـــــــــ |
والانحرافات اللفظية ، لها عقوبتها في النظرية الجنائية الاسلامية . فمن اجل بناء مجتمع اخلاقي نظيف لابد ان يقوم الافراد بتهذيب الفاظهم في المخاطبات الفردية والجماعية . ولابد لهم ايضاً من عدم التسرع باتهام الاخرين . وهذه خطوة عظيمة نحو بناء المجتمع الاخلاقي الذي يستلهم قيمه المثالية من رسالة السماء . واهم الانحرافات اللفظية التي يعالجها الاسلام هو القذف ، وهو رمي البريء بالانحراف الجنسي كالزنا واللواط ، ويعتبر من الموبقات السبع التي حرمها الاسلام ، كما جاء في الحديث النبوي الشريف . ويترتب على هذا الشكل من الانحراف الحد ، حسب الشروط التالية :
1 ـ الصيغة . وهو اللفظ الصريح بالقذف ، شرط أن يكون القاذف عارفاً بمعناه ، كمن قال لآخر : يا زاني او انك تعمل عمل قوم لوط تنكح الرجال ونحوها . ولا يعتبر معرفة المقذوف بقصد القاذف شرطاً في القذف . فيتحقق القذف اذن ، من قول العربي حتى لو كان المقذوف اعجمياً لا يفهم اللغة العربية . ويعزر الفرد فيما دون ذلك ، كمن اذا اتهم بريئاً بالفسق او شرب الخمر ، لأن هذا اللون من الاتهام لا يعتبر قذفاً لقوله (ع) : ( اذا قال الرجل : انت خبيث او خنزير ، فليس فيه حد ، ولكن فيه موعظة ، وبعض العقوبة ) (1) ، وقوله (ع) عندما سئل عن رجل قال لآخر : يا فاسق ؟ : ( لا حد عليه ، ويعزر ) (2) . اما في حالة اتهام الفاسق المتجاهر بفسقه بالفسق .
____________
(1) التهذيب ج10 ص81 .
(2) الكافي ج7 ص242 .
فليس على المتهم شيء ، لقول الرسول (ص) : ( اذا رأيتم اهل البدع والريب من بعدي فاظهروا البراءة منهم ، وأكثروا من سبهم ، كي لا يطمعوا بالفساد ، ويحذرهم الناس ، فيكتب لكم بذلك الحسنات ، وترفع لكم الدرجات ) .
2 ـ القاذف . يشترط ان يكون بالغاً عاقلاً . فلا حد على الصبي ولا المجنون ، بل عليهما التعزير « لرفع القلم عنه كما في غيره من الحدود ، وفي صحيح الفضيل بن يسار عن ابي عبد الله (ع) : ( لا حد لمن لا عليه حد ، يعني لو أن مجنوناً قذف رجلاً لما رد عليه شيئاً ، ولو قذفه رجل فقال له : يا زاني لم يكن عليه حد ) . وفي خبر ابي مريم عن ابي جعفر (ع) : ( سأله عن الغلام لم يحتلم ، يقذف الرجل ، هل يحد ؟ قال : لا ، وذلك لو ان رجلاً قذف الغلام لم يحد ) » (1) .
3 ـ المقذوف . ويشترط فيه أن يكون بالغاً ، عاقلاً ، مسلماً ، وغير متجاهر بالزنا . ولا يقام الحد على الأب لو قذف ابنه ، لقوله (ع) : ( لو قتله ما قتل به ، وان قذفه لم يجلد ) .
أ ـ حد القذف :
وهو ثمانون جلدة ، كما ورد في النص القرآني المجيد : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) (2) . ولا فرق بين الرجل والمرأة لقوله (ع) عندما سئل عن امرأة قذفت رجلاً ؟ قال : ( تجلد ثمانين جلدة ) (3) . ويجلد القاذف جلداً وسطاً ، او
____________
(1) الجواهر ج41 ص414 .
(2) النور : 4 .
(3) الكافي ج7 ص205 .
بين ضربين ، اي بين الخفيف والشديد ، كما جاء في الحديث . وينبغي ان يكون مرتدياً ثيابه وقت الجلد . و « يشهر القاذف لتجتنب شهادته » (1) .
ب ـ طرق الاثبات :
ويثبت القذف الموجب للحد بالطرق التالية :
1 ـ شهادة رجلين عدلين ، ولا تقبل فيه شهادة النساء منفردات او منضمات .
2 ـ الاقرار مرتين من القاذف بشرط البلوغ والعقل . ولكن اذا اعترف الفرد بالقذف ثم رجع بعد ذلك « فلا يسقط [ الحد ] بالرجوع » (2) ، لان هذا اللون من الحقوق متعلق بالناس ، اما حقوق الله سبحانه وتعالى كحدود الزنا والخمر ، فانها تسقط بالرجوع .
بمعنى ان الحاكم يقيم « حدود الله تعالى ، اما حقوق الناس فتقف على المطالبة » (3) . واذا انعدمت البينة والاقرار ، فلا يثبت الحد ولا التعزير .
ج ـ مسقطات الحد :
ويسقط الحد على القاذف بالطرق التالية :
1 ـ قيام البينة الشرعية على ثبوت ما رمى به القاذف المقذوف من الزنا او اللواط .
2 ـ اقرار المقذوف بخصوص هذا الانحراف ( الزنا ، واللواط ) مرة واحدة .
____________
(1) شرائع الاسلام ج4 ص167 .
(2) المبسوط للشيخ الطوسي ج8 ص4 .
(3) المختصر النافع للمحقق الحلي ص295 .
3 ـ العفو . فاذا عفا المقذوف عن القاذف سقط عنه الحد ، لقوله (ع) : ( لا يعفى عن الحدود التي لله دون الامام ، فاما ما كان من حقوق الناس في حد فلا بأس بان يعفى عنه ) (1) . وما ورد عن احد اصحاب الامام الباقر (ع) في سؤاله عن رجل جني عليه ، أيعفو عنه ، او يرفعه الى السلطان ؟ قال (ع) : ( هو حقك ان عفوت عنه فحسن ، وان رفعته الى الامام فانما طلبت حقك ) (2) .
4 ـ الصلح . وهو اتفاق المقذوف مع القاذف على اسقاط حقه مقابل شيء يدفعه القاذف ، فعندئذ يصح الصلح ويسقط الحد ، لأن ( الصلح جائز بين المسلمين الا صلحاً أحل حراماً ، او حرم حلالاً ) (3) .
5 ـ التقاذف . هو تقاذف شخصين غير متجاهرين بشرط البلوغ والعقل ، وعندها يسقط عنهما الحد ويعزر فقط ، لصحيح ابن سنان : سئل الامام الصادق (ع) عن رجلين افترى كل منهما على صاحبه ؟ قال : ( يدرأ عنهما الحد ويعزران ) (4) .
____________
(1) الكافي ج7 ص252 .
(2) التهذيب ج10 ص82 .
(3) من لا يحضره الفقيه ج3 ص20 .
(4) الكافي ج7 ص240 .
المسكر |
ـــــــــ |
وهو الشراب المعروف المتخذ من العنب كالخمر ، او من التمر كالنبيذ ، او من الزبيب كالنقيع ، او من الشعير كالفقاع . ولا يختص المسكر بالخمر او النبيذ او النقيع او الفقاع ، بل يحرم جنس كل مسكر . ولا يختص التحريم بالقدر المسكر منه ، فما اسكر جنسه وان لم يسكر بعض الناس لأدمانه او قلة ما تناول منه ، فيحرم تناول القطرة منه فما فوقها ، لقوله (ع) : ( يجب فيه ما يجب في الخمر من الحد ) (1) .
أ ـ حد المسكر :
فاذا ثبت تناول الفرد الشراب المسكر ، حد ثمانين جلدة نصاً واجماعاً . فقد ورد عن الامام علي (ع) قوله : ( ان الرجل اذا شرب الخمر سكر ، واذا سكر هذى ، وان هذى افترى ، فاجلدوه حد المفتري ) (2) . وورد ايضاً عن الامام الصادق (ع) : ( الحد في الخمر ان يشرب منها قليلاً او كثيراً ... [ فقد ] أتي عمر بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر وقامت عليه البينة ، فسأل علياً (ع) فأمره ان يجلده ثمانين ، فقال قدامة : يا أمير المؤمنين ليس علي حد ، انا من هذه الآية « ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا » فقال علي (ع) : لست من اهلها ان طعام اهلها لهم حلال ليس يأكلون ولا يشربون الا ما احل الله لهم ... ان الشارب اذا شرب لم
____________
(1) التهذيب ج10 ص89 .
(2) الكافي ج7 ص215 .
يدر ما يأكل ولا ما يشرب ، فاجلدوه ثمانين جلدة ) (1) . ويجرد الرجل من ثيابه ، عدا ما يستر العورة ، ويجلد دون الوجه والفرج . وتجلد المرأة وعليها ثيابها . واذا اقيم الحد على المنحرف ثلاث مرات قتل في الرابعة .
ولا يحد الشارب الا ان يكون بالغاً ، عاقلاً ، مختاراً ، مسلماً وعالماً بحرمة تناول الشراب . واذا شرب غير المسلم في بيته فلا حد عليه ، الا ان يتجاهر في بلد المسلمين ، فيقام عليه الحد . فقد ( قضى علي أمير المؤمنين (ع) ان يجلد اليهودي والنصراني في الخمر والنبيذ المسكر ثمانين جلدة اذا اظهر شربه في مصر من امصار المسلمين ، وكذلك المجوسي ، ولم يتعرض لهم اذا شربوها في منازلهم وكنائسهم ) (2) .
ب ـ طرق الاثبات :
ويثبت الشرب الموجب للحد بالطرق التالية :
1 ـ شهادة رجلين عدلين ، ولا تقبل شهادة النساء ، منفردات كن او منضمات .
2 ـ الاقرار مرتين من قبل المنحرف العاقل البالغ المختار .
واذا تاب الشارب قبل قيام البينة على انحرافه او قبل الاقرار ، يسقط عنه الحد . واذا تاب بعدها لم يسقط ، واذا تاب بعد الاقرار تخير الحاكم بين اقامة الحد والعفو عنه .
____________
(1) التهذيب ج10 ص93 .
(2) الكافي ج7 ص239 .