مسألة 1121 : لو قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه ثم ظهر غريم آخر نقضت القسمة و شاركهم.
5 ـ مرض الموت :
مسألة 1122 : المريض إذا لم يتصل مرضه بموته فهو كالصحيح يتصرف في ماله بما شاء و كيف شاء و ينفذ جميع تصرفاته في جميع ما يملكه إلا فيما أوصى بأن يصرف شيء بعد موته فإنه لا ينفذ فيما زاد على ثلث ما يتركه ، كما أن الصحيح أيضاً كذلك و سيأتي تفصيل ذلك في محله. و أما إذا اتصل مرضه بموته فلا إشكال في عدم نفوذ وصيته بما زاد على الثلث كغيره ، كما أنه لا إشكال في جواز انتفاعه بماله بالأكل و الشرب و الإنفاق على نفسه و من يعوله و الصرف على أضيافه و في حفظ شأنه و اعتباره و غير ذلك مما يليق به و لا يعد سرفاً و تبذيراً أي مقدار كان ، و كذا لا إشكال في نفوذ تصرفاته المعاوضية المتعلقة بماله إذا لم تكن مشتملة على المحاباة
( 346 )
كالبيع بثمن المثل و الإجارة بأجرة المثل ، و إنما الإشكال في تصرفاته الأخرى المبنية على المحاباة و المجانية أو على نحو منها كالوقف و الصدقة و الإبراء و الهبة و الصلح بغير عوض أو بعوض أقل من القيمة و البيع بأقل من ثمن المثل و الإجارة بأقل من أجرة المثل و نحو ذلك مما يستوجب نقصاً في ماله ، و هي المعبر عنها بـ ( المنجزات ) فقد وقع الإشكال في أنها هل هي نافذة من الأصل ـ بمعنى نفوذها و صحتها مطلقاً و إن زادت على ثلث ماله بل و إن تعلقت بجميع ماله بحيث لم يبق شيء للورثة ـ أو هي نافذة بمقدار الثلث ، فإذا زادت يتوقف صحتها و نفوذها في الزائد على إمضاء الورثة ، و الأقوى هو الثاني. مسألة 1123 : الواجبات المالية التي يؤديها المريض في مرض موته كالخمس و الزكاة و الكفارات تخرج من الأصل. مسألة 1124 : الصدقة و إن كانت من المنجزات كما تقدم لكن الظاهر أنه ليس منها ما يتصدق المريض لأجل شفائه و عافيته مما يليق بشأنه و لا يعد سرفاً. مسألة 1125 : يقتصر في المرض المتصل بالموت على ما يكون المريض معه في معرض الخطر و الهلاك ، فمثل حمى يوم خفيف اتفق الموت به على خلاف مجاري العادة لا يمنع من نفوذ المنجزات من أصل التركة ، و كذا يقتصر فيه على المرض الذي يؤدي إلى الموت ، فلو مات لا بسبب ذلك المرض بل بسبب آخر من قتل أو افتراس سبع أو لدغ حية و نحو ذلك لم يمنع من نفوذها من الأصل ، و أيضاً يقتصر في المرض الذي يطول بصاحبه فترة طويلة على أواخره القريبة من الموت فالمنجزات الصادرة منه قبل ذلك نافذة من الأصل. مسألة 1126 : لا يبعد أن يلحق بالمرض كون الإنسان في معرض الخطر
( 347 )
و الهلاك كأن يكون في حال المراماة في الحرب أو في حال إشراف السفينة على الغرق. مسألة 1127 : لو أقر بدين أو عين من ماله في مرض موته لوارث أو أجنبي ، فإن كان مأموناً غير متهم نفذ إقراره في جميع ما أقر به ، و إن كان زائداً على ثلث ماله بل و إن استوعبه ، و إلا فلا ينفذ فيما زاد على ثلثه. هذا إذا كان الإقرار في مرض الموت و أما إذا كان في حال الصحة أو في مرض غير مرض غير مرض الموت نفذ في الجميع و إن كان متهماً. و المراد بكونه متهماً وجود أمارات يظن معها بكذبه ، كأن يكون بينه و بين الورثة معاداة يظن معها بأنه يريد بذلك إضرارهم ، أو كان له محبة شديدة مع المقر له يظن معها بأنه يريد بذلك نفعه. مسألة 1128 : إذا لم يعلم حال المقر و إنه كان متهماً أو مأموناً ففي الحكم بنفوذ إقراره في الزائد على الثلث و عدمه إشكال ، فالأحوط التصالح بين الورثة و المقر له. مسألة 1129 : إنما يحسب الثلث في مسألتي المنجزات و الإقرار بالنسبة إلى مجموع ما يتركه في زمان موته من الأموال عيناً أو ديناً أو منفعة أو حقاً مالياً يبذل بأزائه المال كحق التحجير ، و هل تحسب الدية من التركة و تضم إليها و يحسب الثلث بالنسبة إلى المجموع أم لا ؟ وجهان أوجههما الأول. مسألة 1130 : ما تقدم من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصية و في المنجزات إنما هو فيما إذا لم يجز الورثة و إلا نفذتا بلا إشكال ، و لو أجاز بعضهم نفذ بمقدار حصته ، و لو أجازوا بعضاً من الزائد عن الثلث نفذ بقدره. مسألة 1131 : لا إشكال في صحة إجازة الوارث بعد موت المورث ، و هل تصح منه في حال حياته بحيث تلزم عليه و لا يجوز له الرد بعد ذلك أم
( 348 )
لا ؟ قولان أقواهما الأول خصوصاً في الوصية ، و إذا رد في حال الحياة يمكن أن يلحقه الإجازة بعد ذلك على الأقوى و إن رده بعد الموت لم تنفع الإجازة بعده.
( 349 )
كتاب الضمان
( 350 )
( 351 )
الضمان هو : ( التعهد بمال لآخر ) ويقع على نحوين : تارة على نحو نقل الدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن للمضمون له ، و أخرى على نحو التزام الضامن للمضمون له بأداء مال إليه فليست نتيجته سوى وجوب الأداء عليه تكليفاً ، فالفرق بين النحوين : أن الضامن على النحو الأول ـ و هو المقصود بالضمان عند الإطلاق ـ تشتغل ذمته للمضمون له بنفس المال المضمون ، فلو مات قبل وفائه أخرج من تركته مقدماً على الإرث ، و أما الضامن على النحو الثاني فلا تشتغل ذمته للمضمون له بنفس المال بل بأدائه إليه فلو مات قبل ذلك لم يخرج من تركته شيء إلا بوصية منه. مسألة 1132 : يعتبر في الضمان : الإيجاب من الضامن و القبول من المضمون له بلفظ أو فعل دال ـ و لو بضميمة القرائن ـ على تعهد الأول بالمال و رضا الثاني بذلك. مسألة 1133 : يعتبر في الضامن و المضمون له : البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم السفه ، و عدم التفليس أيضاً في خصوص المضمون له ، و أما في المديون فلا يعتبر شيء من ذلك فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدين صح. مسألة 1134 : الأحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان فلو علقه على أمر كأن يقول : أنا ضامن لما على فلان إن أذن لي أبي ، أو أنا ضامن إن لم يف المديون إلى زمان كذا أو إن لم يف أصلاً لم يصح على الأحوط ، نعم لا يعتبر التنجيز في الضمان على النحو الثاني فيصح أن يلتزم بأداء الدين مثلاً
( 352 )
على تقدير خاص كعدم قيام المدين بوفائه فيلزمه العمل بالتزامه و للدائن مطالبته بالأداء على ذلك التقدير. مسألة 1135 : يعتبر في الضمان كون الدين الذي يضمنه ثابتاً في ذمة المضمون عنه سواء كان مستقراً كالقرض و الثمن أو المثمن في البيع الذي لا خيار فيه أو متزلزلاً كأحد العوضين في البيع الخياري أو كالنصف الثاني من المهر قبل الدخول و نحو ذلك ، فلو قال أقرض فلاناً أو بعه نسيئة و أنا ضامن لم يصح ، نعم لو قصد الضمان على النحو الثاني المتقدم صح ، فلو تخلف المقترض عن أداء القرض أو تخلف المشتري عن أداء الثمن المؤجل وجب على الضامن أداؤه. مسألة 1136 : يعتبر في الضمان تعين الدين و المضمون له و المضمون عنه فلا يصح ضمان أحد الدينين و لو لشخص معين على شخص معين ، و لا ضمان دين أحد الشخصين و لو لواحد معين ، و لا ضمان دين أحد الشخصين و لو على واحد معين. مسألة 1137 : إذا كان الدين معيناً في الواقع و لو يعلم جنسه أو مقداره أو كان المضمون له أو المضمون عنه متعيناً في الواقع و لم يعلم شخصه صح على الأقوى ، خصوصاً في الأخيرين ، فلو قال ضمنت ما لفلان على فلان و لم يعلم أنه درهم أو دينار أو انه دينار أو ديناران صح على الأصح ، و كذا لو قال ضمنت الدين الذي على فلان لمن يطلبه من هؤلاء العشرة ، و يعلم بأن واحداً منهم يطلبه و لم يعلم شخصه ثم قبل بعد ذلك الواحد المعين الذي يطلبه ، أو قال ضمنت ما كان لفلان على المديون من هؤلاء و لم يعلم شخصه صح الضمان على الأقوى. مسألة 1138 : إذا تحقق الضمان الجامع للشرائط انتقل الحق ـ كما تقدم ـ من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن و برئت ذمته ، فإذا أبرء
( 353 )
المضمون له ـ و هو صاحب الدين ـ ذمة الضامن برئت الذمتان الضامن و المضمون عنه ، و إذا أبرء ذمة المضمون عنه كان لغواً لأنه لم تشتغل ذمته بشيء حتى يبرئه. مسألة 1139 : عقد الضمان لازم فلا يجوز للضامن فسخه و لا المضمون له. مسألة 1140 : يشكل ثبوت الخيار لأي من الضامن و المضمون له بالاشتراط أو بغيره. مسألة 1141 : إذا كان الضامن حين الضمان قادراً على أداء المضمون فليس للدائن فسخ الضمان و مطالبة المديون الأول و إن عجز الضامن عن الأداء بعد ذلك ، و كذلك إذا كان الدائن عالماً بعجز الضامن و رضي بضمانه ، و أما إذا كان جاهلاً بذلك ففي ثبوت حق الفسخ له إشكال. مسألة 1142 : إذا ضمن من دون إذن المضمون عنه و طلبه لم يكن له الرجوع عليه بالدين و إلا فله الرجوع عليه و لو قبل وفائه على الأظهر ، نعم إذا أبرء المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين لم يستحق على المضمون عنه شيئاً و إذا أبرء ذمته عن بعضه لم يستحق عليه ذلك البعض ، و لو صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقل لم يستحق الضامن على المضمون عنه إلا ذلك المقدار دون الزائد ، و كذا الحال لو ضمن الدين بأقل منه برضا المضمون له ، و الضابط أن الضامن لا يستحق على المضمون عنه بالمقدار الذي يسقط من الدين بغير أدائه ، و منه يظهر أنه ليس له شيء في صورة تبرع أجنبي لأداء الدين. مسألة 1143 : لو دفع المضمون عنه الدين إلى المضمون له من دون إذن الضامن برئت ذمته و ليس له الرجوع عليه. مسألة 1144 : إذا احتسب المضمون له ما على ذمة الضامن خمساً
( 354 )
أو زكاة بإجازة من الحاكم الشرعي ، أو صدقة ، فالظاهر أن للضامن أن يطالب المضمون عنه بذلك و كذا الحال إذا أخذه منه ثم رده إليه بعنوان الهبة أو نحوها ، و هكذا إذا مات المضمون له و ورث الضامن ما في ذمته. مسألة 1145 : يجوز ضمان الدين الحال حالاً و مؤجلاً، و كذا ضمان الدين المؤجل مؤجلاً و حالاً ، و كذا يجوز ضمان الدين المؤجل مؤجلاً بأزيد من أجله و بأنقص منه. مسألة 1146 : إذا كان الدين حالاً و ضمنه الضامن مؤجلاً كان الأجل للضمان لا الدين ، فلو أسقط الضامن الأجل سقط فيكون للمضمون له مطالبته حالاً كما كان له مطالبة المضمون عنه كذلك ، و هكذا الحال ما لو مات الضامن قبل انقضاء الأجل. مسألة 1147 : إذا كان الدين مؤجلاً و ضمنه شخص بإذن المضمون عنه كذلك ثم أسقط الأجل فليس له مطالبة المضمون عنه به قبل حلول الأجل ، و كذا الحال إذا مات الضامن في الأثناء فإن المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالا و لكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل. مسألة 1148 : إذا كان الدين مؤجلاً و ضمنه شخص حالاً بإذن المضمون عنه جاز له الرجوع إليه كذلك لأنه المتفاهم العرفي من إذنه بذلك. مسألة 1149 : إذا كان الدين مؤجلاً و ضمنه بإذن المضمون عنه بأقل من أجله كما إذا كان أجله ثلاثة أشهر مثلاً و ضمنه بمدة شهر فله مطالبة المضمون عنه بالدين عند حلول الأجل الثاني و هو أجل الضمان. و إذا ضمنه بأكثر من أجله ثم أسقط الزائد فله مطالبة المضمون عنه بذلك و كذلك الحال ما إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدين و قبل انقضاء
( 355 )
المدة الزائدة. مسألة 1150 : إذا أدى الضامن الدين من غير جنسه لم يكن له إجبار المضمون عنه بالأداء من خصوص الجنس الذي دفعه إلى الدائن. مسألة 1151 : يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون له على الضامن فيرهن بعد الضمان ، و لو لم يفعل ففي ثبوت الخيار للمضمون له إشكال. مسألة 1152 : إذا كان على الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن فهو ينفك بالضمان إلا إذا اشترط عدمه فلا ينفك حينئذٍ. مسألة 1153 : يجوز الترامي في الضمان بأن يضمن مثلاً عمرو عن زيد ، ثم يضمن بكر عن عمرو ثم يضمن خالد عن بكر و هكذا ، فتبرأ ذمة الجميع و يستقر الدين على الضامن الأخير ، فإن كان جميع الضمانات بغير إذن من المضمون عنه لم يرجع واحد منهم على سابقه ، و إن كان جميعها بالإذن يرجع الضامن الأخير على سابقه و هو على سابقه إلى أن ينتهي إلى المديون الأصلي ، و إن كان بعضها بالإذن و بعضها بدونه فإن كان الأخير بدون الإذن كان كالأول لم يرجع واحد منهم على سابقه و إن كان بالإذن رجع هو على سابقه و هو على سابقه لو ضمن بإذنه و إلا لم يرجع و انقطع الرجوع عليه. مسألة 1154 : لا إشكال في جواز ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك بأن يكون على كل منهما بعض الدين فتشتغل ذمة كل منهما بمقدار منه على حسب ما عيناه و لو بالتفاوت ، و لو أطلقا يقسط عليهما بالنصف و إن كانوا ثلاثة فبالثلث و هكذا ، و لكل منهما أداء ما عليه و تبرأ ذمته و لا يتوقف على أداء الآخر ما عليه ، و للمضمون له مطالبة كل منهما بحصته و مطالبة أحدهما أو إبراؤه دون الآخر ، و لو كان ضمان أحدهما بالإذن دون الآخر رجع هو إلى المضمون عنه بما ضمنه دون الآخر ، و الظاهر أنه لا فرق في جميع ما ذكر
( 356 )
بين أن يكون ضمانهما بعقدين ـ بأن ضمن أحدهما عن نصف الدين ثم ضمن الآخر عن نصفه الآخر ـ أو بعقد واحد كما إذا ضمن عنهما وكيلهما في ذلك فقبل المضمون له ، هذا كله في ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك ، و أما ضمانهما عنه بالاستقلال ـ بأن يكون كل منهما ضامناً لتمام الدين ـ فهو محل إشكال بل منع. مسألة 1155 : إذا كان المديون فقيراً لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفاء من الخمس أو الزكاة أو المظالم ، و لا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها فعلاً أم لا. مسألة 1156 : إذا كان الدين الثابت على ذمة المدين خمساً أو زكاةً صح أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله. مسألة 1157 : إذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان ، فإن كان بإذن المضمون عنه فلا إشكال في خروجه من أصل التركة ، و إن لم يكن بإذنه فالأقوى خروجه من الثلث. مسألة 1158 : يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية ، و أما ضمانه لنفقاتها الآتية فلا يصح إلا على النحو الثاني المتقدم كما لا يصح ضمان نفقة الأقارب إلا على ذلك النحو. مسألة 1159 : كما يجوز الضمان عن الأعيان الثابتة في الذمم يجوز الضمان عن المنافع و الأعمال المستقرة في الذمم ، فكما أنه يجوز أن يضمن عن المستأجر ما عليه من الأجرة كذلك يجوز أن يضمن عن الأجير ما عليه من العمل ، نعم لو كان ما عليه يعتبر فيه مباشرته ـ كما إذا كان عليه خياطة ثوب مباشرة ـ لم يصح ضمانه. مسألة 1160 : يصح ضمان الأعيان الخارجية على النحو الثاني المتقدم أي الالتزام بردها مع بقاء العين المضمونة ورد بدلها من المثل أو
( 357 )
القيمة عند تلفها ، و من هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري إذا ظهر المبيع مستحقاً للغير أو ظهر بطلان البيع من جهة أخرى. مسألة 1161 : في صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة من بناء أو غرس أو نحو ذلك إذا ظهر كونها مستحقة للغير إشكال ، و لكن الأقوى صحته على النحو الثاني المتقدم. مسألة 1162 : لو ادعى شخص على شخص ديناً فقال ثالث للمدعي عليّ ما عليه فرضي به المدعي صح الضمان ، بمعنى انتقال الدين إلى ذمته على تقدير ثبوته ، فيسقط الدعوى عن المضمون عنه و يصير الضامن طرف الدعوى ، فإذا أقام المدعي البينة على ثبوته يجب على الضامن أداؤه ، و كذا لو ثبت إقرار المضمون عنه قبل الضمان بالدين ، و أما إقراره بعد الضمان فلا يثبت به شيء على الضامن لكونه إقراراً على الغير. مسألة 1163 : إذا اختلف الدائن و المدين في أصل الضمان ، كما إذا ادعى المديون الضمان و أنكره الدائن فالقول قول الدائن ، و هكذا إذا ادعى المديون الضمان في تمام الدين و أنكره المضمون له في بعضه. مسألة 1164 : إذا ادعى الدائن على أحد الضمان فأنكره فالقول قول المنكر ، و إذا اعترف بالضمان و اختلفا في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان الدين مؤجلاً ، فالقول قول الضامن ، و إذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالاً ، أو في وفائه للدين ، أو في إبراء المضمون له قدم قول المضمون له. مسألة 1165 : إذا اختلف الضامن و المضمون عنه في الإذن و عدمه ، أو في مقدار الدين المضمون ، أو في اشتراط شيء على المضمون عنه ، قدم قول المضمون عنه ما لم يكن مخالفاً للظاهر و كذا الحال في الموارد المتقدمة. مسألة 1166 : من ادعى عليه الضمان فأنكره ، و لكن استوفى
( 358 )
المضمون له الحق منه بإقامة بينة ، فليس له مطالبة المضمون عنه ، لاعترافه بأن المضمون له أخذ المال منه ظلماً. مسألة 1167 : لو كان على أحد دين فطلب من غيره أداءه فأداه بلا ضمان عنه للدائن جاز له الرجوع على المدين. مسألة 1168 : إذا قال شخص لآخر إلق متاعك في البحر و عليّ ضمانه فألقاه ضمنه ، سواء أ كان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة أخرى من خفتها أو نحوها ، و هكذا لو أمره بإعطاء دينار مثلاً لفقير أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه فإنه يضمن إذا لم يقصد المأمور المجانية.
كتاب الحوالة
( 360 )
( 361 )
الحوالة هي : ( تحويل المدين ما في ذمته من الدين إلى ذمة غيره بإحالة الدائن عليه ) فهي متقومة بأشخاص ثلاثة : ( المحيل ) و هو المديون و ( المحال ) و هو الدائن و ( المحال عليه ) . مسألة 1169 : يعتبر في الحوالة الإيجاب من المحيل و القبول من المحال و أما المحال عليه فيعتبر قبوله في الحوالة على البريء و في الحوالة على المدين بغير جنس الدين و فيما إذا كان الدين المحال به معجلاً و الدين الذي على ذمته للمحيل مؤجلاً ، أو كانا مؤجلين جميعاً مع تأخر أجل الثاني عن الأول ، و هل يعتبر قبوله في غير هذه الموارد أيضاً أم لا ؟ الأظهر اعتباره . مسألة 1170 : يكفي في الإيجاب و القبول من الأطراف الثلاثة كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة . مسألة 1171 : يعتبر في المحيل و المحال و المحال عليه: البلوغ و العقل و القصد و الرشد و الاختيار ، و يعتبر في الأولين عدم الحجر لفلس أيضاً ، إلا في الحوالة على البريء فإنه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلساً . مسألة 1172 : يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل فلا تصح في غير الثابت في ذمته و إن وجد سببه كمال الجعالة قبل العمل فضلاً عما إذا لم يوجد سببه كالحوالة بما سيقترضه . مسألة 1173 : يعتبر أن يكون المال المحال به معيناً ، فإذا كان الشخص مديناً لآخر بمن من الحنطة و دينار لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير تعيين .
( 362 )
مسألة 1174 : للدائن أن لا يقبل الحوالة و إن كان المحال عليه ملياً غير مماطل في أداء الحوالة . مسألة 1175 : يستحق المحال عليه البريء أن يطالب المحيل بالمحال به و لو قبل أدائه على الأظهر ، نعم إذا كان الدين المحال به مؤجلاً لم يكن له مطالبة المحيل به إلا عند حلول أجله و إن كان قد أداه قبل ذلك ، و لو تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين لم يجز له أن يأخذ من المحيل إلا الأقل . مسألة 1176 : الحوالة عقد لازم فليس للمحيل و لا المحال عليه فسخها و كذلك المحال و إن أعسر المحال عليه بعد ما كان موسراً حين الحوالة ، بل لا يجوز فسخها مع إعسار المحال عليه حين الحوالة إذا كان المحال عالماً به ، نعم لو لم يعلم به ـ حينذاك ـ كان له الفسخ إلا إذا صار المحال عليه غنياً حين استحقاق المحال للدين فإن في ثبوت حق الفسخ له في هذه الصورة إشكالاً ، و المراد بإعسار المحال عليه أن لا يكون عنده ما يوفي به الدين زائداً على مستثنيات الدين . مسألة 1177 : يجوز اشتراط حق الفسخ للمحيل و المحال و المحال عليه أو لأحدهم . مسألة 1178 : إذا أدى المحيل الدين برأت ذمة المحال عليه ، فإن كان ذلك بطلبه و كان مديوناً للمحيل فله أن يطالبه بما أداه ، و أن لم يكن بطلبه أو لم يكن مديوناً فليس له ذلك . مسألة 1179 : إذا تبرع أجنبي عن المحال عليه برئت ذمته ، و كذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال . مسألة 1180 : لا فرق في المحال به بين كونه عيناً في ذمة المحيل و بين كونه منفعة أو عملاً لا يعتبر فيه المباشرة ، فتصح إحالة مشغول الذمة
( 363 )
بخياطة ثوب أو زيارة أو صلاة أو حج أو قراءة قرآن و نحو ذلك على بريء أو على من اشتغلت ذمته له بمثل ذلك ، و كذلك لا فرق بين كونه مثلياً كالحنطة و الشعير أو قيمياً كالحيوان ، فإذا اشتغلت ذمته بشاة موصوفة مثلاً بسبب كالسلم جاز له إحالتها على من كان له عليه شاة بذلك الوصف أو كان بريئاً . مسألة 1181 : لا إشكال في صحة الحوالة مع اتحاد الدين المحال به مع الدين الذي على المحال عليه جنساً و نوعاً ، كما إذا كان عليه لرجل دراهم و له على آخر دراهم فيحيل الأول على الثاني، و أما مع الاختلاف ـ بأن كان عليه دراهم و له على آخر دنانير فيحيل الأول على الثاني ـ فهو يقع على أنحاء : فتارة يحيل الأول على الثاني بالدنانير بأن يستحق عليه بدل الدراهم دنانير ، و أخرى يحيله عليه بالدراهم بأن يستحق عليه الدراهم بدل ما عليه للمحيل من الدنانير ، و ثالثة يحيله عليه بالدراهم بأن يستحق عليه دراهمه و تبقى الدنانير على حالها ، و الأظهر صحة الأنحاء الثلاثة . مسألة 1182 : إذا تحققت الحوالة جامعة للشرائط برئت ذمة المحيل عن الدين و اشتغلت ذمة المحال عليه للمحال بما أحيل عليه ، هذا حال المحيل مع المحال ، و المحال مع المحال عليه ، و أما حال المحال عليه مع المحيل فإن كانت الحوالة بمثل ما عليه برئت ذمته مما عليه و كذا إن كانت بغير الجنس و وقعت على النحو الأول أو الثاني من الأنحاء الثلاثة المتقدمة ، و أما إذا وقعت على النحو الأخير أو كانت الحوالة على البريء اشتغلت ذمة المحيل للمحال عليه بما أحال عليه و إن كان له عليه دين يبقى على حاله . مسألة 1183 : إذا أحال البائع دائنه على المشتري بدينه و قبلها المشتري على أساس كونه مديناً للبائع بالثمن ثم تبين بطلان البيع بطلت الحوالة و كذا إذا أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر ثم ظهر بطلان البيع فإنه تبطل الحوالة أيضاً بخلاف ما إذا انفسخ البيع بخيار
( 364 )
أو بالإقالة فإنه تبقى الحوالة و لم تتبع البيع فيه . مسألة 1184 : إذا كان للمدين عند وكيله أو أمينه مال خارجي فأحال دائنه عليه فرجع إليه لأخذه لم يجز له الامتناع من دفعه إليه مع علمه بالحوالة ، و لو لم يتحقق الدفع فله الرجوع على المحيل لبقاء شغل ذمته . مسألة 1185 : إذا طالب المحال عليه المحيل بما حوله عليه ، و ادعى المحيل أن له عليه مالاً مثل ما حوله عليه و أنكره المحال عليه ، فالقول قوله مع عدم البينة فيحلف على براءته . مسألة 1186 : إذا اختلف الدائن و المدين في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة ، فمع عدم قيام البينة يقدم قول المنكر الحوالة ، سواء أ كان هو الدائن أم المدين ، ما لم يكن مخالفاً للظاهر و هكذا الحال فيما تقدم كما مضى في نظائرهما .
( 365 )
كتاب الكفالة
( 366 )
( 367 )
الكفالة هي : ( التعهد لشخص بإحضار شخص آخر له حق عليه عند طلبه ذلك ) و يسمى المتعهد ( كفيلاً ) و صاحب الحق ( مكفولاً له ) و من عليه الحق ( مكفولاً ) . مسألة 1187 : تصح الكفالة بالإيجاب من الكفيل بلفظ أو بفعل مفهم ـ و لو بحسب القرائن ـ للتعهد المذكور و بالقبول من المكفول له ، و في اعتبار رضا المكفول إشكال و الأحوط اعتباره بل الأحوط كونه طرفاً للعقد بأن يكون عقدها مركباً من إيجاب و قبولين من المكفول له و المكفول . مسألة 1188 : يعتبر في الكفيل و المكفول له و كذا في المكفول بناءً على اعتبار رضاه : البلوغ و العقل و الاختيار ، كما يعتبر في الكفيل القدرة على إحضار المكفول و عدم الحجر عليه من التصرف في ماله لسفه أو فلس إذا كان إحضار المكفول يتوقف على التصرف فيه . مسألة 1189 : لا تعتبر في الكفالة أن يكون الحق للمكفول له بشخصه فيجوز أن يكون لمن هو ولي عليه شرعاً كالصبي و المجنون ، فلو كان لهما حق على الغير جاز للولي أن يأخذ الكفيل عليه . مسألة 1190 : تصح الكفالة بالتعهد بإحضار المكفول إذا كان عليه حق مالي و لا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال .