كتاب الحجر

البريد الإلكتروني طباعة

مسألة 1048 : لا يجوز للمرتهن التصرف في العين المرهونة بدون إذن مالكها ـ من الراهن أو غيره ـ فلو تصرف فيها بركوب أو سكنى أو نحوهما ضمن العين لو تلفت أو تعيبت تحت يده للتعدي و لزمه أجرة المثل لما استوفاه من المنفعة ، و لو كان ببيع و نحوه أو بإجارة و نحوها وقع فضولياً فإن أجازه المالك صح و إن لم يجز كان فاسداً . مسألة 1049 : لو باع المرتهن العين المرهونة قبل حلول الأجل بإذن مالكها ففي كون ثمنها كالأصل في استيفاء الدين منه إشكال بل منع ، و كذلك لو باعها فأجازه المالك . مسألة 1050 : منافع الرهن كالسكنى و الخدمة و كذا نماءاته المنفصلة كالنتاج و الثمر و الصوف و الشعر و الوبر و المتصلة كالسمن و الزيادة في الطول و العرض كلها لمالكه ـ سواء أ كان هو الراهن أو غيره ـ دون المرتهن من غير فرق فيها بين ما كانت موجودة حال الارتهان و ما وجدت بعده . مسألة 1051 : لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدة الرهن مجاناً فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض أو في تأجيل أداء الدين صح ، و كذلك ما لو شرط استيفاءها بالأجرة مدة ، و إذا صح الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدة و إن برئت ذمة الراهن من الدين . مسألة 1052 : لو رهن الأصل و الثمرة أو الثمرة منفردة صح ، فلو كان


( 330 )

الدين مؤجلاً و أدركت الثمرة قبل حلول الأجل ، فإن لم تكن في معرض الفساد إلى حينه فلا إشكال و إلا كان حكمها حكم ما يتسرع إليه الفساد قبل الأجل و قد تقدم في المسألة ( 1036 ) . مسألة 1053 : إذا حان زمان قضاء الدين و طالبه الدائن فلم يؤده جاز له بيع العين المرهونة و استيفاء دينه إذا كان وكيلاً عن مالكها في البيع و استيفاء دينه منه ، و إلا لزم استجازته فيهما ، فإن لم يتمكن من الوصول إليه استجاز الحاكم الشرعي على الأحوط ، و إذا امتنع من الإجازة رفع أمره إلى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع ، فإن تعذر على الحاكم إلزامه باعها عليه بنفسه أو بتوكيل الغير و لو كان هو المرتهن نفسه ، و مع فقد الحاكم أو عدم اقتداره على الإلزام بالبيع و على البيع عليه لعدم بسط اليد باعها المرتهن بنفسه مع الاستئذان من الحاكم الشرعي على الأحوط إن أمكن ، و على كل حال لو باعها و زاد الثمن على الدين كان الزائد عنده أمانة شرعية يوصله إلى صاحبه . مسألة 1054 : لو وفى بيع بعض الرهن بالدين اقتصر عليه و بقي الباقي أمانة عنده ، إلا إذا لم يمكن التبعيض و لو من جهة عدم الراغب أو كان فيه ضرر على المالك فيباع الكل . مسألة 1055 : إذا كان الرهن من مستثنيات الدين كدار سكناه و دابة ركوبه جاز للمرتهن بيعه و استيفاء طلبه منه كسائر الرهون . مسألة 1056 : لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل ما دام حياً . مسألة 1057 : لو رهن ماله و أوصى إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة و يستوفي حقه منها لزمت الوصية و ليس للوارث إلزامه برد العين و استيفاء دينه من مال آخر . مسألة 1058 : إذا لم يكن عند المرتهن بينة مقبولة لإثبات دينه و خاف


( 331 )

أن يجحده الراهن لو اعترف بالرهن عند الحاكم فيؤخذ منه بموجب اعترافه و يطالب بالبينة على حقه جاز له بيع الرهن مع الاستئذان من الحاكم الشرعي على الأحوط ، و كذا لو مات الراهن و خاف المرتهن جحود الوارث . مسألة 1059 : المرتهن أحق بالعين المرهونة من باقي الغرماء إذا صار الراهن مفلساً أو مات و عليه ديون الناس ، و لو فضل من الدين شيء شاركهم في الفاضل ، و لو فضل من الرهن و له دين بغير رهن تساوى الغرماء فيه . مسألة 1060 : الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيب من دون تعد و لا تفريط ، نعم لو كان في يده مضموناً لكونه مغصوباً أو عارية مضمونة مثلا ثم ارتهن عنده لم يزل الضمان ، إلا إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده فيرتفع الضمان على الأقوى ، و إذا انفك الدين بسبب الأداء أو الإبراء أو غير ذلك يبقى أمانة مالكية في يده على تفصيل تقدم في كتاب الوديعة . مسألة 1061 : لا تبطل الرهانة بموت الراهن و لا بموت المرتهن فينتقل الرهن إلى ورثة الراهن مرهوناً على دين مورثهم و ينتقل إلى ورثة المرتهن حق الرهانة ، فإن امتنع الراهن من استئمانهم كان له ذلك فإن اتفقوا على أمين و إلا سلمه الحاكم إلى من يرتضيه ، و إن فقد الحاكم فعدول المؤمنين . مسألة 1062 : إذا كانت العين المرهونة بيد المرتهن و قد ظهرت له أمارات الموت وجب عليه الاستيثاق من عدم ضياع حق مالكها و لو بالوصية بها و تعيين المرهون و الراهن و الاستشهاد على ذلك ، و لو لم يفعل كان مفرطاً و عليه ضمانها . مسألة 1063 : لو كان عنده الرهن قبل موته ثم مات و علم بعدم بقائه في تركته و لكن احتمل أنه قد رده إلى مالكه أو أنه باعه و استوفى ثمنه أو أنه


( 332 )

تلف عنده بتقصير منه أو بغيره لم يحكم بكونه في ذمته بل يحكم بكون جميع تركته للورثة من دون حق لمالك الرهن فيها ، و هكذا الحال فيما لو احتمل بقاءه في تركته و لم يعلم ذلك لا تفصيلاً و لا إجمالاً فإنه لا يحكم ببقائه فيها مطلقاً على الأظهر . مسألة 1064 : لو اقترض من شخص ديناراً مثلاً برهن و ديناراً آخر منه بلا رهن ثم دفع إليه دينارا بنية الأداء و الوفاء. فإن نوى كونه عن ذي الرهن سقط و انفك رهنه ، و إن نوى كونه عن الآخر سقط و لم ينفك الرهن ، و إن لم يقصد إلا أداء دينار من الدينارين من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره حسب ما دفعه أداءً لغير ذي الرهن و يبقى ذو الرهن بتمامه لا ينفك رهنه إلا بأدائه . مسألة 1065 : تقدم أن المرتهن أمين لا يضمن من دون تعدٍ و لا تفريط و يضمن معه لمثله إن كان مثلياً و إلا فلقيمته يوم التلف ، و القول قوله مع يمينه في قيمته و عدم التعدي و التفريط و قول الراهن مع يمينه في قدر الدين ، بشرط عدم مخالتفهما للظاهر كما مر في نظائره . مسألة 1066 : إذا اختلفا فادعى المالك أن المال كان وديعة و ادعى القابض أنه كان رهناً ، فإن كان الدين ثابتاً فالقول قول القابض بيمينه و إلا فالقول قول المالك .

كتاب الحجر


( 334 )


( 335 )

والمقصود به كون الشخص ممنوعا في الشرع عن التصرف في ماله بسبب من الأسباب ، و هي كثيرة أهمها أمور :

1 ـ الصغر:

مسألة 1067 : الصغير و هو الذي لم يبلغ حد البلوغ محجور عليه شرعاً لا تنفذ تصرفاته الاستقلالية في أمواله ببيع و صلح و هبة و إقراض و إجارة و إيداع و إعارة و غيرها و إن كان في كمال التمييز و الرشد و كان التصرف في غاية الغبطة و الصلاح ، بل لا يجدي في الصحة إذن الولي سابقاً كما لا تجدي إجازته لاحقاً على المشهور ، و يستثنى من ذلك موارد ، منها : الأشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها كما تقدم في المسألة ( 62 ) ، و منها : وصيته لذوي أرحامه و في الميراث و الخيرات العامة كما سيأتي في المسألة ( 1354 ). مسألة 1068 : كما أن الصبي محجور عليه بالنسبة إلى ماله كذلك محجور بالنسبة إلى ذمته ، فلا يصح منه الاقتراض و لا البيع و الشراء في الذمة بالسلم و النسيئة و إن كان وقت الأداء مصادفاً لزمان البلوغ ، و كذلك بالنسبة إلى نفسه فلا ينفذ منه التزويج و لا الطلاق ـ على كلام في طلاق البالغ عشراً يأتي في محله ـ و لا إجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملاً في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة و غير ذلك ، نعم يجوز حيازته المباحات بالاحتطاب و الاحتشاش و نحوهما و يملكها بالنية ، بل و كذا يملك الجعل في الجعالة بعمله و إن لم يأذن له الولي فيهما.


( 336 )

مسألة 1069 : علامة البلوغ في الأنثى إكمال تسع سنين هلالية ، و في الذكر أحد الأمور الثلاثة : الأول : نبات الشعر الخشن على العانة ، و لا اعتبار بالزغب و الشعر الضعيف. الثاني : خروج المني ، سواء خرج يقظة أو نوماً بجماع أو احتلام أو غيرهما. الثالث : إكمال خمس عشرة سنة هلالية على المشهور. مسألة 1070 : لا يبعد كون نبات الشعر الخشن في الخد و في الشارب علامة للبلوغ ، و أما نباته في الصدر و تحت الإبط ، و كذا غلظة الصوت و نحوهما فليست أمارة عليه. مسألة 1071 : لا يكفي البلوغ في زوال الحجر عن الصبي ، بل لابد معه من الرشد و عدم السفه بالمعنى الآتي. مسألة 1072 : ولاية التصرف في مال الطفل و النظر في مصالحه و شؤونه لأبيه و جده لأبيه ، و مع فقدهما للقيم من أحدهما ، و هو الذي أوصى أحدهما بأن يكون ناظراً في أمره ، و مع فقد الوصي تكون الولاية و النظر للحاكم الشرعي ، و أما الأم و الجد للأم و الأخ فضلاً عن الأعمام و الأخوال فلا ولاية لهم عليه بحال ، نعم الظاهر ثبوتها لعدول المؤمنين مع فقد الحاكم و لسائر المؤمنين مع فقدهم. مسألة 1073 : لا تشترط العدالة في ولاية الأب و الجد ، فلا ولاية للحاكم مع فسقهما ، لكن متى ظهر له و لو بقرائن الأحوال تعديهما على حقوق المولى عليه في نفسه أو ماله منعهما من التصرف ، و لا يجب عليه الفحص عن عملهما و تتبع سلوكهما. مسألة 1074 : الأب و الجد مشتركان في الولاية ، فينفذ تصرف


( 337 )

السابق منهما و يلغى تصرف اللاحق ، و لو اقترنا فالأقوى بطلانهما إلا في النكاح فيقدم عقد الجد. مسألة 1075 : لا فرق في الجد بين القريب و البعيد ، فلو كان له أب و جد و أب الجد و جد الجد اشتركوا كلهم في الولاية. مسألة 1076 : يعتبر في نفوذ تصرف الأب و الجد عدم المفسدة فيه ، و أما غيرهما من الأولياء من الوصي و الحاكم و عدول المؤمنين فنفوذ تصرفاتهم مشروط بالغبطة و الصلاح كما تقدم في كتاب البيع. مسألة 1077 : يجوز للولي المضاربة بمال الطفل و إبضاعه بشرط وثاقة العامل و أمانته ، فإن دفعه إلى غيره ضمن. مسألة 1078 : يجوز للولي تسليم الصبي إلى أمين يعلمه الصنعة أو إلى من يعلمه القراءة و الخط و الحساب و العلوم النافعة لدينه و دنياه ، و يلزم عليه أن يصونه عما يفسد أخلاقه فضلاً عما يضر بعقائده. مسألة 1079 : يجوز لولي اليتيم إن يخلطه بعائلته و يحسبه كأحدهم فيوزع المصارف عليهم على الرؤوس ، و يختص هذا بالمصارف التي يتشارك فيها أفراد العائلة الواحدة عادة و لا يفرد لصنف منهم أو لكل واحد مصرفاً مستقلاً كالمأكل و المشرب و كذا المسكن و شؤونه المتعارفة ، و أما غيرها كالكسوة و ما يشبهها فلابد من إفراده فيه و لا يحسب عليه إلا ما يصرف منه عليه مستقلاً ، و هكذا الحال في اليتامى المتعددين فيجوز لمن يتولى الإنفاق عليهم أن يخلطهم فيما هو من قبيل المأكول و المشروب و يوزع المصارف عليهم على الرؤوس دون غيره فإنه يحسب على كل واحد ما يصرف عليه مستقلاً. مسألة 1080 : إذا كان للصغير مال على غيره جاز للولي أن يصالحه عنه ببعضه مع المصلحة ، لكن لا يحل على المتصالح باقي المال و ليس


( 338 )

للولي إسقاطه بحال. مسألة 1081 : ينفق الولي على الصبي بالاقتصاد لا بالإسراف و لا بالتقتير ملاحظاً في طعامه و كسائه و غيرهما ما يليق بشأنه. مسألة 1082 : لو ادعى الولي الإنفاق على الصبي أو على ماله أو دوابه بالمقدار اللائق و أنكر بعد البلوغ أصل الإنفاق أو مقداره و كيفيته فالقول قول الولي بيمينه ـ ما لم يكن مخالفاً للظاهر ـ إلا أن يكون مع الصبي البينة.

2 ـ الجنون :

مسألة 1083 : لا ينفذ تصرف المجنون إلا في أوقات إفاقته ، و حكمه حكم الصغير في جميع ما تقدم ، نعم في ولاية الأب و الجد و وصيهما عليه إذا تجدد جنونه بعد بلوغه و رشده أو كونها للحاكم إشكال ، فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معاً.

3 ـ السفه :

السفيه هو الذي ليس له حالة باعثة على حفظ ماله و الاعتناء بحاله يصرفه في غير موقعه و يتلفه بغير محله ، و ليس معاملاته مبنية على المكايسة و التحفظ عن المغابنة ، لا يبالي بالانخداع فيها ، يعرفه أهل العرف و العقلاء بوجدانهم إذا وجدوه خارجاً عن طورهم و مسلكهم بالنسبة إلى أمواله تحصيلاً و صرفاً. مسألة 1084 : السفيه محجور عليه شرعاً لا ينفذ تصرفاته في ماله ببيع و صلح و إجارة و إيداع و عارية و غيرها ، و لا يتوقف حجره على حكم الحاكم على الأقوى ، و لا فرق بين أن يكون سفهه متصلاً بزمان صغره أو تجدد بعد البلوغ ، فلو كان سفيهاً ثم حصل له الرشد ارتفع حجره ، فإن عاد إلى حالته السابقة حجر عليه ، و لو زالت فك حجره ، و لو عاد عاد الحجر عليه و هكذا ، و لا يزول الحجر مع فقد الرشد و إن طعن في السن.


( 339 )

مسألة 1085 : ولاية السفيه للأب و الجد و وصيهما إذا بلغ سفيهاً ، و أما من طرأ عليه السفه بعد البلوغ ففي كون الولاية عليه للجد و الأب أيضاً أو للحاكم خاصة إشكال فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معاً. مسألة 1086 : كما أن السفيه محجور عليه في أمواله كذلك في ذمته ، بأن يتعهد مالاً أو عملاً ، فلا يصح اقتراضه و ضمانه و لا بيعه و شراؤه بالذمة و لا إجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملاً في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة و غير ذلك. مسألة 1087 : معنى عدم نفوذ تصرفات السفيه عدم استقلاله ، فلو كان بإذن الولي أو إجازته صح و نفذ، نعم في العتق و نحوه مما لا يجري فيه الفضولية يشكل صحته بالإجازة اللاحقة من الولي ، و لو أوقع معاملة في حال سفهه ثم حصل له الرشد فأجازها كانت كإجازة الولي. مسألة 1088 : لا يصح زواج السفيه بدون إذن الولي أو إجازته على الأحوط ، لكن يصح طلاقه و ظهاره و خلعه ، كما تصح وصيته في غير أمواله كتجهيزه و نحوه ، و يقبل إقراره إذا لم يتعلق بالمال كما لو أقر بالنسب أو بما يوجب القصاص و نحو ذلك ، و لو أقر بالسرقة يقبل في القطع دون المال. مسألة 1089 : لو وكل السفيه أجنبي في بيع أو هبة أو إجارة مثلاً جاز و لو كان وكيلاً في أصل المعاملة لا في مجرد إجراء الصيغة. مسألة 1090 : إذا حلف السفيه أو نذر على فعل شيء أو تركه مما لا يتعلق بماله انعقد حلفه و نذره ، و لو حنث كفر كسائر ما أوجب الكفارة كقتل الخطأ و الإفطار في شهر رمضان ، و هل يتعين عليه الصوم لو تمكن منه أو يتخير بينه و بين كفارة مالية كغيره ؟ وجهان أحوطهما الأول ، نعم لو لم يتمكن من الصوم تعين غيره ، كما إذا فعل ما يوجب الكفارة المالية على التعيين كما في كثير من كفارات الإحرام.


( 340 )

مسألة 1091 : لو كان للسفيه حق القصاص جاز أن يعفو عنه بخلاف الدية و أرش الجناية. مسألة 1092 : إذا اطلع الولي على بيع أو شراء مثلاً من السفيه و لم ير المصلحة في إجازته ، فإن لم يقع إلا مجرد العقد ألغاه ، و إن وقع تسليم و تسلم للعوضين فما سلمه إلى الطرف الآخر يسترده و يحفظه ، و ما تسلمه و كان موجوداً يرده إلى مالكه و إن كان تالفاً ضمنه السفيه ، فعليه مثله أو قيمته لو قبضه بغير إذن من مالكه و إن كان بإذن منه و تسليمه لم يضمنه إلا مع إتلافه إياه ، نعم يقوى الضمان في صورة التلف أيضاً لو كان المالك الذي سلمه الثمن أو المبيع جاهلا بحاله ، و كذا الحال فيما لو اقترض السفيه و أتلف المال. مسألة 1093 : لو أودع إنسان وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الأقوى ، سواء علم المودع بحاله أو جهل بها ، نعم لو تلفت عنده لم يضمنها حتى مع تقصيره في حفظها إذا كان المودع عالماً بحاله. مسألة 1094 : لا يسلم إلى السفيه ماله ما لم يحرز رشده ، و إذا اشتبه حاله يختبر بأن يفوض إليه مدة معتد بها بعض الأمور مما يناسب شأنه كالبيع و الشراء و الإجارة و الاستئجار لمن يناسبه مثل هذه الأمور و الرتق و الفتق في بعض الأمور مثل مباشرة الإنفاق في مصالحه أو مصالح الولي و نحو ذلك فيمن يناسبه ذلك ، فإن أنس منه الرشد ـ بأن رأى منه المداقة و المكايسة و التحفظ عن المغابنة في معاملاته و صيانة المال من التضييع و صرفه في موضعه و جريه مجاري العقلاء ـ دفع إليه ماله و إلا فلا. مسألة 1095 : الصبي إذا احتمل حصول الرشد له قبل البلوغ فالأحوط اختباره قبله ليسلم إليه ماله بمجرد بلوغه لو أنس منه الرشد ، و إلا لزم في كل زمان احتمل فيه ذلك عند البلوغ أو بعده ، و أما غيره فإن ادعى حصول الرشد له و احتمله الولي يجب اختباره ، و إن لم يدع حصوله ففي


( 341 )

وجوب الاختبار بمجرد الاحتمال إشكال بل لا يبعد عدمه. مسألة 1096 : يثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم ، و في النساء بشهادة الرجال ، و في ثبوته بشهادة رجل و امرأتين أو بشهادة النساء منفردات إشكال.

4 ـ الفلس :

المفلس هو الذي حجر عليه أي منع من التصرف بماله لقصوره عن ديونه. مسألة 1097 : من كثرت عليه الديون و لو كانت أضعاف أمواله يصح له التصرف فيها بأنواعه و ينفذ أمره فيها بأصنافه و لو بإخراجها جميعاً عن ملكه مجاناً أو بعوض ما لم يحجر عليه الحاكم الشرعي ، نعم لو كان صلحه عنها أو هبتها مثلاً لأجل الفرار من أداء الديون تشكل الصحة ، خصوصاً فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له باكتساب و نحوه. مسألة 1098 : لا يجوز الحجر على المفلس إلا بشروط أربعة : الأول : أن تكون ديونه ثابتة شرعاً. الثاني : أن تكون أمواله من عروض و نقود و منافع و ديون على الناس ما عدا مستثنيات الدين قاصرة عن ديونه. الثالث : أن تكون الديون حالة ، فلا يحجر عليه لأجل الديون المؤجلة و أن لم يف ماله بها لو حلت ، و لو كان بعضها حالاً و بعضها مؤجلاً فإن قصر ماله عن الحالة يحجر عليه و إلا فلا. الرابع : أن يرجع الغرماء كلهم أو بعضهم إلى الحاكم و يطلبوا منه الحجر عليه ، فليس للحاكم أن يتبرع بالحجر عليه أو عند طلبه نفسه ، نعم إذا كان الدين لمن يكون الحاكم وليهم كاليتيم و المجنون جاز له الحجر عليه مع مراعاة مصلحتهم. مسألة 1099 : يعتبر في الحجر عليه بطلب بعض الغرماء أن يكون


( 342 )

دينه بمقدار يجوز الحجر به عليه و إن عم الحجر حينئذٍ له و لغيره من ذي الدين الحال الذي يستحق المطالبة به. مسألة 1100 : إذا حجر الحاكم على المفلس تعلق حق الغرماء بأمواله عيناً كانت أم ديناً ، و لا يجوز له التصرف فيها بعوض كالبيع و الإجارة و بغير عوض كالوقف و الهبة و الإبراء إلا بإذنهم أو إجازتهم. مسألة 1101 : إذا اشترى شيئاً بخيار ثم حجر عليه جاز له إسقاط خياره و أما جواز فسخه فمحل إشكال. مسألة 1102 : إنما يمنع الحجر عن التصرف في أمواله الموجودة في زمان الحجر عليه دون الأموال المتجددة الحاصلة له بغير اختياره كالإرث أو باختياره بمثل الاحتطاب و الاصطياد و قبول الوصية و الهبة و نحو ذلك ، نعم لا إشكال في جواز تجديد الحجر عليها إذا كانت مع الأموال السابقة قاصرة عن ديونه و إلا بطل الحجر. مسألة 1103 : لو اقترض المفلس بعد الحجر عليه أو اشترى في الذمة لم يشارك المقرض و البائع الغرماء ، و لو أتلف مال غيره فالأظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء و كذا لو أقر بدين سابق أو بعين ، نعم ينفذ الإقرار في حق نفسه فلو سقط حق الغرماء عن العين و انفك الحجر لزمه تسليمها إلى المقر له أخذاً بإقراره. مسألة 1104 : إذا حكم الحاكم بحجر المفلس أمره ببيع أمواله بالاتفاق مع غرمائه و قسمتها بينهم بالحصص و على نسبة ديونهم ، فإن أبى باعها عليه بالاتفاق معهم و قسمها كذلك و يزول الحجر عنه بالتقسيم و الأداء ، و يستثنى من أمواله مستثنيات الدين و قد مرت في كتاب الدين ، و كذا أمواله المرهونة عند الديان لو كانت ، فإن المرتهن أحق باستيفاء حقه من العين المرهونة و لا يحاصه فيها سائر الغرماء إلا في المقدار الزائد منها على


( 343 )

دينه كما مر في كتاب الرهن. مسألة 1105 : إذا كان من جملة مال المفلس عين اشتراها و كان ثمنها في ذمته كان البائع بالخيار بين أن يفسخ البيع و يأخذ عين ماله و بين الضرب مع الغرماء بالثمن و لو لم يكن له مال سواها. مسألة 1106 : الظاهر أن هذا الخيار ليس على الفور ، فله أن لا يبادر بالفسخ و الرجوع في العين ، نعم ليس له الإفراط في تأخير الاختيار بحيث يعطل أمر التقسيم على الغرماء ، فإذا وقع منه ذلك خيره الحاكم بين الأمرين ، فإن امتنع عن اختيار أحدهما ضربه مع الغرماء بالثمن. مسألة 1107 : يعتبر في جواز رجوع البائع بالعين حلول الدين فلا رجوع لو كان مؤجلاً و لم يحل قبل القسمة و أما مع حلوله قبلها فله ذلك على الأقرب. مسألة 1108 : لو كانت العين من مستثنيات الدين ليس للبائع أن يرجع إليها على الأظهر. مسألة 1109 : المقرض كالبائع في أن له الرجوع في العين المقترضة لو وجدها عند المقترض ، و أما المؤجر فهل له فسخ الإجارة إذا حجر على المستأجر قبل استيفاء المنفعة ؟ فيه إشكال فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه. مسألة 1110 : لو باع شقصاً و فلس المشتري كان للشريك الأخذ بالشفعة و يضرب البائع مع الغرماء في الثمن. مسألة 1111 : لو وجد البائع أو المقرض بعض العين المبيعة أو المقترضة كان لهما الرجوع إلى الموجود بحصته من الدين و الضرب بالباقي مع الغرماء كما إن لهما الضرب بتمام الدين معهم. مسألة 1112 : لو حصلت العين المبيعة أو المقترضة زيادة منفصلة كالولد و نحوه فهي للمشتري و المقترض و ليس للبائع و المقرض إلا الرجوع إلى الأصل ، و أما لو حصلت لها زيادة متصلة فإن كانت غير قابلة للإنفصال


( 344 )

كالسمن و الطول فهي تابعة للعين فيرجع البائع أو المقترض إلى العين كما هي إلا إذا كانت كثيرة كما سيأتي ، و إن كانت قابلة له كالصوف و الثمرة و نحوهما ففي التبعية إشكال و الأظهر عدمها. مسألة 1113 : إذا زرع الحب أو استفرخ البيض لم يكن للبائع أو المقرض الرجوع إلى الزرع أو الفرخ ، و كذا في كل مورد حصل تغير في المبيع أو المال المقترض بحيث لا يصدق أنه عين ماله و إن كان ذلك بسبب حصول نماء متصل فيه غير قابل للانفصال كما لو باعه الفرخ في أول خروجه من البيض فصار دجاجاً فإن ذلك يمنع من الرجوع فيه ، نعم لا يمنع منه حدوث صفة أو ما بحكمها فيه و إن أوجبت زيادة قيمته السوقية. مسألة 1114 : لو اشترى ثوباً فقصره و صبغه لم يبطل حق البائع في العين ، و أما لو اشترى غزلاً فنسجه أو دقيقاً فخبزه فالأظهر بطلان حقه فيهما. مسألة 1115 : لو تعيبت العين عند المشتري مثلاً ، فإن كان بآفة سماوية أو بفعل المشتري فللبائع أن يأخذها كما هي بدل الثمن و أن يضرب بالثمن مع الغرماء ، و كذا لو كان بفعل البائع أو الأجنبي على الأقرب. مسألة 1116 : لو اشترى أرضاً فأحدث فيها بناء أو غرساً ثم فلس كان للبائع الرجوع إلى أرضه لكن البناء و الغرس للمشتري فإن تراضيا على البقاء مجاناً أو بعوض جاز و إن لم يرض البائع بالبقاء قيل : إن له إجبار المشتري على القلع و الهدم و ليس للمشتري إجباره على البقاء و لو بأجرة ، و لكنه لا يخلو عن إشكال ، و لو أراد المشتري القلع أو الهدم فليس للبائع إجباره على البقاء و لو مجاناً بلا إشكال. مسألة 1117 : إذا خلط المشتري ما اشتراه بمال آخر على نحو يعد معه تالفاً أو موجباً للشركة في الخليط فالأظهر سقوط حق البائع في العين فيضرب مع الغرماء في الثمن.


( 345 )

مسألة 1118 : غريم الميت كغريم المفلس ، فإذا وجد عين ماله في تركته كان له الرجوع إليه ، لكن بشرط أن يكون ما تركه وافياً بدين الغرماء ، و إلا فليس له ذلك بل هو كسائر الغرماء يضرب بدينه معهم و إن كان الميت قد حجر عليه. مسألة 1119 : إذا كان في التركة عين زكوية قدمت الزكاة على الديون و كذلك الخمس و إذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون. مسألة 1120 : يجري على المفلس إلى يوم قسمة ماله نفقته و كسوته و نفقة و كسوة من يجب عليه نفقته و كسوته على ما جرت عليه عادته ، و لو مات قدم كفنه بل و سائر مؤن تجهيزه من السدر و الكافور و ماء الغسل و نحو ذلك على حقوق الغرماء و يقتصر على الواجب على الأحوط ، و إن كان القول باعتبار المتعارف بالنسبة إلى أمثاله لا يخلو من قوة.