مسألة 458 : إذا آجر نفسه وكانت الإجارة واقعة على عمل في الذمة في وقت معين فتارة تؤخذ المباشرة قيداً وأخرى شرطاً، وعلى التقديرين يجوز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة ولا يجوز له ما ينافيه سواء أ كان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره، وإذا عمل ما ينافيه فإن كانت المباشرة قيداً تخير المستأجر بين فسخ الإجارة وبين المطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه، وإن كانت المباشرة شرطاً تخير بين فسخ الإجارة وبين إلغاء شرطه فيجب على الأجير العمل له لا بنحو المباشرة. و إذا آجر نفسه لما ينافيه فإن كانت المباشرة قيداً بطلت الإجارة واستحق الأجير على من عمل له أجرة المثل وكان المستأجر الأول مخيراً بين فسخ الإجارة الأولى ومطالبته بقيمة العمل الفائت، وإن كانت المباشرة شرطاً تخير المستأجر الأول بين فسخ الإجارة الأولى وبين إلغاء شرطه فإن ألغى
( 134 )
شرطه وجب على الأجير العمل له لا بنحو المباشرة والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة.
( 135 )
فصل في مسائل متفرقة
مسألة 459 : لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما يحصل منها كحنطة أو شعير مقداراً معيناً كما لا تجوز إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعاً أو نصفاً ولا تجوز أيضاً إجارتها بالحنطة أو الشعير أو غيرهما من الحبوب في الذمة مشروطاً بأن تدفع من حاصلها، نعم إذا كان الحاصل موجوداً فعلاً تصح الإجارة. مسألة 460 : تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة كما تجوز إجارة حصة منها على نحو الكلي في المعين. مسألة 461 : لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتوقف مسجداً ولا تترتب آثار المسجد عليها، نعم تجوز إجارتها لتعمل مصلى يصلى فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع ولا تترتب عليها أحكام المسجد. مسألة 462 : يجوز استئجار الشجرة لفائدة الاستظلال ونحوه كربط الدواب ونشر الثياب، ويجوز استئجار البستان لفائدة التنزه. مسألة 463 : يجوز استئجار الإنسان للاحتطاب والاحتشاش والاستقاء ونحوها، فإن كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة إذا كان قد قصد تملكها، وإلا فهو أولى بها من غيره ولا عبرة ـ على كل حال ـ بقصد الأجير حيازتها لنفسه أو لشخص آخر غير المستأجر، وإن كانت واقعة على العمل في الذمة فإن قصد الأجير تطبيق العمل المملوك عليه على فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر المحاز أيضاً ـ على ما تقدم ـ وإن لم يقصد
( 136 )
ذلك بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يحق الحيازة له كان المحاز ملكاً لمن قصد الحيازة له ـ على ما تقدم ـ وكان للمستأجر الفسخ والرجوع بالأجرة المسماة، والإمضاء والرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوته عليه. مسألة 464 : يجوز استئجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضاً بمعنى ارتضاع اللبن وإن لم يكن بفعل منها أصلاً مدة معينة ولا يعتبر في صحة إجارتها لذلك إذن الزوج ورضاه، نعم لو أوجب ذلك تضييع حقه توقفت صحة الإجارة على إجازته. ولابد من معرفة الصبي الذي استؤجرت لإرضاعه ولو بالوصف على نحو ترتفع الجهالة كما لابد من معرفة المرضعة كذلك كما لابد أيضاً من معرفة مكان الرضاع وزمانه إذا كانت تختلف المالية باختلافهما. مسألة 465 : لا بأس باستئجار الشاة والمرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها الموجود في ثديها فعلاً وما يتكون فيها بعد الإيجار، وكذلك الحال في استئجار الشجرة للثمرة والبئر للاستقاء. مسألة 466 : تجوز الإجارة لكنس المسجد، والمشهد، ونحوهما وإشعال سراجهما ونحو ذلك. مسألة 467 : تجوز الإجارة للنيابة عن الميت في العبادات الواجبة عليه نظير الصلاة والصيام والحج، ولا يجوز ذلك عن الحي إلا في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة أو عمن استقر عليه الحج ولا يتمكن من المباشرة. مسألة 468 : تجوز الإجارة عن الميت في جميع المستحبات العبادية وعن الحي في بعضها كالحج المندوب وزيارة الأئمة عليهم السلام وما يتبعهما من الصلاة، وتجوز أيضاً الإجارة على أن يعمل الأجير عن نفسه ويهدي ثواب عمله إلى غيره.
( 137 )
مسألة 469 : إذا أمر غيره بإتيان عمل فعمله المأمور فإن قصد المأمور التبرع لم يستحق أجرة وإن كان من قصد الآمر دفع الأجرة، وإن قصد الأجرة استحقها وإن كان من قصد الآمر التبرع إلا أن تكون قرينة على قصد المجانية كما إذا جرت العادة على فعله مجاناً أو كان المأمور ممن ليس من شأنه فعله بأجرة أو نحو ذلك مما يوجب ظهور الطلب في مجانية الفعل. مسألة 470 : إذا استأجره على الكتابة أو الخياطة فمع إطلاق الإجارة يكون المداد والخيوط على الأجير، وكذا الحكم في جميع الأعمال المتوقفة على بذل عين فإنها لا يجب بذلها على المستأجر إلا أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة على ذلك. مسألة 471 : يجوز استئجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدوراً له ويتعارف قيامه به، والأقوى أن نفقته حينئذ على نفسه لا على المستأجر إلا مع الشرط أو قيام القرينة ولو كانت هي العادة. مسألة 472 : يجوز أن يستعمل العامل ويأمره بالعمل من دون تعيين أجرة ولكنه مكروه، ويكون عليه أجرة المثل لاستيفاء عمل العامل وليس من باب الإجارة. مسألة 473 : إذا استأجر أرضاً مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقى بعد انقضاء تلك المدة فإذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه وكذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس، وليس له الإبقاء بدون رضا المالك وإن بذل الأجرة، كما أنه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع، وأما إذا غرس ما لا يبقى فاتفق بقاؤه لبعض الطوارئ ففي جواز إجباره على قلعه وعدم وجوب الصبر على المالك ولو مع الأجرة إشكال. مسألة 474 : خراج الأرض المستأجرة ـ إذا كانت خراجية ـ على المالك، نعم إذا شرط أن تكون على المستأجر صح على الأقوى.
( 138 )
مسألة 475 : لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء ( عليه السلام ) وفضائل أهل البيت عليهم السلام والخطب المشتملة على المواعظ ونحو ذلك مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية. مسألة 476 : لا تجوز الإجارة على تعليم الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام وغيرهما مما هو محل الابتلاء على الأحوط وجوباً، بل إذا لم يكن محل الابتلاء فلا يخلو عن إشكال أيضاً وإن كان الأظهر الجواز فيه. و لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم على الأحوط. نعم الظاهر أنه لا بأس بأخذ الأجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله وعرضه وعمقه، أما أخذ الأجرة على مسمى حفر القبر اللازم فلا يجوز ولا تصح الإجارة عليه على الأحوط. مسألة 477 : إذا بقيت أصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة بعد انقضاء مدة الإجارة فنبتت فإن أعرض المالك عنها وإباحها للآخرين فهي لمن سبق إليها وتملكها بلا فرق بين مالك الأرض وغيره، نعم لا يجوز الدخول في الأرض إلا بإذنه، وإن لم يعرض عنها فهي له. مسألة 478 : إذا استأجر شخصاً لذبح حيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي فصار حراماً ضمن، وكذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك. مسألة 479 : إذا استأجر شخصاً العمل في ذمته ـ كخياطة ثوب معين ـ لا بقيد المباشرة فخاطه غيره تبرعاً عنه استحق الأجير الأجرة المسماة لا العامل، وإذا خاطه لا بقصد التبرع عنه بطلت الإجارة كما تقدم. هذا فيما إذا لم تكن الخياطة من غير الأجير بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانية وإلا فالظاهر أن الأجير يستحق الأجرة لأن التفويت حينئذ مستند
( 139 )
إلى المستأجر نفسه كما إذا كان هو الخائط. و أما الخائط فيستحق على المالك أجرة المثل إن خاط بأمره، وأما إذا كان قد استأجره ثانية للخياطة فقيل أن الإجارة الثانية باطلة ويكون للخائط أجرة المثل ولكن الأظهر صحتها واستحقاق الأجير الأجرة المسماة. و إن خاط بغير أمره ولا إجارته لم يستحق عليه شيئاً وإن اعتقد أن المالك أمره بذلك. مسألة 480 : إذا استأجره ليوصل متاعه إلى بلد كذا في مدة معينة فسافر بالمتاع وفي أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الإجارة، فإن كان المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحق شيئاً وإن كان هو السير بالمتاع في مجموع تلك المسافة على نحو تعدد المطلوب استحق من الأجرة بنسبة ما قطع من المسافة إلى مجموعها، أما إذا كان على نحو وحدة المطلوب فالأظهر عدم استحقاقه شيئاً. مسألة 481 : إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب في الأجرة مثلاً أو غيرها فإن فسخ قبل الشروع في العمل فلا شيء له، وإن كان بعد تمام العمل كان له أجرة المثل، وإن كان في أثنائه استحق بمقدار ما أتى به من أجرة المثل إلا إذا كان مجموع العمل ملحوظاً بنحو وحدة المطلوب كما إذا استأجره على الصلاة أو الصيام فإنه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شيء، وكذا إذا كان الخيار للمستأجر ويحتمل بعيداً أنه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر في الأثناء ـ كما إذا استأجره على الصلاة ففسخ في أثنائها ـ أن يستحق الأجير بمقدار ما عمل من أجرة المثل. مسألة 482 : إذا استأجر عيناً مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالإجارة باقية على صحتها، وإذا باعها في أثناء المدة ففي تبعية المنفعة للعين
( 140 )
وجهان أقواهما ذلك. مسألة 483 : تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها داراً أو تعميرها بستاناً بكري الأنهار، وتنقية الآبار، وغرس الأشجار ونحو ذلك، ولابد من تعيين مقدار التعمير كماً وكيفاً. مسألة 484 : تجوز الإجارة على الطبابة ومعالجة المرضى سواء أ كانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير وتضميد القروح والجروح ونحو ذلك. مسألة 485 : تجوز المقاطعة على العلاج بقيد البرء إذا كانت العادة تقتضي ذلك كما في سائر موارد الإجارة على الأعمال الموقوفة على مقدمات غير اختيارية للأجير وكانت توجد حينها عادة. مسألة 486 : إذا أسقط المستأجر حقه من العين المستأجرة لم يسقط وبقيت المنفعة على ملكه. مسألة 487 : لا يجوز في الاستئجار للحج البلدي أن يستأجر شخصاً من بلد الميت إلى ( النجف ) مثلاً وآخر من ( النجف ) إلى ( المدينة ) وثالثاً من المدينة إلى ( مكة ) بل لابد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج. مسألة 488 : إذا استؤجر للصلاة عن الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية سهواً، فإن كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الإطلاق استحق تمام الأجرة وكذا إذا كانت على نفس الأعمال المخصوصة وكان النقص على النحو المتعارف، وإن كان على خلاف المتعارف فإن كان الاشتمال على تمام الأجزاء قيداً مخصصاً للعمل المستأجر عليه لم يستحق الأجير شيئاً وإن كان شرطاً في ضمن العقد فظاهر الشرط جعل الخيار للمستأجر عند تخلفه فلو فسخ فعليه للأجير أجرة المثل،
( 141 )
نعم مع وجود قرينة على لحاظه على نحو تنبسط الأجرة عليه نقص منها بالنسبة. مسألة 489 : إذا استؤجر لختم القرآن الشريف كان منصرفاً إلى ما هو المتعارف وهو القراءة مع مراعاة الترتيب بين السور بعضها مع بعض وبين آيات السور وكلماتها، وإذا قرأ بعض الكلمات غلطاً وإلتفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم فإن كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الأجرة شيء، وإن كان بالمقدار غير المتعارف فالأقرب إمكان تداركه بقراءة ذلك المقدار صحيحاً وإن كان الأحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط إلى آخرها. مسألة 490 : إذا استؤجر للصلاة عن ( زيد ) فاشتبه وصلى عن ( عمرو ) فإن كان على نحو الخطأ في التطبيق بأن كان مقصوده الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ في اعتقاده أنه عمرو صح عن زيد واستحق الأجرة، وإن كان على نحو آخر لم يستحق الأجرة ولم يصح عن زيد. مسألة 491 : الموارد التي يجوز فيها استئجار البالغ للنيابة في العبادات المستحبة يجوز فيها أيضاً استئجار الصبي. والله سبحانه العالم.
كتاب المزارعة
( 144 )
( 145 )
المزارعة هي : ( الاتفاق بين مالك التصرف في الأرض و الزارع على زرع الأرض بحصة من حاصلها ). مسألة 492 : يعتبر في المزارعة أمور : (الأول) الإيجاب من المالك و القبول من الزارع بكل ما يدل على تسليم الأرض للزراعة و قبول الزارع لها من لفظ كقول المالك للزارع مثلاً ( سلمت إليك الأرض لتزرعها ) فيقول الزارع ( قبلت ) أو فعل دال على تسليم الأرض للزراعة و قبول الزارع لها من دون كلام ، و لا يعتبر في صيغتها العربية و الماضوية كما لا يعتبر تقديم الإيجاب على القبول و لا أن يكون الإيجاب من المالك و القبول من الزارع بل يجوز العكس. (الثاني) أن يكون كل من المالك و الزارع بالغاً عاقلاً ومختاراً و غير محجور عليه لسفه أو فلس ، نعم لا بأس أن يكون الزارع محجوراً عليه لفلس إذا لم تستلزم المزارعة تصرفه في أمواله التي حجر عليها. (الثالث) أن يجعل لكل منهما نصيب من الحاصل و أن يكون محدداً بالكسور كالنصف و الثلث ، فلو لم يجعل لأحدهما نصيب أصلاً ، أو عين له مقدار معين كعشرة أطنان ، أو جعل نصيبه ما يحصد في الأيام العشرة الأولى من الحصاد و البقية للآخر لم تصح المزارعة. (الرابع) أن يجعل الكسر مشاعاً في جميع حاصل الأرض ـ على الأحوط ـ و إن كان الأظهر عدم اعتبار ذلك ، فلا بأس أن يشترط اختصاص أحدهما بنوع ـ كالذي يحصد أولاً ـ و الآخر بنوع آخر فلو قال المالك ( ازرع و لك النصف الأول من الحاصل ، أو النصف الحاصل من القطعة الكذائية )
( 146 )
صحت المزارعة. (الخامس) تعيين المدة بالأشهر أو السنين أو الفصول بمقدار يمكن حصول الزرع فيه و عليه فلو جعل آخر المدة إدراك الحاصل بعد تعيين أولها كفى في الصحة. (السادس) أن تكون الأرض قابلة للزرع و لو بالعلاج و الإصلاح ، و أما إذا لم تكن كذلك كما إذا كانت الأرض سبخة لا يمكن الانتفاع بها أو نحوها بطلت المزارعة. (السابع) تعيين المزروع من حيث نوعه ، و أنه حنطة أو شعير أو رز أو غيرها ، و كذا تعيين صنفه إذا كان للنوع صنفان فأكثر تختلف فيها الأغراض ، و يكفي في التعيين الانصراف المغني عن التصريح ـ لتعارف أو غيره ـ و لو صرحا بالتعميم أو كانت قرينة عليه صح و يكون للزارع حق اختيار أي نوع أو صنف شاء. (الثامن) تعيين الأرض فيما إذا كانت للمالك قطعات مختلفة في مستلزمات الزراعة و سائر شؤونها ، فلو لم يعين واحدة منها و الحال هذه بطلت المزارعة ، و أما مع التساوي فالأظهر الصحة و عدم الحاجة إلى التعيين في العقد ، و أما بعده فيكون التعيين بيد المالك. (التاسع) تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر و نحوه بأن يجعل على أحدهما أو كليهما ، و يكفي في ذلك المتعارف الخارجي لانصراف الإطلاق إليه. مسألة 493 : يجوز للعامل أن يزرع الأرض بنفسه أو بغيره أو بالشركة مع غيره هذا فيما إذا لم يشترط المالك عليه المباشرة و إلا لزم أن يزرع بنفسه. مسألة 494 : لو أذن شخص لآخر في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما صح ذلك مزارعة على الأظهر
( 147 )
ولكنها تختلف عن المزارعة المصطلحة في بعض الأحكام ، و كذلك الحال لو أذن لكل من يتصدى للزرع و إن لم يعين شخصاً معيناً بأن يقول : لكل من زرع أرضي هذه نصف حاصلها أو ثلثه. مسألة 495 : لو اتفق المالك مع الزارع على أن يكون مقدار معين من الحاصل كخمسة أطنان لأحدهما ، و يقسم الباقي بينهما بنسبة معينة بطلت المزارعة و إن علما ببقاء شيء من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار ، نعم لو اتفقا على استثناء مقدار الخراج و كذا مقدار البذر لمن كان منه صحت على الأظهر. مسألة 496 : إذا عين المالك نوعاً خاصاً من الزرع من حنطة أو شعير أو نحو ذلك في ضمن عقد المزارعة تعين ذلك على الزارع فلا يجوز له التعدي عنه و لكن لو تعدى إلى غيره و زرع نوعاً آخر منه فللمالك الخيار بين الفسخ و الإمضاء فإن أمضاه أخذ حقه و إن فسخ رجع على العامل بأجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض ، و يكون الحاصل للعامل إن كان البذر له ، و إن كان البذر للمالك فله المطالبة ببدله أيضاً وعلى تقدير بذل البدل يكون الحاصل للعامل أيضاً و ليست له مطالبة المالك بأجرة العمل مطلقاً. هذا إذا علم المالك بذلك بعد بلوغ الحاصل ، و أما إذا علم به قبل بلوغه فإن كان البذر للعامل فللمالك مطالبته ببدل المنفعة الفائتة و إلزامه بقطع الزرع و لهما أن يتراضيا على إبقائه بعوض أو مجاناً ، و أما إذا كان البذر للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و بدل البذر أيضاً و مع بذله يكون الزرع للعامل فيجري فيه ما تقدم. هذا إذا كان التعيين على نحو الاشتراط و أما إذا كان على نحو التقييد بطلت المزارعة ، و حكمه ما تقدم في فرض الفسخ. مسألة 497 : إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع فإن كان البذر
( 148 )
للمالك كان الزرع له و عليه للزارع ما صرفه من الأموال و كذا أجرة عمله و أجرة الآلات التي استعملها في الأرض ، و إن كان البذر للزارع فالزرع له و عليه للمالك أجرة الأرض و ما صرفه المالك و أجرة آلاته التي استعملت في ذلك الزرع. مسألة 498 : إذا كان البذر للزارع فظهر بطلان المزارعة بعد الزرع و رضي المالك و الزارع ببقاء الزرع في الأرض بأجرة أو مجاناً فلا إشكال ، و إن لم يرض المالك بذلك قيل أن له إجبار الزارع على إزالة الزرع و إن لم يدرك الحاصل و ليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض و لو بأجرة ، و لكنه لا يخلو عن إشكال ، و ليس للمالك إجبار الزارع على إبقاء الزرع في الأرض و لو مجاناً لو أراد قلعه. مسألة 499 : إذا حددا للمزارعة أمدا معيناً يدرك الزرع خلاله عادة فانقضى و لم يدرك ، فإن لم يكن للتحديد المنفق عليه بينهما إطلاق يشمل صورة عدم إدراك الزرع على خلاف العادة ألزم المالك ببقاء الزرع في الأرض إلى حين الإدراك ، و إن كان له إطلاق هذا القبيل فمع تراضي المالك و الزارع على بقاء الزرع ـ بعوض أو مجاناً ـ لا مانع منه ـ و إن لم يرض المالك به فله أن يجبر الزارع على إزالته و أن يضرر الزارع بذلك ، و ليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع و لو بأجرة. مسألة 500 : يصح أن يشترط أحدهما على الآخر شيئاً على ذمته أو من الخارج من ذهب أو فضه أو نحوهما مضافاً إلى حصته. مسألة 501 : المزارعة عقد لازم لا ينفسخ إلا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو بخيار تخلف بعض الشروط المشترطة فيه و لا ينفسخ بموت أحدهما فيقوم الوارث مقامه ، نعم ينفسخ بموت الزارع إذا قيدت المزارعة بمباشرته للعمل و لا تنفسخ به إذا كانت المباشرة شرطاً فيها و إن كان للمالك حق فسخها حينئذ ، و إذا كان العمل المستحق على الزارع كلياً مشروطاً بمباشرته
( 149 )
لم ينفسخ بموته ـ و إن كان للمالك حق فسخها ـ كما لا تنفسخ إذا مات الزارع بعد الانتهاء مما عليه من العمل مباشرة و لو قبل إدراك الزرع فتكون حصته من الحاصل لورثته ، كما أن لهم سائر حقوقه و يحق لهم أيضاً إجبار المالك على بقاء الزرع في أرضه حتى انتهاء مدة الزراعة. مسألة 502 : إذا ترك الزارع الأرض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتى انقضت المدة فإن كانت الأرض في تصرفه ضمن أجرة المثل للمالك، و لا فرق في ضمانه في هذه الصورة بين أن يكون المالك عالماً بالحال و إن يكون غير عالم ، و إن لم تكن الأرض تحت يده بل كانت تحت يد المالك فحينئذ إن كان المالك مطلعاً على ذلك فالظاهر عدم ضمان الزارع و إن لم يكن المالك مطلعاً فالظاهر ضمانه ، هذا إذا لم يكن ترك الزرع لعذر عام كانقطاع الماء عن الأرض أو تساقط الثلوج الكثيرة عليها و إلا كشف ذلك عن بطلان المزارعة. مسألة 503 : يجوز لكل من المالك و الزارع أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين بشرط رضا الآخر به و عليه فيكون الزرع له و للآخر المقدار المعين ، و لا فرق في ذلك بين كون المقدار المتقبل به من الزرع أو في الذمة ، نعم إذا كان منه فتلف كلاً أو بعضاً كان عليهما معاً و لا ضمان على المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فإنه باق على ضمانه. مسألة 504 : إذا زارع على أرض ثم تبين للزارع أنه لا ماء لها فعلاً لكن أمكن تحصيله بحفر بئر و نحوه صحت المزارعة و لكن يثبت للعامل خيار تخلف الشرط ـ إذا كان بينهما شرط بهذا المسمى و لو ضمناً ـ و كذا لو تبين كون الأرض غير صالحة للزراعة إلا بالعلاج التام ، كما إذا كان مستولياً عليها الماء لكن يمكن إزالته عنها ، نعم لو تبين أنه لا ماء لها فعلا و لا يمكن تحصيله او كانت مشغولة بمانع لا يمكن إزالته و لا يرجى زواله كان باطلا. مسألة 505 : إذا غرقت الأرض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع
( 150 )
أو قبل إدراكه بطلت المزارعة ، و إذا غرق بعضها تخير المالك و العامل في الباقي بين الفسخ و الإمضاء ، و هكذا الحال في طرو سائر الموانع القهرية عن زراعة الأرض. مسألة 506 : يجوز للزارع أن يشارك غيره في مزارعته بجعل حصة من حصته لمن شاركه بحيث كأنهما معاً طرف للمالك ، كما أنه يجوز أن يزارع غيره بحيث يكون الزارع الثاني كأنه هو الطرف للمالك لكن لابد أن تكون حصة المالك محفوظة ، فإذا كانت المزارعة الأولى بالنصف لم يجز أن تجعل المزارعة الثانية بالثلث للمالك و الثلثين للعامل ، نعم يجوز أن يجعل حصة الزارع الثاني أقل من حصة الزارع في المزارعة الأولى ، فيأخذ الزارع الثاني حصته و المالك حصته و ما بقي يكون للزارع في المزارعة الأولى ، مثلاً إذا كانت المزارعة الأولى بالنصف و جعل حصة الزارع في المزارعة الثانية الربع كان للمالك نصف الحاصل و للزارع الثاني الربع و يبقى الربع للزارع في المزارعة الأولى ، و لا فرق في ذلك كله بين أن يكون البذر في المزارعة الأولى على المالك أو على العامل ، و لو جعل في الأولى على العامل يجوز في الثانية أن يجعل على المزارع أو على الزارع ، و لا يشترط في صحة التشريك في المزارعة و لا في إيقاع المزارعة الثانية إذن المالك نعم لا يجوز تسليم الأرض إلى الغير إلا بإذنه ، كما أنه لو شرط عليه المالك أن يباشر بنفسه بحيث لا يشاركه غيره و لا يزارعه ـ أو كان ذلك غير متعارف خارجاً بحيث أغنى عن التصريح باشتراط عدمه ـ كان هو المتبع. مسألة 507 : يصح عقد المزارعة بين أكثر من اثنين بأن تكون الأرض من واحد و البذر من آخر و العمل من ثالث و العوامل من رابع ، و كذا الحال إذا وقع العقد بين جماعة على النحو المذكور لا بعنوان المزارعة. مسألة 508 : لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من
( 151 )
المالك أو العامل أو منهما معاً ولكن كل ذلك يحتاج إلى تعيين و جعل في ضمن العقد إلا أن يكون هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق. و كذا لا فرق بين أن تكون الأرض مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه و بين العامل ، كما أنه لا يلزم أن يكون تمام العمل على العامل فيجوز أن يكون عليهما و كذا الحال في سائر التصرفات و الآلات. و الضابط أن كل ذلك تابع للجعل في ضمن العقد. مسألة 509 : خراج الأرض و مال الإجارة للأرض المستأجر على المزارع و ليس على الزارع إلا إذا شرط عليه كلاً أو بعضاً ، و أما سائر المؤن كشق الأنهار و حفر الآبار و إصلاح النهر و تهيئة آلات السقي و نصب الدولاب و نحو ذلك فلابد من تعيين كونها على أي منهما إلا إذا كانت هناك عاده تغني عن التعيين. مسألة 510 : إذا وجد مانع في الأثناء قبل ظهور الزرع أو قبل بلوغه و إدراكه كما إذا انقطع الماء عنه و لم يمكن تحصيله أو استولى عليه الماء و لم يمكن إزالته أو وجد مانع آخر لم يمكن رفعه فالظاهر بطلان المزارعة من الأول لكشفه عن عدم قابلية الأرض للزراعة ، و عليه فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر فإن كان البذر للمالك فعليه أجرة مثل عمل العامل و إن كان للعامل فعليه أجره مثل أرضه.